عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 18-06-2020, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,097
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الطهارة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (19)



صـــــ123 إلى صــ132


[باب السواك وسنن الوضوء]

السِّواك: يطلق، ويراد به: الآلة التي يُتَسَوَّكُ بها، ويطلق، ويراد به: فعل السِّواك؛ فمن إطلاق السواك مراداً به الآلة التي يستاك بها: حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه دخلَ على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في مرضه الذي تُوفي فيه، والسِّواك على طرفِ لسانِه، وهو يقول: أُعْ أُعْ كأنَّه يَتهوَّعُ -صلوات الله، وسلامه عليه-، فقوله:[والسواك]: يعني آلة السواك.
وأما إطلاق السواك مراداً به الفعل: فمنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيح أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:[لَوْلا أَنْ أَشُقَّ على أمتي لأَمرتُهمْ بِالسِّواكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ] أي: بفعل السواك.
وباب السواك: المراد به بيان الأحكام، والسُّنن الواردة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السَواك، فقد شرع الله -عز وجل- السواك بهدي نبيه -صلوات الله وسلامه عليه- القولي، والفعلي، فكان عليه الصلاة، والسلام يستاك، ويأمر أصحابه بالسِّواك حتى ثبت في الصحيح أنه قال: [أَكْثرتُ عَليكُمْ في السِّواكِ]، وباب السواك يذكره العلماء قبل باب الوضوء، وقبل صفة الوضوء؛ والسبب في ذلك قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [لأَمرتهُمْ بالسِّواكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ] وفي رواية: [مَع كُلِّ وُضُوءٍ]، وفي أخرى: [وعِنْدَ كلِّ وُضُوءٍ]، فقالوا: إن هذا محلُّه، ولذلك يذكرونه في باب الطهارة؛ ولأنّ السِّواك قسم من أقسام الطهارة في الوصف ففيه إنقاء موضع مخصوص؛ على صفة مخصوصة.
وقوله: [وسُنَنِ الوُضُوءِ]: أي في هذا الموضع سأبين لك جملة من الأحكام، والمسائل الشّرعية التي تتعلق بهدي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السواك، وسننه في الوضوء.
والسُّنة في اللغة:
الطريقة، وأما في اصطلاح علماء الأصول: فهي: (ما يُثابُ فاعلُه، ولا يعاقبُ تاركُه)، وتشمل بمعناها العام كل ما ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هديه القولي، والفعلي، والتقريري.
قوله رحمه الله: [التَّسوكُ بعُودٍ لَيِّنٍ]: التّسوك تَفَعُّل من السِّواك أي: فعل السواك بعود ليِّنٍ هذا هو أحد الوجهين عند العلماء -رحمة الله عليهم- أن السواك المحمود شرعاً يكون بالعود، لا بغيره.
وذهب طائفة من العلماء إلى أن السواك يحصل بالعود، وبكل ما يُنْقِي الموضعَ كأن يستاك بخرقةٍ، أو بمنديل قالوا: لأن مقصود الشرع هو إنقاء الموضع، ولهم دليل يدل على قولهم في قوله عليه الصلاة والسلام: [السِّواك مَطْهرة لِلْفَمِ مَرْضَاة لِلْرَبِّ] وجه الدلالة من هذا الحديث: أن قوله: [السِّواكُ مطهرةٌ للفَمِ] أي: أن السواك من شأنه أن يطهِّر، فدلّ على أن كل ما يُطهِّر يصدق عليه أنه سواك شرعي، وتوسّط بعض العلماء فقالوا: إنه يثاب على قدر ما يصيب من السُّنة في النَّقاء، ولا يأخذ فضل السُّنة كاملاً إذا استاك بخرقة، أو بمنديل لكن يكون له فضل كما لو فقد العود، وأراد أن يستاك بمنديل قالوا: يثاب على قدر ما أزال من قذر، ولا يحُصِّل السُّنة كاملة وهو إختيار الإمام إبن قدامة رحمه الله.
قوله رحمه الله: [ليّنٍ منْقٍ غيرِ مضرٍ]: قوله: [ليّن]: خرج اليابس قالوا: لأن اليابس يتفتت في الفم، فتكثر أوصاله، وهي مضرّة، ولربما أدمت اللُّثة، وجَرَحتْها، فقالوا يكون ليناً، مُنْقِياً، ولهذا أصل في حديث أم المؤمنين عائشة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا كان في مرض الوفاة كما في الصحيحين دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه وعن أبيه- وفي يده سِواكٌ فأبَّده النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَصرَه فقالت له عائشة: أتحبُّه؟ فأشار برأسه أَنْ نَعَمْ، قالت: فأَخذْتهُ، فقضمتهُ، وطيبتهُ، ثم أعطيتهُ للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهذه سنة على أن السواك لا يكون إلا مهيأً ليّناً، وأنه لا يستاك بالأعواد اليابسة مباشرة.
قوله رحمه الله: [مُنْقٍ غَيرَ مُضِرٍ]: منقٍ: أي منظِّف للموضع، وقوله: [غيرَ مُضرٍ] لأن الشرع لا يأمر بالضّرر، بل إن السِّواك شُرِعَ دفعاً لضرر النَّتنِ، والقَلحِ الموجود في الأسنان، وتنظيفاً لها.
قوله رحمه الله: [لا يَتَفتتُ] أي: أن السواك يكون بعودٍ لا تَتَفتّتُ أجزاؤه في الفم، لأن هذا يؤذي المستاك بخروج فتاته، وقد يُدمي اللثة كما قدمنا.
وقد ذكر المصنف رحمه الله هذه الصفات في السواك وهي:
أن يكون بعود ليِّن، منقٍ، غير مُضر، وهذه الصفات يتحقق بها مقصود الشرع، وبها يطيب إستخدام المسواك، ويشهد لذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما قدمنا، لأن حرصها على تطييبه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع إطلاعه وإقراره دالّ على أنه ينبغي الحرص على هذه الصفات التي يتحقق بها المقصود الشرعي من فعل السواك، وكما جاء أصل ذلك بالشرع فإن الطّبع يؤكده حيث إن الأطباء يستحبون ليّن السواك لاشتماله على المادة المساعدة على تنظيف الفمّ، إضافة إلى ما فيها من الفوائد التي تنتفع بها اللثة، وتقوى، وتتنظف بها الأسنان.
قوله رحمه الله:
[لا بِأُصبعٍ، أو خِرقةٍ] مراده رحمه الله أن السّواك الشرعي لا يكون بالأصبع، والخِرقة وهذا صحيح، أن السواك الذي وردت به السنة في الأصل بالعود كما قدمنا.وليس مراد المصنف رحمه الله تحريم تنظيف الفم بالأصبع، والخرقة خاصة عند عدم وجود عود السواك، بل ذلك جائز، فلا حرج على المسلم أن يدعك أسنانه بأصبعه، أو بخرقة خاصة عند عدم وجود المسواك، لأنه محتاج لإزالة الأذى، فإذا لم يتيسر العود جاز أن يزيله بأيِّ وسيلةٍ لأن السنة إشتملت على آلة، ومعنى، فالمعنى المقصود هو إزالة القذر، فإذا لم تتيسر الآلة شُرع تحقيق المقصود شرعاً، وهو المعنى، لكنه في حال الإختيار لا يكون سُنَّةً من كل وجه كما قدمنا، فمراد المصنف رحمه الله أنّ السِّواك الشرعي لا يكون بالأصبع، والخرقة، وهذا لا يمنع الجواز، فليس مراده تحريم تنظيف الأسنان بغير السواك الشرعي، كما هو موجود في زماننا من التنظيف بالمعجون، ونحوه.
قوله رحمه الله: [مسنونٌ كُلَّ وقتٍ]: دلت هذه العبارة على مسائل:
المسألة الأولى: أن السواك مسنون، وإذا كان مسنوناً فمعناه أنه مشروع، وهذه المسألة محلّ إجماع بين العلماء رحمهم الله.
المسألة الثانية: التعبير بكونه سنّة المقصود به بيان عدم وجوبه، وهذا هو مذهب الجمهور، ومنهم الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، رحمة الله على الجميع، وخالفهم الظاهرية رحمهم الله فقالوا بوجوبه، وقيل بعض الظاهرية، وليس كلُّهم.
وقد بيّنا هذه المسألة في شرح البلوغ، وعمدة الأحكام، وأن الذي يترجح في نظري، والعلم عند الله هو القول بعدم الوجوب، وذلك لما يلى:أولاً: ظاهر السنة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [لَوْلا أَنْ أَشُقَّ على أمتي لأَمرتهمْ بِالسِّواك عِنْد كُلِّ صلاةٍ] فبيّن عليه الصلاة والسلام أنه لو أوجب السِّواك على أمته لأوقعهم في المشقة، وهي منتفية شرعاً، فانتفى الوجوب.
ثانياً: أن دليل الوجوب، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: [إِسْتاكُوا عَرْضاً] ضعيف حيث لم يثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يقوى على إثبات الحكم بالوجوب، فبقينا على الأصل، وهو براءة الذمة من لزوم السواك.
المسألة الثالثة: أن هذه السنية في كل وقت من ليل، أو نهار في أي جزء من أجزائهما، سواء كان ذلك في حال صيام، أو غيره، وهذا هو مذهب الحنفية، والمالكية، وبعض الشافعية، والحنابلة، واستدلوا على ذلك بعموم الأدلة التي أمرت بالسواك، واستحبته دون فرق بين وقت، وآخر، والأصل في العامِّ أن يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه، فلو كان للسواك أوقات، دون أوقات لاستثنى عليه الصلاة والسلام وخصّص من العموم كما قال في الاستنشاق: [وبالغ في الإستنْشاقِ إلا أَنْ تكونَ صَائماً] فأحاديث السواك الصحيحة العامة لم يرد فيها شيء من الإستثناء كقوله: [عليكمْ بالسِّواك]
وقوله:
[لأمرتهم بالسِّواكِ عنْدَ كُلِّ صلاةٍ]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [السِّواكُ مَطْهرةٌ للفَمِ مَرْضَاةٌ لِلربِّ].
وذهب بعض العلماء رحمهم الله إلى إستثناء ما بعد زوال الشمس لمن كان صائماً فقالوا:
لا يستاك إلى غروب الشمس، وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله:
[لغيرِ صَائمٍ بَعْدَ الزَّوالِ]: مراده أن استحباب السواك في جميع الأوقات إلا في وقت واحد؛ فلا يستحب، وهو من بعد زوال الشمس لمن كان صائماً إلى الغروب، وقوله رحمه الله [صائم] عام يشمل الصائم فرضاً، ونفلاً، وهذا هو القول الثاني لأهل العلم -رحمة الله عليهم- في هذه المسألة، وهو مذهب الحنابلة، والشافعية، واحتجوا لذلك بأدلة:أولها: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصحيح: [لخُلُوفُ فَمِ الصائمِ أَطْيبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيح المِسْكِ] ووجه الدلالة: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امتدح الخلوف، وأخبر أنه أطيب عند الله من ريح المسك، والسواك بعد الزوال يُذْهِبُ الخلوفَ؛ فلا يُشرع فعلُه.
ثانياً: حديث خبّابِ بنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
[إذا صُمْتُمْ فَاسْتاكُوا بِالغَداة، ولا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ]، ووجه الدلالة: أنه نهى عن السِّواك في العشِيِّ، والعشيُّ يبدأ بزوال الشمس؛ فدلّ على أنه لا يُستاك بعد الزوال.
ثالثاً: القياس حيث قاسوا خلوفَ فمِ الصائمِ على دمِ الشّهيد فقالوا: الخلوف أثر عبادة الصيام؛ فلا تُشرع إزالته بالسواك بعد الزوال؛ كما لا تُشرع إزالة أثر الشهادة بغسل دم الشهيد؛ بجامع كون كلٍ منهما أثر عبادة محمودٍ شرعاً.
والذي يترجح فى نظري والعلم عند الله هو القول بمشروعية السواك على العموم، ولا إستثناء لما بعد الزوال للصائم، وذلك لما يلى:
أولاً: لصحة دلالة السنة في عمومها على ذلك، والأصل في العامِّ أن يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه، ولم يرد دليل صحيح على تخصيصه هنا.
ثانياً: أن إِستدلالهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في:
[فضل خلوف الصائم] يجاب عنه بأن خلوف الصائم منشؤُه من الجوف بسبب الجوع، والعطش، وليس من الفم، فإزالة وسخ الأسنان لا يؤثر في الخلوف، ولا يزيله، وليس له به علاقة.وبه أيضاً يجاب عن استدلالهم العقلي بالقياس.
ثالثاً: أن حديث خَبَّاب رضي الله عنه الذي رواه البيهقي، والدارقطني يجاب عنه: بأنه حديث ضعيف الإسناد، فلا يثبت به التخصيص.
رابعاً: أنه ثبتت السنة في حديث عاصمٍ رضي الله عنه أنه قال:
[رأيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا أُحصي يستاكُ، وهو صائم] وهو عامّ، حيث لم يفرق بين ما قبل الزوال، وما بعده.
وبهذا كله يترجح القول بجواز الإستياك في جميع الأوقات، واستحبابه فيها دون إستثناء.وبعد أن بيّن رحمه الله سُنّية السِّواك في كل وقت لغير صائم بعد الزوال شرع رحمه الله في بيان الأوقات التي هي آكد إِستحباباً، وذلك بقوله: [متأكد عِنْدَ صَلاةٍ] أي: أن السواك يتأكد فعله عند صلاة، وصلاة نكرة شاملة للنافلة، والفريضة.
والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
[لَوْلا أَنْ أشقَّ على أُمّتي لأمرتُهم بالسِّواك عِنْد كُلِّ صلاةٍ]، وفعل السِّواك عند الصلاة أي: قبل أن يكبر تكبيرة الإحرام.
وللعلماء في هذه المسألة قولان:
القول الأول: قال الجمهور يشرع قبل الصلاة أن يستاك الإنسان، ولو كان في المسجد.
القول الثاني:
كراهية السواك عند الصلاة مباشرة وهو قول طائفة من فقهاء المالكية رحمهم الله، وحملوا الحديث في قوله:
[عِنْد كُلِّ صلاةٍ] على أن المراد به عند الوضوء كما في الرواية الأخرى، وقالوا: إننا لو قلنا إن الإنسان يستاك عند الصلاة لحصلت محاذير:
أولها:
إنه ربّما جرح اللُّثة لأن السواك لا يأمن أن يكون ناشفاً؛ فيجرح اللثة، أو يُدْمِيها، فيسيل الدّم، والدّم نجسٌ، وهو قول الجماهير.
ثانيها: أن الإنسان إذا إِستاك عند الصلاة إما أن يتفل في المسجد، وهذا ممتنع عليه لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال كما في الصحيح:
[البُصَاقُ في المسجدِ خطيئةٌ] وإما أن يبلع الوسخ، والقذر الذي أخرجه السِّواك من أسنانه، فيكون منظفاً لظاهره، ومفسداً لباطنه بدخول هذه الفضلة إلى الباطن، والتي قد تضرُّ بالجسد، فلا يُشرع فعل السواك على هذا الوجه.
والصحيح أنه يشرع قبل الصلاة لظاهر السنة في ذلك أما ما ذكروه من إدماء اللثة، فإنه يحتاط بالسواك الرَّطب، وكذلك -أيضاً- يحتاط بإجراء السواك على العظم دون أذية اللثة، ثم إن هذا لا يقع إلا في بعض الأنواع من السواك؛ فلا يقتضي منع الكُلِّ، فصار المحظور في بعض الأحوال، لا في كلِّها وهذا يقتضي أن دليلهم أخص من الدعوى، وأما ما ذكروه من البصاق بالمسجد، فليس على كل حال لإمكان أن يبصق الإنسان في منديل، أو في ثوبه، وإذا كان المسجد غير مفروش بصق تحت قدمه اليسرى، ثم دفن بصاقه لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال في من يبصق في السجد:
[ولا يَبْصُقْ عن يمينِه فيُؤذي بها الذي عنْ يَمينِه، ولا يبْصُقْ عنْ شِمالِه؛ فيُؤذي الذي عن شمالِه، ولكنْ عنْ يسارِه تحتَ قدمِه] هذه هي السُّنة، إذا كان المسجد غير مفروش، أما إذا كان مفروشاً فإنه يبصق في منديل، ونحو ذلك.
وقال بعض العلماء:
إنه يستحب عند الصلاة لمكان دنو الملك من القارئ عند قرآته للقرآن، كما ورد في الخبر، ولذلك قالوا: يتأكد إستحبابه عند الصلاة لاشتمالها على القراءة.
قوله رحمه الله:
[وانْتِباهٍ]: أي إنتباه من النوم لأنّ أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كما ثبت في الصحيحين: [كانت تُعِدُّ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكه، وطَهُوره، فيبعثه الله من اللّيل ما شَاء]، وكان من هديه -عليه الصلاة والسلام- أنه إذا قام من نومه بالليل يشُوصُ فَاهُ بالسِّواك، كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما في الصحيحين.
قال بعض العلماء: هذا يتضمن السواك على الوجهين عند الصلاة؛ لأنه قائم من أجل الصلاة، وعند الإنتباه من النوم، لأنه لما إِنتبه من النوم تغيرت رائحة فمه، فشُرِع له أن يُزيل تلك الرائحة بالسواك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]