عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 20-06-2021, 03:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (28)
صـ 186 إلى صـ 192

وإنما يقدر وجود شيء من الممكنات، فكيف يعقل أن أحد الممكنين الجائزين اللذين لم يوجد واحد منهما هو الذي أوجب في الذات البسيطة أن يوجد هذا دون هذا ويجعل هذا قديما دون هذا مع أنها واحدة بسيطة نسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة.
وإذا قيل: ماهية الممكن أوجبت ذلك دون وجوده.
قيل:
الجواب من وجهين:
أحدهما: أن الماهية المجردة عن الوجود إنما تعقل في العلم الذي يعبر عنه بالوجود الذهني دون الوجود الخارجي، والعلم تابع للمعلوم، فإن لم يكن من الذات الفاعلة سبب (* يقتضي تخصيص ماهية دون ماهية بالوجود، بل كانت بسيطة لا اختصاص لها بشيء من الماهيات لم يعقل *) (1) اختصاص إحدى الماهيتين بالوجود دون الأخرى، ومعلوم أن الفاعل إذا تصور ما يريد فعله قبل أن يفعله، فلا بد من أن يكون فيما يراد. (2) فعله سبب يوجب تخصيصه بالإرادة، والعبد لإرادته أسباب خارجة عنه (3) توجب التخصيص، وأما الرب تعالى، فلا يخرج عنه إلا ما هو منه، وهو مفعوله، فإن لم يكن في ذاته ما يوجب التخصيص امتنع التخصيص منه، فامتنع الفعل.
الثاني:
أن يقال: هب أن ماهية الممكن ثابتة في الخارج لكن القول في (4) تخصيص تلك الماهيات المقارنة لوجودها بالوجود دون
(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: يريد.
(3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(4) القول في: ساقطة من (أ) ، (ب) .
***************************
بعض، كالقول في تخصيص وجودها إذ (1) كان كل ما يقدر وجوده فماهيته مقارنة له.
وإن قيل:
إن الماهيات أمر محقق في الخارج غني عن الفاعل، فهذا تصريح بأنها واجبة بنفسها مشاركة للرب في إبداع (2) الوجود، وهذا باطل، وهذا يتوجه على القول بأن المعدوم ليس بشيء، وهو الصواب، [و] على قول (3) من قال: إنه شيء في الخارج أيضا.
[البرهنة على صحة هذا الدليل من وجوه شتى]
(فصل) (4)
ثم إنه يمكن تحرير (5) هذا الدليل بطريق التقسيم على كل تقدير تقوله طائفة من طوائف المسلمين.
مثل أن يقال (6) : [إن] (7) الحوادث إما أن يمتنع دوامها، ويجب أن يكون لها ابتداء، وإما أن لا يمتنع دوامها، بل يجوز حوادث لا أول لها.
فإن كان الأول:
لزم وجود الحوادث عن القديم الواجب الوجود بنفسه من غير حدوث شيء من الأشياء، كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام

(1) ب (فقط) : إن.
(2) أ، ب: الإبداع.
(3) ن (فقط) : وهو الصواب على قول.
(4) فصل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: تجويز.
(6) في جميع النسخ: يقول. ولعل الصواب ما أثبته.
(7) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
**************************
سواء قالوا (1) : إنها تصدر عن القادر (2) المختار، ولم يثبتوا له إرادة قديمة، كما تقوله المعتزلة والجهمية، أو قالوا: إنها تصدر عن القادر المختار المريد بإرادة قديمة أزلية، كما تقوله الكلابية والأشعرية والكرامية.
وعلى هذا القول فيمتنع قدم شيء من العالم، (3 فإنه ما من شيء من العالم 3) (3) إلا. وهو مقرون بالحوادث لم يسبقها سواء جعل كل (4) ذلك جسما، أو قيل: إن هناك عقولا ونفوسا ليست أجساما، فإنه لا ريب أنها مقارنة للحوادث، فإنها (* فاعلة (5) مستلزمة لها، فإذا امتنع وجود حوادث لا أول لها امتنع أن يكون للحوادث *) (6) علة مستلزمة لها سواء كانت ممكنة أو واجبة، وعلى هذا التقدير فالإرادة القديمة لا تستلزم وجود المراد معها لكن يجب وجود المراد في الوقت المتأخر عن الإرادة.
وإن قيل:
إنه يمكن دوام الحوادث، وأن لا يكون لها ابتداء.
فيقال:
على هذا التقدير يمتنع أن يكون شيء من العالم قديما أزليا لا الأفلاك ولا العقول ولا النفوس ولا المواد (7) العنصرية ولا الجواهر المفردة (8) ، ولا غير ذلك ; لأن كل ما كان قديما من العالم أزليا، فلا بد أن

(1) ن، م: قال.
(2) في (أ) الفاعل. وكتب في الهامش: " والأصل: القادر ".
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) م: علة.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن: المراد، وهو تحريف.
(8) أ: المنفردة، ب: الفردة.
************************
يكون فاعله موجبا له بالذات سواء سمي علة تامة، أو مرجحا تاما، أو سمي قادرا مختارا.
لكن وجود الموجب بالذات. [في الأزل] (1) محال ; لأنه يستلزم أن يكون موجبه ومقتضاه أزليا، وهذا ممتنع لوجوه:
منها:
أن المفعول المعين [للفاعل] (2) يمتنع أن يكون مقارنا له في الزمان أزليا معه، لا سيما إذا اعتبر مع ذلك أن يكون فاعلا بإرادته وقدرته، فإن مقارنة مقدوره المعين له بحيث يكون أزليا معه محال، بل هذا [محال] (3) ممتنع فيما يقدر قائما به، فإنه يمتنع كونه (4) مرادا أزليا، فلأن يكون ممتنعا فيما هو منفصل عنه بطريق الأولى.
ومنها:
أنه إذا قدر علة تامة موجبا بذاته لزم أن يقارنه معلوله مطلقا، فيكون كل شيء من العالم أزليا، وهذا محال خلاف المشاهدة وإجماع العقلاء.
[القول بأن بعض العالم أزلي وبعضه ليس بأزلي يقتضي بطلان قولهم من وجوه]
وإذا قيل: إن بعض العالم أزلي كالأفلاك ونوع الحركات، وبعضه ليس بأزلي كآحاد الأشخاص، والحركات.
قيل:
هذا يقتضي بطلان قولهم من وجوه:
أحدها: أنه إذا جاز كونه فاعلا للحوادث شيئا بعد شيء أمكن أن يكون كل ما سواه حادثا، فالقول بقدم شيء معين من العالم قول بلا حجة.

(1) في الأزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) للفاعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) محال: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: قائما به يمتنع أن يكون.
****************************
الثاني: أن كونه محدثا للحوادث شيئا بعد شيء بدون قيام سبب به يوجب الإحداث ممتنع، فإن الذات إذا كان حالها قبل هذا، وبعد هذا، ومع هذا. (1) واحدة امتنع أن تخص هذا بالإحداث دون هذا، بل امتنع أن تحدث شيئا.
الثالث: [أنه] (2) إن (3) جوز أن تحدث شيئا بدون سبب يقوم بها جاز أن يكون لجميع الحوادث ابتداء، فلا يكون في العالم شيء قديم، وإن لم يجوز ذلك (4) بطل قولهم بأنها تحدث الحوادث بدون سبب يقوم بها.
الرابع: أن إحداث الحوادث إن لم يجز بدون سبب يقوم بها بطل قولهم، وإن (5) افتقر إلى سبب يقوم بها لزم أن يقوم بها تلك الأمور دائما شيئا بعد شيء، فلا تكون فاعلة قط إلا مع قيام ذلك بها، فيمتنع أن يكون لها مفعول معين أزلا وأبدا ; لأن صدور ذلك عن ذات تفعل ما يقوم بها شيئا بعد شيء ممتنع ; لأن ما تفعل بهذه الواسطة لا يكون فعلها إلا شيئا بعد شيء، فيمتنع أن يكون لها فعل معين لازم لها، وإذا امتنع ذلك امتنع أن يكون لها مفعول معين لازم لها.
الخامس:
أنه إذا قدر أن شيئا من معلولاتها لازم لها أزلا وأبدا لم يكن ذلك إلا لكون الذات علة تامة موجبة له، ومعلوم أن المعين

(1) أ، ب، م: أو بعد هذا أو مع هذا.
(2) أنه: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب: إذا.
(4) أ، ب: إن لم يجوزوا ذلك.
(5) ن، م: فإن.
************************


مخصوص بقدر وصفة وحال (1) ، وهذا التخصيص الذي فيه يستلزم أن يكون الاختصاص في علته، وإلا فالعلة التي لا اختصاص لها لا توجب ما هو مختص بقدر وحال وصفة.
ومعلوم أنه إذا قدر أن الفاعل هو الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة عليها سواء قيل:
إنه لا يقوم بها الأحوال، أو قيل: إنها تقوم بها لكن على التقديرين (2) لا تكون موجبة لشيء قديم أزلي إلا لمجرد الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة ; لأن الأحوال المتعاقبة آحادها موجودة شيئا بعد شيء، فيمتنع أن تكون موجبة (3) لشيء قديم أزلي، فإن الموجب القديم المعين الأزلي أولى أن يكون قديما أزليا معينا، والأحوال المتعاقبة ليس منها (4) شيء قديم معين (5) أزلي، فيمتنع أن يكون الموجب المشروط بها قديما أزليا.
فإذا قدر أنه قديم أزلي لم يكن ذلك إلا بتقدير أن تكون الذات المجردة هي الموجبة والذات المجردة ليس فيها اختصاص يوجب تخصيص الفلك دون غيره بكونه معلولا بخلاف ما إذا قيل:
إنه حدث بعد أن لم يكن لأسباب أوجبت الحدوث، والتخصيص، فإن هذا السؤال يندفع، وهذا دليل مستقل في المسألة، ولم يتقدم بعد ذكره في هذا الكتاب.
(1) أ، ب: وحالة.
(2) أ، ن، م: على التقدير. والمثبت من (ب) .
(3) ن (فقط) : فيمتنع أن تكون قديمة موجبة.
(4) أ، ب: فيها.
(5) ن، م: معين قديم.
***********************


السادس: أنه إذا كانت الأحوال لازمة لها كان بتقدير فعلها بدون الأحوال تقديرا ممتنعا، وحينئذ فالذات المستلزمة للأحوال المتعاقبة لا تفعل بدونها، وإذا كان الفاعل لا يفعل إلا بأحوال متعاقبة امتنع قدم شيء من مفعولاته ; لأن القديم يقتضي علة تامة أزلية، وما يستلزم الأحوال المتعاقبة لا يكون اقتضاؤه في الأزل لشيء معين تاما أزليا، بل إنما يتم اقتضاؤه لكل مفعول عند وجود الأحوال التي بها يصير فاعلا.
السابع:
أنه إن جاز أن يقوم بالفاعل الأحوال المتعاقبة جاز، بل وجب حدوث كل ما سواه، وإن لم يجز ذلك، فإما أن يقال: يمتنع حدوث شيء، ومعلوم وجود الحوادث، وإما أن يقال: بل تحدث بلا سبب حادث في الفاعل، وحينئذ فيلزم جواز حدوث كل ما سوى الله تعالى، فإنه إذا جاز أن يحدث الحوادث دائما بلا سبب يقتضي حدوثها، فلأن تحدث جميعها بلا سبب يقتضي حدوثها أولى، فإن هذا أقل محذورا، فإذا جاز الحدوث مع المحذور الأعظم، فمع الأخف أولى.
وأيضا، فالأول إن كان مستلزما لتلك الحوادث كان الجميع قديما، وهو ممتنع كما تقدم (1) ، وإن لم يكن مستلزما لتلك الحوادث كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم حدوث الحوادث بدون سبب حادث، [وإن كان مستلزما لنوعها دون الآحاد، فقد عرف بطلان ذلك من وجوه] (2) ، ولو (3) جاز حدوث الحوادث بدون سبب حادث لجاز حدوث العالم،
(1) أ: تقدر ; ب: تقرر.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: إذا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]