عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 24-06-2011, 10:05 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,415
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .


ومنها :- لعبة الورق المسماة بـ( البلوت ) فإنها محرمة لا تجوز ، وقد سئلت اللجنة الدائمة في المملكة سؤالا هذا نصه ، قال السائل (ما رأيكم في نوع من الألعاب يطلق عليه: البلوت، وهو على شكل قطع من الأوراق، في طول وعرض ورقة الخمسة النقدية، وعليها صور مختلفة وأعداد كذلك وإذا جلس أهلها يلعبونها يرتفع صوت الأذان ولا يتابعونه حسب المتبع، ولا يذكرون الله على الانتهاء، ولا الدعاء الواجب عند سماعه وتروح الناس إلى المسجد للصلاة ويحضرها هؤلاء الناس وبعد العودة من المسجد يدخل عليهم الناس ويسلمون ولا يردون عليهم السلام؛ لكون أفكارهم وقلوبهم مشغولة، ولا يستطيع الإنسان الجلوس في البيت من ريح الدخان وضجيج الأصوات المزعجة والضحك واللعن، والأديان - أي الحلف- بعضها بالله وبعضها بغيره. أرجو إفادتي عن حكم هذه اللعبة وما يلحق لاعبيها منها، وما أثرها على المجتمع؟

فأجابوا رحمهم الله تعالى بقولهم ( اللعب بالأوراق على ما وصفه السائل يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويحدث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين، وقد يكون على مال يدفعه المغلوب للغالب، وهو مصحوب بتبادل اللعن ، وإيقاع الأيمان الفاجرة ، فإذا ترتبت عليه هذه الأمور وما في معناها أو بعضها فإنه حرام ؛ لقوله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {وأما ما يلحق لاعبيها فإنهم قد ارتكبوا أمرا محرما وهم آثمون في ارتكاب ذلك وما يقترن به من ترك واجب ، كترك الصلاة جماعة ، أو فعل محرم كاللعن ، والأيمان الكاذبة ، والحلف بغير الله ، وشرب الدخان, وأما أثر هذه اللعبة على المجتمع فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين اتباع أوامر الله، واجتناب نواهيه وتفكك المجتمع بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع، فهي سبب في ترك الصلاة جماعة ، وينشأ عنها التباعد والتقاطع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات، كما أنها مورثة للكسل عن طلب الرزق ، هذا إذا لم تكن على عوض، فإن كانت على عوض فالمال الذي يحصل بسبب هذا اللعب هو مال حرام ، وقد سبق دليل ذلك, وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) فانظر كيف علل أصحاب الفضيلة العلماء القول بالتحريم بقاعدة سد الذرائع ، فلأن هذه اللعبة فيها عدد كبير من المفاسد التي ترجع على الفرد والأسرة والمجتمع قالوا بتحريمها , وهذا إعمال منهم لقاعدة سد الذرائع .

ومنها:- القول الراجح والله تعالى أعلم أنه لا يجوز أن تجعل آيات القرآن نغمة من نغمات الجوال وذلك سدا للذريعة ، ويتضح هذا من عدة وجوه , الأول :- أنه يتضمن إخراج القرآن عن أصل مقصود إنزاله ، لأن الله تعالى أنزل كتابه لتلاوته بالألسنة وتدبره بالقلوب ، والعمل به ، وليس منها أن يجعل نغمة من نغمات الجوالات السيارة ، الثاني :- أن فيه امتهانا للقرآن ، لأنه ربما يرن الهاتف وهو في دورات المياه ، أو يقطع الآية بالرد ولا يكملها ، أو يرن وهو ملقى في مكان قذر ، أو يرن وهو في الصلاة أو في المسجد فيغضب الناس ، ويتكلمون ونحو هذا مما فيه امتهان للقرآن ، فسدا لذريعة امتهانه نقول بالمنع ، الثالث:- أنه مفض إلى استبدال القرآن بغيره ، لأنه إن رن ، فالقرآن سيعمل ، فيقوم صاحب الجوال ، ويفتح الرد ، فينطفئ القرآن ليسمع غيره ، وهذا فيه ما فيه ، بل إن من يفعل هذا يكون ممن استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، إذ كيف يغلق كلام الله تعالى ويقبل على سماع كلام غيره ؟ الرابع:- أنه مفض إلى الإيذاء بالقرآن ، فإنه لو رن وهو في الصلاة أو في المسجد فإنه سيكون سببا في الأذى ومن المعلوم أن القرآن لا يؤذي ولا يؤذى به, الخامس:- أن الواجب عند استماع القرآن الإنصات إليه ، ومن المعلوم لدى الجميع أنه لا يستمع أحد لتلاوة من الجوال كنغمة هاتف ، وهذا يتضمن مخالفة شرعية ، ومفض إلى الممنوع ، وما أفضى إلى الممنوع فهو ممنوع ، فلهذه الأوجه وغيرها نقول بالمنع ، ونخرج هذا المنع على قاعدة سد الذريعة والله أعلم .

ومنها :- تحريم باب الحيل كله ، من أوله إلى آخره ، وأعني بها الحيل المحرمة ، والقاعدة عندنا في باب الحيل تقول ( كل حيلة يتوصل بها إلى إحقاق الباطل أو إبطال الحق فهي باطلة ) فباب الحيل المحرمة لا يجوز منه شيء ، لأن فاعل الحيلة إنما يريد بهذه الحيلة أن يتوصل إلى الحرام ، فتمنع هذه الحيلة سدا لذريعة الوصول إلى الحرام ، بل إن الوصول إلى الحرام من باب التحايل أعظم جرما وأشد إثما عند الله تعالى من إتيان الحرام على وجهه ، لما في الحيلة من مخادعة الله والذين آمنوا فالعينة حيلة على الربا فهي محرمة ، ونكاح التحليل حيلة على تحليل الزوجة لمطلقها ثلاثا ، فهو محرم ، وفي الحديث (( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له )) وسماه التيس المستعار والبطاقات الائتمانية كثير منها إن لم تكن كلها حيلة على أكل الربا ، فما كان منها يتضمن الربا أو التحايل إلى الربا فهي حرام ، والدعاية الإعلانية لمنتج من المنتجات ، إن كانت تفخم أمر هذا المنتج وتصفه بما ليس فيه ، أو تبالغ في وصفه وتكسوه من الأوصاف ما هو كذب وافتراء ، كل هذه الدعايات محرمة لا تجوز ، لما فيها من مخادعة المؤمنين ، وأكل أموالهم بالباطل ، والتزوير عليهم وغشهم ، وفي الحديث (( من غش فليس منا )) ولما فيها من الكذب الصريح ، والأدلة في تحريم الكذب كثيرة ، فلسد ذريعة أكل أموال الناس بالباطل ، نقول :- إن الدعاية المشتملة على شيء من ذلك حرام لا تجوز ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ، ولعلي إن شاء الله تعالى أن أفرد لها رسالة مستقلة في بيان كثير مما نص الفقهاء على أنه ممنوع لأنه حيلة على فعل الحرام , والله أعلم .

ومنها :- باب الاستئذان في الفقه الإسلامي كله مبني على سد الذريعة ، وذلك لأن حفظ العرض مما جاء به الشرع ، بل هو أصل من أصوله ، وستر العورات مأمور به شرعا ، فكل ذريعة تفضي إلى هتك ستر العورة فإنها ممنوعة في الشرع فجعل الاستئذان لحفظ هذا الباب, قال الله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ{وهذا كله لسد ذريعة الاطلاع على ما لا يجوز الاطلاع عليه شرعا ، وقال الله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ{وكل هذا من أجل أن لا يطلع الإنسان من أخيه الإنسان على ما لا يجوز الاطلاع عليه ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر )) أي حتى لا يقع البصر على ما لا يجوز له النظر له من عورات الناس وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في تتبع عورات الناس فقال (( فإن من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه الله في جوف داره )) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فباب الاستئذان كله مبني على هذه القاعدة الطيبة ، والله أعلم.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.22 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]