عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 20-06-2021, 03:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (24)
صـ 159 إلى صـ 165

يكون ممكنا، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وجواز ذلك وصحته مبدأ ينتهى إليه، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا، (1 فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه 1) (1) ، فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها (2) .
قال المناظر عن أولئك (3) المتكلمين من الجهمية، والمعتزلة وأتباعهم: نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له لكن نقول إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له، وذلك لأن الحوادث عندنا يمتنع أن تكون قديمة النوع، بل يجب حدوث نوعها، ويمتنع قدم نوعها لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه، فإمكان الحوادث بشرط (4) كونها مسبوقة العدم لا أول له بخلاف جنس الحوادث.
فيقال لهم:
هب أنكم تقولون ذلك لكن يقال: إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية، فإنه صار جنس الحدوث (5) عندكم ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا، وليس لهذا الإمكان وقت معين، بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله، فيلزم دوام الإمكان، وإلا لزم انقلاب الجنس من الإمكان إلى الامتناع من غير حدوث شيء ولا تجدد شيء.
(1) (1 - 1) : ساقط من (ب) فقط.
(2) ن، م: لا نهاية لها.
(3) ب: قال المناظر لأولئك ; أ: قال المناظر أولئك.
(4) ن: يشترط، وهو تحريف.
(5) ن، م: الحوادث.


******************************
ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحدوث أو جنس (1) الحوادث، أو جنس الفعل، أو جنس الإحداث، أو ما يشبه هذا من العبارات من الامتناع إلى الإمكان هو مصير ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد (2) ، وهذا ممتنع في صريح العقل، وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي، فإن ذات جنس الحوادث عندهم تصير ممكنة بعد أن كانت ممتنعة.
وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معين، فإنه ما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، (3 فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب 3) (3) ، فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنا، وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا لم يزل الحادث ممكنا، فقد لزمهم فيما فروا [إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا] (4) منه، فإنه يعقل كون الحادث ممكنا (5) ، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل، وأما كون الممتنع ممكنا، فهو ممتنع في نفسه، فكيف إذا قيل: لم يزل إمكان هذا الممتنع! .
وأيضا فما ذكروه من الشرط: وهو أن جنس الفعل، أو جنس الحوادث - بشرط (6) كونها مسبوقة بالعدم - لم يزل ممكنا، فإنه يتضمن الجمع بين النقيضين أيضا، فإن كون هذا (7) لم يزل يقتضي أنه لا بداية لإمكانه،.
(1) ن، م: الحدوث إلى جنس.
(2) ن (فقط) : محدود.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ب) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) أ، ب: ممتنعا.
(6) ن، م: يشترط.
(7) ن، م: وأيضا فإن كون هذا. . إلخ.


***************************
وأن إمكانه قديم أزلي، وكونه مسبوقا بالعدم يقتضي أن له بداية، وأنه ليس بقديم أزلي (1) ، فصار قولهم مستلزما أن الحوادث يجب أن يكون لها بداية، وأنه لا يجب أن يكون لها بداية.
وذلك لأنهم قدروا تقديرا ممتنعا، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع كقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [سورة الأنبياء: 22] .
فإن قولهم:
إمكان جنس الحوادث - بشرط كونها مسبوقة بالعدم - لا بداية له مضمونة أن ما له بداية ليس له بداية، فإن المشروط بسبق العدم له بداية (2) ، وإن (3) قدر أنه لا بداية له كان جمعا بين النقيضين.
وأيضا فيقال:
هذا تقدير لا حقيقة له في الخارج، فصار بمنزلة قول القائل: جنس الحوادث بشرط (4) كونها ملحوقة بالعدم هل لإمكانها نهاية؟ أم ليس لإمكانها نهاية؟ فكما أن هذا يستلزم الجمع بين النقيضين في النهاية، فكذلك الأمل يستلزم الجمع بين النقيضين في البداية (5) .
وأيضا فالممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام يجب به الممكن، وقد يقولون: لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام يستلزم وجود ذلك الممكن.
[وهذا الثاني أصوب، كما عليه نظار المسلمين المثبتين، فإن بقاءه
(1) ن: وأنه غير قديم ليس أولى ; م: وأنه ليس بقديم أولى.
(2) ب (فقط) : فإن للمشروط بسبق العدم بداية.
(3) أ، ب: وإذا.
(4) ن (فقط) : يشترط.
(5) ن، م: النهاية.


******************************
معدوما لا يفتقر إلى مرجح، ومن قال: إنه يفتقر إلى مرجح قال: عدم مرجحه يستلزم عدمه، ولكن يقال: هذا مستلزم لعدمه لا أن هذا هو الأمر الموجب لعدمه، ولا يجب عدمه في نفس الأمر، بل عدمه في نفس الأمر لا علة له، فإن عدم المعلول يستلزم عدم العلة، وليس هو علة له، والملزوم أعم من كونه علة] (1) ; لأن ذلك المرجح التام لو لم يستلزم وجود الممكن لكان وجود الممكن مع المرجح التام جائزا لا واجبا ولا ممتنعا، وحينئذ فيكون ممكنا، فيتوقف على مرجح ; لأن الممكن لا يحصل إلا بمرجح.
فدل ذلك على أن الممكن إن لم يحصل مرجح يستلزم وجوده امتنع وجوده، وما دام وجوده ممكنا جائزا غير لازم لا يوجد، وهذا هو الذي يقوله أئمة أهل السنة المثبتين للقدر مع موافقة أئمة الفلاسفة لهم (2) ، وهذا مما احتجوا به على أن الله خالق أفعال العباد.
[القدرية التامة والإرادة الجازمة تقتضي وجود الفعل]

والقدرية من المعتزلة وغيرهم تخالف في هذا، وتزعم أن القادر يمكنه ترجيح الفعل على الترك بدون ما يستلزم ذلك، وادعوا أنه إن لم يكن القادر كذلك لزم أن يكون موجبا بالذات لا قادرا قالوا: والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك، فمتى قيل: إنه لا يفعل إلا مع لزوم أن يفعل لم يكن مختارا بل مجبورا.
فقال لهم الجمهور من أهل الملة وغيرهم (3) : بل هذا خطأ، فإن
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وغير الملة.
****************************
القادر هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك ليس هو الذي إن شاء الفعل مشيئة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة يبقى (1) الفعل ممكنا جائزا لا لازما واجبا ولا ممتنعا محالا.
بل نحن نعلم أن القادر المختار إذا أراد الفعل إرادة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة لزم وجود الفعل، وصار واجبا بغيره لا بنفسه، كما قال المسلمون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما شاء (2) سبحانه، فهو قادر عليه، فإذا شاء شيئا حصل مرادا له، وهو مقدور عليه، فيلزم (3) وجوده، وما لم يشأ لم يكن، فإنه ما لم يرده وإن كان قادرا عليه لم يحصل المقتضى التام لوجوده، فلا يجوز وجوده.
قالوا:
ومع القدرة التامة والإرادة الجازمة يمتنع عدم الفعل، ولا يتصور عدم الفعل إلا لعدم كمال القدرة أو لعدم كمال الإرادة، وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه، وهو معروف بالأدلة اليقينية، فإن فعل المختار لا يتوقف إلا على قدرته وإرادته، فإنه قد يكون قادرا، ولا يريد الفعل، فلا يفعله، وقد يكون مريدا للفعل لكنه عاجز عنه، فلا يفعله، أما (4) مع كمال قدرته وإرادته فلا يتوقف الفعل على شيء غير ذلك، والقدرة التامة والإرادة الجازمة هي المرجح التام للفعل الممكن، فمع وجودهما يجب وجود ذلك الفعل.
والرب تعالى قادر مختار يفعل بمشيئته لا مكره له، وليس هو موجبا

(1) ب: فبقي ; أ: تنفى.
(2) أ، ب: وما شاءه.
(3) أ، ب: فلزم.
**********************
بذاته بمعنى (1) أنه علة أزلية مستلزمة للفعل، ولا بمعنى أنه يوجب بذات (2) لا مشيئة لها، ولا قدرة (3) ، بل هو يوجب بمشيئته، وقدرته ما شاء وجوده، وهذا هو القادر المختار، فهو قادر مختار يوجب بمشيئته ما شاء وجوده.
وبهذا التحرير يزول الإشكال. (4) في هذه المسألة، فإن الموجب بذاته إذا كان أزليا يقارنه موجبه، فلو كان الرب تعالى موجبا بذاته [للعالم.] (5) في الأزل [لكان كل ما في العالم مقارنا له في الأزل] (6) ، وذلك ممتنع بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فكل ما شاء الله وجوده من العالم فإنه يجب وجوده بقدرته ومشيئته، وما لم يشأ يمتنع وجوده إذ لا يكون شيء إلا بقدرته، ومشيئته، وهذا يقتضي وجوب وجود ما شاء تعالى وجوده.
ولفظ الموجب بالذات فيه إجمال، فإن أريد به أنه يوجب ما يحدثه بمشيئته، وقدرته، فلا منافاة بين كونه فاعلا بالقدرة والاختيار، وبين كونه موجبا بالذات بهذا التفسير، وإن أريد بالموجب بالذات أنه يوجب شيئا من الأشياء بذات مجردة عن القدرة والاختيار، فهذا باطل ممتنع، (* وإن

(1) ن، م: يعني.
(2) ن: ولا يعلم أنه موجب بذاته، م: ولا يعني بأنه يوجب بذات، وهو تحريف.
(3) ب (فقط) : لا مشيئة لها لا قدرة.
(4) ن، م: الإشكالات.
(5) للعالم: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
**************************


أريد أنه علة تامة أزلية تستلزم (1) معلولها الأزلي بحيث يكون من العالم ما هو قديم بقدمه لازم لذاته أزلا وأبدا - الفلك، أو غيره - فهذا أيضا باطل *) (2) .
فالموجب بالذات إذا فسر بما يقتضي قدم شيء من العالم مع الله، أو فسر بما يقتضي سلب (3) صفات الكمال عن الله، فهو باطل، وإن فسر بما يقتضي أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهو حق، فإن ما شاء وجوده فقد وجب وجوده بقدرته ومشيئته، لكن لا يقتضي هذا أنه شاء شيئا من المخلوقات بعينه في الأزل، بل مشيئته لشيء معين في الأزل ممتنع لوجوه متعددة.
ولهذا كان عامة العقلاء على أن الأزلي لا يكون مرادا مقدورا، ولا أعلم نزاعا بين النظار أن ما كان من صفات الرب أزليا لازما لذاته لا يتأخر منه شيء لا يجوز أن يكون مرادا مقدورا، وأن ما كان مرادا مقدورا لا يكون إلا حادثا شيئا بعد شيء، وإن كان نوعه لم يزل موجودا، أو كان نوعه كله حادثا بعد أن لم يكن.
ولهذا كان الذين اعتقدوا أن القرآن قديم لازم لذات الله متفقين على أنه لم يتكلم بمشيئته، وقدرته (4) ، وإنما يكون بمشيئته، وقدرته (5) خلق إدراك في العبد لذلك المعنى القديم، والذين قالوا: كلامه قديم، وأرادوا أنه
(1) ن، م: يستلزم.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) . (ب) .
(3) ب: تأخر. وسقطت الكلمة من (أ) .
(4) ن (فقط) : بمشيئة الله وقدرته.
(5) أ، ب: بقدرته ومشيئته.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]