عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-12-2019, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,980
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول المبين في حكم أطفال المشركين (من كلام الإمام ابن القيم)


القول المبين في حكم أطفال المشركين (من كلام الإمام ابن القيم)


محمد طه شعبان

قال رحمه الله:
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ:وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ، وَالصُّوفِيَّةِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ.
وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يَكْثُرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: " هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا " قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: " إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ» . . . " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: " «فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتِمَةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ " ثُمَّ قَالَ: " وَأَمَّا الْوِلْدَانُ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ "، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ» ".
قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ هُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ.
وَفِي " مُسْتَخْرَجِ " الْبَرْقَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ ، عَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» " فَنَادَاهُ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: " وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ".
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمْدَانَ الْقَطِيعِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ:
[حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ:] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: " «النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْءُودَة ُ فِي الْجَنَّةِ» "، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بُنْدَارٌ، عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ عَوْفٍ.
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] .
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] .
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: " «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُم ْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا» ".
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْذَرْتُكُï؟½ ï؟½ْ نَارًا تَلَظَّى - لَا يَصْلَاهَا} [الليل: 14 - 15] . . . الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ فِي النَّارِ: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] ، وَبِقَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: 15] . . . الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: 165] . . . الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ لِإِبْلِيسَ:. . . {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} [الأعراف: 18] . . . الْآيَةَ.
قَالُوا: وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنَ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ دُخُولَ النَّارِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْمَالِ، بِقَوْلِهِ: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90] ، وَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] . . . الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] ، وَقَوْلِهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ - لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: 77 - 78] ، وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ - قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 49 - 50] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17] ، وَقَوْلِهِ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ.
وَأَيْضًا، فَالدَّارُ دَارُ جَزَاءٍ فَلَا يَدْخُلُهَا مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَمَا ثَمَّ إِلَّا دَارُ الثَّوَابِ أَوْ دَارُ الْعِقَابِ، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلُوا النَّارَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ.
قَالُوا: وَإِذَا كَانَ اللَّهُ يُنْشِئُ لِلْجَنَّةِ خَلْقًا آخَرِينَ يُدْخِلُهُمْ إِيَّاهَا بِلَا عَمَلٍ، فَالْأَطْفَالُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الدُّنْيَا أَوْلَى بِهَا.
قَالُوا: وَإِذَا كَانَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ إِلَى أَنْ يُغَيِّرَ أَبَوَاهُ فِطْرَتَهُ، فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّغْيِيرِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
قَالُوا: وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ عِبَادَهُ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ اجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اجْتِيَالِ الشَّيَاطِينِ مَاتَ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ ، فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: " «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ» " الْحَدِيثَ.
وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ، وَأَعْطَاهُمُ الْمَالَ حَلَالًا لَا حَرَامًا» ".
قَالُوا: وَأَيْضًا، فَالنَّارُ دَارُ عَدْلِهِ تَعَالَى، لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَدَارُ فَضْلِهِ فَيَدْخُلُهَا مَنْ أَرَادَ بِعَمَلٍ، وَغَيْرِ عَمَلٍ، وَإِذَا كَانَتِ النَّارُ دَارَ عَدْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ كَيْفَ يُجَازَى بِالنَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا أَبَدَ الْآبَادِ؟
قَالُوا: وَأَيْضًا فَلَوْ عَذَّبَ الْأَطْفَالَ لَكَانَ تَعْذِيبُهُمْ إِمَّا مَعَ تَكْلِيفِهِمْ بِالْإِيمَانِ، أَوْ بِدُونِ التَّكْلِيفِ. وَالْقِسْمَانِ مُمْتَنِعَانِ:
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِاسْتِحَالَة ِ تَكْلِيفِ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وَلَا عَقْلَ أَصْلًا.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَمُمْتَنِعٌ أَيْضًا بِالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَأَمْثَالِهَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.
قَالُوا: وَأَيْضًا، فَتَعْذِيبُهُمْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ وُقُوعِ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ، وَإِمَّا لِوُجُودِ الْكُفْرِ مِنْهُمْ، وَالْقِسْمَانِ بَاطِلَانِ:
أَمَّا الثَّانِي: فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ لَا يَعْرِفُ الْكُفْرَ حَتَّى يَخْتَارَهُ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَوْ عُذِّبُوا لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ مِنْهُمْ لَاشْتَرَكُوا هُمْ وَأَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، لِاشْتِرَاكِهِم ْ فِي سَبَبِهِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَهُمْ تَبَعُهُمْ لِآبَائِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ، بِخِلَافِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَإِهَانَةً لَهُمْ، وَغَيْظًا، قِيلَ: هَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِذَنْبِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ، وَقَالَ: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [يس: 54] . . . الْآيَةَ،
قَالُوا: وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ «هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا» "، فَإِذَا لَمْ يُعَاقِبِ الْمُكَلَّفَ بِمَا يَهُمُّ بِهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ كَيْفَ يُعَاقِبُ الطِّفْلَ بِمَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَلَمْ يَهُمَّ بِهِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ؟ !
قَالُوا: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ إِذَا مَاتَ طِفْلًا، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَقَتَلَ النُّفُوسَ وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، وَغَصَبَ الْأَمْوَالَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ: " «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» " فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» "، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَعْلُومُهُ فِي الْخَارِجِ.
قَالُوا: وَأَيْضًا، فَإِنَّمَا قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُمَا مِمَّنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى بَعْدِ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا الْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخْبِرْ بِأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ " أُعْلِمَ بِمَا هُمْ عَامِلُونَ مِمَّا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْعِقَابَ " فَإِذَا امْتُحِنُوا فِي الْآخِرَةِ، وَعَمِلُوا بِمَعْصِيَتِهِ ظَهَرَ مَعْلُومُهُ فِيهِمْ، فَعَاقَبَهُمْ بِمَا هُمْ عَامِلُونَ لَا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ.
قَالُوا: وَأَمَّا حَدِيثُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " أَنَّهُمْ فِي النَّارِ " فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ النَّاسِ فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ " «الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَة ُ فِي النَّارِ» " فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَوْءُودَةَ لَمْ تَكُنْ بَالِغَةً، فَلَعَلَّهَا وُئِدَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا.
فَإِنْ قُلْتُمْ: فَلَفْظُ الْحَدِيثِ " «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَة ُ فِي النَّارِ» "، فَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا شَكٍّ، وَلَكِنَّهَا مِنْ كَلَامِ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، وَأَخِيهِ اللَّذَيْنِ سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ " الْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ " كَانَ ذَلِكَ إِنْكَارًا، وَإِبْطَالًا لِقَوْلِهِمَا " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " وَتَصْحِيحًا، لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتِ الْحِنْثَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ ظَنِّهِمَا، لَا يَجُوزُ إِلَّا هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ، وَلَا يَتَكَاذَبُ، وَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ رَبِّهِ، بَلْ كَلَامُهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيُوَافِقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ! وَقَدْ صَحَّ إِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ أَطْفَالَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9] ، فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا ذَنْبَ لِلْمَوْءُودَةِ فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا لِأَنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ تِلْكَ الْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ إِخْبَارٌ عَنْ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتِ الْحِنْثَ بِخِلَافِ ظَنِّ إِخْوَتِهَا.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَلَيْسَ هُوَ دُونَ الْمُعْتَمِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ ".
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ دَاوُدَ عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُعْتَمِرُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَيْنِ.
ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَة ُ فِي النَّارِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا مُخْتَصَرٌ، وَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الَّتِي " قَدْ بَلَغَتْ "، لَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا.
قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَهِمَ فِيهِ الشَّعْبِيُّ، فَإِنَّهُ مَرَّةً أَرْسَلَهُ، وَمَرَّةً أَسْنَدَهُ، وَلَا يَخْلُو ضَرُورَةً هَذَا الْخَبَرُ مِنْ أَنَّهُ وَهْمٌ، أَوْ أَنَّ أَصْلَهُ مُرْسَلٌ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَنَّهُ إِنْ صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الَّتِي بَلَغَتْ لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَوْءُودَةٍ لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ، فَأَجَابَ عَمَّنْ بَلَغَتِ الْحِنْثَ، بَلْ إِنَّمَا خَرَجَ جَوَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِ مَا سُئِلَ عَنْهُ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْجَوَابَ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ، وَأَجَابَ عَمَّا لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ مُوهِمًا أَنَّهُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ، وَلَمْ يُنَبِّهِ السَّائِلَ؟ ! هَذَا لَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ بِدُونِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ "، فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي زَادَهَا ثِقَةً ثَبْتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ مِنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ! وَاخْتِصَارُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ لَهَا لَا يَكُونُ قَادِحًا فِي رِوَايَةِ مَنْ زَادَهَا.
وَأَيْضًا، لَوْ لَمْ تُذْكَرْ فِي السُّؤَالِ لَكَانَ جَوَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَامِلًا لَهَا بِعُمُومِهِ، كَيْفَ وَإِنَّمَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ وَأْدَ الصِّغَارِ لَا الْكِبَارِ! وَلَا يَضُرُّهُ إِرْسَالُ الشَّعْبِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْجَوَابُ الصَّحِيحُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الْوَائِدَةَ وَالْمَوْءُودَة َ فِي النَّارِ " جَوَابٌ عَنْ تَيْنِكَ الْوَائِدَةِ وَالْمَوْءُودَة ِ اللَّتَيْنِ سُئِلَ عَنْهُمَا، لَا إِخْبَارٌ عَنْ كُلِّ وَائِدَةٍ وَمَوْءُودَةٍ، فَبَعْضُ هَذَا الْجِنْسِ فِي النَّارِ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الشَّخْصُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي فِي النَّارِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ بِشْرِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هَوْذَةَ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ:
[حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ:] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " «النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْءُودَة ُ فِي الْجَنَّةِ» " رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَوْفٍ.
وَأَخْبَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَتَعَارَضُ، فَيَكُونُ كَلَامُهُ دَالًّا عَلَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْجِنْسِ فِي الْجَنَّةِ، وَبَعْضَهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9] ، فَهَذَا السُّؤَالُ إِنَّمَا هُوَ إِقَامَةٌ لِحُجَّتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى تَعْذِيبِ مَنْ وَأَدَهَا: إِذْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقِّهَا. وَأَمَّا حُكْمُهُ سُبْحَانَهُ فِيهَا هِيَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ فِيهَا بِغَيْرِ حُكْمِهِ فِي الْأَبَوَيْنِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَصْلٌ:
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ بِمَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِئُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
[الْمَدَنِيِّ] ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «سَأَلْتُ رَبِّي اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ، فَأَعْطَانِيهِم ْ فَهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".
وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «سَأَلَتْ خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: " هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ» "، ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ "، ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ، فَقَالَ: " هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ " أَوْ قَالَ: " هُمْ فِي الْجَنَّةِ "، ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ فِي " الِاسْتِذْكَارِ "، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا، فَيُنْظَرُ فِي إِسْنَادِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَآثَارُ هَذَا الْبَابِ مُعَارِضَةٌ لِحَدِيثِ " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَة ُ فِي النَّارِ " وَمَا كَانَ مِثْلَهُ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْآثَارُ وَجَبَ سُقُوطُ الْحُكْمِ بِهَا، وَرَجَعْنَا إِلَى الْأَصْلِ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا بِذَنْبٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ، وَقَوْلِهِ: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] ، وَآيُ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
عَلَى أَنِّي أَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وَلَوْ عَذَّبَهُمْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لَهُمْ، وَلَكِنْ جَلَّ مَنْ تَسَمَّى بِالْغَفُورِ الرَّحِيمِ الرَّءُوفِ الْحَلِيمِ أَنْ يَكُونَ مِنْ صِفَتِهِ إِلَّا حَقِيقَةُ " لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ".
قُلْتُ: وَآثَارُ هَذَا الْبَابِ الصَّحِيحَةُ لَيْسَ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَارُضٌ، وَحَدِيثُ " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَة ُ فِي النَّارِ " قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ.
وَمُعَارَضَةُ الْأَحَادِيثِ الْبَاطِلَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ الْحُكْمِ بِالصَّحِيحَةِ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]