الموضوع: الطموح
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-06-2020, 06:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي الطموح



الطموح (1)









كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فكثير من الناس له طموح دنيوي يريد أن يصل إليه، ولا يريد أن يسبقه أحد، أو أن يكون أفضل منه، فيتمنى الترقية والوظيفة أو أن يكون أستاذًا في الجامعة، أو أن يركب سيارة أفضل، أو أن يمثلك قطعة أرض في مكان ما أو بيت أوسع أو ... أمنيات لا تنتهي مع أن الله -عز وجل- قال: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه:131)، (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ) (النساء:32)، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النظر إلى مَن هو فوقك في الدنيا حتى لا تزدري نعمة الله عليك، وتحمده وتشكره، وترضى وتقنع بما قسمه الله لك.


وقد ترى تنافس الناس على الدنيا مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه)، فهل عندك غيرة أو تنافس على أمر الآخرة عندما ترى أحدًا أفضل منك في القرآن، والعبادة، والصف الأول، وتكبيرة الإحرام، والأوراد، وأكثر همة في الدعوة إلى الله، وطلب العلم والفقه في الدِّين؟! قال الله -عز وجل-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) (متفق عليه)، وقال -تعالى-: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين:26)، وقال: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) (الصافات:61).

وحثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على النظر إلى مَن هو فوقك في الدِّين حتى تتشبه به، وتستقل عبادتك، ولا ترى عملك، ولا تعجب به، قال -تعالى-: (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (المدثر:6)، وقد نصح النبي -صلى الله عليه وسلم- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنها- زوجته، بالدعاء بطلب الجنة والنجاة من النار عندما سمعها تدعو بأن يمتعها الله بزوجها وأخيها معاوية وأبيها أبي سفيان، وقال للصحابة عندما سأله الأعرابي ناقة يركبها وعنزًا يحلبها: (أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟! ... ) (رواه ابن حبان، وقال الألباني: صحيح لغيره)، أي: عندما سنحت لها الفرصة فطلبت من سيدنا موسى أن تكون معه في الجنة، كما سأله ربيعة -رضي الله عنه-: (أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ) ولم يسأل منزلًا، ولا زوجة، ولا مالًا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) (رواه مسلم).

ومعناه: ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، قال -تعالى-: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ) (النساء:123)، (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ) (البقرة:111)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ، فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ) (رواه البخاري).


فهل تريد أن تكون إمامًا للمتقين كما قال -تعالى- في دعاء عباد الرحمن: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان:74)، وقال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا) (السجدة:24)؟!

قال ابن القيم -رحمه الله-: "بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"، وذلك بالمثابرة والمصابرة، والجد والاجتهاد والثبات، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا) (آل عمران:200).

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "مَن ثبت نبت، والصابر هو الظافر"، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (واعلَمْ أنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفرَجَ مع الكرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)،

وللحديث بقية -إن شاء الله تعالى-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.24 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.48%)]