عرض مشاركة واحدة
  #1507  
قديم 15-12-2013, 06:52 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

قصة إسلام عماد المهدي الشماس السابق
( 1 )

صورة للشماس السابق عماد المهدي بعد الإسلام
في البداية سألت ( الشاب عماد ): أن يلخص لنا قصة إسلامه فقام بتلخيصها كالتالي: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد : * فنعمة الإسلام كفى بها نعمة، ولو سجدنا لله شكراً حتى نموت ما وفّينا هذه النعمة حقها من الشكر لله تعالى. فالمسلم الذي يعيش في ظل الإسلام يتمتع بنعمة عظيمة – ألا وهي نعمة الإسلام، ولا يشعر بطعم هذه النعمة إلا من كان محروماً منها ثم أكرمه الله بها. أخي القارئ: كان لا بد أن أحدثكم عن نفسي قبل أن أحدثكم عن نعمة الإسلام التي هداني الله إليها لعلك تسألني وتقول: ما هي أسرتك قبل الإسلام وبعده ؟ قبل الإسلام: كانت تتكون أسرتي من أربعة أشخاص وهم أنا وأختي وأمي ووالدي، كانت أسرة نصرانية كأي أسرة متدينة تذهب إلى الكنيسة وتحضر قداسها في مواعيدها ( الأحد والجمعة )، تؤدي جميع الطقوس داخلها من اعتراف، أو تناول، أو صلاة. فالاعتراف: هو اعتراف العبد للقسيس بذنبه الذي اقترفه خلال الأسبوع، وكل فرد في الكنيسة يجب عليه هذا الاعتراف أمام القسيس، ويختار لنفسه قسيساً معيناً، ويسمى بعدها هذا القسيس ( الأب الروحي ) ، وبعضهم يسمي هذا القسيس ( الضمير الروحي ) !!! ويعد الاعتراف سراً من بين أسرار الكنيسة السبعة وهي :
1- سر المعمودية أو التغطيس أو التنصير.
2- سر العشاء الرباني أو التناول.
3- سر التناول . 4- سر التثليث .
5- سر الزواج .
7- سر الكهنوت.
واكتفي بشرح الاعتراف والتناول حتى لا يتشعب الموضوع ويتفرق من بين أيدينا .. التناول: يلي الاعتراف[1]، وهو[2] عبارة عن ( نبيذ العنب ) ( الخمر ) ويقرأ عليه القسيس بعض الطقوس ما يقرب من ساعة ونصف تقريباً، وحسب اعتقادهم يقولون: قد يتحول هذا الخمر إلى دم المسيح ويشرب كل من اعترف للقسيس ملعقة من هذا الخمر . ويجذبني الحديث إلى تعريف ( أخي القارئ ) بالقداس في الكنيسة: فالقداس هو ما يفعل صباح يوم الجمعة والأحد، وهذا القداس في نظرهم قمة العبادة، ويؤدون فيه بعض الطقوس باللغة القبطية القديمة، وأكثر الذين يصلون خلف القسيس لا يعلمون عن هذه الكلمات شيئاً ... ( لا تضحك !! فليس بعد الكفر ذنب ) !!! وهذه الأسرار السبعة ما هي إلا شرك باله، كما يظهر ذلك في – تثليث الأب والابن والروح القدس حيث اتخذوا المسيح عليه السلام إلهاً نم دون الله، ويتم تمجيده على هذا الأساس. وكنت أذهب مع عائلتي إلى الكنيسة يوم الجمعة في الصباح وكذلك الأحد، ذلك المكان الموحش ، الممتلئ بدخان المباخر في كل جوانب الكنيسة، حتى إنك تكاد لا ترى يدك من شدة هذا الضباب من الدخان، - كذلك لم يكن هناك من يشبع رغبتي داخلها لأن كلام القس في القداس باللغة القبطية – إلا أنهم كانوا في مدارس الأحد[3]، يتم عمل مسابقات وهدايا مِمَّا يُرغّب الأطفال في الذهاب إلى الكنيسة.
* عمل الوالد والوالدة : والدي كان تاجر حبوب، وأمي كانت تعمل في مجال التمريض، وكنت دائماً أحب أن أكون مع والدي في الدكان حتى كنت أسارع في البيع والشراء ، كذلك كان هناك متجر حبوب آخر ملكاً للعائلة الكبيرة ، الجد والجدة والأعمام والعمات، وكان لي مكانة مميزة عند جدي برغم وجود أبناء العم من حولي . كذلك لي عم آخر وكان ذلك العم يحبني حباً كثيراً ويقول : ( إنني أعتبرك ابني وأنا على يقين أن والدك لا يعرف قيمتك مثلي )، – الحمد لله – كنت ماهراً في التجارة ، ماهراً مع الناس ، اشتهرت بحسن الخلق وحسن التعامل مع الناس وكذلك الصدق في المنزل ، كان – والحمد لله – أسلوبي طيباً مع الناس جميعاً ، وهذا مما فُطرتُ ونشأت عليه . * بداية النور : وفي بداية دخول النور إلى بيتنا الذي أنار بنور الإسلام شعرت بتوجه أمي الحنون نحو الإسلام – لا تعجب فـ ( القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء ) وجدت أمي تنفر من النصرانية ، حتى أنها بدأت تمتنع عن الذهاب إلى الكنيسة وتميل إلى الإسلام . وفي ذلك الوقت وافق صيام شهر رمضان ، الصيام عند النصارى ، حيث يفطر المسلمون عند المغرب ، ويفطر النصارى عند ظهور النجوم في السماء ، عند اقتراب المغرب [4]. وعندما كانت تظهر النجوم في السماء كان ذلك يسبق الأذان ، إلا أن الأم كانت تنتظر حتى تسمع الأذان ، تعجبتُ ! وفي مرة من المرات قلت لها (ماما) ما هذا ؟ إني أراك لا تفطرين عند ظهور النجم في السماء مثلنا وتأكلين عند أذان المغرب كالمسلمين . ما هذا ؟!!!! أخبريني بصراحة الأمر . فتقول يا عماد – يا عماد لا تشغل بالك . وعلمت بعد ذلك أنها بسلوكها هذا تتجهُ إلى الإسلام وتميل إليه وأنها كانت تصوم رمضان ، ولم تكن صائمة صيام العذراء ، لأن صيام العذراء كان خمسة عشر يوماً ولكنها صامت ثلاثين يوماً حتى انتهى شهر رمضان المبارك . بدأت تظهر كثيرٌ من المواقف مثل هذا وعلى سبيل المثال : كان وما زال يأتي درس الشيخ الشعراوي يوم الجمعة بعد الصلاة ، والمعروف لدى النصارى أنه وقتما يكون الشعراوي في التلفاز تكون لديهم ساعة نحس ، وكان ذلك مختلف تماماً عند أمي ، فكانت تجلس أمام التلفاز صامتة كما لو أن طفلاً أمام والده ، أو تلميذاً أمام أستاذه ، حتى لو أنك حدثتها لم تجبك من شدة انتباهها لدرس الشيخ الشعراوي. وفي تلك الفترة كان هناك برنامج اسمه ( ندوة للرأي ) لمجموعة من العلماء ، فكانت تجلس وتركز انتباهها على سماع الإجابة.
كل هذه التغيرات كانت واضحة في أمي أثناء هذه الفترة . لما فكرت أمي في إظهار إسلامها جلست معي وقالت لي يا عماد وأنت ابني الوحيد ولن أجد أحداً يسترني غيرك ! كانت لهجة أمي متغيرة وكأنها خائفة من شيء فقلت لها خيراً ( يا ست الكل ) كانت مترددة في حديثها معي . ثم قالت في حديثها معي ( لا – لا أنت أبني الكبير وأول فرحتي في هذه الدنيا لا يمكن أن تفكر في يوم أنك تؤذي أمك ) . من هذه الكلمات بدأت أشعر بالرعب يدب في قلبي ( خائفة ، لا يمكن أن تفكر في يوم أنك تؤذي أمك - لا – لا أنت ابني الوحيد . هذه الكلمات لها معان كثيرة جداً وتحمل أكثر من علامة استفهام ؟؟؟ . وسط هذا التفكير السريع سألت أمي لماذا هذا التردد – ماذا حدث وماذا سيحدث ... ؟ يا أمي ، أريحي قلبك ، وأريحيني ولكن ( الأم هي الأم ) قالت : ماذا تفعل لو حاولا قتلي .... ؟! قتلك !!! من سيقتلك ؟!! قالت : إخوتي ، وأبوك، وأفراد العائلة كاملة. قلت لها: ولماذا وأنت أفضل أخت لهم وهم يحبونك جميعاً ؟ وبنظرة إلى عين أمي المملوءة بالدموع قالت : ماذا تفعل لو صرت مسلمة !! هل ستحاربني مثلهم ؟ قلت لها: الأم هي الأم ، وأنت في كل الأحوال أمي ... ثم غلب عليّ البكاء وتعانقنا ، وقالت : إن هذا الموضوع اجعله سرّاً بيني وبينك . هذا الموقف هزني كثيراً لقد كان بداخلي، أسئلة كثيرة تحيرني وأفكار عديدة تقلقني ، وهواجس رهيبة تكاد تمزق قلبي ، وحيرة لا أجد لها حلاً !!!
صورة للشيخ عماد المهدي مع الداعية الشيخ محمد حسان في بيته في المنصورة
* الصدمة الأولى: بعد هذا الموقف بعدة أيام رجعت من المدرسة فلم أجد أمي، ولم أجد ملابسها، ولم أجد أحداً في المنزل. شعرت ساعتها بوحشة الفراق، وغربة البعاد، بعاد الأم الغالية، وقد خيّمت عليّ الكآبة، واستولى عليّ الخوف من المستقبل، وتمنيت لو كان ذلك حلماً ولم يكن حقيقة، ذهبت على الفور لدكان أبي وقلت له: يا أبي – عدت فلم أجد أمي في المنزل: قال: لعلها عند إحدى صديقاتها.. قلت: يا أبي – حتى ملابسها لم أجدها بالدولاب. قال الأب: ماذا تقول يا عماد ؟ فكررتُ، وهنا ازداد تعجب أبي وقام مندهشاً . وذهب معي على الفور إلى المنزل – إنها الصدمة أين أمك ؟ أين ؟ … أين ؟ واقسم أنه لم يغضبها ولم يقع بينهما ما يوجب الخلاف أو الغضب ، وشملت الصدمة كل أفراد العائلة ، إنها أسلمت وأعلنت إسلامها أمام الجهات المسؤولة ولن تعود إلى البيت أبداً … !! جُنّ جنون العائلة كلها وفقدت توازنها، وصارت تقول في حق الإسلام والمسلمين كل ما يقال من ألفاظ السب والشتم واللعن وصار الجميع ( الوالد والأعمام والأخوال ) في حالة عصبية شديدة جداً، انفعالية في الكلام حتى فيما بينهم، واعتبروها كارثة وعاراً ألحق بالعائلة كلها نزل بهم وحل عليهم جميعاً . وكان من بين البلاء الذي حل عليّ وقتها أن أمي كانت تُشتم وتُسب بأفظع الشتائم من أقرب الأقارب والأخوال والأعمام ، وكانوا دائماً يقولون إنها كانت تشبه المسلمين في كذا وكذا . ومنهم من كان يقول بنت كذا وكذا تركَتْ أولادها وذهبت إلى الإسلام. كنت أسمع ذلك وأشاهده ولم أستطع الرد ولا الدفاع عنها ، ولكن العم كان يذهب إليها في الجهات المختصة ليوقع الإقرار تلو الإقرار بعدم التعرض لها. ولما كان يلقاها كان يتعطفها كي تعود إلى ولديها لشدة حاجتهما إليه .
* حلاوة الإيمان : لكن أمي رفضت هذا الإلحاح بشدة بعدما ذاقت حلاوة الإيمان، وأسلمت – والحمد لله رب العالمين – وتركتنا وديعة عند من لا تضيع ودائعه – سبحانه وتعالى – خير حافظ وأفضل معين ، وهو أرحم الراحمين .
* موقف الكنيسة : كنت أتردد على الكنيسة وأحضر جميع دروسها ولا سيما درس الثلاثاء ، كان درساً معروفاً لدى الجميع في الكنيسة ، ويحاضر فيه القس بنفسه محاضرة عامة تتعلق بموضوعات شتى ، خاصة المحاضرات السياسية . ويتحدث فيه بحرية ويبدي آراءه دون حسيب أو رقيب عليه في حديثه . وخلال درس من دروس الثلاثاء هذا تعرض في حديثه إلى موضوع أمي لأنه كان موضوع الساعة وقتها ، والكل يتحدث عنه في الكنيسة . فقال هذا القس : ( تذكرون فلانة الفلانية وذكر اسمها ) التي استسْلَمت للشيطان وأعلنت إسلامها وخانت المسيح والمسيحية ، - وباعت أولادها - ، وباعت نفسها للمسلمين ، وتركت الطهارة وذهبت إلى { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا } [الكهف: 5].
* وصمة عار : المرأة التي تركت المسيح الإله المخلص[5] لهذا الكون أراد المسيح نفسه أن يفضحها بعد أن خانت الكنيسة وهي الآن ملقاة في السجن في قضية من قضايا الآداب .. ؟؟ هنا أصابني الذهول وكادت نظرة الحاضرين أن تقتلني ، وكأنني ارتكبت أشنع الجرائم الخلقية، كأني ارتكبت جريمة الزنا والعياذ بالله. قلت : هذا غير معقول ؟ أمي تجازف بترك دينها وترك عبادة المسيح وتتركنا أنا وأختي هنا نواجه كل هذا البلاء ولا ذنب لنا، كرهت نفسي وتمنيت أن الموت يأتيني في كل لحظة، وخرجتُ من الكنيسة ويعلم الله أني لا أدري كيف أسير في الشارع تكاد عيني لا ترى أحداً من الناس، وبينما أنا على هذه الحال من الكآبة والحزن الشديد سمعت صوتاً ينادي عليّ عماد ( عمدة )[6] فرأيت أمي كانت تسير دائماً قرب منزلنا لترانا أنا وأختي على حذر، وأرْسَلت امرأة من الجيران في منزلنا لهذا الغرض وعَلِمتْ أني في الكنيسة واقترب موعد رجوعي فانتظرتني عند عودتي تسعد بلقائي ، وقتها شَعُرت بصراع شديد في داخلي، ومجموعة من المشاعر المتضاربة، إنها أمي الحبيبة الحنونة ! ... إنها السيدة التي باعت المسيح ولا بد من الانتقام منها ... وسط هذا التفكير لم اسمع منها أي كلمة من شدة ذهولي .. والتفتُّ لها وقلت متى خرجت من السجن! كانت معها مجموعة من زميلاتها في مجال التمريض ولفيفٌ من الجيران المسلمين وقالت : بل قالوا جميعاً ( سجن إيه ) ! أمك فضّلت الآخرة على الدنيا . قالت أمي : ( عمدة ابني حبيبي ) ألم أقل لك إنهم سوف يرمونني بالتهم ، خذ هذه الورقة فيها عنواني على أن تتعهد لي بأن لا تعطي هذا العنوان لأحد. وسلّمتُ عليها وقبلتها ، وكان من بين الحاضرين رجل ملتح ، وزوجته منقبة ، قال هداك الله ووضع يده على كتفي لكنني نزعتها بعنف وشدة، وتركت أمي ورجعت إلى منزلنا المظلم[7] رأيت أختي (هبة) لكنها كانت صغيرة لم تع أو تفهم ما يدور من حولنا ، نظرتُ إليها وقلت : ما ذنب الأبناء بما يفعله الآباء . كلمة سمعتها من مدرس نصراني تعليقاً على موضوعنا.
أصبح أمامي موضوع هام جداً وهو زيارة أمي في منزلها ، وكان قد مر على لقائي بها وإعطائي العنوان المذكور ستة أيام تقريباً وكان ذلك قبيل المغرب . من هنا اخترق نور الإيمان قلبي المظلم[8] ؟ عندئذ ذهبت إلى أمي لزيارتها في منزلها فاستقبلتني استقبالاً رائعاً وجلستُ أنظر إلى منزلها المتواضع ذي الفرش البسيط ، ووسط هذه النظرات السريعة إذ بالمنادي ينادي : ( الله أكبر ... الله أكبر ... ) الأذان . والله الذي لا إله غيره كأني أسمع هذا الأذان لأول مرة في حياتي رغم سماعي لهذا الأذان مئات المرات، ولكن كان لهذا الأذان في هذه اللحظة بالذات وقع عظيم في قلبي لم أشعر به من قبل. قامت أمي من جواري على الفور وذَهَبَتْ فتطهرَّتْ وتوضّأت ثم دخلت في صلاة المغرب وجعلت تتلو القرآن في الصلاة بصوت مسموع ، وكنت لأول مرة أسمع القرآن من أمي ، إنها سورة (الإخلاص) وكان ذلك الموقف لا يوصف كان له أثر طيب على مشاعري ، تمنيت أن أجلس على الأرض وأقبل قدمَي أمي وهي تصلي ، شعرت بشيء ما يغسل قلبي ، دخل عليّ صفاء وحب امتلكني . شعور غريب ، إنها روح جديدة تسري في جسدي ، واجتمعت في نفسي إشعاعات النور وشعرت بإشراق شمسِ يومٍ جديد بعد الغيوم القاتمة وظلام الليل الدامس . غلب علي البكاء بمدى الظلم الذي وقع عليها من ذاك القس في درس الثلاثاء الماضي ، تمنيت أن أرى هذا القس ليأخذ جزاءه مني فقد اعتدى على أمي .. !! دون أي وجه حق لماذا يشوه سيرتها ؟! أهذا عدل ؟ أبذلك أمر المسيح ؟ هل هذا هو القس الذي يعترف له المُذنب ؟ هل هذا هو قدوة المجتمع النصراني من الداخل .. ؟! كل هذه تساءلات كانت في حاجة إلى إجابة ..
* تغير واضح: جلست مع أمي ما يقرب من ساعة ونصف وأحضرت لي طعاماً وأكلتُ معها كان هذا اليوم وهذه الزيارة كأنها حلم جميل ، لا أكاد أصدق أن هذا قد حدث وأن له واقع ملموس.
* مناظرة مع القس: خرجت من عند أمي وأنا مرتاح القلب مثلج الصدر وذهبتُ إلى منزلنا، وفي الثوم الثاني ذهبت إلى الكنيسة لحضور المحاضرة المعروفة كل ثلاثاء . كان يتحدث نفس القس وأثناء المحاضرة أراد أن يكمل حديثه القذر عن هذه الجوهرة المصونة، ويكمل حديثه عن أمي الطاهرة البريئة . فقال هذا القسُّ: أما عن فلانة فكنت عندها أمس وقلت لها يا بنتي إن أولادك أحوج ما يكونون إليك ، لكن للأسف ما زالت في السجن وكانت هناك صعوبة بالغة حتى أتمكن من الحديث معها بتوسع ، لأنكم تعرفون السجن ، وما أدراكم ما السجن على العموم هذا جزاء كل بائع للمسيح وهذا جزاء كل خائن . في هذه اللحظة شاهدت كل فرد في الكنيسة ينظر إليّ نظرات عجيبة فلم أمتلك نفسي ووقفت أمام هذا الطاغوت أحدثه بأعلى صوت ... بدأت حديثي بما يلي: كفاية يا أبونا [9]. ثم وجهت كلامي للجميع قائلاً يا حضرات أنا كنت عند أمي أمس ولم تدخل السجن كما سمعتم وهذا الرجل كذاب بل إنه على العكس تماماً مما قاله هذا القس . انتبه إلي الجميع لي يحاولون تهديئي بكافة الطرق ويذكروني بمكانة القس . قال هذا القس يخاطبني: ما لك يا عماد عيب عليك ، اسكت يا بني ، ماذا حصل لك ؟ ماذا في الأمر ؟ قلت: أنت كذاب . وأثناء حديثي المباشر له سكت الجميع والتفتُّ لجمهور الحاضرين وقلت لهم: يا جماعة أنا كنت عند أمي في أمس فقط في المنزل وليست في السجن . عندما سمعَت أمي الأذان قامت وتطهرت وتوضأت وصلت ( منتهى النقاء ) والله رأيت في وجهها نضارة ما بعدها نضارة. يا جماعة أمي ليست في السجن كما يزعم (أبونا) وهاكم العنوان لمن يرغب في زيارتها . وأقسِم لكم أنني عندما سمعت آيات القرآن من أمي كانت هذه الآيات تغسلني وتطهرني من داخلي . فقاطعني القس قائلاً : اسكت يا ولد وإلا سأطردك خارج الكنيسة والدك لم يستطع تربيتك يا قليل الأدب . قلت له : دعني أسألك يا أبونا : هل أنت تتطهر قبل الصلاة كما يتطهر المسلمون[10]؟ حينئذ جن جنون الجميع كبيراً وصغيراً اسودّت وجوههم وكشروا عن أنيابهم . فمن قائل: اسكت لقد جاوزت حدود الأدب .. ومن قائل أنت قليل الأدب والبعض قد انهال عليّ بالضرب . أما القس فقد تغير لونه واسود وجهه وارتعشت يداه وظهر على وجهه الاضطراب والهزيمة والفضيحة. وقال كلمته الأخيرة الدالة على ألم الهزيمة ومرارتها : اتركوا هذا الولد .. فقد أجرَت له أمه غسيل مخ . خرجتُ من الكنيسة وأنا مرتاح البال ، ورغم أنني كنت خائفاً مما سيحدث بعد ذلك، وظللت أبكي حتى توجهت إلى بيت أحد أصدقائي الأعزاء ، من الذين قويت صلتي بهم وتأكدت صداقتي معهم على مر الأيام، فلم أجده في البيت، ورأتني أمه على حالي التي كنت عليها فرقّت لحالي وحزنت من أجلي وقالت : ( منها لله أمك هي السبب فلينتقم الله منها). لم أكد أسمع كلام هذه المرأة حتى رغِبت في الهجوم عليها وكدت أن أخنقها هي وذلك القس الكاذب، وغالبت نفسي وقلت: لعل هذا الغضب من مواجهة القس والتجرؤ عليه. ( وسوسة من الشيطان)، فلأرجعن إلى الإنجيل لعلي أجد فيه السكينة والهداية والهدوء. أمسكت الإنجيل لعلي أجد فيه شيئاً يرفع عني هذا الكرب وهذا الغمّ الذي ألمّ بي، ولكن سرعان ما عدت إلى صوابي، وقلت في نفسي هل هذا كتاب الله حتى أرجع إليه ؟ ثم عدت ثانية إلى الإنجيل أمسكه ولم أزل ممسكاً به فازدادت كآبتي ، واشتد حزني ، وكثرت علامات الاستفهام من حولي واستشعرت بل وتأكدت أنه كتاب كأي كتاب يحكي قصة شخص أكل وشرب ونام وفعل كذا الغرائب وخوارق العادات . ثم قلت من المتحدث في كل هذا ؟ أو من الذي كتب هذه الأخبار بعد رفع المسح، ولماذا تتعدد الروايات وتختلف وتتناقض أحياناً ، ويوجد فيها كثير من الخرافات. شعرت بملل غير عادي من القراءة في الإنجيل ، وظهرت علامات استفهام أخرى. لكن حرصي على الوصول إلى الحقيقة دفعني لمزيد من المراجعة ومعاودة قراءة الإنجيل مرة أخرى. وبعد أيام في يوم الجمعة ذهبت إلى الكنيسة في قداس الصباح وجاء دوري في الاعتراف ووقفت أمامه وقلت له : هناك أسئلة كثيرة أنا في حاجة إلى الإجابة عليها ، هناك أسئلة من داخل الإنجيل لم أجد من يُجيب عليها ، قال : وعدٌ مني يا (عماد أفندي) نجلس سوياً وأجيب على جميع أسئلتك، ثم قرأ على رأسي بكلمات كنا نعرفها جيداً في النصرانية . وبعد عدة أيام أرسل لي القس هدية ( صليباً من الذهب الخالص ) مع ( سلسلة عنق ) ولاحظت أن معاملته تغيرت معي تماماً ، وأصبح يعاملني بأحسن ما يكون. وذات مرة فاجأني بقوله في ( لهجة حانية) أنا آسف يا ابن المسيح إذ ذكرت أمك بما ذكرتها على تلك الصورة التي ضايقتك فأنت ابن المسيح ونحن نحبك جميعاً ، كذلك المسيح يحبك . ولم أعرف أن ذلك القس الخبيث يدبر مكيدة لينتقم مني . فقال لي يا (عماد) أرسل لي أباك وعمك أريدهما في أمر ضروري أمر سيسعدك جداً جداً وستكون مستريحاً للغاية . لم أعلم أن هذا الخبيث يدبر لي مكيدة وأنه يريد والدي وعمي من أجل هذا.
وفي نفس اليوم قلت لأبي : إن القس فلان يريدك في أمر ضروري جداً . فقال : لماذا ؟ قلت له لا أدري كذلك يُريد عمي . فقال والدي سنذهب له يوم الجمعة القادم . وفي يوم الجمعة ذهبت أنا ووالدي وعمي إلى الكنيسة حيث قداس الجمعة وبعد القداس التقى والدي وعمي مع القس ، ولما هممت بالدخول في صحبتهما استوقفني القس وطلب مني أن أنتظر خارج الغرفة لأن الحديث مع الوالد والعم في شأن هام جداً وخاص . ومكثوا في اجتماعهم ما يقرب من ساعة خرج والدي وعمي في حالة حزن شديد ولما سالت والدي ماذا حدث قال لي: لا شيء ، وفي المنزل قال لي : إنه يُريدك أنت وأختك لتمكثا معه في دير لمدة ثلاثة أيام استبشرت بتلك الرسالة الفريدة لما يتمتع به ذلك الدير وذاك ( الأنبا) من مكانة عالية في نفوس النصارى وما في هذا الدير من كرامات[11]. قلت لوالدي : ثلاثة أيام في هذا المكان؟ قال : نعم ، فأجبته بالموافقة وطلب مني أن أستعد للسفر خللا يومين أنا وأختي هبة وكان والدي حزيناً جداً على غير الغادة وبعد يومين جاء الموعد .
* خداع : وقام والدي يساعدني في إعداد حقيبة السفر وتعجبتُ لما وجدت والدي يضع كل ملابسي أنا وأختي ... سألته يا أبي لماذا تضع كل ملابسي ؟ ... إنها ثلاثة أيام فقط . قال لي أبي : ( عماد يا بني ) ستعرف كل شيء وذهبنا إلى المطرانية في القاهرة ، وإذا بي أرى أبي منهمكاً في إنهاء بعض الإجراءات ثم انتقلنا إلى بني سويف وفي الطريق سألته إلى أين نحن ذاهبون أنا وأختي ؟ وعِنْدَ مَن ؟ ليس لنا أقارب في بني سويف !! قال: ( هناك ستكونون في أحسن حال وأروق بال ، وسأكون عندكم بعد أسبوع علشان تكونوا في غاية الانبساط ) وإذ بوالدي يبكي وحضن أختي هبة الصغيرة ويزيد في البكاء ويقول : ( منها لله أمك منها لله هي السبب ) . وصلنا بني سويف (المطرانية ) وتحدث أبي مع المطران ثم ذهب بنا إلى بيت اسمه ( بيت الشماسة ) وكان هذا المنزل قديماً مقابلاً لقصر الثقافة ، وكان رئيس هذا المنزل قسيساً ومشرفاً عاماً ، ورجلاً صعيدي الأصل ، شديد اللحية ، فسلم والدي عليّ وأوصاني بأختي وودعني ثم انصرف وذهبتْ أختي إلى مكان مجاور للمطرانية هو ( بيت الفتيات)، تعرفتُ على أفراد المنزل من الشباب ، وذهب بي المشرف إلى غرفة كان المكان غير مرح لأن كل الغرف كانت شبه عنبر السجن، حيث الأسرة ذات الطابقين والملابس المرقعة من الخلف ، والزي الموحد وكثرة عدد المقيمين وطريقة أسلوب قذرة ، من ألفاظ وأحاديث فيما بينهم وشتائم كل منهم للآخر والتنابذ بالألقاب. كان الموقف صعباً عليّ لأن المكان غير مريح ، والصحبة لا تعاشر وبعد عدة أيام سألت المشرف إلى متى الجلوس ها ومتى سأعود إلى محافظتي ؟ كان الرد أفظع رد، وكان هذا اليوم عصيباً ، وكنتُ محل سخرية من الجميع . حفظت أشياء خلف القسيس وتهيأت بكل التعاليم من القساوسة والمشرفين، والكل كان يقول : إن هذا الشاب له مستقبل باهر في الحديث والمناقشة ، وقد تم رشمي شماساً[12] في بني سويف ، وتم قص شعري على شكل صليب، وتمتم ببعض الكلمات وقال مطران بني سويف أثناء رشمي ( عقبال ما تبقى قسيس ) وصرت منذ تلك اللحظة حائزاً على درجة (شماس) داخل الهيكل، بدأت تدور الأيام وبدأتُ أتأقلم مع شباب البيت ، وأصبحت محبوباً لديهم جميعاً لحسن القول معهم وحسن التعامل . مللت الحياة داخل البيت بسبب تعاليم النصرانية التي كانت تصب فوق رؤوسنا على غير شرح أو تعليل . بدأت في كتابة الخطابات لوالدي وأخذت أشرح له الوضع الذي أنا فيه من ألم وحزن شديد وغربة ما بعدها غربة . لكن كل الخطابات التي ذهبت له من بني سويف كانت دون جدوى !!
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.71 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]