عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 06-03-2011, 01:12 AM
الصورة الرمزية الشيخ أبوالبراءالأحمدى
الشيخ أبوالبراءالأحمدى الشيخ أبوالبراءالأحمدى غير متصل
إسأل ونحن نجيب بحول الله تعالى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: برمبال القديمة ــ منية النصر ــ المنصورة
الجنس :
المشاركات: 2,684
الدولة : Egypt
Lightbulb جميع مواضيع فضيلة الشيخ أبو البراء الأحمدي في ملتقيات الشفاء الإسلامي

قال الماوردى فى أدب الدنيا والدين : وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : اُنْظُرْ إلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ لَهَا ، وَلَا تَتَأَمَّلْهَا تَأَمُّلَ الْعَاشِقِ الْوَامِقِ بِهَا .
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : أَلَا إنَّمَا الدُّنْيَا كَأَحْلَامِ نَائِمِ وَمَا خَيْرُ عَيْشٍ لَا يَكُونُ بِدَائِمِ تَأَمَّلْ إذَا مَا نِلْت بِالْأَمْسِ لَذَّةً فَأَفْنَيْتَهَا هَلْ أَنْتَ إلَّا كَحَالِمِ فَكَمْ غَافِلٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِغَافِلِ وَكَمْ نَائِمٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِنَائِمِ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَلَّا يُعْصَى إلَّا فِيهَا ، وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بِتَرْكِهَا } .
وَرَوَى سُفْيَانُ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : يَا مُوسَى أَعْرِضْ عَنْ الدُّنْيَا وَانْبِذْهَا وَرَاءَك فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَك بِدَارٍ ، وَلَا فِيهَا مَحَلُّ قَرَارٍ ، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الدُّنْيَا لِلْعِبَادِ ؛ لِيَتَزَوَّدُوا مِنْهَا لِلْمَعَادِ .
وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : الدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا .
وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَصِفُ الدُّنْيَا : أَوَّلُهَا عَنَاءٌ ، وَآخِرُهَا فَنَاءٌ ، حَلَالُهَا حِسَابٌ ، وَحَرَامُهَا عِقَابٌ ، مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ وَمَنْ مَرِضَ فِيهَا نَدِمَ ، وَمَنْ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ ، وَمَنْ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ ، وَمَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ ، وَمَنْ نَظَرَ إلَيْهَا أَعْمَتْهُ ، وَمَنْ نَظَرَ بِهَا بَصِرَتْهُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : إنَّ الدُّنْيَا تُقْبِلُ إقْبَالَ الطَّالِبِ ، وَتُدْبِرُ إدْبَارَ الْهَارِبِ ، وَتَصِلُ وِصَالَ الْمَلُولِ ، وَتُفَارِقُ فِرَاقَ الْعُجُولِ ، فَخَيْرُهَا يَسِيرٌ ، وَعَيْشُهَا قَصِيرٌ ، وَإِقْبَالُهَا خَدِيعَةٌ ، وَإِدْبَارُهَا فَجِيعَةٌ ، وَلَذَّاتُهَا فَانِيَةٌ ، وَتَبِعَاتُهَا بَاقِيَةٌ ، فَاغْتَنَمَ غَفْوَةَ الزَّمَانِ ، وَانْتَهَزَ فُرْصَةَ الْإِمْكَانِ ، وَخُذْ مِنْ نَفْسِك لِنَفْسِك ، وَتَزَوَّدْ مِنْ يَوْمِك لِغَدِكَ .
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : مَثَلُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَثَلُ ضَرَّتَيْنِ إنْ أَرْضَيْت إحْدَاهُمَا أَسْخَطْت الْأُخْرَى .
وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ : الدُّنْيَا مَنَازِلُ ، فَرَاحِلٌ وَنَازِلٌ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الدُّنْيَا إمَّا نِقْمَةٌ نَازِلَةٌ ، وَإِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ .
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ : مِنْ الدُّنْيَا عَلَى الدُّنْيَا دَلِيلٌ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ : تَمَتَّعْ مِنْ الْأَيَّامِ إنْ كُنْت حَازِمًا فَإِنَّك مِنْهَا بَيْنَ نَاهٍ وَآمِرِ إذَا أَبْقَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِرِ فَلَنْ تَعْدِلَ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَلَا وَزْنَ ذَرٍّ مِنْ جَنَاحٍ لِطَائِرِ فَمَا رَضِيَ الدُّنْيَا ثَوَابًا لِمُؤْمِنٍ وَلَا رَضِيَ الدُّنْيَا جَزَاءً لِكَافِرِ .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الدُّنْيَا يَوْمَانِ : يَوْمُ فَرَحٍ وَيَوْمُ هَمٍّ ، وَكِلَاهُمَا زَائِلٌ عَنْك فَدَعُوا مَا يَزُولُ ، وَأَتْعِبُوا نُفُوسَكُمْ فِي الْعَمَلِ لِمَا لَا يَزُولُ } .
وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا تُنَازِعُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ فَيُنَازِعُوكُمْ فِي دِينِكُمْ ، فَلَا دُنْيَاهُمْ أَصَبْتُمْ ، وَلَا دِينَكُمْ أَبْقَيْتُمْ .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ ، وَيَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ ، فَإِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ .
يَعْجَزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ ، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ ، وَيَنْهَى النَّاسَ وَلَا يَنْتَهِي ، وَيَأْمُرُ بِمَا لَا يَأْتِي .
يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَا يَعْمَلُ بِعَمَلِهِمْ ، وَيُبْغِضُ الطَّالِحِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : الدُّنْيَا كُلُّهَا غَمٌّ فَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ سُرُورٍ فَهُوَ رِيحٌ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إنَّ الدُّنْيَا كَثِيرَةُ التَّغْيِيرِ ، سَرِيعَةُ التَّنْكِيرِ ، شَدِيدَةُ الْمَكْرِ ، دَائِمَةُ الْغَدْرِ ، فَاقْطَعْ أَسْبَابَ الْهَوَى عَنْ قَلْبِك ، وَاجْعَلْ أَبْعَدَ أَمْلِكَ بَقِيَّةَ يَوْمِك ، وَكُنْ كَأَنَّك تَرَى ثَوَابَ أَعْمَالِك وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الدُّنْيَا إمَّا مُصِيبَةٌ مُوجِعَةٌ ، وَإِمَّا مَنِيَّةٌ مُفْجِعَةٌ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ : خَلِّ دُنْيَاك إنَّهَا يَعْقُبُ الْخَيْرَ شَرُّهَا هِيَ أُمٌّ تَعُقُّ مِنْ نَسْلِهَا مَنْ يَبَرُّهَا كُلُّ نَفْسٍ فَإِنَّهَا تَبْتَغِي مَا يَسُرُّهَا وَالْمَنَايَا تَسُوقُهَا وَالْأَمَانِي تَغُرُّهَا فَإِذَا اسْتَحْلَتْ الْجَنَى أَعْقَبَ الْحُلْوَ مُرُّهَا يَسْتَوِي فِي ضَرِيحِهِ عَبْدُ أَرْضٍ وَحُرُّهَا فَإِذَا رَضَتْ نَفْسُك مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا وَصَفْت اعْتَضْت مِنْهَا بِثَلَاثِ خِلَالٍ : إحْدَاهُنَّ : أَنْ تَكْفِيَ إشْفَاقَ الْمُحِبِّ وَحَذَرَ الْوَامِقِ فَلَيْسَ لِمُشْفِقٍ ثِقَةٌ ، وَلَا لِحَاذِرٍ رَاحَةٌ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنْ تَأْمَنَ الِاغْتِرَارَ بِمَلَاهِيهَا فَتَسْلَمَ مِنْ عَادِيَةِ دَوَاهِيهَا ، فَإِنَّ اللَّاهِيَ بِهَا مَغْرُورٌ ، وَالْمَغْرُورُ فِيهَا مَذْعُورٌ .
وَالثَّالِثَةُ : أَنْ تَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ السَّعْيِ لَهَا ، وَوَصَبِ الْكَدِّ فِيهَا ، فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا طَلَبَهُ ، وَمَنْ طَلَبَ شَيْئًا كَدَّ لَهُ ، وَالْمَكْدُودُ فِيهَا شَقِيٌّ إنْ ظَفِرَ وَمَحْرُومٌ إنْ خَابَ .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبٍ : { يَا كَعْبُ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَغَادٍ بِنَفْسِهِ فَمُعْتِقُهَا ، وَمُوبِقُ نَفْسَهُ فَمُوثِقُهَا } .
وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : تَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا وَأَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ ، وَلَا تَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَأَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِيهَا إلَّا بِعَمَلٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : مِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا أَنْ لَا تَبْقَى عَلَى حَالَةٍ ، وَلَا تَخْلُوَ مِنْ اسْتِحَالَةٍ ، تُصْلِحُ جَانِبًا بِإِفْسَادِ جَانِبٍ ، وَتَسُرُّ صَاحِبًا بِمُسَاءَةِ صَاحِبٍ ، فَالرُّكُونُ إلَيْهَا خَطَرٌ ، وَالثِّقَةُ بِهَا غَرَرٌ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الدُّنْيَا مُرْتَجِعَةُ الْهِبَةِ وَالدَّهْرُ حَسُودٌ لَا يَأْتِي عَلَى شَيْءٍ إلَّا غَيَّرَهُ وَلِمَنْ عَاشَ حَاجَةٌ لَا تَنْقَضِي .
وَلَمَّا بَلَغَ مَزْدَكُ مِنْ الدُّنْيَا أَفْضَلَ مَا سَمَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ نَبَذَهَا وَقَالَ : هَذَا سُرُورٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ غُرُورٌ ، وَنَعِيمٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ عَدِيمٌ ، وَمُلْكٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ هَلَكٌ ، وَغَنَاءٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ فَنَاءٌ ، وَجَسِيمٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ ذَمِيمٌ ، وَمَحْمُودٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ مَفْقُودٌ ، وَغِنًى ، لَوْلَا أَنَّهُ مُنًى ، وَارْتِفَاعٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ اتِّضَاعٌ ، وَعَلَاءٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ بَلَاءٌ ، وَحُسْنٌ ، لَوْلَا أَنَّهُ حُزْنٌ ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ وُثِقَ لَهُ بِغَدٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : قَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، مِنْ رَاغِبٍ وَزَاهِدٍ ، فَلَا الرَّاغِبُ فِيهَا اسْتَبْقَتْ ، وَلَا عَنْ الزَّاهِدِ فِيهَا كَفَّتْ .
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ : هِيَ الدَّارُ دَارُ الْأَذَى وَالْقَذَى وَدَارُ الْفَنَاءِ وَدَارُ الْغِيَرْ فَلَوْ نِلْتهَا بِحَذَافِيرِهَا لَمِتَّ وَلَمْ تَقْضِ مِنْهَا الْوَطَرْ أَيَا مَنْ يُؤَمِّلُ طُولَ الْخُلُودِ وَطُولُ الْخُلُودِ عَلَيْهِ ضَرَرْ إذَا مَا كَبِرْت وَبَانَ الشَّبَابُ فَلَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الْكِبَرْ .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَعَيْنٍ لَا تَدْمَعُ . هَلْ يَتَوَقَّعُ أَحَدُكُمْ إلَّا غِنًى مُطْغِيًا أَوْ فَقْرًا مُنْسِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُقَيِّدًا ، أَوْ الدَّجَّالَ فَهُوَ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوْ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } .
وَقَالَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْحَى اللَّهُ إلَى الدُّنْيَا : مَنْ خَدَمَنِي فَاخْدِمِيهِ ، وَمَنْ خَدَمَك فَاسْتَخْدِمِيهِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : زِدْ مِنْ طُولِ أَمَلِك فِي قَصِيرِ عَمَلِك ، فَإِنَّ الدُّنْيَا ظِلُّ الْغَمَامِ ، وَحُلْمُ النِّيَامِ ، فَمَنْ عَرَفَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ ، وَحُرِمَ التَّوْفِيقَ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَا يُؤَمِّنَنَّكَ إقْبَالُ الدُّنْيَا عَلَيْك مِنْ إدْبَارِهَا عَنْك ، وَلَا دَوْلَةٌ لَك مِنْ إذَالَةٍ مِنْك .
وَقَالَ آخَرُ : مَا مَضَى مِنْ الدُّنْيَا كَمَا لَمْ يَكُنْ ، وَمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا قَدْ مَضَى .
وَقِيلَ لِزَاهِدٍ : قَدْ خَلَعْت الدُّنْيَا فَكَيْفَ سَخَتْ نَفْسُك عَنْهَا ؟ فَقَالَ : أَيْقَنْت أَنِّي أَخْرُجُ مِنْهَا كَارِهًا ، فَرَأَيْت أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا طَائِعًا .
وَقِيلَ لِحُرْقَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ : مَا لَك تَبْكِينَ ؟ فَقَالَتْ : رَأَيْت لِأَهْلِي غَضَارَةً ، وَلَنْ تَمْتَلِئَ دَارٌ فَرَحًا ، إلَّا امْتَلَأَتْ تَرَحًا .
وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ : مَنْ جَرَّعَتْهُ الدُّنْيَا حَلَاوَتَهَا بِمَيْلِهِ إلَيْهَا ، جَرَّعَتْهُ الْآخِرَةُ مَرَارَتَهَا لِتَجَافِيهِ عَنْهَا .
وَقَالَ صَاحِبُ كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ : طَالِبُ الدُّنْيَا كَشَارِبِ مَاءِ الْبَحْرِ كُلَّمَا ازْدَادَ شُرْبًا ازْدَادَ عَطَشًا .
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : نَهَارُك يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ وَلَيْلُك نَوْمٌ وَالْأَسَى لَك لَازِمُ تُسَرُّ بِمَا يَفْنَى وَتَفْرَحُ بِالْمُنَى كَمَا سُرَّ بِاللَّذَّاتِ فِي النَّوْمِ حَالِمُ وَشُغْلُك فِيمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ الْبَهَائِمُ .
وَسَمِعَ رَجُلٌ رَجُلًا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ : لَا أَرَاك اللَّهُ مَكْرُوهًا ، فَقَالَ : كَأَنَّك دَعَوْت عَلَى صَاحِبِك بِالْمَوْتِ ، إنَّ صَاحِبَك مَا صَاحَبَ الدُّنْيَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَرَى مَكْرُوهًا .
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ : إنَّ الزَّمَانَ وَلَوْ يَلِينُ لِأَهْلِهِ لَمُخَاشِنُ خُطُوَاتُهُ الْمُتَحَرِّكَاتُ كَأَنَّهُنَّ سَوَاكِنُ .
قَلْبِك الْخُشُوعَ ، وَمِنْ بَدَنِك الْخُضُوعَ ، وَمِنْ عَيْنِك الدُّمُوعَ ، فَإِنِّي قَرِيبٌ .
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعنا بما قرأناه ويبارك لنا فيما حفظناه وأن يجعلنا من عباده المخلصين . آمين
__________________
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) سورة الزمر
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.32 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.29%)]