عرض مشاركة واحدة
  #429  
قديم 20-01-2023, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ الْقَصَصِ
الحلقة (429)
صــ 241 إلى صــ 250






[ ص: 241 ] قوله تعالى: إذ قال له قومه في القائل له قولان . أحدهما : أنهم المؤمنون من قومه ، قاله السدي . والثاني : أنه قول موسى له ، حكاه الماوردي .

قوله تعالى: لا تفرح قال ابن قتيبة : المعنى : لا تأشر ، ولا تبطر ، قال الشاعر :


ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتحول


أي : لست بأشر ، فأما السرور ، فليس بمكروه . إن الله لا يحب الفرحين وقرأ أبو رجاء ، وأبو حيوة ، وعاصم الجحدري ، وابن أبي عبلة : " الفارحين " [بألف] .

قوله تعالى: وابتغ فيما آتاك الله أي : اطلب فيما أعطاك الله من الأموال . وقرأ أبو المتوكل ، وابن السميفع : " واتبع " بتشديد التاء وكسر الباء بعدها وعين ساكنة غير معجمة (الدار الآخرة) وهي : الجنة ; وذلك يكون بإنفاقه في رضى الله تعالى وشكر المنعم به ولا تنس نصيبك من الدنيا فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن يعمل في الدنيا للآخرة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والجمهور . والثاني : أن يقدم الفضل ويمسك ما يغنيه ، قاله الحسن . والثالث : أن يستغني بالحلال عن الحرام ، قاله قتادة .

وفي معنى : وأحسن كما أحسن الله إليك ثلاثة أقوال حكاها الماوردي . أحدها : أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك . والثاني : أحسن فيما [ ص: 242 ] افترض عليك كما أحسن في إنعامه إليك . والثالث : أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الإحلال .

قوله تعالى: ولا تبغ الفساد في الأرض فتعمل فيها بالمعاصي .

قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .

قوله تعالى: إنما أوتيته يعني المال على علم عندي فيه خمسة أقوال .

أحدها : على علم عندي بصنعة الذهب ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ; قال الزجاج : وهذا لا أصل له ، لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له . والثاني : برضى الله عني قاله ابن زيد . والثالث : على خير علمه الله عندي ، قاله مقاتل . والرابع : إنما أعطيته لفضل علمي ، قاله الفراء . قال الزجاج : ادعى أنه أعطي المال لعلمه بالتوراة . والخامس : على علم عندي بوجوه المكاسب ، حكاه الماوردي .

[ ص: 243 ] قوله تعالى: أولم يعلم يعني قارون أن الله قد أهلك بالعذاب من قبله من القرون في الدنيا حين كذبوا رسلهم من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا للأموال .

وفي قوله : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ثلاثة أقوال . أحدها : لا يسألون ليعلم ذلك من قبلهم وإن سئلوا سؤال توبيخ ، قاله الحسن . والثاني : أن الملائكة تعرفهم بسيماهم فلا تسألهم عن ذنوبهم ، قاله مجاهد . والثالث : يدخلون النار بغير حساب ، قاله قتادة . وقال السدي : يعذبون ولا يسألون عن ذنوبهم .
فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم . وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون

قوله تعالى: فخرج على قومه في زينته قال الحسن : في ثياب حمر وصفر ; وقال عكرمة : في ثياب معصفرة . وقال وهب بن منبه : خرج على بغلة شهباء عليها سرج أحمر من أرجوان ومعه أربعة آلاف مقاتل ، وثلاثمائة وصيفة عليهن الحلي والزينة على بغال بيض . قال الزجاج : الأرجوان في اللغة : صبغ أحمر .

قوله تعالى: لذو حظ أي : لذو نصيب وافر من الدنيا .

[وقوله] : وقال الذين أوتوا العلم قال ابن عباس : يعني الأحبار من بني إسرائيل . وقال مقاتل : الذين أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة قالوا للذين تمنوا ما أوتي [قارون] ويلكم ثواب الله أي : ما عنده من الجزاء خير لمن آمن مما أعطي قارون .

[ ص: 244 ] قوله تعالى: ولا يلقاها قال أبو عبيدة : لا يوفق لها ويرزقها . وقرأ أبي بن كعب ، وابن أبي عبلة : " ولا يلقاها " بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف . وفي المشار إليها ثلاثة أقوال .

أحدها : أنها الأعمال الصالحة ، قاله مقاتل . والثاني : أنها الجنة ، والمعنى : لا يعطاها في الآخرة إلا الصابرون على أمر الله ، قاله ابن السائب .

والثالث : أنها الكلمة التي قالوها ، وهي قولهم : " ثواب الله خير " ، قاله الفراء .فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون

قوله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض لما أمر قارون البغي [ ص: 245 ] بقذف موسى على ما سبق شرحه [القصص: 76] غضب موسى فدعا عليه ، فأوحى الله تعالى إليه : إني قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها ; فقال موسى : يا أرض خذيه ، فأخذته حتى غيبت سريره ، فلما رأى ذلك ناشده بالرحم ، فقال : خذيه ، فأخذته حتى غيبت قدميه ; فما زال يقول : خذيه ، حتى غيبته ، فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى ما أفظك ، وعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته . قال ابن عباس : فخسفت به الأرض إلى الأرض السفلى . وقال سمرة بن جندب . إنه يخسف به كل يوم قامة ، فتبلغ به الأرض السفلى يوم القيامة . وقال مقاتل : فلما هلك قارون قال بنو إسرائيل : إنما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره ، فخسف الله بداره وماله بعده بثلاثة أيام .

قوله تعالى: ينصرونه من دون الله أي : يمنعونه من الله وما كان من المنتصرين أي : من الممتنعين مما نزل به . ثم أعلمنا أن المتمنين مكانه ندموا على ذلك التمني بالآية التي تلي هذه .

[ ص: 246 ] وقوله : لخسف بنا الأكثرون على ضم الخاء وكسر السين . وقرأ يعقوب ، والوليد عن ابن عامر ، وحفص ، وأبان عن عاصم : بفتح الخاء والسين .

فأما قوله : " ويك " فقال ابن عباس : معناه : ألم تر ، وكذلك قال أبو عبيدة ، والكسائي . وقال الفراء : " ويك أن " في كلام العرب تقرير ، كقول الرجل : أما ترى إلى صنع الله وإحسانه ، أنشدني بعضهم :


ويك أن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر


وقال ابن الأنباري : في قوله " ويكأنه " ثلاثة أوجه .

إن شئت قلت : " ويك " حرف ، و " أنه " حرف ; والمعنى : ألم تر أنه ، والدليل على هذا قول الشاعر :
سألتاني الطلاق أن رأتاني قل مالي قد جئتماني بنكر
ويك أن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر


والثاني : أن يكون " ويك " حرفا ، و " أنه " حرفا . والمعنى : ويلك أعلم أنه ، فحذفت اللام ، كما قالوا : قم لا أبا لك ، يريدون : لا أبا لك ، وأنشدوا :


أبالموت الذي لا بد أني ملاق لا أباك تخوفيني


أراد لا أبا لك فحذف اللام .

[ ص: 247 ] والثالث : أن يكون " وي " حرفا ، و " كأنه " حرفا ، فيكون معنى " وي " التعجب ، كما تقول : وي لم فعلت كذا كذا ، ويكون معنى " كأنه " : أظنه وأعلمه ، كما تقول في الكلام : كأنك بالفرج قد أقبل ; فمعناه : أظن الفرج مقبلا . وإنما وصلوا الياء بالكاف في قوله : ويكأنه لأن الكلام بهما كثر ، كما جعلوا " يا ابن أم " في المصحف حرفا واحدا ، وهما حرفان [طه : 94] . وكان جماعة منهم يعقوب ، يقفون على " ويك " في الحرفين ، ويبتدؤون " أن " و " أنه " في الموضعين . وذكر الزجاج عن الخليل أنه قال : " وي " مفصولة من " كأن " ، وذلك أن القوم تندموا فقالوا : " وي " متندمين على ما سلف منهم ، وكل من ندم فأظهر ندامته قال : وي . وحكى ابن قتيبة عن بعض العلماء أنه قال : معنى " ويكأن " : رحمة لك ، بلغة حمير .

قوله تعالى: لولا أن من الله علينا أي : بالرحمة والمعافاة والإيمان لخسف بنا .[ ص: 248 ] تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون

قوله تعالى: تلك الدار الآخرة يعني الجنة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض وفيه خمسة أقوال . أحدها : أنه البغي ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : الشرف والعز ، قاله الحسن . والثالث : الظلم ، قاله الضحاك . والرابع : الشرك ، قاله يحيى بن سلام . والخامس : الاستكبار عن الإيمان ، قاله مقاتل .

قوله تعالى: ولا فسادا فيه قولان . أحدهما : العمل بالمعاصي ، قاله عكرمة . والثاني : الدعاء إلى غير عبادة الله ، قاله ابن السائب .

قوله تعالى: والعاقبة للمتقين أي : العاقبة المحمودة لهم .

قوله تعالى: من جاء بالحسنة قد فسرناه في سورة (النمل:89) .

[ ص: 249 ] قوله تعالى: فلا يجزى الذين عملوا السيئات يريد الذين أشركوا إلا ما كانوا يعملون أي : إلا جزاء عملهم من الشرك ، وجزاؤه النار . إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون

قوله تعالى: إن الذي فرض عليك القرآن قال مقاتل : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار ليلا ، فمضى من وجهه إلى المدينة فسار في غير الطريق مخافة الطلب ; فلما أمن رجع إلى الطريق فنزل الجحفة بين مكة والمدينة ، فعرف الطريق إلى مكة ، فاشتاق إليها ، وذكر مولده ، فأتاه جبريل فقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ قال : نعم ; قال : فإن الله تعالى يقول : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، فنزلت هذه الآية بالجحفة .

وفي معنى فرض عليك ثلاثة أقوال : أحدها فرض عليك العمل [ ص: 250 ] بالقرآن ، قاله عطاء بن أبي رباح ، وابن قتيبة . والثاني : أعطاك القرآن ، قاله مجاهد والثالث : أنزل عليك القرآن ، قاله مقاتل ، والفراء ، وأبو عبيدة .

وفي قوله : لرادك إلى معاد أربعة أقوال .

أحدها : إلى مكة ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية ، والضحاك . قال ابن قتيبة : معاد الرجل : بلده ، لأنه يتصرف [في البلاد ويضرب في الأرض] ثم يعود إلى بلده .

والثاني : إلى معادك من الجنة ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، والزهري . فإن اعترض على هذا فقيل : الرد يقتضي أنه قد كان فيما رد إليه ; فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها : أنه لما كان أبوه آدم في الجنة ثم أخرج . كان كأن ولده أخرج منها ، فإذا دخلها فكأنه أعيد . والثاني : أنه دخلها ليلة المعراج ، فإذا دخلها يوم القيامة كان ردا إليها ، ذكرهما ابن جرير . والثالث : أن العرب تقول : رجع الأمر إلى كذا ، وإن لم يكن له كون فيه قط ، وأنشدوا :


[وما المرء إلا كالشهاب وضوئه] يحور رمادا بعد إذ هو ساطع


وقد شرحنا هذا في قوله : وإلى الله ترجع الأمور [البقرة: 210] .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]