عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-12-2020, 12:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي التحرش أفقدني الثقة بنفسي

التحرش أفقدني الثقة بنفسي
أ. شروق الجبوري




السؤال



ملخص السؤال:

فتاة متعبة نفسياً بسبب تعرضها للتحرش، وبسبب اتهام المعلمات لها بأنها هي مَن تريد ذلك.. وتطلب النصيحة.



تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نفسيتي مُتعَبَة جدًّا، وأتمنَّى أن أذهبَ لطبيبٍ نفسيٍّ، لكن أمي تقول لي: ليس فيكِ شيءٌ يستدعي الذَّهاب إلى الطبيب!




أما بداية مشكلتي، فقد تأخَّرتُ عن الدراسة سنتينِ؛ بسبب تأخُّر تسجيلي، ومنذ كنتُ في الثامنة وأخي يُمارس معي الرذيلة! وقد حكيتُ ذلك لأمي، فنَهَرَتْه فقط، وانتهى الموضوع، مع العلم أنه كان يُهَدِّدني إذا أخبرت أحدًا بذلك، لكنه استمرَّ على ذلك!




منذ كنتُ في المرحلة الابتدائية وأنا فتاةٌ هادئةٌ جدًّا، إلا أنه كان يحدُث لي تحرُّش مِن فتاةٍ.. وكان عندي مُعْجَباتٌ كثُر، ولكن المعلِّمات كنّ يتَّهمنَني بأني أنا مَن يَلفِت انتباهَهن، كما تعرضت للتحرش من الرجال أيضاً.




أصبحتُ كئيبةً، وأتعب بسرعة، ولكني أظهر أمام الناس وصديقاتي والمعلمات مُبتَسِمة.. أخبروني أنَّ المُشرِفة ستأتي مِن أجلي، وبدأتْ بالكلام معي عن حياتي وصلاتي، فكان الجواب: لا؛ لأني أشعرُ بخمولٍ ودوار حين أذهب للصلاة، وأخبرتُها بأنَّ أعراض الحمل كانتْ لديَّ، وقد اكتشفتُ ذلك بذَهابي لطبيبة دون علم أهلي! وأخبرتْني المشرفةُ بأنه يجب عليَّ الذَّهاب لطبيبٍ نفسيٍّ، وأنه يجب أن أُسرِع في ذلك.



أرجو أن تفسِّروا لي حالتي النفسية وتشرحوها بالتفصيل



فأنا لا أتمنَّى الموت، بل أريد حياةً سعيدة!


الجواب



ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

نودُّ بدايةً أن نرحِّب بكِ في شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يسدِّدنا في تقديم ما ينفعكِ وينفع جميع المستشيرين.




من خلال استقرائي لرسالتكِ - وبعض العبارات التي وردتْ فيها - أرى أن هناك بالفعل خصالًا جميلةً كامنةً في نفسِك، وأتَّفق بذلك مع رأي المُخْتَصَّة الاجتماعية التي قابلتْك، ولكني أجدُ أن استسلامَك للخطأ في الفعل والتفكير قد حال دون إظهارِ تلك الخِصال، كما أنه تسبَّب لك في مشكلاتٍ كبيرة لا يمكن التوقع بنتائجها.



فسماحُك لأخيك باستمرارِ ممارسة الرذيلة معك - كما أصبتِ في وصف ذلك - إلى الآن - إثمٌ يُحسَب عليك، ويُسقِط عنك أيَّ مبرر، فلستِ الآن في العمر الذي لا يفهم ما كان يعمله معكِ حين كنتِ صغيرة، كما برَّرتِ الأمرَ في بداية رسالتك.



كما أن تَكرار التحرُّش بكِ - لا سيما مِن قِبَل الرجال - يشير إلى اختلائك بهم أولًا، وإلى ثقتِهم بأنك لن تفضحي أمرَهم؛ مما جرَّأهم على فِعْل ذلك، بالإضافة إلى أنَّ إجماع مدرِّساتك على أنك أنتِ مَن يُفسِح المجال أمام الفتيات الشاذَّات للتحرُّش بك؛ يُشِير أيضًا إلى اتِّسامِك بضعفٍ واضحٍ في تلك النواحي، فتعرَّفتْ عليه مدرِّساتُك بحكم سنِّهن وخبراتهن التربوية!



ورغم امتِعاضكِ وشعورك بالظُّلم جرَّاء وصفِك ببعض ما تكرهين من صفات مِن قِبَل مدرِّساتك وغيرهن، وإنكارك لآرائهن؛ إلا أنَّ أفعالَك وردودَ أفعالك على ما تعرَّضتِ - وتتعرَّضين إليه - تُثبِت - يا بُنيَّتي - ما يَقُلْنه ويعْتَقِدْنه في حقِّك، فكيف لكِ (مثلًا) أن تصمتي على فِعْل أخيك، وتستجيبي له، حتى يصلَ الأمر إلى ما اعتقدتِ أنه حمل؟! وتصرِّين على السكوت عنه إلى الآن، وعدم الأخْذ برأي المرشدة، وكذا الأمر مع المواقف الأخرى التي تعرَّضتِ إليها حتى توصلتِ إلى الحالة التي أنتِ عليها الآن مِن سلوكيات ومشاعر غير سوية!



كما أجد أن هناك لومًا مبَطَّنًا في رسالتِك لوالدتِك، ربما لضَعْف موقفِها مع أخيك في السابق، ولكونها لم تشجِّعْك على الذَّهاب إلى مُخْتَصَّة نفسية، وعرض مشكلتك عليها!



وأتساءل هنا: إن كان بمَقدورك مراجعة طبيبة نسائية دون علمها، لِمَ لمْ تفكِّري منذ البَدْء بمراجعة مُخْتَصَّة نفسية قبل أن يتطوَّر معك الأمر ويصل إلى تلك الخطورة؟!



عزيزتي، إن مشكلتك باختصار تكمُن في انسياقِك إلى غرائزك، وكسر كل حاجز الممنوع (والحرام)، فوقعتِ فريسةَ ما يترتب على ذلك، ومشاعر ازدراء الذات وعدم تقديرها واليأس والضعف.



ولتجاوز هذا الأمر لا بدَّ لك أولًا مِن التوبة إلى الله تعالى، والتضرع إليه - عز وجل - ليغفرَ لك، وإيقاف ما يصدرُ عن أخيك تُجَاهك بأي سبيل، حتى لو تطلب الأمر تقديم شكوى ضده إن لم يقمْ بذلك والداكِ، ثم اعزمي على ترك كل المنكرات السلوكية والفكرية التي اجتاحتك، واستبدلي بها أخرى صالحة تقرِّبك إلى الله تعالى أولًا، وترفع من تقديرك لذاتِك، ثم تقدير المحيطين بك ثانيًا، وواظِبي على الصلوات، وأكثري مِن الطاعات والاستغفار.



كما أنصحُك بالتطوُّع في الأعمال الخيريَّة التي تقدِّم المساعدة إلى محتاجيها، وقارني حالك بوضعهم المؤلم، ثم استشعري نِعَم الله تعالى التي لا تُحصَى عليك، وكم أنتِ غافلة عنها!




وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يهديَك ويهديَ أخاكِ



ويعفو عنكما، ويُصلِح حالكما


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]