عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 31-10-2020, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قانصوه الغَوري السُّلطان الشاعر

أما كيف وصف الغوري عسكره، فقد شملهم بحبه كما شمل الأمراء والأعيان، وأدرك أن طاعتهم له سبب قوي ومهمُّ في تدعيم بنيان الوطن وازدهاره:
والآن قام على السّداد نظامنا
ولنا العسكر طاعة قد دانوا

صاروا على قلبٍ سليمٍ واحدٍ
في حبِّنا فكأنهم بنيانُ[23]


ويؤكد السّلطان على إيجابية عسكره فهم: منصورون، مخلصون، شجعان، متآلفون:
والعسكر المنصور كل مخْلص
في نصحِنا وجميعهم فرسانُ

ما منهم مَن فيه شكٌّ عندنا
فيُقال في التَّعريف ذاك فلانُ

فكبيرهم كأب وأوسطهم أخ
ولنا الأصاغرُ كلُّهم ولدان[24]




إنه يعطيهم الإحساس بالقرابة والثقة والإلفة، فيغدق عليهم كثيرًا مِن الحب والتشجيع والإشعار بأهميتهم ويثيبهم بالكلمة الطَّيبة، مقوّيًا فيهم دعائم الالتزام والتَّماسك الّتي هي سبب كل نصر.

لا يهدد السلطانُ ولا يتوعد، بل يدعو الله أن يصفو قلبُ مَن لم يصفُ وأن تصلح نية مَن لم تصلح. أما المخلص منهم والصاّدق والثابت فالدّعاء له دعاءان: إلهيٌّ بالنصر والثواب، وبشري من السلطان بالحب والرّعاية:
واجمع قلوبَ عساكري جمعًا به
تصفو وتصلح منهم النّيات

وانصر وأيِّد مِن جنودي مَن له
حزمٌ وعزمٌ صادقٌ وثبات[25]




يدعو لهم بالنَّصر والتأييدِ والزّيادة والاكتمال، فكل هذا يصب في مصلحة الوطن العليا:
فالله ينصرهم فإنَّ المُلكَ مِن
تمكينِهم يزدادُ أو يزدان

والله بالتأييد منه يمدهم
فيهم يقوم بمجدِنا البرهان

ويزيدهم في العالمين زيادة
مِن فضله ما بعدها نقصان[26]




والوطن - إذ يتحاب كبراؤه ويتصافى ويتعاون عسكره ويمنح سلطانًا محبًّا خيرًا مؤمنًا، لا بد وأن ينعم بالسَّلام ويزدهر ويزهر.

آمن الغوري أن الملك هبة إلهية سخية، والنّعمة - إذ تعطى لذوي النّفوس الكبيرة - تزيدهم تواضعًا وتدخلهم في عالم من الشّكر للمنعم، فسيح واسع الأرجاء يكاد لا ينتهي.

الملك نعمة إلهية تدوم بالشّكر، والسّلطان شكره صادق منبعث مِن أعماقه ومنبثّ في قصائده ومعاش في الازدهار الّذي عمَّ الوطن وكذلك في السَّلام الّذي خيّم على ربوعه في عهده، فشكر السّلطان المنعمَ:
فله علينا الشُّكر حقٌّ واجبٌ
يقضيه قلبٌ مخلصٌ ولسان[27]




الشَّاكر عبد ولو كان سلطانًا، والمشكور إله يُرجى فهو: الكريم بلا حدود والمعين بلا حدود والمدبر المقدِّر:
ربنا أدِم نعما
جدْتَ لي بها كرَما

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]