عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-09-2019, 05:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي فن بناء خيال الطفل

بسم الله الرحمن الرحيم

فن بناء خيال الطفل

شيماء نعمان

قد لا ينتبه الوالدان إلى ملكة التخيل التي تنمو في وجدان الطفل كما ينمو جسده؛ فخيال الطفل في أهميته لا يقل عن العلوم المختلفة التي يجتهد الأم والأب في رفع قدرة استيعاب طفلهما لها. ويرى بعض الخبراء أن الأفكار التخيلية التي قد يفاجئك ابنك أو ابنتك بها من ألعاب وتصرفات- يراها البعض تافهة أو سخيفة أو لا معنى لها- هي عامل مساعد قوي في تنمية العديد من مهارات التعلم الكامنة لديه؛ فهي ليست للتسلية فقط ولكنها تتيح للأطفال ممارسة الأنشطة اليومية التي يرون الكبار من حولهم يقومون بها وتقليدها.

ولنا في رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قدوة حسنة فهو لم يزجر طفلاً أو يُشعره ببساطة عقله وقلة إدراكه؛ ولكنه كان كثيرًَا ما يشارك الأطفال لهوهم ولعبهم البريء النقي؛ ولا غرو أن أساليبه التربوية تلك قد أفرزت أجيالاً حملت رسالة الإسلام على عاتقها لعقود طويلة وأنارت الدنيا بعلمها وفضلها وأخلاقها الإسلامية...

يقول أنس (رضي الله عنه): "كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحسن الناس خُلقًا، وكان لي أخ يقال له: أبو عُمَيْر، وكان له طير يلعب به، فكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النُّغَيْر؟"؛ وهو سؤال فيه مودة ودعابة واهتمام ومشاركة للصغير فيما يحب.

إذن كيف يكون تعريف الخيال؟
الخيال هو القدرة على تكوين صور وأحداث وأحاسيس وتصورات خيالية في وقت لا تتواجد فيه هذه الأشياء في إطار الواقع الملموس.
وقد أكدت دراسات شتى للكثير من خبراء التربية على قدرة الخيال على تنمية ذكاء ومهارات الطفل؛ فالخبيرة التربوية "هيلين نيفيل" وجدت من خلال متابعتها لمراحل نمو الخيال لدى الأطفال أنهم في مرحلة معينة يحاولون تقليد المحيطين بهم (مثل الأب والأم والأخوة والمعلمين)؛ كأن يحاول الطفل استخدام لعبة التليفون والتظاهر بأنه يتحدث هاتفيًا مع صديق له ويناقشه في أمر ما، أو يؤنب دميته على خطأ تخيلي لم يحدث متقمصًا في ذلك الأسلوب الذي يتبعه والديه معه في توجيه سلوكه؛ ليس ذلك فحسب بل إنه قد يلجأ أيضًا لتأليف حكايات أو رواية أحلام لم يرها للفت نظر والديه إلى أشياء معينة يفكر بها أو أشياء أخرى يتطلع إليها ويريد الحصول عليها.


ولكن أي نوع من الخيال يجب أن تحرص الأسرة المسلمة على أن تغرسه وترويه وتحفزه في نفوس أطفالها؛ هل هو خيال مغامرات سوبرمان وباتمان ذوي القدرات الخارقة، أم الخيال النوراني الذي تنمو براعمه لتحقق الأمجاد؟...
ألم يكن رفع راية الإسلام أملاً متوهجًا في عيون عبد الله بن عمر وزيد بن حارثة وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم الكثيرين من أعظم أبطال حضارة الإسلام، ألم يكن ذلك أملاً متغلغلاً في أعماق قلوبهم نما وكبر معهم على مدار سنوات عمرهم منذ نعومة أظافرهم؟

الخيال الغربي والخيال في الإسلام
من الطبيعي أن يرتبط الخيال بمكونات الواقع والثقافة السائدة، وبناء على ذلك فالخلفيات الثقافية لشخصيات من نوع سوبرمان وهاري بوتر ليست هي الخلفيات العربية الإسلامية ولكنها هوية ثقافية مغايرة وهذا ليس عيبًا في حد ذاته لأن الإطلاع على حضارة الآخر أمر هام ونافع للتفاعل الإنساني؛ ولكن الخطأ الحقيقي هو تبني تلك الشخصيات واعتبارها نماذج للعدل والبطولة ونصرة الخير. فنرى أن هاري بوتر على سبيل المثال يعتمد في سعيه لمواجهة الشر على قدراته السحرية، بينما يعتمد سوبرمان على قدراته الخارقة. والحقيقة أن النموذجين ضررهما أكبر من نفعهما حيث أنهما يشحذان خيال الطفل بمكونات تفتقر إلى الأساس المنطقي ومن ثم تتنامي لدى الطفل بعض الأفكار الشاة كالتخلي عن الأسرة أو الاستهانة بتعليمات الوالدين؛ وبل وربما الاعتماد على مبدأ القوة الزائدة والعنف في التعامل مع الآخرين

.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.43 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]