القول المبين في حكم أطفال المشركين (من كلام الإمام ابن القيم)
محمد طه شعبان
قال رحمه الله:
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ:
فَإِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ إِيمَانٌ يَدْخُلُونَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَلَا لِآبَائِهِمْ إِيمَانٌ يَتْبَعُهُمْ أَطْفَالُهُمْ فِيهِ تَكْمِيلًا لِثَوَابٍ، وَزِيَادَةً فِي نَعِيمٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ دُخُولَ النَّارِ، وَلَا مِنَ الْإِيمَانِ مَا يَدْخُلُونَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَالنَّارُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ كَافِرَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ .
قَالُوا: وَهُمْ أَهْلُ الْأَعْرَافِ.
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ: هُمُ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْفَتْرَةِ، وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ إِنْ أَرَادُوا أَنَّ هَذَا الْمَنْزِلَ مُسْتَقَرُّهُمْ أَبَدًا فَبَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَقَرَّ إِلَّا الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِيهِ مُدَّةً، ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ فَهَذَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ.
وَالصَّحِيحُ فِي أَهْلِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ، وَسَيِّئَاتُهُم ْ، فَقَصُرَتْ بِهِمْ حَسَنَاتُهُمْ عَنِ النَّارِ، وَقَصُرَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ عَنِ الْجَنَّةِ، فَبَقُوا بَيْنَ الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ: كَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: حُذَيْفَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا.
يتبع