عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 02-02-2007, 06:00 PM
الصورة الرمزية المستغفرة
المستغفرة المستغفرة غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: سوريا
الجنس :
المشاركات: 1,063
الدولة : Syria
افتراضي

المكون الثاني للوسط البيئي: التربة
التربة هي خليط مختلف التراكيب من معادن نتجت من عمليات التجوية Weathering الفيزيائية والكيميائية والحيوية للصخور والرواسب المكونة لمادة الأصل Parent material ، ومواد عضوية نتجت من النشاط الحيوي للكائنات الحية بأنواعها المختلفة.
هذه المواد المعدنية والعضوية تكونان معا الطور الصلب Solid phase من نظام التربة، ويمثل الطور الصلب حوالي 50 ٪ من حجم التربة (45٪ مواد معدنية ، 5٪ مواد عضوية). والمكونات الأخرى لنظام التربة هما الطور السائل Liquid phase والطور الغازي Gaseous phase ، وكلاهما معا يكونان حوالي نصف حجم نظام التربة، و تختلف نسبة كل منهما للآخر، حسب الظروف المناخية، و ظروف الري و الصرف، و امتصاص الماء بواسطة النبات.
و تتكون التربة الأرضية في قطاعها العلوي أساساً من: معادن الصلصال، و السيلت، و حبات الرمل. و تختلف أنواع التربة بتعدد أنواع الصخور التي تنشأ منها، و على الرغم من ذلك تبقى المعادن الصلصالية من أهم المعادن التي يعتمد عليها النبات، حيث تنفصل منها العناصر المغذية للنبات، مثل البوتاسيوم، و الكالسيوم، و الماغنسيوم. و ذلك في معظم أنواع الترب الأرضية. كما تعتبر المعادن الصلصالية الموجودة في التربة أكثر شراهة للماء، فإذا وصلها الماء امتصته بسرعة، فتتميأ، مما يؤدي إلى زيادة حجمها، ثم تهتز و تربو إلى أعلى، لتفسح طريقا آمنا لسويقة النبتة المنبثقة من داخل البذرة المدفونة في التربة. و التربة بذلك تعتبر وسطا رئيسيا لخروج النبات طيبا نقيا، و ذلك ما لم يتدخل الإنسان بإفسادها و تغيير هذا الوسط، و ذلك بتغيير مقياس الرقم الهيدروجيني. فعندما يقل الرقم الهيدروجيني عن سبعة يصبح وسط التربة حمضيا، و إذا زاد الرقم الهيدروجيني عن سبعة يتحول إلى وسط قاعدي. و في كلا الحالتين تحدث مشاكل عديدة للنباتات المتواجدة تحت هذه الظروف.
المكون الثالث للوسط البيئي: الهواء
يحتوي الهواء على نسبة كبيرة تمثل (99 ٪ تقريبا ) من غازي النيتروجين (N2)، و الأكسجين (O2)، و يعتبر غاز النيتروجين صاحب النصيب الأوفر من هذه النسبة، حيث يمثل (78 ٪)، و هو غاز خامل لا يساعد على الاشتعال و غير قابل للذوبان في الماء. و من آيات الله سبحانه و تعالى، أن نسبة غاز النيتروجين العالية مقدرة تقديرا دقيقا من قبل الخالق العليم الخبير. إذ لو كانت نسبته أقل من ذلك و حدث أن سقطت شرارة كهربائية من الفضاء الخارجي نحو الأرض، لاحترق كل شئ على سطح الأرض.
أما الأكسجين فيمثل (21٪) و هو غاز نشيط يساعد على الاشتعال، و قابل للذوبان في الماء من أجل الأحياء المائية، التي تعتمد أساسا في حياتها على الأكسجين المذاب في الماء، و الذي يتجدد من خلال قدرة الماء على امتصاصه و احتوائه.
أما النسبة الباقية (1٪) فيمثلها عدد كبير من الغازات، منها غاز الأرجون (0.94 ٪)، و ثاني أكسيد الكربون (0.3 ٪) و الهيدروجين (0.01 ٪)، إضافة إلى: أول أكسيد الكربون، و ثاني أكسيد الكبريت، و الهيليوم، و الميثان، و الأوزون، و الكربيتون، و النيون، و الزينون، و غيرها. و النسبة الضئيلة جدا من ثاني أكسيد الكربون (0.3 ٪)، مقدرة تقديرا دقيقا من قبل الله عز و جل، و هي بمثابة صوبة الأرض، حيث أودع الله فيها خاصية امتصاص الموجات الحرارية الأرضية (الأشعة تحت الحمراء)، و الاحتفاظ بها في الغلاف الجوي بما يعطي لهذا الغلاف هذه الدرجة المناسبة من الحرارة التي تسمح بوجود الحياة.
و هناك مصادر عديدة تؤدي إلى تلوث الهواء، منها : انبعاث الغازات السامة من المصانع و المركبات و استخدام الطاقة. و قد تبين للعلماء أن تزايد نسبة ثاني أكسيد الكربون لا ترجع فقط إلى تزايد استهلاك مصادر الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي)، و إنما ترجع أيضا نتيجة التدهور و الدمار الذي أصاب الغطاء النباتي، و هو المختزل الرئيسي لثاني أكسيد الكربون.
أهم أسباب خبث الوسط البيئي:
يشير قوله تعالى «... وَالَّذِي خَبُثَ...» إلى خبث الوسط البيئي الذي يحيط بالمحتوى الحيوي، فإذا تأثر هذا الوسط بأي من ملوثات التربة أو الماء أو الهواء، فإنه يؤثر تأثيرا سلبيا على نوعية خروج النبات، فيحوله من نبات طيب إلى نبات نكد، و هذا يؤكد ما جاء في تفسير الطبري (رحمه الله) والذي خبث، فردؤت تربته وملحت مشاربه، لا يخرج نباته إلا نكدا.
ومن أهم أسباب خبث الوسط البيئي هي: عملية التمليح، عملية الصودية، عملية التحميض، التلوث بالفلزات الثقيلة. و التي نتناولها بشئ من التفصيل في السطور التالية.
1. عملية التمليح (Salinization)
تـُعرف التربة الملحية عادة على أن توصيلها الكهربائي لعجينة التربة المشبعة أكبر من المدى 4 مليموز/ سم ، والنسبة المئوية للصوديوم المتبادل (ESP) أقل من 15 ، ونسبة الصوديوم المدمَص (SAR) أقل من 13. و الكاتيونات الهامة التي توجد في التربة الملحية هي: الصوديوم (Na+)، و الكالسيوم (Ca2+)، والماغنسيوم (Mg2+)، و البوتاسيوم (K+). أما الأيونات الأساسية فهي: أيونات الكلور (Cl-)، و الكبريتات (SO4--)، و البيكربونات (HCO3-)، و الكربونات (CO3--)، و النيترات (NO3-)، ويتواجد أيون البيكربونات نتيجة لتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الماء، ويكون مصدر ثاني أكسيد الكربون إما الهواء أو نتيجة لتنفس جذور النبات وميكروبات التربة. وعادة ما يتواجد أيون الكربونات فقط عند الرقم الهيدروجيني (pH) أعلى أو يساوي 9.5. وعند تجمع الأملاح الذائبة نجد أن أيون الصوديوم يصبح هو الأيون السائد على مقعد التبادل، و يؤدي إلى تفريق حبيبات التربة، و هذا بالتالي يؤدي إلى عديد من المشاكل الفيزيائية في التربة، مثل: سوء الصرف، والنفاذية. وسيادة عنصر الصوديوم في عملية التبادل الكتيوني يؤدي إلى إحلال الصوديوم محل الكالسيوم و الماغنسيوم المتبادل في التربة، و ترسيب أيونات الكالسيوم و الماغنسيوم على صورة كربونات كالسيوم و ماغنسيوم.
2. عملية الصودية (Sodication)
و من مظاهر خبث الوسط البيئي كذلك عملية الصودية، و هي تعني زيادة نسبة الصوديوم، حيث يكون فيها النسبة المئوية للصوديوم المتبادل (ESP) أعلى من 15 ، والتوصيل الكهربائي لمستخلص عجينة التربة المشبعة أقل من المدى 4 مليموز/سم ، و الحد الأدنى لنسبة الصوديوم المدمص (SAR) في مستخلص عجيبة التربة المشبعة هو 13 ، و ينحصر مدى الرقم الهيدروجيني (pH) للتربة الصودية بين 8.5 – 10، ويعزى ذلك إلى تحلل كربونات الصوديوم (Na2CO3). وتتواجد أيونات الكلوريد و الكبريتات و البيكربونات في محاليل التربة الصودية بكميات كبيرة و بدرجة أقل من الكربونات. و نتيجة ارتفاع الرقم الهيدروجيني و وجود الكربونات يحدث ترسيب لأيونات الكالسيوم و الماغنسيوم، و بالتالي تكون كمية الكالسيوم و الماغنسيوم في المحلول الأرضي قليلة. و تتميز الأراضي القلوية بالخواص الطبيعية السيئة، مثل: سوء التهوية، و النفاذية، و الرشح، التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بسيادة كاتيون الصوديوم على مقعد التبادل، بالإضافة لوجود سيليكات الماغنسيوم المترسبة خلال تكوين الأراضي القلوية.
3. عملية التحميض (Acidification)
و تعرف عمليات التحميض بأنها زيادة ثاني أكسيد الكبريت (SO2) والذي يسبب تكون حمض الكبريت (H2SO4)، و أكاسيد الآزوت المختلفة الذي يؤدي إلى تكون حمض الآزوت (HNO3)، و من هنا يتبين لنا أن الأمطار الحمضية تتشكل نتيجة لتلوث أجواء البلاد الصناعية بالغازات الحمضية، كثاني أكسيد الكبريت و أكاسيد الآزوت المختلفة كما يتضح من (شكل 2)، و التي يعطي تفاعلها مع الرطوبة الموجودة في الغيوم قطرات الحموضة مع الأمطار أو الثلوج، لتضاف إلى المحتوى المائي على سطح الأرض كالبحيرات والأنهار و النباتات، مما يؤدي إلى تلوثها.
شكل (2) : يبين سقوط الأمطار الحمضية نتيجة لتلوث أجواء البلاد الصناعية بالغازات الحمضية كثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد الآزوت المختلفة.
4. التلوث بالفلزات الثقيلة (Heavy ****ls)
تعتبر الفلزات الثقيلة، مثل: الرصاص، و الزئبق، و الكادميوم، و الزرنيخ، و السيلنيوم، من أخطر المواد السامة التي تلوث التربة و الماء و الهواء، مسببة أضرارا فادحة بالإنسان و الحيوان و النبات. و من أهم مصادر هذا التلوث: مخلفات و نفايات المصانع، و صهر المعادن، و احتراق الفحم، و عوادم المركبات.
و يتم انتقال العناصر الثقيلة من الجزء الصلب (التربة) إلى قمة النبات عن طريق خمس خطوات أساسية، و تعرف باسم العمليات التي تتحكم في صلاحية العناصر (Availability of elements) و هي كما يلي:
أ‌) ذائبية وتحرر العناصر (Desorption or dissolution):
و هذه الخطوة قد تكون سريعة أو بطيئة و يتوقف ذلك على العنصر نفسه، و تقل صلاحية العنصر للنبات إذا ما كان انطلاق وتحرر العنصر من الصورة الصلبة ضعيفا، أو درجة ذوبان الصورة الصلبة ضعيفا.
ب) الانتشار (Diffusion)
و هذه الخطوة تكون بطيئة جدا للعناصر الصغرى و ذلك لأن انخفاض تركيز هذه العناصر في المحلول الأرضي ينتج عنه صغر كمية الأيونات التي تتحرك بواسطة الانتشار. أما بالنسبة للعناصر الأخرى التي تتواجد بتركيزات كبيرة في المحلول فيكون الانتشار هاما جدا وسريعا.
جـ) الامتصاص أو الترسيب (Sorption or precipitation)
يحتمل أن يحدث امتصاص على حبيبات التربة بعد تحرره و انطلاقه و ذلك قبل أن يصل إلى الجذر. و هذه العملية قد تحد من حركة صور بعض العناصر في التربة التي تحتوي على مستويات عالية من الطين و الهيومس.
د) الامتصاص بواسطة الجذور (Absorption by roots )
يتوقف امتصاص العناصر بواسطة الجذور على تركيز هذه العناصر في المحلول الأرضي القريب من الجذور، و ينشأ ما يسمى تأثير منطقة الجذور (Rhizosphere effect). و يتم ذلك عن طريق تغيير خواص التربة في هذه المنطقة، مثل: درجة الحموضة pH، و جهد الاختزال (Redox potential).
هـ) انتقال العنصر داخل النبات (Trans******** in plant)
انتقال العناصر من الجذور إلى قمة النبات يعتبر الخطوة الأخيرة في صلاحية العناصر. و هي عملية بيولوجية تخرج عن نطاق كيمياء التربة. و سلوك انتقال العناصر داخل النبات يعتبر عملية معقدة، و لكن أفضل ما يشار إليها علميا هي اختلاط الماء بأنسجة النباتات و خلاياه.
ثالثا: خروج النبات نكدا:
تشير الآية الثامنة والخمسين من سورة الأعراف التي نحن بصددها في قوله تعالى « وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا» إلى تأثر النبات بما يحيط به من وسط، و عند خبث الوسط يتبعه ظهور النبات نكدا، و كما جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى «نَكِدًا» و هو العسر الممتنع من إعطاء الخير.
و مما لاشك فيه، فإن جميع ما ذكرناه من ظواهر بيئية، ( كالتمليح، وزيادة الصودية، و التحميض، و زيادة تركيزات العناصر الثقيلة )، تؤدي جميعا إلى تحول الوسط الطيب الجميل إلى وسط خبيث، يُخرج نباتا نكداَ.
و سوف نحاول – بإذن الله – في الفقرات القادمة توضيح بعض الدراسات الميدانية للدور الذي تلعبه الظواهر البيئية، السابق ذكرها، في خبث الوسط وخروج النبات نكدا، وذلك كما يلي:
1. تأثير التمليح و الصودية على نكد النباتات:
تؤثر ملوحة و صودية التربة بدرجة كبيرة على نمو النبات كما في (شكل 3). فالصودية يمكن أن تسبب سُمّية النباتات، بالإضافة إلى مشاكل التغذية المعدنية مثل نقص الكالسيوم.
ولقد قام الباحث باستخدام معايير قياس الصودية بواسطة نسبة الصوديوم المدمص (SAR) في منطقة بهتيم (شمال القاهرة).
ولقد أكدت الدراسة على زيادة نسبة الصودية في التربة نتيجة لزيادة كل من ملوثات صرف المصانع، ومعدل انفصال الصوديوم من عملية التجوية الجيوكيميائية. و لتقييم مدى خصوبة التربة، أدخلت النتائج الجيوكيميائية المتكاملة التي حُصل عليها في نموذج ديناميكي (نموذج البروفيل)، و ذلك لحساب معدلات التجوية الكيميائية. و لقد وجد أن انفصال العناصر المغذية للتربة في المنطقة الصناعية الملوثة، يقدر بحوالي (6.47 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، و كانت معدلات انفصال العناصر الرئيسية المغذية للتربة تشير بارتفاع تركيزات الصوديوم كالتالي: صوديوم ( 3.29 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، كالسيوم (1.63 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، ماغنسيوم (1.39كيلومكافئ/هكتار/سنة)، بوتاسيوم (0.16 كيلومكافئ/هكتار-سنة).
شكل (3) : يبين تأثير الملوحة والصودية على النبات .
أما في التربة الملحية، فإن وجود تركيزات عالية من الأملاح الذائبة، مثل: أملاح الكلوريد، والكبريتات، والبيكربونات، والصوديوم، والكالسيوم، وأحيانا البوتاسيوم، يؤثر تأثيرا سيئا على النبات نتيجة لخفض الجُهد الأسموزي. و لذا نجد في أماكن متعددة بمصر حيث تتحول الأراضي من تربة خصبة، فيها نباتات مثمرة، إلى تربة ملحية، تظهر بها نباتات نكدة، كما يتضح من (شكل 4 ).
أ‌) المنطقة جيدة ب) المنطقة تأثرت جـ) المنطقة بعد زيادة
قبل زيادة الملوحة جزئيا بالملوحة الملوحة و ظهور
و بداية تدمير النبات نباتات نكدة
شكل (4): خطوات زيادة الملوحة في منطقة الفيوم بمصر وظهور نباتات نكدة.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.53 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]