عرض مشاركة واحدة
  #638  
قديم 10-05-2008, 09:33 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبـــع موضوع ... الإعجاز الاقتصادي في القرآن - حكمة تحريم الإسلام للربــا
و كذلك ما يولد الربا ليس صلاحاً للاقتصاد بل هو مدمر للاقتصار، والمشكلة أن بلايا الربا لا تظهر مرة واحدة في كان المجتمع وكيان الاقتصاد، يقول الرازي : " إن الربا وإن كان زيادة في الحال إلا أنه نقصان في الحقيقة "[23]وهذا مستفاد من النص القرآني : ( يمحق الله الربا ) [24] فالمحق نقصان الشيء حالاً بعد حال، ومنه محاق نقصان الشيء حالاً بعد حال، ومنه محاق القمر يعني انتقاصه ليلة بعد أخرى، فالذين يتعاملون بالربا يظنون أن فيه كسباً، والحقيقة التي أحبر بها العليم الخبير، والتي كشف عنها واقع البشر الذي دمره سرطان الربا أن الربا ممحقة للكسب مدمر للاقتصاد، ذلك أنه يصيبه بعلل خبيثة يعي الطبيب النطاسي دواؤها، الربا ليس بركة ورخاء بل هو مرض عضال يذهب المال ويقلله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الربا وإن كثر فإن فإنّعاقبته تصير إلى قل " أي قلة، رواه ابن ماجه وأحمد والبيهقي في شعب الإيمان .
و علماؤنا الذين أبصروا الحقائق من خلال النصوص القرآنية والحديثية أدركوا هذه الحقيقة، وقد نقلنا قول الرازي الذي يقول فيه : " إن الربا وإن كان زيادة في الحال إلا إنه نقصان في الحقيقة، وإن الصدقة وإن كانت نقصاناً الصورة فهي زيادة في الحقيقة " ويقول المراغي : " إن عاقبة الربا الخراب والدمار، فكثيراً ما رأينا ناساً ذهبت أموالهم، وخربت بيوتهم بأكلهم الربا " [25].
و يقول القاسمي : " المال الحاصل من الربا لا بركة له، لأنه حاصل من مخالفة الحق، فتكون عاقبته وخيمة " [26]
و الآفات الاقتصادية التي يجلبها الربا كثيرة، وسنتناول في هذه الدراسة ما بدا لنا منها :

1 . تعطيل الطاقة البشرية :
الربا يعطل الطاقات البشرية المنتجة، ويرغب في الكسل وإهمال العمل، والحياة الانسانية غنما ترقى وتتقدم إذا بذل الجيمع طاقاتهم الفكرية والبدنية في التنمية والإعمار، والمرابي الذي يجد المجال رحباً لإنماء ماله بالربا يسهل عليه الكسب الذي يؤمن له العيش، فيألف الكسل، ويمقت العمل، ولا يشتغل بشي من الحرف والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والعمارات " [27]
ثم إن تعطيل الربا للطاقات المنتجة لا يتوقف على تعطيل طاقة المرابي، بل إن كثيراً من طاقات العمل ورجال الأعمال قد تقل أو تتوقف، ذلك أن الربا يوقع العمال في مشكلات اقتصادية صعبة، فالذين تصيبهم المصائب في البلاد الرأسمالية لا يجدون إلا المرابي الذي يقرضهم المال بفوائد عالية تعتصر ثمرة أتعابهم، فإذا أحاطت هذه المشكلات بالعمال أثرت في إنتاجهم .
هذا جانب وجانب آخر أن الربا يسبب الركود الاقتصادي والبطالة وهذا يعطل الطاقات العاملة في المجتمعات الإنسانية .
2. تعطيل المال :
و كما يعطل الربا جزءاً من الطاقات البشرية الفاعلة، كذلك يعطل الأموال عن الدوران والعمل ،والمال للمجتمع يعد بمثابة الدم الذي يجري في عروق الإنسان، وبمثابة الماء الذي يسيل إلى البساتين والحقول، وتوقف المال عن الدوران يصيب المجتمعات بأضرار فادحة، مثله كمثل انسداد الشرايين، أو الحواجز التي تقف في مجرى الماء .
و قد رهب الله تبارك وتعالى الذي يكنزون المال، وتهددهم بالعذاب الأليم الموجع ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم . يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) [28]
و قد شرع الله من الأحكام ما يكفل استمرار تدفق المال إلى كل أفراد المجتمع، بحيث لا يصبح المال دولة بين الأغنياء دون غيرهم، ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) [29]

و المرابي بجبنه وتطلعاته إلى الكسب الوفير لا يدفع ماله إلى المشروعات النافعة والأعمال الاقتصادية إلا بمقدار يضمن عودة المال وافراً كثيراً، وهو يحبسه إذا ما أحس بالخطر، أو طمع في نيل نسبة أعلى من الفائدة في المستقبل، عندما يقل المال في أيدي الناس يقع الناس في بلاء كبير .
ثم إن مقترضي المال بالربا لا يسهمون في الأعمال المختلفة إلا إذا ضمنوا نسبة من الربح أعلى من الربا المفروض على الدين .
3. التضخم :
" التضخم يقصد به وجود اتجاه صعودي في الأثمان بسبب وجود طلب زائد أو فائض بالنسبة إلى إمكانية التوسع في العروض "[30].
و التضخم له أسباب طبيعية وأسباب غير طبيعية، ومن الأسباب غير الطبيعية الربا، فالمرابي بما يفرضه من فائدة مرتفعة يجبر أصحاب السلع والخدمات على رفع أثمان هذه السلع والخدمات، ولا شك أن التضخم يسيء إلى الناس كثيراً خاصة أصحاب الدخول النقدية الثابتة كالموظفين والعمال، ومن ثم تنخفض دخولهم الحقيقية، وإذا اضطرت الحكومات إلى مواجهة الأمر برفع دخول الموظفين والعمال فالملاحظ أن تقرير الزيادة لا يتم بسرعة وفي الوقت المناسب، ولذلك يجب أن يعمل المفكرون ورجال السياسة والاقتصاد على محاربة التضخم، خاصة ذلك النوع الذي يسميه الاقتصاديون بالتضخم الجموح والذي ترتفع فيه الأثمان ارتفاعاً غير طبيعي، ومن أعظم الأسباب التي تؤدي إليه الربا، فمنعه إنما هو علاج لمرض خطير .
4ـ الكساد والبطالة :
إذا ارتفعت أثمان الأشياء ارتفاعاً عالياً فإن الناس يكفون عن الإقبال على السلع والخدمات المرتفعة الأثمان، إما لعدم قدرتهم على دفع أثمانها، أو لأنها ترهق ميزانيتهم، وإذا امتنع الناس عن الشراء كسدت البضائع في المخازن والمتاجر، وعند ذلك تقلل المصانع من الإنتاج، وقد تتوقف عنه، ولابد في هذه الحالة من أن تستغني المصانع والشركات عن جزء من عمالها وموظفيها في حالة تخفيض إنتاجها، أو تستغني عن جميع عمالها وموظفيها إذا توقفت عن الإنتاج، وعندما يحس المرابون بما يصيب السوق من زعزعة يزيدون الطين بلة، فيقبضون أيديهم، ويسحبون أموالهم فعند ذلك تكون الهزات الاقتصادية .
الأمر عجيب، لأن الأموال في المجتمع كثيرة، ولكنها في خزائن المرابين، والناس بحاجة إلى السلع، ولكنهم لا يشترونها لعدم وجود المال بين أيدهم، والعمال يحتاجون إلى عمل، ولكن المصانع والشركات تمتنع من تشغيلهم لحاجتها إلى المال من جانب وإلى تصريف بضاعتها من جانب، إن الربا يحدث خللاً في دورة التجارة، والإسلام في سبيل إصلاح هذا الخلل حرم الربا، وشرع تشريعات كثيرة تمنع تركز المال في أيدي طائفة من أفراد المجتمع .
و اليوم تعاني أمريكا زعيمة العالم الرأسمالي من أزمة بطالة مخيفة .
إن تكبيل الأمم بهذه القيود الرهيبة يجعلها تعمل يجعلها تعمل وتعمل وتعمل ولا تستفيد من عملها شيئاً، كل عملها يذهب إلى خزن المرابين، وعند ذلك لا يستطيع الأفراد الحصول على حاجياتهم، ومع ذلك فإن الدولة تفرض المزيد من الضرائب، وترفع الأسعار لمواجهة العجز في مدفوعاتها، فتقوم الثورات وتحصل الاضطرابات وتزهق الأرواح، وما يحدث في كثير من دول العالم ليس يسر .
و قد يصل الأمر إلى درجة تعجز الدولة عن السداد وعند ذلك تلغي الدولة ديونها كما حدث في كوبا في سنة 1961، وكوريا الشمالية في سنة 1974، ويقول ( ستيروارت جرينبوم) أستاذ البنوك والتمويل بجامعة ( نورث وسترن ) : " تصور نفسك أحد الحكام الديكتاتوريين في أمريكا اللاتينية، وقد غرقت في الديون، فإذا ما وافقت على شروط صندوق النقد الدولي، وخفضت مثلاً من حجم الواردات، فسوف تواجه بمظاهرات الاحتجاج ،و حركات التمرد في الشوارع، وإذا ما عجزت عن سداد الديون، وتوقفت عن الدفع فسوف تنبذ من المجتمع الدولي ومن أسواق الإقراض العالمية، وعندما توقن أن الحل الأول سيعلقك مشنوقاً على فرع شجرة ـ قطعاً ـ ستسلك الطريق الثاني : وهو التوقف عن السداد "[31].
5 ـ توجيه الاقتصاد وجهة منحرفة :
ومن بلايا الربا أنه يوجه الاقتصاد وجهة منحرفة، فالمرابي يدفع لمن يعطيه ربحاً أكثر، وآخذ القرض الربوي لا يوظف المال الذي اقترضه إلا في مجالات تعود عليه بربح أكثر مما فرضه عليه المرابي، إذن القضية تكالب على تحصيل المال، وفي سبيل ذلك تتجاوز المشروعات النافعة التي تعود بالخير على المجتمع، ويوظف المال في المشروعات الأكثر إدراراً للربح .
6ـ تشجيعه على المغامرة والإسراف :
الحصول على المال بالربا سهل ميسور، ما دام المرابي يضمن عودة المال إليه، ولذا فإن الذين ليس لهم تجربة، وليس عندهم خبرة ـ يغريهم الطمع، فيأخذون القروض بالربا، ثم يدخلون في أعمال ومشروعات قد يكون محكوماً عليها بالفشل، أو يدخلون في أعمال هي أقرب إلى المقامرة منها إلى الأعمال الصالحة، ومتى كثر هذا النوع من الأعمال فإنه يضر باقتصاد الأمة، والمرابي لا يمتنع من إمداد هؤلاء بالمال، لأنه لا يشغل باله الطريقة التي يوظف المال بها، وكل ما يشغله عودة المال برباه، وقد أوجب علينا الإسلام منه السفيه من التصرف في ماله حفاظاً على ثروة الأمة من الضياع ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً ) [32]
ولا حظ قوله : ( أموالكم ) فقد جعل مال السفيه مالاً للأمة بها قوام أمرهم، فالربا يسهل وضع الكثير من مال الأمة بين أيدي المغامرين والجهلاء الذي قد يبددون هذه الأموال، ويزداد الأمر سوءاً عندما يستولي المرابي على بيوتهم ومزارعهم والبقية الباقية من مصانعهم ومتاجرهم .
و سهولة الإقراض بالربا تشجع على الإسراف وإنفاق المال فيما لا يفيد ولا يغني، وقد ذكرت مجلة التايم الأمريكية في الدراسة التي قدمتها عن ديون العالم الثالث في مطلع هذا العالم أن دولة ( ليبريا) انغمست في الدين الربوي من أجل استضافة اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية .
كما ذكرت أن جمهورية ( إفريقيا الوسطى ) قامت بإنفاق خمسن مليون دولار أمريكي " نصف الميزانية السنوية لتلك الدولة تقريباً وذلك في عام 1977" على حفل تتويج الإمبراطور بوكاسا .
يقول المراغي يسهل على المقترضين أخذ المال من غير بدل حاضر ويكرن لهم الشيطان إنفاقه في وجوه الكماليات التي كان يمكن الاستغناء عنها، ويغريهم المزيد من استدانة، ولا يزال يزداد ثقل الدين على كواهلهم حتى يستغرقون أموالهم، فإذا حل الأجل لم يستطيعوا الوفاء وطلبوا تأجيل الدين، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدين يزداد يوماً بعد يوم، حتى يستولي الدائنون قسراً على كل ما يملكون فصبحوا فقراء معدمين، وصدق الله ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) سورة البقرة : [33].
7 ـ وضع مال المسلمين بين أيدي خصوم الإسلام :
من أخطر ما أصيب به المسلمون أنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دل الكفر، وهذا الإيداع يجرد المسلمين من أدوات النشاط الإقتصادي ومن القوة القاهرة في المبادلات، ثم يضعها في أيدي أباطرة المال اليهودي الذين أحكموا سيطرتهم على أسواق المال، وهذه الفوائد الخبيثة التي يدفعها لنا المرابون هي ثمن التحكم في السيولة الدولية .
المصدر :
الربا ودوره في استغلال موارد الشعوب تأليف عيسى عبدو
[1][سورة البقرة : 275][2][رواه مسلم : 2995][3]. [آية 25، فصل ا22، سفر الخروج][4].[ آية 34 وآية 35 من الفصل 6 من إنجيل لوقا ].[5](التوبة:103)[6](الشمس:9)[7](الروم:39)[8](البقرة:275)[9](البقرة:276) [10] [2] بحوث في الربا لأبي زهرة : ص 24 ـ طبع دار البحوث ـ الكويت ـ الأولى 1390هـ = 1980 . [11] [3] المجموع للنووي : 9/391.[12]] تفسير الرازي : 2/36[13] تفسير المراغي : 3/57 ، طبعة مصطفى البابي الحلبي ـ مصر .[14](المائدة:64) [15] في ظلال القرآن : 3/341 طبعة دار الشروق . [16] الربا في الإسلام لعيسى عبد ص10، نشر الدار الكويتية للطبع ـ الكويت .[17] سورة طه : 124ـ 126. [18]الموسوعة الاقتصادية لراشد الراوي : ص 263 ، طبعة دار النهضة العربية ـ الأولى 1971.[19]المائة الإسلام و الربا لأنور إقبال القرشي : ص 206 ، ترجمة فاروق حلمي ، نشر مكتبة مصر ـ القاهرة[20] المصدر السابق : ص206..[21] المصدر السابق : ص206..[22]المصدر السابق : ص206..[23] تفسير الرازي : 2/363[24]سورة البقره [25][26] محاسن التأويل : 3/710[27] تفسير الرازي : 2/358..[28] سورة التوبة : 34 ـ 35[29] سورة الحشر : 7.[30] الموسوعة الاقتصادية : ص162
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.95 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.19%)]