يُصاب بعض الناس بِشَغفٍ عجيب للسؤال
عن كل ماغاب عنهم من أخبار الناس وأسرارهم ومثل هذا الخطأ يقع في الغالب من بعض الأُسَرْ التي إن وقع أحد أفرادهم مصروعاً من الجن ونطق على لسانه الجني بدأ أفراد العائلة في سؤال الجني على بدن المصروع ، فيأتي لهم من أخبارهم السابقة مايعرفونه ولاينكرون منه شيئاً ، حتى إذا وقع اليقين في أنفسهم أن الجني لا يقول إلا صدقاً إستدرجهم الخبيث وحدثهم عن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى فحصل عندهم بهذا التصديق المطلق بكل ماأُُخبروا به ، وبهذا أصبحوا مكذبين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فالله سبحانه وتعالى أخبرنا بقوله تعالى { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون } والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ مأاُنزل إليه من ربه ولم يستثني نفسه أو أحداً من خلق الله تعالى ، ومن تأمل قول الله تعالى ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) علم يقيناً أن الجن والإنس في جهلهم بالغيب سواء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
ولهذا من اعتمد على مكاشفته التي هي من أخبار الجن كان كذبه أكبر من صدقه كشيخ يقال له : الشياح توبناه وجددنا إسلامه كان له قرين من الجن يقال له : عنتر يخبره بأشياء فيصدق تارة ويكذب تارة فلما ذكرت له أنك تعبد شيطانا من دون الله اعترف بأنه يقول له : يا عنتر ! لا سبحانك إنك إله قذر وتاب من ذلك في قصة مشهورة .
الفتاوى الكبرى ( 3/480 )
منقول