عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-11-2019, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (4)



حقوق الزوجة على زوجها (2)


حفظ دينها

د. محمد ويلالي




الخطبة الأولى


تحدثنا في الجمعة الماضية - ضمن الجزء الثالث من سلسلة أركان الأسرة - عن الحقوق الزوجية، التي ينبغي أن يعرفها الأزواج والزوجات، تفاديا لكثير من الأخطاء التي يمكن أن تعصف بالأسرة، وتذهب بتماسكها وسلامة بنيانها. ووقفنا على حقين من حقوق المرأة على زوجها، وهما: حق النفقة عليها بالمعروف، وحق الإحسان إليها. ونستأنف الموضوع بالحديث عن حق آخر هو: حفظ دينها.



إن الزواج في الإٍسلام ينبني على أساس الدين، ويدور حول الأخلاق الإسلامية، التي يجب أن تكون أس اختيار أحد الزوجين للآخر. فالله تعالى يقول: ï´؟ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ï´¾ [المائدة: 2]. والزواج مؤسسة، إكسيرها إشاعة التعاون على الخير بين مكوناتها، ولا يتم ذلك إلا بزاد من تقوى الله - عز وجل -. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه.. ثلاث مرات" ص. الترمذي. قال أهل العلم: "اشتراط المصلحة الدينية الكاملة، هو أفضل الشروط، وأحبها إلى الله -عز وجل-".



وإنما طولب ولي أمر الزوجة بأن يختار لوليته ذا الدين والخلق، لأنهما صفتان تجعلان الزوج مسؤولا عن تدين زوجته، حريصا على خلقها، مراعيا لحق الله فيها، موجها ومرشدا لأبنائها، معاقَبا على تفريطه في تربيتهم، فلكل حرث زارع، ولكل مال جامع. قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ï´¾ [التحريم: 6]، والأهل، هم الزوجة والأولاد. قال بعض أهل العلم: "أَمَرَنا الله - جل وعلا - أن نقي أنفسنا وأهلينا نارًا وقودها الناس والحجارة، فمن ضيع هذا الحق، سَلبَ الله المهابة من وجهه، وسلب الله المهابة من قلب أهله وولده".



وعلى الزوجة المسلمة أن تكون منصاعة لأوامر زوجها الشرعية، لا تتأخر في تنفيذها ما دامت في طاعة الله، كأن يأمرها بالاعتناء بصلاتها، وصيامها، وسائر عباداتها، والتستر باللباس الشرعي عند خروجها، وقيامها بحسن تربية أبنائها، وتقويم أخلاقهم، ومراقبة سلوكهم، لا أن تتواطأ مع الأبناء بالتستر على فساد سلوكياتهم، والتكتم على اعوجاجهم وحماقاتهم، وربما التشجيع على انحرافهم بدعوى حاجتهم إلى الحرية، والاستمتاع بالطفولة، وتفريغ مكبوت المراهقة.. فكلم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته. يقول تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى". فما علاقة أمر الأهل بالعبادة والرزق؟ قالوا: "إنه ما من زوج يقوم بحق الله، وما فرض الله عليه في أهله وزوجه، ويعظها ويذكرها حتى يقوم البيت على طاعة الله ومرضاة الله، إلا كفاه الله أمر الدنيا.. كأن إقامته لأمر الله طريقٌ للبركة في الرزق".



يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ" صحيح سنن أبي داود.



ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" صحيح سنن أبي داود.



بل يقول - صلى الله عليه وسلم - في حق زوجاته أمهات المؤمنين: "أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ" البخاري. قال ابن حجر: "أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة، ويعتمدن على كونهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -"، فإذا أُمِرْنَ بذلك وهن من هن في ميزان الله - تعالى -، فكيف بغيرهن؟.



ومن عجب، رضا بعض فتياتنا بالزواج من غير المسلمين، الذين يتظاهرون بنطق الشهادتين، والتسمي بأسماء المسلمين، وهم على ملة أخرى، حتى إن 95% من الفتيات المتمدرسات - عندنا - أكدن أنهن يركزن لدى إبحارهن في شبكة الأنترنت على مواقع الدردشة، بهدف إيجاد زوج مناسب يساعدهن على الهجرة، أو يقدم لهن الدعم المالي لتحسين وضعهن المالي، واستطاعت 5000 فتاة أن تتزوج من أجنبي في سنة واحدة (2008).



ونحن نتساءل: كيف تستقيم حياتهن معهم، وهم لا يعرفون للمسلمات قدرا، ولا يحفظون لهن خلقا، إلا أن يجبروهن على التشبه ببنات بلدهم، وسلوك عاداتهن، والسير على منوالهن؟.



ومن الحقائق الواقعية، أن أحدهم رفض أن ينشأ أبناؤه من مسلمة على الإسلام، والآخر اقترح ترك الأبناء يختارون دينهم عند بلوغهم، والثالث صرح بأن تظاهره بالإسلام قبل الزواج لم يكن إلا مسرحية لتجاوز عقدة الدين، والرابع أرغمها على الردة عن الإسلام ودخول في دينه وإلا طردها. وبينت الدراسة أن أغلب الفتيات المسلمات اللواتي اقتحمن هذه المخالفة الشرعية الجسيمة، يعيشن حياة الضنك، والألم، والحيرة، والندم الشديد، يجعلهن يفكرن في الانفصال والعودة إلى أهليهن، بل إن إحدى المغررات بهن هربت مع زوجها النصراني إلى بلده، بعد أن رفض أبواها هذا الزواج، ثم اكتشفت أن هذا الزوج يجبرها على تنصير ابنها منه، وأنه يخونها، ولا يقيم لها وزنا، فما استطاعت البقاء معه في ظل هذه الحياة التعيسة البئيسة، وما استطاعت الرجوع إلى أبويها الغاضبين من فعلتها الشنيعة. قال تعالى: ï´؟ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ï´¾ [البقرة: 221].



وإن من حفاظ الزوج دينَ زوجته وأبنائه، منعَهم من متابعة القنوات الفضائية المشبوهة، ومراقبةَ استعمالهم للأنترنت، وشغلَ أوقاتهم بالمفيد، كتخصيص ما بين العشاءين لحفظ القرآن وتجويده، وتنظيم جلسة يومية أو نصف أسبوعية، لمدارسة بعض الكتب المفيدة، ككتاب شرح رياض الصالحين، أو كتاب منهاج المسلم، أو كتاب عقيدة المؤمن.. وإجراءِ مسابقة تحفيزية للتنافس في حفظ القرآن، والعمل بالأخلاق والآداب الإسلامية، فيشعُّ بذلك جو القرآن في البيت، ويحاطُ بتوجيهات السنة النبوية، ويتعلمُ الأهل الانضباط في الزمان والمكان، ويزيدُ علمهم، وتقوى صلتهم ببعضهم، وتزيدُ ثقتهم بولي أمرهم، وينفعُ الله بهذه الذرية الصالحة الوالدين في الدنيا والآخرة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث بريدة - رضي الله عنه -:"من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، أُلبس والداه يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن" رواه الحاكم، وهو في صحيح الترغيب.



الخطبة الثانية


ومما يقوي تدين الزوجة، انخراطُها في حلقة من حلقات تحفيظ القرآن، وتعليمِ الآداب الشرعية، وهي متوافرة في مدن بلدنا ولله الحمد، في المساجد، والجمعيات، والبيوت. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنُوكُمْ" مسلم، ففيها تلتقي الزوجة بأخوات لها صالحات، يتنافسن في طلب العلم الشرعي، ويتبادلن تجارب تربية الأولاد، ونقل خبرات التعامل مع الأزواج، وهذا - والله - خير من مخالطة مريضات القلوب، فارغات العقول.



حتى الركوب الجماعي في السيارة، يستثمر للمراجعة، وتصحيح التلاوة، وسماع الأشرطة المفيدة.



ولا بأس بتعليق سبورة في مدخل المنزل، أو في مكان بارز، توضع عليها بعض الآيات، والأحاديث، والأذكار، والأدعية، والحكم.



ولا بأس أن يشغل الزوج وقت الغذاء يوم الجمعة بتلخيص ما سمعه في خطبة الجمعة، ومناقشتِه مع زوجته وأولاده، حتى تعم الفائدة، وتستخلص العبرة.



ويحسن التعاون على صيام النوافل، والأيام الفاضلة، كالاثنين والخميس، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وتعويد الأبناء على ذلك. تقول الرُّبَيِّعُِ بِنْتُ مُعَوِّذِ - رضي الله عنها - في عاشوراء: "..كنا.. نصومه، ونُصَوِّمُ صبياننا الصغار، ونذهب إلى المسجد، ونصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب بها معنا، فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتموا صومهم" مسلم.



وكل ذلك لن يتأتى إلا إذا حَفِظ الزوج دينه ودين زوجته، ومن تنكب هذه الطريق توقع الحسرة، وتجرع الندامة.



ترجو السلامة لم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس






ولقد أخبرتني امرأة أن زوجها يهددها بالفراق، إذا هي أصرت على الخروج معه بالحجاب. يريدها متبرجة، سافرة، متزينة، متعطرة، متشبهة بالرجال في لباسها، ومشيتها، ولا يرضى بشرع الله، بل ربما جعل الحجاب سمة تخلف، ودليل تأخر. يقول الله - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ï´¾.



المال يفنى والجمال وديعة

والجاه يبلى كل ذاك غرور



ليس الزواج لشهوةٍ وغريزةٍ

إن الزواج تعفف وطهور


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.69 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]