عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 13-07-2021, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (30)
صـ 200 إلى صـ 206

عندهم ينافي الحاجة إلى الفاعل (1) ، وينافي كونه مفعولا فالحدوث (2) عندهم من لوازم كون الشيء مفعولا فيمتنع عندهم أن يكون مفعول قديما، وهذا ليس قول القدرية والجبرية فقط، بل هذا (3) قول جماهير العقلاء من أهل الملل وغير [أهل الملل] (4) ، وهو قول جماهير أئمة الفلاسفة.
وأما (5) كون الفلك مفعولا قديما، فإنما هو قول طائفة قليلة من الفلاسفة، وعند جمهور العقلاء أنه معلوم الفساد بالضرورة، ولهذا كل من تصور من العقلاء أن الله خلق السماوات والأرض تصور أنها كانت بعد أن لم تكن، وكل من تصور أن شيئا من الموجودات مصنوع مفعول لله تصور أنه حادث، فأما تصور أنه مفعول، وأنه قديم، فهذا إنما تتصوره العقول تقديرا له، كما تتصور الجمع بين النقيضين تقديرا له، والذي يقول ذلك يتعب تعبا كثيرا في تقدير إمكان ذلك، وتصويره، كما يتعب سائر القائلين بأقوال ممتنعة، ثم مع هذا فالفطر ترد ذلك وتدفعه، ولا تقبله (6) .
وأعجب من ذلك تسمية هؤلاء (7) العالم محدثا، ويعنون بكونه محدثا
(1) ن، م: الحاجة في الفاعل.
(2) ن، م: فالحدث.
(3) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: من أهل الملل وغيرهم.
(5) ن، م: فأما.
(6) ن: فالفطن يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله ; م: فالفطر يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله.
(7) أ، ب: هذا.
***********************
أنه معلول العلة القديمة، وإذا سئل أحدهم: هل العالم محدث أو قديم؟ يقول: هو محدث وقديم، ويعني بذلك أن الفلك قديم بنفسه (1) لم يزل، وأنه محدث يعنون بكونه محدثا له أنه معلول (2) علة قديمة.
[بطلان الاحتجاج بالأفول على الإمكان والحركة]
وهذه العبارة يقولها ابن سينا وأمثاله من الباطنية، فإنهم يأخذون عبارات المسلمين،
فيطلقونها على (3) معانيهم، كما قال مثل ذلك في لفظ (الأفول.) ، فإن أهل الكلام المحدث لما احتجوا بحدوث الأفعال على حدوث الفاعل الذي قامت به الأفعال، وزعموا أن إبراهيم الخليل احتج بهذا، وأن المراد بالأفول (4) الحركة والانتقال، وأنه استدل بذلك على حدوث المتحرك والمنتقل. نقل ابن سينا هذه المادة إلى أصله، وذكر هذا في (إشاراته) فجعل هذا (5) الأفول عبارة عن الإمكان، وقال: إن ما هوى في حظيرة الإمكان هوى في حظيرة الأفول (6) ، ولفظه: (7) (فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
وذلك أنه أراد أن يقول بقول سلفه الفلاسفة مع قوله بما يشبه طريقة المتكلمين، والمتكلمون استدلوا على حدوث الجسم بطريقة التركيب،

(1) ن، م: في نفسه.
(2) أ، ب: وأنه محدث بمعنى أنه معلول، م: وأنه محدث يعني معلول. .
(3) ن، م: في.
(4) ن، م: بالأقوال، وهو تحريف.
(5) ن، م، أ: هو.
(6) ن، م: إن كل ممكن هاو في حضيرة الأفول والإمكان هوى في حضيرة الأفول ; أ: كل ممن هاوى في حظيرة الأفول هوى في حظيرة الأفول.
(7) في: الإشارات والتنبيهات 3، 4/532 تحقيق د. سليمان الدنيا، ط. المعارف، القاهرة 1958.
**************************



فجعل هو التركيب دليلا على الإمكان، والمتكلمون جعلوا دليلهم هو دليل إبراهيم الخليل بقوله: {لا أحب الآفلين} [سورة الأنعام: 76] وفسروه بأن الأفول هو الحركة، فقال ابن سينا:
(1) (قال قوم إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته واجب لنفسه لكنك إذا تذكرت ما قيل (2) في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس. واجبا، وتلوت (3) قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} ، فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
ويريد بالشرط أنه ليس بمركب، وأن المركب ممكن ليس بواجب، والممكن آفل لأن الإمكان أفول ما (4) ، والآفل (5) عندهم هو الذي يكون موجودا بغيره، ويقولون: نحن نستدل بإمكان الممكنات على الواجب، ونقول: العالم قديم لم يزل ولا يزال، ونجعل معنى قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} أي (6) لا أحب الممكنين، وإن كان الممكن واجب الوجود بغيره قديما أزليا (7) لم يزل ولا يزال.
ومعلوم أن كلا القولين من باب تحريف الكلم عن مواضعه، وإنما الأفول هو المغيب (8) ، والاحتجاب ليس هو الإمكان، ولا الحركة
(1) المرجع السابق 3، 4/531 - 532.
(2) الإشارات 3، 4/532: ما قيل لك.
(3) ن: ويكون، وهو تحريف.
(4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: والأفول.
(6) أي: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) أزليا: ساقطة من (أ) ، (ب) ومكانها كلمة " لدليل ".
(8) ب (فقط) : الغيب، وهو تحريف.
*****************************
وإبراهيم الخليل (1) لم يحتج بذلك على حدوث الكواكب، ولا على إثبات الصانع، وإنما احتج بالأفول على بطلان عبادتها، فإن قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب، ويدعونها من دون الله لم يكونوا يقولون: إنها هي التي خلقت السماوات والأرض، فإن هذا لا يقوله عاقل، ولهذا قال: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 78] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] وقد بسط [الكلام على] (2) هذا في غير هذا الموضع (3) .
والمقصود هنا أن هؤلاء [القوم] (4) يأخذون عبارات المسلمين التي عبروا بها عن معنى، فيعبرون بها عن معنى آخر يناقض دين المسلمين ليظهر بذلك أنهم موافقون للمسلمين في أقوالهم، [وأنهم] (5) يقولون: العالم محدث، وأن كل ما سوى الله فهو عندنا آفل محدث بمعنى أنه معلول له، وإن كان قديما أزليا معه واجبا به لم يزل ولا يزال.
وإذا كان جماهير العقلاء يقولون: إن المفعول لا يكون إلا حادثا، لا سيما المفعول لفاعل باختياره، فإذا كان من هؤلاء من قال: إنه يفعل بدون سبب حادث، وإنه يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح لم

(1) الخليل: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) عبارة " الكلام على " ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) انظر مثلا: شرح حديث النزول، ص 194 - 197، مطبعة الإمام، القاهرة، 1366/1947 ; السبعينية، ص 69 - 77.
(4) القوم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) وأنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
يلزمه أن يقول مع هذا (1) : إن مفعوله قديم رجحه بلا مرجح، فإنه يقول: إن (2) هذا القول باطل، وقولي الآخر إن كان باطلا فلا أجمع بين قولين باطلين، وإن كان حقا، فقول الحق لا يوجب علي (3) أن أقول الباطل، فإن الحق لا يستلزم الباطل، بل الباطل قد يستلزم الحق، وهذا لا يضر [الحق] (4) ، فإنه إذا وجد الملزوم وجد اللازم، فالحق لازم سواء قدر وجود الباطل أو عدمه أما الباطل فلا يكون لازما للحق ; لأن لازم الحق حق، والباطل لا يكون حقا، فلا يلزم من قال الحق أن يقول الباطل، وهذا ظاهر.
والمقصود هنا أنه متى قيل بجواز (5) حدوث الحوادث بدون (6) سبب حادث أمكن أن يفعل الفاعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا بدون سبب حادث، كما يقول ذلك من يقوله من طوائف النظار من متكلمة المسلمين وغيرهم من القدرية والجبرية وغيرهم، ومتى كان ذلك ممكنا في نفس الأمر لم يجب دوام الفاعل فاعلا. وأمكن حدوث الزمان والمادة وغير ذلك، كما يقول ذلك من يقوله من النظار من أهل الكلام، والفلسفة، ومتى كان ذلك ممكنا بطل كل ما يحتج به على قدم شيء من العالم، فبطل القول بقدم العالم، وعلم أيضا امتناع قدمه ; لأنه لا يكون

(1) أ، ب: مع هذا أن يقول.
(2) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فقولي لا يوجب علي. . . إلخ.
(4) الحق: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: يجوز.
(6) أ، ب: بلا.
**************************
قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه، أو كان (1) الفاعل مستلزما بنفسه (2) له، فإذا لم يكن هناك فاعل مستلزم له امتنع أن يكون قديما، وكان كل من حجج القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم مبطلة لهذا القول.
أما (3) القائلون بالقدم، فعمدتهم أن المؤثر التام يستلزم (4) أثره، فيمتنع عندهم القول بمفعول قديم من غير علة تامة موجبة ; لأنه أثر عن غير مؤثر تام.
وأما القائلون بالحدوث، فعمدتهم أن الفاعل المختار (5) ، بل الفاعل مطلقا لا يكون مفعوله إلا حادثا، وأن مفعولا قديما ممتنع (6) .
فصار عمدة هؤلاء وهؤلاء مبطلة لهذا القول الذي لم يقله أحد، ولكن يقال على سبيل الإلزام لكل من الطائفتين إذا التزمت فاسد (7) قولها دون صحيحه (8) ، فإذا التزمت (القدمية) جواز حدوث الحوادث بلا سبب، وأن الأثر لا يحتاج إلى مؤثر تام، بل القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، والتزمت (الحدوثية) أن المفعول مطلقا أو المفعول بالقدرة والاختيار لم يزل قديما أزليا مع فاعله مقارنا له لزم من هذين اللازمين إمكان أن يكون الفاعل قادرا مختارا يرجح بلا مرجح، ومفعوله مع هذا قديما

(1) ن، م: وكان.
(2) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) ن: وأما ; م: فأما.
(4) ن، م: مستلزم.
(5) أ، ب: بالاختيار.
(6) أ: وإن كان مفعولا قديما ممتنع ; ب: وأن كون مفعول قديم ممتنع.
(7) فاسد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب (فقط) : صحته.
***********************
[بقدمه] (1) . لكن أحد من العقلاء لم يلتزم هذين فيما علمناه، وإن قدر أنه التزم ذلك، فقد التزم ملزومين باطلين كل منهما باطل بالبرهان، والجمع بينهما لم يقله أحد من العقلاء، وكان كل من العقلاء يرد عليه ببرهان قاطع، ولكن هو يعارض كلام كل طائفة بكلام الطائفة الأخرى، وغايته فساد بعض قول هؤلاء وفساد بعض قول هؤلاء، لكن لا يلزم أن يسلم له الجمع بين فساد كل من القولين ولا الجمع بين هذا الفساد وهذا الفساد، بل هذا يكون أبلغ في رد قوله.
وأيضا فإن كلا من الطائفتين فرت من أحد الفسادين، وظنت الآخر ليس بفاسد، ولم تهتد إلى الجمع بين الصحيح كله والسلامة من الفاسد كله، فليس له أن يلزمها ما علمت فساده مع ما لم تعلم فساده، فيلزمها الفاسد كله ويخرجها من الصحيح كله، فإن غاية (2) قولها أبلق أن يكون (3) فيه بياض وسواد، [والأبلق خير من الأسود] (4) .
فإن الطائفة التي قالت:
إن القادر يمكنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح إنما قالته لما علمت (5) أن القادر الفاعل لا بد أن يكون فعله حادثا، وأن (6) كونه فاعلا مع كون الفعل قديما جمع بين المتناقضين، ولم يهتدوا إلى الفرق بين نوع الفعل، وبين عينه، بل

(1) ن، م: ومفعوله مع هذا قديم.
(2) ن (فقط) : عامة.
(3) أن يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) وفي " لسان العرب ": " والبلق: سواد وبياض ".
(5) أ، ب: علمته.
(6) ن، م: فإن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]