عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 25-09-2020, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرضا جنة السالكين





1 - الغنى الكامل:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ[18].



هي القناعة فالزمها تكن ملكا

لو لم تكن لك إلا راحة البدن




وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير الطيب والكفن





وقال آخر:



اقنع بأيسر رزق أنت نائله

واحذر ولا تتعرض للإرادات




فما صفا البحر إلا وهو منتقص

ولا تعكر إلا في الزيادات





وقال أخر:



رضيت بما قسمَ الله لي

وفوّضتُ أمري إلى خالقي




كما أحسن الله فيما مضى

كذلك يُحسن فيما بَقِي





وصف عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أثاث بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا (ورق شجر يدبغ به مسكوبا)، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ (جلود غير مدبوغة)، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِى جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكَ؟". فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟". فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟" البخاري[19].



جزاء الرضا هو الرضا:

اعلم بارك الله فيك: أن الجزاء من جنس العمل فمن رضي فله الرضا.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ "[20].



يقول الإمام السندي: "قوله (فمن رضي فله الرضا) أي رضا الله تعالى عنه، جزاء لرضاه أو فله جزاء رضاه، وكذا قوله (فله السخط)، ثم الظاهر أنه تفصيل لمطلق المبتلين لا لمن أحبهم فابتلاهم؛ إذ الظاهر أنه تعالى يوفقهم للرضا فلا يسخط منهم أحد"[21].



2 - البشارة الرضوانية:

و من ثمرات الرضا البشارة الرضوانية: التي هي اغلى ما يتمنا المسلم في ختام حياته انه النداء الملائكي ï´؟ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ï´¾ [التوبة: 21].



اسمعوا عباد الله الى تلك الكلمات التي تتنزل على قلب العبد بردا و سلاما و امنا و امانا يقول الله تعالى ويقول تعالى: ï´؟ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ï´¾ [الفجر: 27 - 30]



يقول سيد قطب - رحمه الله -:

ï´؟ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ï´¾ [الفجر: 28] ارجعي إلى مصدرك بعد غربة الأرض وفرقة المهد. ارجعي إلى ربك بما بينك وبينه من صلة ومعرفة ونسبة.. ï´؟ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ï´¾ [الفجر: 28] بهذه النداوة التي تفيض على الجو كله بالتعاطف وبالرضى.. ï´؟ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ï´¾ [الفجر: 29].. المقربين المختارين لينالوا هذه القربى.. ï´؟ وَادْخُلِي جَنَّتِي ï´¾ [الفجر: 30].. في كنفي ورحمتي..



إنها عطفة تنسم فيها أرواح الجنة. منذ النداء الأول: ï´؟ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ï´¾ [الفجر: 27].. المطمئنة إلى ربها. المطمئنة إلى طريقها. المطمئنة إلى قدر الله بها. المطمئنة في السراء والضراء، وفي البسط والقبض، وفي المنع والعطاء. المطمئنة فلا ترتاب. والمطمئنة فلا تنحرف. والمطمئنة فلا تتلجلج في الطريق. والمطمئنة فلا ترتاع في يوم الهول الرعيب [22].



3 - الفوز بالرضوان الأكبر:

ومن ثمرات الرضا أن تفوز فوزا عظيما وصفه الله تعالى بأنه أكبر من كل فوز فقال سبحانه.

ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ï´¾ [التوبة: 72].



يقول الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - في هذه الاية " ومن هنا يعلم أن قوله تعالى: ورضوان من الله أكبر بعد ذكر جنات عدن يراد به أعلى درجات الرضوان، وما هو إلا مقام رؤية الرب تعالى التي تكمل بها معرفة الرحمن، وتتم سعادة الإنسان، فالإنسان جسد وروح، ففي الجنات ومساكنها أعلى النعيم الجسماني، ورضوان الله الأكبر هو أعلى النعيم الروحاني، فالتنوين فيه للتعظيم، والدليل على ما حررته أنه لم يعطف مفردا على ما قبله مما وعدوا به على الإيمان وأعماله ; لأنه فوق كل جزاء، كما أشير إليه في قوله: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (10: 26) بل جاء مرفوعا في اللفظ كرفعة معناه، في جملة مستقلة تقديرها: وهنالك رضوان من الله أكبر وأعظم من تلك الجنات وما فيها، لا يقدر قدره، ولا يكتنه سره[23].



عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ، رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ قَالُوا: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا[24].



6 - الرضا نجاة من الصعاب:

الحياة كبد كلها، ليصنع الإنسان سعادته، فالسعادة بيدنا وليست بيد غيرنا، والرضا هو النجاة من الكوارث والمصائب والأزمات، وهذا المشهد كم هو يفصح عن المعانى دون كلام:

عن أنس بن مالك قال جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم القراء فيهم خالي حرام يقرؤون القرآن ويتدارسون بالليل يتعلمون وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان فقالوا اللهم بلغ عنا نبينا انا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا قال وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه فقال حرام فزت ورب الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا[25].



أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.



أما بعد:

العنصر الخامس: كيف تحقق الرضا:

أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فان قلتم ما هي الوسائل التي يحقق بها المرء من الرضا في جميع مجالاته؟



الجواب بحول المك الوهاب:

يقول ابن القيم - رحمه الله - الرضا كسبي باعتبار سببه، موهبي باعتبار حقيقته. فيمكن أن يقال بالكسب لأسبابه. فإذا تمكن في أسبابه وغرس شجرته: اجتنى منها ثمرة الرضا. فإن الرضا آخر التوكل. فمن رسخ قدمه في التوكل والتسليم والتفويض: حصل له الرضا ولا بد. ولكن لعزته وعدم إجابة أكثر النفوس له، وصعوبته عليها - لم يوجبه الله على خلقه. رحمة بهم، وتخفيفا عنهم. لكن ندبهم إليه. وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها. فمن رضي عن ربه رضي الله عنه. بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه. فهو محفوف بنوعين من رضاه عن عبده: رضا قبله، أوجب له أن يرضى عنه، ورضا بعده. هو ثمرة رضاه عنه. ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبين، ونعيم العابدين، وقرة عيون المشتاقين.



ومن أعظم أسباب حصول الرضا: أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه. فإنه يوصله إلى مقام الرضا ولا بد.



قيل ليحيى بن معاذ: متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا؟ فقال: إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه، فيقول: إن أعطيتني قبلت. وإن منعتني رضيت. وإن تركتني عبدت. وإن دعوتني أجبت[26].



قَالَ شُرَيْحٌ:إِنِّي لأُصَابُ بِالمُصِيبَةِ، فَأَحْمَدُ اللهَ عَلَيْهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، أَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَأَحْمَدُ إِذْ رَزَقَنِي الصَّبْرَ عَلَيْهَا، وَأَحْمُدُ إِذْ وَفَّقَنِي لِلاسْتِرْجَاعِ لِمَا أَرْجُو مِنَ الثَّوَابِ، وَأَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي دِينِي[27].





[1] مدارج السالكين (2/ 175).




[2] مدارج السالكين (2/ 177).




[3] مدارج السالكين (2/ 177).




[4] مدارج السالكين (2/ 172).




[5] مدارج السالكين (2/ 177).




[6] مدارج السالكين: 2/ 187.




[7] إحياء علوم الدين: 4/ 344.




[8] إحياء علوم الدين: 4/ 344.




[9] صحيح السيرة النبوية للعلي (ص: 240).




[10] روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 160).




[11] (المنتخب من كتاب الزهد والرقائق، للخطيب البغدادي 1/ 108.).




[12] البحر المديد 5/ 320.




[13] مدارج السالكين (2/ 227).




[14] حياة الحيوان الكبرى (1/ 341).




[15] الحاكم في المستدرك (1: 62) وصححه ووافقه الذهبي.




[16] مسلم 1 / 290.




[17] أخرجه أحمد 3/ 338 (14685).




[18] أخرجه أحمد (2/ 310، رقم 8081)، انظر حديث رقم: 100 في صحيح الجامع.




[19] أخرجه البخاري في: 65 كتاب التفسير: 66 سورة التحريم: 2 باب (تبتغي مرضاة أزواجك).




[20] أخرجه الترمذي (4/ 601، رقم 2396) وقال: حسن غريب. وابن ماجه (2/ 1338، رقم 4031).




[21] حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 493).





[22] في ظلال القرآن (8/ 38).




[23] تفسير المنار (10/ 471).




[24] أخرجه البخاري في: 81 كتاب الرقاق: 51 باب صفة الجنة والنار.




[25] أخرجه أحمد 3/ 137 (12429) مسلم (13/ 47).




[26] مدارج السالكين (2/ 172).




[27] سير أعلام النبلاء" ج - 4 - ص - 105.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.95 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]