عرض مشاركة واحدة
  #1286  
قديم 11-12-2013, 06:41 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق

الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بين القبول والمعارضة



8- " محمد الصادق عرجون " يقول: ( لا يجمل بنا أن نطلب من القرآن أن يشرح لنا نظريات العلم، والتحدث في تركيب الأشياء، وبيان جزيئاتها وأشكالها، وما يطرأ عليها من تغيير كيميائي أو طبيعي كما تتحدث كتب الكيمياء والفلك وطبقات الأرض، لأن القرآن كتاب عقيدة وهداية وعبر وتهذيب للنفوس وتطهير للأرواح والقلوب... فإذا عرض لشيء من الآيات الكونية فإنما يعرض لها باعتبارها مصدر هداية إلى عظمة الكون، لنصل على ضوئها إلى تعظيم الله خالق الكون )
ونقول تعقيباً على هذا القول: إن صاحبه لم يدرك على الوجه الصحيح مفهوم الإعجاز العلمي لدى المؤيدين، فهم لم يقولوا بما قاله ولا يتوهمون ما أشار إليه، ولكنهم يؤمنون بأن الآيات الكونية بالقرآن الكريم صيغت بدقة حتى تعبر عن الحقيقة وتسوق الحقائق العلمية، وذلك في معرض الهداية ومن أجل إقامة البرهان على مصداقية القرآن وأنه من عند الله
9- " محمد بسيوني فودة " يتابع بعض الرافضين للتفسير العلمي ولكنه قال: ( ولكن نأخذ المسائل العلمية التي وصلت إلى حقائق وربطها بآيات الله كتأكيد على دلائل قدرته وبديع صنعه فهذا أمر لا ينكر، ومن هنا قال جماعة من العلماء أن الآيات الكونية وجه من وجوه الإعجاز ) والموقف هنا بين الرفض والقبول وهو – كما قلنا – شأن كثير من المعارضين
10- " شوكت محمد عليان " يقول: ( إن إحاطة القرآن بالحقائق العلمية كانت ضمن إشارات غير مقصودة لذاتها، لما علمنا أن المحور الرئيسي لرسالة القرآن هو السعادة الأخروية ) ونعقب ونقول: إن القصد وعدمه لا يجرد القرآن من وجود هذه الحقائق العلمية، كما أن وجود الإشارات العلمية لا يتعارض مع رسالة القرآن وهي سعادة الإنسان.
11- " عبد الله عبادة " يقول: ( إن الربط بين القرآن والنظريات العلمية الحديثة خطأ يقع فيه بعض الباحثين بحسن نية ) وقال أيضاً: ( إن الأمور العلمية في القرآن ما كانت إلا عبرة أو وسيلة لتقريب المعنى العام في الآية أو السورة إلى أذهان المخاطبين )... في القول الأول يرمي الباحثين بالخطأ، وفي القول الثاني يقر بوجود أمور علمية بالقرآن.
وبعد فهذه طائفة لمقتطفات من أقوال المعارضين، وقد قمنا بالتعليق المختصر عليها، ونكتفي بهذا القدر من الأقوال على أن نقدم ردوداً عامة على مزاعم المعارضين، وهي التي تشكل دعائم رفضهم للإعجاز العلمي والتفسير العلمي وذلك فيما يلي:
ردود على المعترضين
الاعتراض الأول: ويتمثل في قولهم: القرآن كتاب هداية وتشريع وليس كتاباً للعلوم والمعارف الكونية.
كل المشتغلين بدراسة الإعجاز العلمي يؤمنون بأن القرآن الكريم كتاب عقيدة وتربية وتشريع، وهو بعيد كل البعد عن تناول العلوم بمنهجية التدريس، ويرون أن الآيات القرآنية في المسائل الكونية إنما جاءت لتلفت النظر إلى ملكوت السموات والأرض وتدعم الإيمان بالله المبدع الخالق القادر، وحيث أنها نزلت بالحق من لدن عليم خبير فلابد أن تكون حاملة لحقائق، فهي ليست مجرد عبارات إنشائية وصفية تناولت ظاهر الأمور.
الاعتراض الثاني: ويتمثل في قولهم: الاهتمام بالإعجاز العلمي يصرف اهتمام الناس بعلوم القرآن التقليدية، والتفسير العلمي يتعارض مع منهج التفسير
الإعجاز العلمي لا يخرج عن كونه وجه من وجوه الإعجاز القرآني، ودراسته تعتبر إضافة إلى علوم القرآن، والمشتغلون به فريق من العلماء يتعاونون مع سائر المشتغلين بدراسة علوم القرآن، وكل في مجاله يعمل دون أن يتطاول فريق على فريق، أو يتعالى حتى لا تتكرر ظاهرة التركيز المعرفي التي اختصت بها وحدة اللغة والبيان مما ترتب عليه حجب سائر وجوه الإعجاز، ومنها الإعجاز العلمي
أما التفسير العلمي فلا تعارض بينه وبين التفسير التقليدي، بل هو إضافة إليه مما يزيد الاتساع في فهم القرآن، خاصة في الآيات الكونية التي كانت تدخل في دوامة التأويل والمجاز وأحداث الآخرة.... الخ.
الاعتراض الثالث: ويتمثل في الاتهام بعدم التقيد بالمفهوم اللغوي الصحيح للنص القرآني، وإبعاد الكلمات القرآنية عن معانيها فيما يعرف "بلي أعناق الآيات" وهي عبارة يرددها المعارضون، بل ويكثرون من ترديدها
والرد عليه: أنه من المعلوم أن هناك قواعد وضوابط ومنهج يجب أن يلتزم به المشتغلون بدراسة الإعجاز العلمي وبالتفسير العلمي للقرآن الكريم، ومن أهمها: احترام كافة الأمور اللغوية. ومن الضروري أيضاً أن يتعاون علماء الكونيات وعلماء الدين وعلماء اللغة معاً في تلك الدراسات القرآنية وفق منهج الدراسة المتفق عليه. وإذا كان هناك من يخرج عن تلك القواعد والضوابط فليس ذلك حجة على الملتزمين بمنهجية الدراسات القرآنية.
الاعتراض الرابع: ويتمثل في الخوف من الربط بين تفسير القرآن وبين المعارف الكونية المتغيرة، مما يؤثر على مصداقية القرآن
إذا أحسنا الظن بالمتخوفين المعترضين – ولا نقول عن تخوفهم ( حق أريد به باطل ) ولا نقول بأن ذلك التخوف ادعاء ماكر مقصود به صرف المسلمين عن جانب هام من جوانب الإعجاز تكشف لهم في عصر التقدم العلمي – سنعتبر التخوف حرصاً منهم على كتاب الله، سوف نرد بموضوعية وعقلانية على قولهم بأن المعارف الكونية – خاصة الفروض والنظريات – قابلة للتغيير، وهناك خطورة على معاني القرآن الكريم وتفسيره من الربط بتلك المتغيرات لأن ذلك سيؤدي إلى تبدل التفسير حسب ما يجد من المعارف العلمية.... ونقول لهم إن المشتغلين بالتفسير العلمي للقرآن الكريم حريصون على الاستعانة بالمعارف المستقرة التي وصلت إلى مرحلة الحقائق والقوانين واليقين أو كانت نظريات راجحة. وعلى فرض التغيير في تلك المعارف العلمية المستخدمة في التفسير، فلا ضير في ذلك حيث أن الأمر لا يعد أن يكون اجتهاداً في التفسير يمكن تصحيحه بتفسير آخر على ضوء المعارف العلمية. وسنجد أن النص القرآني استوعب تلك الكشوف الجديدة حيث جاءت النصوص بألفاظ جامعة تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواقفها التي قد تتابع في ظهورها جيلاً بعد جيل، إما بالإضافة أو الزيادة وإما بالتعديل أو الحذف. واتساع مدلول دلائل الإعجاز القرآني البياني. علماً بأنه لا يمكن أن يقع ذلك التغيير إلا إذا كان هناك خلل في فهم النص القرآني أو خلل في قطعية العلم.
والمشتغلون بعلوم القرآن يعلمون أن تفسير القرآن الكريم هو جهد بشري واجتهاد فكري، ولهذا نجد المفسرين يختلفون في تفسير بعض النصوص القرآنية بسبب تنوع معاني الكلمات، ومثال ذلك "البحر المسجور" فمعنى مسجور: مملوء، كما أن من معانيها الملتهب والاختلاف قد يكون بسبب القواعد النحوية، ومثال ذلك: ] فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ( فمن المفسرين من يعطف ( أرجلكم ) على ( وجوهكم ) ( وأيدكم ) فيرى غسل الرجلين، ومنهم من يعطف أرجلكم على رؤوسكم فيروا مسح الأرجل...
وهناك أسباب كثيرة للاختلاف فيما بين وجهات نظر المفسرين، وينعكس هذا بوضوح عل التفاسير بحيث تظهر الخلافات فيما بينهم، وبالرغم من هذا لم توجه الانتقادات إلى المفسرين في اختلافاتهم ولم يطالب أحد بالتوقف عن تفسير الآيات القرآنية.
المفسرون عند تفسير آيات القرآن الكريم الكونية يكتفون بذكر النص أو يلجؤون للتأويل والمجاز، أو إلى تفسيرها بمعلومات علمية ضحلة، فإذا جاء المتخصصون في العلوم الكونية وفهموا آيات القرآن على حقيقتها العلمية وفسروها دون تأويل ووضحوا معانيها بما يتناسب مع ثقافات العصر والانسجام الفكري والتحدي العلمي والقبول العقلي وقناعة الإنسان المعاصر الخاضع لسيطرة العلوم الكونية، هل ينظر إلى التفسير العلمي بعين الريبة وتوجه له الاعتراضات وتثار حوله المخاوف... ولمصلحة من كل هذه المعوقات
نطمئن بأنه لا خوف من تغيير المعلومات الكونية المستخدمة في التفسير العلمي، ما دام النص القرآني ثابت ومحفوظ، وأي أخطاء في التفسير يجب أن ترد إلى المفسرين، دون أن يؤثر هذا على مصداقية القرآن الكريم ومرحلية التفسير وتبديله أمر وارد من أعمال البشر، فليس هناك تفسير مستقر يجمع عليه المسلمون في كل العصور إلا إذا كان قد صدر عن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا لم يحدث، فإذا قام اعتراض وأثيرت المخاوف حول التفسير العلمي فليكن كذلك مع كل التفاسير ولتحذف جميعها وهذا أمر غير مقبول ولا معقول !!
الاعتراض الخامس: ويتمثل في ادعائهم بأنه ليست هناك فائدة من وراء الإعجاز العلمي أو التفسير العلمي
والرد عليها: هذا اعتراض في غاية السطحية حيث إن دراسة الإعجاز العلمي تتعلق بحقيقة يجب التعرف عليها وتقريرها وإظهارها، وهذا أمر مطلوب في كافة فروع المعرفة وعلى وجه الخصوص عندما تتعلق بالقرآن الكريم، ذلك الوحي الإلهي ومعجزة الإسلام... والفوائد من وراء معرفة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم كثيرة، وخاصة في مجال العقيدة والإيمان، وفي مجال الدعوة والإقناع في عصر الثقافات العلمية.
أما عن التفسير العلمي للقرآن الكريم، فهو بلا شك توضيح وبيان لآيات القرآن الكونية، مما يحقق فهمها على حقيقتها، بعيداً عن متاهات التأويل وتسطيحات تفسير الآيات الكونية... وذلك يحقق مزيداً من الفهم السليم للقرآن الكريم، وهو أمر هام ومطلوب.
الاعتراض السادس: ويتمثل في قولهم ليس هناك دليل على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم
حيث يحتج بعض المعارضين في معارضتهم بعدم وجود ما يدل على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، لا عقلاً ولا نقلاً وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر شيئاً عن ذلك:
أما الدليل العقلي فهو من الوضوح بحيث لا يخفى على أحد ويتمثل في القرآن الكريم بما اشتمل عليه من الآيات القرآنية الكونية التي تحمل الحقائق والإشارات العلمية غير المسبوقة، والتي كانت مجهولة وقت نزول القرآن، وبعد مضي مات السنين - وفي العصر الحديث على وجه التحديد – أمكن لعلماء الكونيات – مسلمين وغير مسلمين – أن يتعرفوا على بعضها، وأكدوا مطابقة الاكتشافات لها وأعلنوا ذلك في مؤتمرات وندوات عالمية، وسجلوه في أبحاثهم وأصبح هذا الأمر معروفاً ومستقراً، وتحررت عنه عشرات الكتب التي تبحث في الإعجاز العلمي، فهل يحتج المعترضون بعدم وجود دليل عقلي ؟!
وهناك دليل عقلي نقلي من منطلق الإيمان بمعجزة القرآن، فإذا كان القرآن معجزاً وإعجازه مطلق فلماذا يقصرونه على الإعجاز البياني، ويحجبون عنه الإعجاز الموضوعي ؟ وإذا سلموا بالإعجاز الموضوعي، فلماذا يكون قاصراً على جانب من المعارف دون الأخرى، ولماذا يحجبون عنه الحقائق المتعلقة بالكونيات ويصرفون عنه جانب الإعجاز العلمي ؟ وعلل في ذلك التسلسل المنطقي ما يشكل دليلاً عقلياً.
أما الاحتجاج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكر لصحابته شيئاً عن الإعجاز العلمي فمردود عليه بأنه صلى الله عليه وسلم أكد على معجزة القرآن والصحابة آمنوا بذلك وبأن القرآن مطلق الإعجاز، ولم يدخلوا في تفاصيل وجوه الإعجاز إلى أن جاء العلماء فيما بعد فقاموا بدراسات تفصيلية للقرآن الكريم، ومنها وجوه الإعجاز القرآني.
أضف إلى ذلك أنه لم يكن من الحكمة أن يحدث الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته عن الإعجاز العلمي، ولم تكن ثقافتهم تستوعب ذلك بعد، وكانت المعارف الكونية والحقائق العلمية مجهولة للعالم أجمع في ذاك الزمن، ولو حدثهم بذلك لتصادم وعقولهم، وهو الحريص صلوات الله وسلمه عليه على مخاطبة الناس على قدر عقولهم. لهذا ترك الصحابة يفهمون الآيات الكونية الواردة في القرآن الكريم بالمعنى اللغوي وبالمفهوم العام، تاركاً البيان والوضوح العلمي والاكتشافات الكونية لتظهر وجه الإعجاز العلمي للقرآن في الزمن المناسب، وقد تحقق ذلك بعد مرور ما يزيد على ألف عام وصدق الله العظيم القائل في القرآن الكريم( ولتعلمن نبأه بعد حين ) [سورة صاد]
الاعتراض السابع: ويتمثل في قولهم إذا كان الإعجاز العلمي للقرآن الكريم قد تكشف لغير المسلمين من علماء الكونيات، فلماذا لم يؤمن هؤلاء بالإسلام
نرد على ذلك بأن العلماء غير المسلمين الذين تعرفوا على بعض الإشارات الكونية الواردة في القرآن الكريم ودرسوها على ضوء ما لديهم من المعارف العلمية قرروا بأن هذا الذي جاء به القرآن الكريم لا يمكن أن يكون معارف بشرية – وقت نزول القرآن، وأنه خارج عن القدرات العقلية لمن قال به وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من توقف عند ذلك ولم يربط الإعجاز العلمي بالوحي الإلهي، لأن عقيدة الألوهية عندهم غير واردة، ولم ينتقلوا بهذا اليقين العقلي إلى الاستدلال على الوحي وصدق القرآن والإيمان بالإسلام، لأن هذه التداعيات الفكرية ليست سهلة وبسيطة بل هي متشابكة ومعقدة. والهداية أو الجحود والقبول أو الرفض، في العقيدة والإيمان بالله تخضع لأمور ترتبط بالوجدان الذي ينجذب نحو الغيبيات، والأمر أولاً وأخيراً مرده إلى توفيق الله... ولنتذكر قوله سبحانه وتعالى: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) [سورة القصص] وقوله تعالى: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً... ) [سورة النمل]...
ولا ينفي هذا أن هناك من العلماء من أيقن بأن هذه الإشارات العلمية فوق قدرات البشر وآمن بأن القرآن وحي من عند الله سبحانه وتعالى، وأشهروا إسلامهم، سواء في مؤتمرات الإعجاز العلمي للقرآن والسنة عبر السنوات الماضية، أم في غيرها...
الاعتراض الثامن: ويتمثل في قولهم إذا كان القرآن الكريم كل هذه الإشارات العلمية، فلماذا لم يستفد منها المسلمون على مر العصور ؟
نرد على هذا الاعتراض في النقاط الآتية:
1- إذا كان المسلمون الأوائل قد آمنوا بالإعجاز المطلق للقرآن الكريم، فقد انصرفوا إلى الإعجاز اللغوي وانشغلوا بدراسته مما جعلهم لا يهتمون بالإعجاز الموضوعي بعامة، كما اكتفوا بفهم آيات القرآن الكونية فهماً لغوياً يكفيهم فهم المقصود منها كبراهين على قدرة الله سبحانه وتعالى.
2- الإشارات العلمية بآيات القرآن الكونية ليست من الوضوح بحيث يدرك مدلولاتها العلمية غير المتخصصين في العلوم الكونية الذين لم تتوفر لهم المعارف والحقائق والعلوم. ولم يكن من السهل على المسلمين الأوائل أن يتعرفوا عليها كإشارات علمية قابلة للبحث والاستقصاء العلمي.
3- المسار العلمي للتعرف على ما تحمله الإشارات العلمية للقرآن من معارف كونية لا يبدأ من النصوص القرآنية ثم يتجه إلى المعامل للبحث والتجريب، ولكنه يبدأ من الكشوف الكونية على أيدي العلماء – مسلمين وغير مسلمين – ثم يتجه إلى الآيات القرآنية لتطابقها وتوضحها وتشرحها، مصداقاً لقوله تعالى: ( ولتعلمنّ نبأه بعد حين ) [سورة صاد] وتمشياً مع سنن الله سبحانه وتعالى في إظهار آياته الكونية التي يشير إليه قوله سبحانه وتعالى: ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... ) [سورة فصلت] فالبحث العلمي يبدأ من الكون المنظور، ثم يتجه إلى آيات الله المسطورة وهي القرآن الكريم ويشرح معانيها، فيما يعرف بالتفسير العلمي للقرآن الكريم.
4- لا بأس – إن أمكن – من السير في الاتجاه العكسي للمسار العلمي، حيث نبدأ من بعض الإشارات العلمية بالقرآن الكريم. وهذا يحتاج إلى إمكانات بحثية ضخمة ويحتاج إلى قناعة بجدوى ذلك المسار العلمي في الاتجاه المعاكس ويمكننا أن نسمي ذلك " التطبيق التجريبي للإعجاز العلمي " وأسهل منه في مجال الاكتشافات الكونية ذلك المسار الذي يتحرك من الاكتشافات الكونية ويتجه نحو الإشارات العلمية الواردة في القرآن الكريم لتنجلي وتنكشف الحقائق بالآيات القرآنية.
وبهذا نسير أحد المسارين العلميين في خدمة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم الذي يقوم بدوره بدعم الإيمان بمعجزة القرآن ومصداقيته كوحي من الله سبحانه وتعالى نزل على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الاعتراض التاسع: وهو أن القول بالإعجاز العلمي ينقصه شرط التحدي وينقصه أن يكون من جنس ما برز فيه الموجه لهم التحدي
أما عن القول الأول، أي مجيء تحديه بالمثلية ( فأتوا بسورة من مثله...)[ سورة البقرة ] فإن الإعجاز العلمي يدخل في المثلية. كما أن المعجزة ليست قائمة على التحدي والمعاجزة فحسب، بل إنها تتحقق بمجرد تفردها عن المألوف بما يؤكد أنها من عند الله سبحانه وتعالى تأييداً لرسوله صلى الله عليه وسلم... والإعجاز العلمي حقق ذلك الغرض، خاصة في القرون التالية لعصر نزول القرآن، حيث أن القرآن جاء معجزة لكل الناس في كل الأزمان، والعرب وقت نزول القرآن كان تحديهم بالبلاغة والبيان، وهذا وجه من وجوه الإعجاز. وفي عصور التقدم في العلوم الكونية ظهر الإعجاز فيما يحمله القرآن من حقائق علمية غير مسبوقة، فالإعجاز العلمي إذ لم يأت ليتحدى من نزل فيهم القرآن فحسب، ولكن جاء لتشهد القرون من بعدهم على أنه وحي من عند الله، وذلك من مقاصد المعجزة كما قلنا.
الاعتراض العاشر: يتمثل في قولهم المعارف الكونية الواردة بالقرآن هي من قبيل ذكر الظواهر الكونية التي يعرفها عامة الناس – كتعاقب الليل والنهار وحركة الشمس – وليس في ذلك إعجاز علمي.
المعارف الواردة بالقرآن الكريم عن الظواهر الكونية تختلف تماماً عن تلك التي يعرفها عامة الناس بالفطرة، والتي هي من قبيل المعارف الظاهرية. وعلى سبيل المثال، يعرف الناس ظاهرة الليل والنهار وتعاقبهما، ولكن القرآن عندما يتناول هذه الظاهرة المألوفة للناس جميعاً فإنه يتحدث عنها بدقة علمية مستخدماً كلمات تكمن فيها الإشارات العلمية التي تكون مجهولة حتى للمتخصصين قبل اكتشافها.
قال الله سبحانه وتعالى في شأن تعاقب الليل والنهار: ( يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل ) [سورة الزمر]
وقال تعالى: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون... ) [سورة يس]
وقال تعالى: ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل... ) [سورة آل عمران]
فالتكوير تعبير عن التفاف الليل على النهار والتفاف النهار على الليل في تعاقبهما. وفي ذلك إشارة علمية إلى كروية الأرض، وهذا ما فهمه العلماء من هذه الآية... و(نسلخ) وصف لتعاقب الليل والنهار بانتزاع النهار من الليل، وقد شاهد هذا المنظر في الواقع، رواد الفضاء عندما نظروا إلى الأرض وإلى الليل والنهار.
ومثال آخر للمألوف من الظواهر الكونية وهو عن حركة الشمس الظاهرية، فالناس يدركون هذه الظاهرة منذ أن وجدوا، ولكن القرآن الكريم يصف حركة حقيقة للشمس في قول الله تعالى: ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) [سورة يس].
فالفعل (تجري) لا يدل على الحركة الظاهرية التي يراها الناس، وهي شروق الشمس وغروبها، بل هو يدل حركة حقيقة عظيمة المعدل تستق تعبير ( الجري )، وهذا ما توصل إليه العلماء في عصرنا الحاضر.
ونلفت نظر المعارضين إلى ذلك التفاوت بين معارف العامة للظواهر الكونية وبين حديث القرآن عنها، حتى يدركوا مفهوم الإعجاز العلمي والإشارات الكونية بالقرآن الكريم. وما ذكرناه من أمثلة إنما هو عن الظواهر الكونية المألوفة للعامة، ولكن هناك الكثير والكثير بالقرآن الكريم عن المعارف الكونية التي يجهلها المتخصصون وجاءت كإشارات علمية بآيات القرآن الكريم، فليعلم المعارضون ذلك جيداً...!!
يمكن إرسال التعليقات حول المقالة إلى فضيلة الدكتور كارم السيد غنيم
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.47 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]