عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-03-2021, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي ترتيب آيات وسور القرآن العظيم

ترتيب آيات وسور القرآن العظيم












أحمد بن سواد








بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:



فالقرآن الكريم نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منجمًا؛ حيث تبلغ عدد آيات القرآن الكريم ستة آلاف ومئتين وستًّا وثلاثين آية، من دون البسملات، وعلى القول بأن البسملة آية، فستصبح عدد الآيات ستة آلاف وثلاثمائة وثمان وأربعين آية، بينما يبلغ عدد سوره مائةً وأربع عشرة سورة.







الآية في الاصطلاح هي: ((ما تبيَّن أوله وآخره توقيفًا من طائفة من كلامه تعالى بلا اسم))[1].







وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن ترتيب الآيات في سورها، هو توقيفي، لا مجال للرأي والاجتهاد فيه.







عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، قال: كنت جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ شخص ببصره ثم صوَّبه، ثم قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع من هذه السورة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90][2].







وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة، كفتاه))[3].







وقد سمع الصحابة رضوان الله عليهم القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقلوه لنا، ولم يكن لأحد منهم أن يقدم آية على آية؛ عن عبدالله بن الزبير، قال: ((قلت لعثمان: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ﴾ [البقرة: 240]، قد نسختها الآية الأخرى[4]، فلم تكتبها أو تدعها؟[5] قال: يا بن أخي، لا أغيِّر شيئًا منه من مكانه))[6].







فبيَّن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن إثبات الآيات في أماكنها لا يعود إليه، إنما هو بالتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم.








قال مالك بن أنس رحمه الله: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم[7].







وقال البغوي رحمه الله: كان رسول الله يُلقن أصحابه ويُعلمهم ما ينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل - صلوات الله عليه - إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا، السور التي يذكر فيها كذا، فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه[8].







قال ابن تيمية رحمه الله: وأما ترتيب آيات السور، فهو منزل منصوص عليه، فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم[9].







السورة في الاصطلاح هي:



((بعض قرآن يشتمل على آي، ذو فاتحة وخاتمة، وأقلها ثلاث آيات))[10].







أما بالنسبة لترتيب السور في المصحف الشريف، فقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:



القول الأول: أنه توقيفي بناءً على أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، أو بحسب ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من تلاوته صلى الله عليه وسلم.







القول الثاني: أنه باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم.







القول الثالث: أنه توقيفي إلا البعض منه فإنه باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم.







واختلف أصحاب هذا القول في مقدار هذا البعض.



والقول الراجح هو القول الأول والله أعلم، والأدلة على هذا القول:



1- حديث أوس بن حذيفة الثقفي رضي الله عنه وفيه: ((فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من ((ق)) حتى يختم))[11].







قال ابن حجر رحمه الله: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هوفي المصحف الآن كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم[12].







2- عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل))[13].







3- إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترتيب المصحف الذي كُتب في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبعد إجماعهم لا يجوز تغيير ترتيبه سواء حسب النزول أم غيره.







4- عن سليمان بن بلال، قال: سمعت ربيعة يُسأل: لم قُدمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما نزلتا بالمدينة؟ فقال ربيعة: قدمتا، وألف القرآن على علم ممن ألفه، وقد اجتمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ينتهي إليه ولا يُسأل عنه[14].







وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.







[1] كشاف اصطلاحات الفنون (105/1).




[2] رواه أحمد، 4 /218.




[3] رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة.




[4] يشير إلى قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234].




[5] أي: لماذا تكتبها، أو تتركها مكتوبة وأنت تعلم أنها منسوخة؟




[6] رواه البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة البقرة.




[7] الإتقان في علوم القرآن (215/1).




[8] شرح السنة للبغوي (4 /521).




[9] مجموع الفتاوى (13/ 296).




[10] كشاف اصطلاحات الفنون (658/2).




[11] رواه أحمد وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن.




[12] فتح الباري، 9 /39.




[13] رواه أحمد (4/ 107).




[14] الإتقان في علوم القرآن (1/ 220).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]