عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 10-06-2020, 09:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,070
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الطهارة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (14)

صـــــ83 إلى صــ90

وحينئذ يرد السؤال: متى يكون هذا الإستحباب لقول الذكر في الحالتين؟
والجواب:
أنه في الحالة الأولى: يقوله قبل أن يدخل في الدورة، والمكان المعدِّ لقضاء الحاجة، فيكون عند إرادة الدخول، لأن الذكر لا يجوز في موضع قضاء الحاجة، فيقوله قبل الدخول لذلك،
ومن هنا يكون قوله رحمه الله:
[يستحبُّ لمنْ دخلَ الخلاءَ] المراد به أنه يستحب لمن أراد الدخول، أي قبل دخوله مباشرة.
وأما في الحالة الثانية:
فإنه ليس هناك موضع مُحرَّمٌ عليه الذكر فيه،
فقال بعض العلماء رحمهم الله يقوله:
عند رفع ثوبه، وتهيوئِه لقضاء الحاجة،
وقال بعضهم:
إذا جلس قبل أن يخرج منه شيء، وكلا القولين له وجهه إلا أن الأول أقوى، لأنه يكون قبل حصول الكشف للعورة.
وقوله: [أعوذ بالله] أي ألتجئ، وأعتصم، وأحتمي بالله،
وأصل العوذ:
اللوذ، واللجوء،
وقوله:
[من الخبْث] بالإسكان، وهي رواية الأكثرين كما ذكر القاضي عياض رحمه الله، وفسّره بالشر،
وأما بالضم:
فهو جمع خبيث، فيحمل على ذكور الشياطين،
ويكون قوله بعد ذلك:
[والخبائثِ] المراد به على رواية الأكثرين الشياطين عموماً، ذكرانهم، وإناثهم،
وأما على رواية الضمِّ فيكون معنى الخبائث:
إناث الشياطين كما ذكره الإمام الخطابي رحمه الله،
فعلى الوجه الأول:
يكون مستعيذاً بالله من الشر عموماً، ومن الشياطين خصوصاً،
وعلى الوجه الثاني:
بالضمِّ يكون مستعيذاً من ذكور الشياطين، وإناثهم.
والأول: أقوى الوجهين روايةً، ومعنى، فهو أقوى رواية لأنه رواية أكثر الشيوخ كما قدمنا عن القاضي عياض رحمه الله، وهو أقوى معنى لأن فيه معنى زائداً على الوجه الثاني، لأن الوجه الثاني إختص بالشياطين،
وأما الوجه الأول:
فإنه لم يختص بهم بل شمل الشر كله بالإضافة إلى الشياطين كلهم ذكوراً، وإناثاً، فهو أعم.
وهذا الدعاء النبوي حرز من الله تعالى للمسلم يعصمه به سبحانه من أذية الشياطين، وشرورهم في هذا الموضع الذي أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه تحضره الشياطين،
كما في حديث السنن من قوله عليه الصلاة والسلام:
[إن هذه الحُشوشَ محتَضَرة] أي تحضرها الشياطين، والحُشُوشُ: جمع حِشٍ، وهو البستان في لغة العرب، وعبّر به عن موضع قضاء الحاجة لأنهم كانوا في الغالب يقضون الحاجة في الحيطان، والبساتين، ولم يكن عندهم مراحيض، وأماكن مخصصة لقضاء الحاجة كما جاء في الأثر عن عائشة رضي الله عنها.
فشرع للمسلم أن يقول هذا الدعاء معتصماً بربه ملتجئاً إليه سبحانه؛ فإنه نعم المولى ونعم النصير.
قوله رحمه الله: [وعنْدَ الخروج منه: غُفْرانَكَ]: وعند الخروج منه أي: بعد أن يخرج؛ لأنه إذا أراد الخروج لا يُشرع له أن يتكلم حتى يجاوز موضع قضاء الحاجة،
فإذا جاوز موضع قضاء الحاجة قال:
[غُفْرانَكَ] وأصله: إِغفرْ غُفْرانَك، أو أسألك اللهم غفرَانَك،
والغفر:
أصله الستر، ومنه المِغْفَر؛
لأنه يستر رأس الإنسان من ضربات السلاح في الحرب قالوا:
سميت المغفرةمغفرة؛ لأن الله إذا غفر ذنب العبد كأن لم يكن منه ذنب، فأصبح كأنه خالياً من ذلك الذنب سُتِر عنه ذنبه، وكُفي مؤنته كما أن الإنسان إذا لبس المغفر كُفي شَرّ السلاح، وأذيته،
وقوله:
[غُفْرانَكَ] دعاء ثبت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند الترمذي، وأبي داود،
والنسائي أنه كان يقول عليه الصلاة والسلام عند خروجه من الخلاء:
[غُفْرانك].
وللعلماء -رحمة الله عليهم- في استغفار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد قضائه لحاجته،
وخروجه أقوال:
قال بعض العلماء: إستغفر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأن الإنسان لا يأمن من حصول بعض النظر إلى عورته، فلما كان الناس في غالب حالهم لا يسلمون من الوقوع في هذه الإخلالات أثناء قضاء حاجتهم سنّ لهم ذلك لتحصل به المغفرة لهم، فيكون قد عنى بذلك غالب أمته لا نفسه عليه الصلاة والسلام؛ لكونه معصوماً، وهذا القول يَقْوى على مذهب من يُحرّم نظر الإنسان لعورته إلا من حاجة.
وقيل:
لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُغل عن ذكر الله -جل وعلا-
بقضاء الحاجة فقال:
[غفرانك] لضياع هذا الوقت دون ذكر لله -جل وعلا-،
وكما قالوا:
حسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقربين، فهذا من كمال عبوديته لله، وكمال حبه، وتعلقه بذكر الله -سبحانه وتعالى- أن هذا الوقت مع حاجة الجسم إليه، وأنه في حالة عذر عن ذكر الله يستغفر من ذهابه، دون أن يذكر الله -جل وعلا- فيه، وهذا فيه تنبيه للمسلم أنه ينبغي عليه أن يكثر من ذكر الله، وأن يحرص علىإغتنام الحياة في طاعة ربه، وعبوديته له سبحانه؛
لأنه هو المقصود من خلقه كما قال تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1).
وقال بعض العلماء قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غفرانك لأنه لما خرج الطعام من الجوف أَمِنَ الإنسان من كثير من الأضرار، والبلايا،
فلم يستطع أن يوفي شكر نعمة الله عليه بهذا الفضل فقال:
[غفْرانَك] أي: غفرانك من التقصير في حمد نعمك، وشكر مننك التي أنعمت، وامتننت بها علينا.وكل هذه الأوجه صحيحة مناسبة، وتحتملها السنة.
قوله رحمه الله: [الحمدُ للهِ الذي أذهبَ عنّي الأذى، وعَافَاني]: الأذى أذى القذر الخارج؛ لأنه لو بقي في الجسم لأضر بالإنسان، ولذلك لو أن إنساناً مُنِعَ من البول ساعة واحدة لما استقر له قرار، ولو حيل بينه، وبين قضاء حاجته،
وقيل له:
إفتدِ بالدنيا لافتدى بها حتى تخرج حاجته، وقد يبلغ ببعض المرضى كالمشلولين شفاهم الله أن يمكث الساعات لإخراج فضلته من جسده، فهي نعمة من الله عظيمة لا يعلم مقدار فضله سبحانه، ورحمته، ولطفه بالعبد فيها إلا هو -سبحانه وتعالى-
فناسب أن يقول عليه الصلاة والسلام:
[الحمْدُ لله] لأنه المحمود على جلب النِّعم، وحصولها، ودفع النِّقم، وزوالها جل جلاله.قوله رحمه الله: [الحمدُ لله الذي أذهبَ عنّي الأذى، وعَافَاني]: قيل المعافاة من شرور الشياطين، ونحوهم.
(1) الذاريات، آية: 56.
************************
وقيل: المعافاة من الضرر الموجود في الجسم بحبس ذلك الطعام، والشراب، فالله دفعه؛ فاستوجب أن يُشكر، ويُحمد على هذا الفضل، وكلاهما صحيح.
قوله رحمه الله:
[وتقديمُ رجْلهِ اليسرى دُخولاً، واليمنى خُروجاً]: تقدم آداب الخلاء على قسمين:
القسم الأول:
آداب قولية، وقد سبق بيان أدب قولي يقال قبل الدخول، وأدب قولي يقال بعد الخروج.
القسم الثاني: آداب فعلية، فشرع المصنف رحمه الله في هذه الجملة في بيان الآداب الفعلية،
والتي منها:
أن الإنسان إذا أراد دخول الخلاء قدّم رجله اليسرى، وأخّر رجله اليمنى، وإذا أراد الخروج قدّم رجله اليمنى، وأخّر اليسرى؛ لأن الشريعة قصدت تكريم اليمين على اليسار، فجهة اليمين مفضّلة مشرفة على اليسار، وقد دلت نصوص الكتاب، والسنة على ذلك، فجعل الله أصحاب الجنة أصحاب اليمين -جعلنا الله وإياكم منهم-، وجعل السعيد من نال كتابه بيمينه،
وفضّل اليمين على الشمال حينما ذكرها بصيغة الافراد في مقابل الجمع كما قال تعالى:
{عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} (1) فقال: {عَنِ الْيَمِينِ} فأفرد،
وقال:
{وَالشَّمَائِلِ ِ} فجمع، والعرب تجمع في مقابل الإفراد تعظيماً للمفرد إذا كان يقبل التثنية، والجمع

(1) النحل، آية: 48.
**************************
كما قال الله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (1) فجمع الظلمات، وأفرد النور، وهو أسلوب عربي يدلّ على تشريف المفرد على الجمع، فجهة اليمين مشرّفة على جهة الشمال، وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيمن في تنعّله وترجّله وطُهُوره، وفي شأنه كلِّه كما في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.وفي الحديث -أيضاً-
في السنن:
أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [إذا لَبِسْتُمْ فَتيامنوا] أي: إذا لبس الإنسان ثوباً، أو عباءة، أو حذاء؛ فإنه يقدّم الجهة اليمنى من يد، وشِق، ورجلٍ على الجهة اليسرى.فإذا أراد الخروج من الخلاء قدّم رجله اليمنى، وأخّر اليسرى تشريفاً لليمين؛ لأن الخروج أفضل من الدخول في هذه الحالة، وفي الدخول للخلاء يقدم المفضول على الفاضل، وفي الخروج منه يُقدِّم الفاضل على المفضول، فيقدِّم رجلَه اليمنى، ويؤخِّر اليسرى.
قوله رحمه الله: [عكسَ مسجدٍ، ونَعْلٍ]: عكس مسجد فمن دخل المسجد قدَّم رجله اليمنى للدخول، وأخَّر اليسرى، وإذا أراد الخروج قدم اليسرى، وأخّر اليُمنى، وقد ورد فيه حديث عند الحاكم أنه من السُّنة تقديم اليمنى على اليسرى عند دخول المسجد، وقوله [ونَعْلٍ]: المراد به عند لبس النعل، وهو ما يلبسه في رجله، فإذا أراد أن يلبس الحذاء يفعل ما يفعله عند دخول المسجد، فيُقدم رجله اليمنى، ويؤخّر اليسرى، والعكس إذا

(1) الأنعام، آية: 1.
*******************
أراد أن يخلعه لحديث أم الؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيح: [أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُعْجِبه التّيمنُ في طُهُورِه، وتَنعّله، وتَرجُّله، وفي شأنِه كُله]، فقولها رضي الله عنها [تَنعّله]: يدل على أن من السنة التَّيمن عند لُبس النّعل، وتقديم اليسار عند خلعه، ونزعه،
وقد جاء ذلك صريحاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
[إذا إنتعلَ أحدكُم فليبدأ باليمنى، وإذا خَلَعَ فليبدأ باليُسرى] واختلف العلماء رحمهم الله في مسألة: وهي لو أن إنساناً أراد أن يخرج من بيته إلى المسجد، فهل الأفضل أن يقدم رجله اليمنى لشرف المقصود، والغاية، أو يؤخر اليمنى؛ لأنه الأفضل عند الخروج عموماً؛ لأن الخروج من البيت أدنى منزلة من البقاء فيه، فيكون الشّرف فيه في التأخير بخلاف الدخول فيه فإنه يكون الشرّف فيه في التقديم، ولذلك إذا أراد أن يخرج يقدِّم اليسرى؟
وبعبارة أخرى:
هل نبقى على الأصل من مراعاة الحال، أم نستثني هذه الحالات لشرف الخارج من أجله؟ كلاهما قول لبعض العلماء رحمهم الله.فمن قال نبقى على الأصل فإنه يقول بتقديم اليسرى عند الخروج سواء كان لمسجد،
أو لغيره أي:
لا يستثني، وهو أقوى لأن التّشريف راجع إلى الحال،
ومن قال بالإستثناء قال:
يقدم اليسرى في الخروج إلا إذا كان خارجاً للمسجد، وما فيه فضل فإنه يقدِّم اليمنى إلتفاتاً منه إلى الغاية، وكأنهم نظروا إلى أنه بمجرد خروجه للمسجد فهو في صلاة، وقربة،
وطاعة كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[إذا عَمِدَ أحدُكم إلى المسجدِ فهُو في صلاةٍ].
والأول أرجح في نظري والعلم عند الله لما يلى:
أولاً:
إنه إعمال للأصل.
ثانياً: أنه مبني على مراعاة الحال نفسه عند الخروج بغَضِّ النظر عن صفة الخروج، فهو أقوى في التكريم.
ثالثاً:
أن لازم القول الثاني أن من خلع حذاءه للدخول للمسجد أن يقدم اليمنى عند الخلع، ويؤخِّر اليسرى، وهذا مخالف للسُّنة كما قدمنا في حديث عائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهما في الانتعال.
فلما لم تفرق السنة في خلع النعال بين كونه لقربة، أو لغيرها دلَّ على أن العبرة في مراعاة التكريم بالحال نفسه، لا بما يؤول إليه والله تعالى أعلم.وعليه فإنه يقدم يسراه للخروج من المنزل، ولو خرج لصلاة، أو تعليم، أو جهاد، أو غيرها من الطاعات.
قوله رحمه الله:
[واعتماده على رِجْلِه اليُسرى]: هذا من الآداب التي تُشرع عند فعل الحاجة وقضائها أن يعتمد على رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، وفي ذلك حديث ضعيف عن سراقة رضي الله عنه أخرجه البيهقي، والطبراني، وفيه: [أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أن نتكئَ على اليسرى، وأن نَنصُبَ اليُمْنى].
وعللَ بعض العلماء ذلك بأن الأطباء يقولون:
إنه أرفق بالبدن، وأيسر لخروج الخارج، فإن صحّ ما ذكروه كان مشروعاً من جهة الرفق بالبدن، ولا يحُكى سُنَّةً، لأن الحديث فيه ضعف، فإذا فعله الإنسان من باب الرفق بالبدن فلا بأس، لأن الرفق بالبدن من مقاصد الشريعة، ولا حرج في فعله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]