عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 18-10-2011, 04:52 PM
الصورة الرمزية oummati2025
oummati2025 oummati2025 غير متصل
مشروع حراس الفضيلة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 877
الدولة : Morocco
افتراضي رد: خيوط النور.... رواية

الحلقة الثالثة عشرة

بعنوان: روميو الشاشة

خرج أحمد من غرفة أدهم ليستطلع خبر المرأة التي أنبأه عمر أنها تنتظره، ولم تكن غير أمل ابنة جيران أهله. تلك الفتاة التي كان أدهم قد تقدم لخطبتها لكنها رفضت طلبه حينها.

لذلك فقد فوجئ أحمد بزيارتها لأدهم، بادرته أمل بمجرد رؤيته، وقد خفضت رأسها حياء واحتراما:

أهلا أخي أحمد، كيف حالك وحال أسرتك؟

أحمد: بخير والحمد لله كيف حالك وحال عمي كامل وخالتي راضية؟

أمل: الحمد لله، كيف حال أدهم الآن، إن شاء الله بخير؟

أحمد: الحمد لله تحسن كثيرا، نسأل الله أن يتم شفاءه على خير.

أمل: هل لي أن أراه؟

أحمد: لحظة أستأذن منه.

دلف أحمد إلى الغرفة لكي يلطف الأجواء ويهيئ أدهم نفسيا للقاء أمل، وقد كان يخشى من ردة فعله تجاهها.

فأجابه أدهم وقد علا الغضب وجهه: لا أريد أن أراها، أخبرها أني مت فلتفرح..

أحمد: هدئ من روعك يا أخي، هي ضيفتك الآن جاءت لزيارتك، حاول أن تعاملها بالتي هي أحسن.

أدهم: هذه الحمقاء أحببتها من أعماق قلبي وكنت مستعدا لتغيير كل حياتي لأتزوجها وأستمتع بالحياة معها، ولكنها رفضتني ولم تأبه لمشاعري.

أحمد: اسمعها، ربما تجلب الخير معها، وما يدريك؟

أدهم بغضب: دعها تدخل لعل الله أطال عمري لأرد لها الصاع صاعين..

سكت أحمد، لعلمه بأن تصويب سلوك أخيه لابد له من عمل حثيث وليس مجرد كلام وخرج ليطلب من أمل الدخول - وكله امل أن يكون ظهورها من جديد في حياة أخيه عاملا مساعدا في التغيير الذي ينشده-.

مرحبا بالأمل... قالها أدهم بسخرية وهو ينظر إليها بحنق.

فبلعت ريقها بصعوبة وقالت: حمدا لله على سلامتك.

أدهم: ماذا تريدين؟ ألم تطرديني من بيتكم حين جئت خاطبا؟ أنسيت ما قلته لأمك على مسمع مني، أعنس ولا أتزوج ذلك المعاق، من يظن نفسه ليتجرأ ويطلب يدي للزواج؟ هل جننت لأعيش مع كتلة لحم متحركة؟

أمل في خجل: جئت لأطمئن على صحتك...

ثُم خرجت مهرولة وهي تبكي بحرقة...

انفجر أدهم بالبكاء كالطفل حين تهان كرامته وقد تذكر كل ما قالته وفعلته في حقه.

وقال يكلم نفسه: لماذا وقد أحببتك بصدق وكنت أنوي أن أتغير جذريا لأجلك، ونظر إلى الباب وقال في تحدّ وعينه تبرق إصرارا: سيأتي اليوم الذي ترين فيه هذه الكتلة من اللحم ماذا تصنع، وستتمنين لو أنها تلتفت فقط لتراك.

ذهب أحمد إلى البيت برفقة أسرته وعند وصوله نظر إلى نور ووجهه ينطق حزما وجدية: أحتاجك في أمر مهم جدا، ما رأيك أن نناقشه سوية؟

نور: نعم حاضر حبيبي، وأومأت برأسها موافقة.

دخل أحمد غرفة المكتب ولحقت به نور بعد لحظات، فبسمل وحمد الله تعالى ثم شرح لها وضع أدهم بشكل تدريجي قبل أن يريها في نهاية المطاف الورقة التي كتبها أدهم.

صدمت نور هي الأخرى وهي تقرأ تلك الكلمات، لكنها حاولت أن تتمالك نفسها حتى تخفف على شريك عمرها مصابه في أخيه.

لكن أحمد استطرد قائلا : إن أشد ما يؤلمني هو الإحساس بالذنب أني أهملت أخي وقصرت في حقه حتى وصل به الحال إلى هذا المآل؟

نور: هون عليك يا أغلى الناس، بدايةً المسؤولية ليست مسؤوليتك وحدك، بل هي مشتركة بيننا جميعا إضافة إلى محيط أدهم القريب الذي له أكبر الأثر في ذلك.

فكرت نور مليا ثم أضافت قائلة بحزم:

نحن لن نستسلم بإذن الله، وأنا متفائلة أن الله عز وجل ما أنقذه من محاولته للانتحار إلا لخير أعده له سبحانه. ولن نعدم الوسيلة إن شاء الله إن وضعنا خطة عمل محكمة بعد جرد أسباب كل ذلك.

ومن وجهة نظري لو حللنا كلامه سنجد الآتي:

+ على مدى سنوات انغلق أدهم على نفسه، وبسبب انشغالنا عنه لم يعد أحد منا للأسف يعلم ما بداخله ولا يفكر في سؤاله أو الاهتمام به ؛

+ لا أحد منا استطاع مد جسر ود معه حتى يتمكن من فهمه، فلم نحس بمعاناته ولم نستشعر آلامه. ولو فعلنا لكنا استطعنا تخفيفها قبل أن تتفاقم؛

+ كل هذا أوصله لدرجة كبيرة من الحقد والكره لمن حوله لدرجة أنه يعلم أن المنتحر في النار ويتمناها لمن في نظره تسببوا في وصوله لهذه الحالة.

+ لكن هناك حلقة مفقودة في الموضوع لا يعلمها إلا الله ثم أدهم ولابد من إيجاد طريقة للوصول إليها لاكتمال الصورة.

تهللت أسارير أحمد ثم قال موافقا: هو ذاك، أصبت يا حبيبتي ولابد أن نتفق على خطة متدرجة نغير مفاتيحها كلما تقدمنا في تحقيق هدفنا، الذي هو بلا شك أن نكون سببا في تغيير حياة أدهم إلى حياة طيبة متوازنة بإذن الله.

فأجابت نور بجدية واضحة: متفقة معك تماما يا عزيزي فيما تفضلت به فمن أحياها كمن أحيا الناس جميعا وأرجو من الله أن يعيننا على هذا الأمر ويوفقنا فيه.

أحمد: اللهم آمين يارب العالمين، إذن على بركة الله نتفق على الخطة وطبعا كما تعلمين لابد من مشاركة أبنائنا جميعا فيها وسنناقش معهم الأمر في جلسة الليلة بإذن الله.

ثم شرعا في وضع خطة لهدفهما الذي اتفقا عليه. وفي المساء شرحاها لأبنائهم ونقحاها من خلال النقاش إلى أن توصلا إلى صيغة مناسبة للبدء في تنفيذها وكانت أول قطرة اتصال عمر بعمه للاطمئنان عليه وإبلاغ سلام الجميع له وأنهم يطمئنون على صحته.

وفي اليوم التالي ذهب أحمد إلى محله كما وعد محمود رغم انشغاله بأخيه الأصغر، لكنه فضل إنهاء هذا الأمر رغم عدم علمه بمضمونه.

دخل المحل فألقى التحية ببشاشة على العمال الذين وجدهم يضعون شحنة جديدة من الأثواب في المخزن. بينما محمود وزميله منهمكان في تصميم نموذج جديد.

تجاذب أطراف الحديث مع زميليه، وما لبثت أن تواردت على ذهنه أفكار إبداعية جديدة، فسارع إلى تسجيلها في مفكرته الصغيرة حتى لا ينساها. ثم عرضها عليهما فاستحسناها. وتمت مناقشة كل التفاصيل التي من شأنها أن تجعله زيا متكاملا. ثم تم الاتفاق في النهاية على النموذج النهائي ومواصفاته والألوان المناسبة له.

وفي تمام العاشرة صباحا وصلت فاتن فقابلها أحمد ومحمود في المكتب:

تفضلي أختي هل تريدين اقتناء أزياء جديدة، لدينا نماذج رائعة: قالها أحمد بأدب جم كعادته.

ارتبكت فاتن وتمتمت بصوت خافت: شكرا لك، ليس هذا ما جئت من أجله، الأمر حساس شيئا ما ولا أستطيع أن أفصح عنه إلا لحضرتك.

فهم أحمد بفراسته أن الأمر لا يتعلق بالعمل، ففكر بسرعة في حل لا حرج فيه للجميع ثُم قال بنبرة حازمة:

كما ترين أختي الكريمة لدينا عمل كثير، هل يمكنك إخبار الأخت هاجر بما تريدين، إنها أخت فاضلة تعمل معنا منذ مدة وهي محل ثقة؟

فاتن بعد تردد: ممكن...

ثم طلب من محمود إبلاغ الأخت هاجر بالأمر، وحين حضرت عرفهما على بعضهما ثم تركهما الرجلان لوحدهما في المكتب وخرجا..

مرت لحظات، وفاتن صامتة لا تدري ما تقول، فابتسمت هاجر في وجهها ونظرت إليها نظرة تشجيع لعلها تشرع في الحديث...

فرفعت رأسها وقد حسمت أمرها وقالت لها: بصراحة لا أعلم من أين أبدأ، الموضوع حساس ولا أستطيع البوح به بسهولة...

هاجر مبتسمة: ابدئي من أي نقطة، وتأكدي أن الموضوع سيصل للأستاذ أحمد بسرية تامة.

فاتن بارتباك وتلعثم: بدون مقدمات، منذ أن رأيت السيد أحمد وأنا في عالم آخر، أحببته لا أعرف لم ولا كيف ولا متى ولكن أحببته، وأجهشت بالبكاء..

واستمرت تحكي لها عن ظروفها وكيف بدأ الموضوع وهاجر تنصت وتومئ برأسها دلالة على المتابعة والاستيعاب إلى أن أكملت فاتن قصتها...

نظرت إليها هاجر بحنان وقالت لها: هوني عليك أختي، يقينا هناك حل ولا مستحيل ولا إحباط حينما نحسن التوكل على الله..

أتفهم الأمر والأستاذ أحمد إنسان مميز خصوصا في زمننا هذا، ولكن إن سمحت لي - وهذا ليس تدخلا مني- ولكنه لحاجة في نفسي: هل أنت أحببت أحمد أم أحببت أخلاق وشخصية أحمد؟

أطرقت فاتن تفكر وقد فاجأها السؤال وقالت: وضحي قصدك أكثر رجاء.

هاجر: ما قصدته هو أن أي امرأة كيفما كانت تتمنى رجلا بحق يصونها ويتقي الله فيها ويعاملها بما يرضي الله.

وصدقيني أنت لم تحبي أحمد ولكن أحببت نموذج أحمد المفتقد في زمننا هذا...

وحسب علمي، فإن أحمد يحب زوجته كثيرا وسعيد في أسرته وحتى لو تزوجك فلن يعدل لانشغاله الشديد بأسرته ورسالته ولعلمي ببعض اهتماماته، أنصحك ألا يعلم شيئا، وأقترح عليك أن يبقى الأمر بيننا وأنا كفيلة بإيجاد حل يرضيك بعون الله. فما رأيك؟

نظرت إليها فاتن ولما تستوعبْ كلامها بعد ثم قالت:

اتركي لي مهلة للتفكير في كلامك، لعل الله يقضي أمرا لا نعلمه...

هاجر: إذن إليك رقم هاتفي ولنبقَ على تواصل وتأكدي أختي في الله أني لا أريد إلا مصلحتك وسأقول للأستاذ أحمد أنه موضوع استشارة لما عرفتِه عن طاقم العمل هنا من اتزان وحكمة..

فاتن: جزاك الله عني كل خير، والله لا تعلمين مدى فرحتي بالتعامل مع أخت مثلك، بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك.

خرجت المرأتان وسار الأمر كما اتفقتا.

ظلت هاجر تفكر في أمر فاتن وتبحث عن مخرج للموضوع، بينما تفكر فاتن في كلام هاجر وتعرضه على العقل والمنطق، لعلمها بأن حاجتها هي فعلا لرجل تقي وليس لأحمد ولكن هو الفراغ العاطفي الذي تركه هيثم لازال مسيطرا عليها.

وفي صباح اليوم التالي، في حي غير بعيد عن بيت أحمد، قامت ريم صديقة مريم من النوم تتثاءب، واتجهت مباشرة إلى الحاسوب فشغلته، ودخلت بسرعة على موقع التواصل الاجتماعي كعادتها في العطلة وكل ليلة، فوجدت "ميزو" زميلها في القسم متصلا..

فتحت نافذة التواصل معه وبادرته قائلة: هاي ميزو

ميزو: هاي ريري

ريم: كيف حالك؟

ميزو: مهموم .. لست بخير

وأنت؟

ريم: مهمومة هههه

إذا كان ميزو مهموما فأنا على وشك الانتحار...

ميزو: مممم لم؟

ريم: يا ابني اترك الهموم للفقراء مثلنا وتذكر فقط أسماء فتياتك وقصات شعرك الشهرية..

ميزو: كفاك سخرية يا ريري، أنا فعلا لا أنام جيدا هذه الأيام ولا آكل تقريبا والملل سيقتلني...

ريم بسخرية مضاعفة: لماذا كل هذا؟ لا تقل لي أن الحب قد ألهب قلبك؟ ههه

ميزو: ليس الحب، لست أحمقَ لأحب، بل هي لعبة أو لنقل رهان بيني وبين زيزو أبحث عن طريقة مناسبة لها، ولابد أن أربح.. وأحتاج مساعدتك ..

ريم بتعجب: لعبة؟ وما دوري أنا فيها؟

ميزو: الأمر جدي وسأقول لك ماذا أريد ولكن عديني أن تنفذي لي طلبي، اتفقنا؟

ريم: مممم وما المقابل؟

ميزو: اطلبي ما تشائين..

ريم: اتفقنا

ميزو: أريد إميل ورقم جوال صديقتك مريم..

ريم متفاجئة: مريم؟ لم؟

ميزو: لا تسألي كثيرا، هل ستعطيني ما طلبته أم لا؟

ريم تفكر: أتعرف ماذا تعني لي مريم؟ هي بالذات لا أستطيع إيذاءها..

ميزو: اطلبي ما تشائين، فالأمر مسألة حياة أو موت.

ريم: دعني أفكر وسأرد عليك الليلة على الخاص.

ثم ظهرت أمام ناظريها نافذة أخرى كتب فيها: هاي يا قمر...

يتبع بإذن الله
__________________
أحيانا نحتاج وقفة من اللهاث المتسارع، لنعيد التصالح مع أنفسنا وإعادة حساباتنا في الحياة الدنيا، وتصحيح المسار والقناعات والمفاهيم لتناسب حقيقة الحياة ومآلها وما ينتظرنا من سعادة أو شقاء والعياذ بالله

أختكم: نزهة الفلاح
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.64 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]