عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-09-2020, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,843
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرضا جنة السالكين

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثاتها بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



علمتني الحياة أن أتلقى

كل ألوانها رضا وقبولا




الرِّضا يخفِّف أثقا لي

ويُلقي على المآسي سُدولا




والذي أُلهم الرِّضا لا تراهُ

أبدَ الدهر حاسداً أو عَذولا




أنا راضٍ بكل ما كتب الله

ومُزْجٍ إليه حَمْداً جَزيلا




أنا راضٍ بكل صِنفٍ من النا سِ

لئيماً ألفيتُه أو نبيلا




لستُ أخشى من اللئيم أذاه

لا، ولن أسألَ النبيلَ فتيلا




ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان

أو يراه على النِّفاق دليلا




فالرضا نعمةٌ من الله لم يسعد

بها في العباد إلا القليلا




والرضا آيةُ البراءة والإي

مان بالله ناصراً ووكيلا




علمتني الحياةُ أنَّ لها طع

مَين، مُراً، وسائغاً معسولا




فتعوَّدتُ حالَتَيْها قريراً

وألفتُ التغيير والتبديلا




فذليلٌ بالأمس صار عزيزاً

وعزيزٌ بالأمس صار ذليلا







أيها الإخوة الأحباب: حديثنا في هذا اليوم الأغر الميمون عن: الرضا جنة السالكين.

فما هو الرضا؟

وما هو فضل الرضا؟

وما هي مجالات الرضا؟

وما هي ثمرات الرضا؟

وكيف يحقق المر الرضا؟



العنصر الأول: تعريف الرضا:

قال ابن عطاء: الرضى سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل فيرضى به[1].

وقيل: "سرور القلب بِمُر القضاء"[2].

وقيل: "هو: استقبال الأحكام بالفرح". وقيل: "ارتفاع الجَزَع في أي حكم كان"[3].

قال عبد الواحد بن زيد: "الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وسراج العابدين"[4].

قال أبو عثمان الحيري: منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته وما نقلني إلى غيره فسخطته[5]

وقال أبو عبد الله البَرَاثي: "من وُهب له الرضا، فقد بلغ أقصى الدرجات".



العنصر الثاني: دعوة الإسلام إلى الرضا:

أمة الحبيب الأعظم - محمد صلى الله عليه وسلم - لقد أثنى المولى - جل وعلا - على أهل الرضا في مواطن كثيرة وندبهم إليه: فقال - عز وجل -: ï´؟ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ï´¾ [التوبة: 100]، وقال سبحانه: ï´؟ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾ [المجادلة: 22].



فهذه الآيات تضمنت: جزاءهم على صدقهم وإيمانهم وأعمالهم الصالحة ومجاهدة أعدائه وعدم ولا يتهم بأن رضي الله عنهم فأرضاهم فرضوا عنه وإنما حصل لهم هذا بعد الرضى به ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا قوله: وهو الرضى عنه في كل ما قضى فهنا ثلاثة أمور: الرضاء بالله والرضا عن الله والرضا بقضاء الله[6].



والرضا من صفات أهل الإيمان فهم يسعون لنيل رضا ربهم في كل عمل صالح يقدمون عليه قال - تبارك وتعالى -: ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ï´¾ [البقرة: 207]، وقال - سبحانه وتعالى -: ï´؟ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ï´¾ [النساء: 114].



ورضا المولى جل وعلا هو أقصى ما يمتناه أهل الإيمان فقد قال سبحانه وتعالى عن داود عليه السلام وقد أعطي من الملك ما أعطي: ï´؟ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ï´¾ [النمل: 19].



وقرر الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم رضاه عن المؤمنين المبايعين تحت الشجرة فقال عنهم: ï´؟ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيبا ï´¾ [الفتح: 18].



وقد قال تعالى: ï´؟ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ï´¾ [الرحمن: 60] يقول العلامة الغزالي - رحمه الله -: ومنتهى الإحسان رضا الله عن عبده وهو ثواب رضا العبد عن الله تعالى[7].



ومنزلة الرضا منزلة عظيمة فقد رفع المولى - جل وعلا - منزلة الرضا فوق جنات عدن فقال - عز وجل -: ï´؟ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ï´¾ [التوبة72]. ففي هذه الآيات رفع الله الرضا فوق جنات عدن، فرضوان رب الجنة أعلى من الجنة بل هو غاية مطلب سكان الجنان[8].



العنصر الثالث مجالات الرضا:

أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا أمرنا الله تعالى بالرضا وبين لنا فضل أهله وعظيم ما أعد لهم من أجر وثواب، فإن قلت أخي الحبيب: ما هي مجالات الرضا وما هو الواقع التطبيقي لكل مجال منها؟



الجواب بحول الملك الوهاب:

اعلم - نور الله قبلك بنور معرفته -: أن للرضا مجالات متعددة أهم هذه المجالات التي لا غنى للعبد عنها طرفة عين ما يلي:

المجال الأول الرضاب بالله وعن الله:

الرضا بالله:

اعلموا عباد الله أن الرضا بالله: أن ترضى به ربا خالقا مدبرا مهيمنا على خلقه. وكلهم تحت قهره وسلطانه لا ينازعه أحد في أمره. يحكم على الخلق ولا يحكمون عليه. وان تسلم له بأمره كله ولا يصيب القلب تردد أو حرج في التسليم والرضا بالله حاكما وربا خالقا مدبرا لأمره ومصرفا لخلقه يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد. سبحانه جل شأنه.



ï´؟ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ï´¾ [الأحزاب: 36].



الواقع التطبيقي:

تأملوا عباد الله في قمة الرضا بالله ربا و خالقا و هاديا فهذا خبيب بن عدي: صحابي جليل من الأوس، وقارئ داعية إلى دينه، كان في البعثة التي أرسلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد، أُسر خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، وقدم المشركون بهما مكة، (قال ابن هشام): فباعوهما من قريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة...



حيث إن خبيباً كان قد قتل في بدر الحارث بن عامر من أهل مكة.. فقتلته قريش ثأراً لصاحبهم، وتشفيّاً بعباد الله المؤمنين.أوقفهم أبو سفيان وذهب إليه قائلا يا خبيب استحلفك بالله أتحب أن تكون في بيتك آمنا ويكون محمد مكانك فتخيلوا أحبابي ماذا قال خبيب قال رضى الله عنه و أرضاه والله ما احب أن أكون في بيتي آمنا ويشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة في يده فأحب أن يكون مكاني ياه كل هذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان ما رأيت أحد يحب أحد كحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم.



سُجن الصحابي الجليل انتظاراً لتنفيذ الجريمة البشعة فيه، حيث خرجت به قريش إلى التنعيم (خارج حدود الحرم)، وصلّى ركعتين خفيفتين، واجتمع الرجال والنساء والأطفال يحضرون مصرع الصحابي الجليل وصلبه، وعندما رفع إلى خشبته وأوثقوه، قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]