عرض مشاركة واحدة
  #147  
قديم 22-01-2023, 04:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,817
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن

المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة المسد

من صــ 1092 الى صـ 1103
(الحلقة 147)

سورة الكوثر
198 - قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

1 - أخرج النَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش: أنت خير أهلِ المدينة وسيدهم؟ قال: نعم قالوا: ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا؟ ونحن - يعني: أهل الحجيج وأهل السدانة - قال: أنتم خير منه فنزلت: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ونزلت: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) إلى قوله: (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا).
2 - وأخرج الترمذي عن يوسف بن سعد قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية، فقال سودت وجوه المؤمنين، أو يا مسود وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني - رحمك اللَّه - فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُري بني أُمية على منبره فساعه ذلك فنزلت: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) يا محمد يعني نهراً في الجنة ونزلت: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) يملكها بعدك بنو أُمية يا محمد. قال القاسم: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه السورة فأما حديث الترمذي عن يوسف بن سعد فقد تقدم الكلام عليه تفصيلاً في السبب السابق.
وأما حديث ابن عبَّاسٍ في قصة كعب بن الأشرف مع كفار قريش فقد ذكره الطبري والبغوي والقرطبي وابن كثير.
وقد ورد في نزول هذه السورة غير هذا فقد روى مسلم عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال بينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسماً. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله، فقال: (أُنزلت علي آنفا سورة) فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)، ثم قال: (أتدرون ما الكوثر؟) فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: (فإنه نهر وعدنيه ربي - عَزَّ وَجَلَّ - عليه خير كثير. هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة. آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم. فأقول: ربِّ إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك).
وقد ذكر هذا الحديث من المفسرين البغوي والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال ابن كثير بعد أن ذكر هذا الحديث: (وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وهل هي مكية أو مدنية؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضاً شديداً، فهي مكية عند الجمهور واقتصر عليه أكثر المفسرين وعن الحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة هي مدنية ويشهد لهم ما في صحيح مسلم عن أنس وأنس أسلم في صدر الهجرة فإذا كان لفظ (آنفاً) في كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مستعملاً في ظاهر معناه وهو الزمن القريب، فالسورة نزلت منذ وقت قريب من حصول تلك الرؤيا.
ومقتضى ما يروى في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أن تكون السورة مكية، ومقتضى ظاهر تفسير قوله تعالى: (وَانْحَرْ) من أن النحر في الحج أو يوم الأضحى تكون السورة مدنيةً). اهـ. باختصار.
قلت: هذان حديثان وقبل الكلام عليهما يحسن أن أُضيف إليهما ما ذكره المفسرون من أن السورة نزلت في العاص بن وائل السهمي: (وذلك أنه رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج من المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا، وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تتحدث معه؟ قال ذلك الأبتر يعني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان قد توفي ابن لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خديجة - رضي الله عنها -.
وكان العاص بن وائل إذا ذُكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال دعوه فإنه رجل أبتر، لا عقب له (أي ذكر) فإذا هلك انقطع ذِكره فأنزل الله تعالى هذه السورة) اهـ.
وأرسخ هذه الأحاديث في سبب النزول حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لصحة سنده، وأنس إنما كان أنصاريًا في المدينة وكان يحدِّث أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أظهرهم لما أغفى ورفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله فقال: (أُنزلت عليَّ آنفاً سورة) فالسورة نزلت بالمدينة بالنص الصحيح الصريح، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون سبب نزولها قصةً جرت في مكة قبل الهجرة هذا قول غريب حقاً ولا يصح أبداً.
أما الجمع بين حديث أنس وابن عبَّاسٍ في قصة كعب بن الأشرف فالجمع بينهما ممكن بأن يقال: بعد أن هاجر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة واستقر بها، بدأ اليهود يكيدون له تارةً فيما بينهم، وتارةً فيما بينهم وبين قريش، ومن هذا قدوم كعب بن الأشرف إلى مكة وحديثهم إليه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بأنه المنبتر من قومه ورده عليهم بأنهم خير من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل الله السورة على رسوله بالمدينة مبشراً إياه بالكوثر ومخبره بأن مبغضه هو الأقطع وأنزل عليه الآية أيضاً في سورة النساء وأخبره بأن كعب بن الأشرف من الذين يؤمنون بالجبت والطاغوت.
ولا مانع من هذا، وبه يتحقق الجمع بين الدليلين وإن كان حديث ابن عباس لا يخلو من مقال لأن الصحيح فيه الإرسال، لكن إذا كان الجمع ممكناً تعيّن والله أعلم.
* النتيجة:
أن حديث ابن عبَّاسٍ في قصة كعب بن الأشرف سبب نزول سورة الكوثر على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، لملاءمة حديث ابن عبَّاسٍ لسياق الآية واحتجاج بعض المفسرين به وليتحقق الجمع بين الدليلين والله الموفق.
* * * * *
سورة المسد
199 - قال الله تعالى: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال لما نزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الصفا فجعل ينادي: (يا بني فهر، يا بني عدي) لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش، فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي) قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا، فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه السورة. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (وقيل: إن هذه السورة نزلت في أبي لهب لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما خص بالدعوة عشيرته إذ نزل عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وجمعهم للدعاء، قال له أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم ألهذا دعوتنا؟) اهـ.
وقال السعدي: (أبو لهب هو عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان شديد العداوة والأذية له فلا دين له، ولا حمية للقرابة - قبحه الله، فذمه الله بهذا الذم العظيم الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة.
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كانت أيضاً شديدة الأذية لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتُلْقي الشر وتسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتجمع على ظهرها الأوزار بمنزلة من يجمع حطباً قد أعد له في عنقه حبلاً من ليف.
أو أنها تحمل في الثار الحطب على زوجها متقلدة في عنقها حبلاً من مسد، وعلى كلٍ ففي هذه السورة آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيعذبان في النار، ولا بد ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان. فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول السورة الكريمة لصحة سنده، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن واتفاق المفسرين عليه والله أعلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]