عرض مشاركة واحدة
  #1356  
قديم 12-12-2013, 05:31 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

أكذوبة الفرقان الحق
1


بقلم الباحث: ياسر الأقرع
بعد أن حزم مسيلمة حقائبه ورحل موسوماً بصفة الكذاب، يطالعنا العصر الحديث بمحاولة جديدة لتقليد النص القرآني لفظاً ومعنىً وأسلوباً وصياغة... معترفة – دون أن تدرك – أنها تعدُّ القرآن غاية البلاغة ومنتهاها.
ومن هذه المحاولات ما سمِّي بالفرقان الحق، وسوف نتناول آية مزعومة من السورة التي أسموها "سورة الحق" وفي أول "آية" منها يقولون:
"وأنزلنا الفرقان الحقَّ نوراً على نور محقاً للحقّ ومزهقاً للباطل وإن كره المبطلون"، لنتأمل هذه الأخطاء الغزيرة في الحروف والكلمات والأفعال والأسماء، وحتى في اسم هذا الكتاب !
أخطاء في الحروف
يبدأ هذا النص ( بالواو ) والواو على تعدد أنواعها ( أحد عشر نوعاً ) فإنها لا تأتي في هذا الموضع إلا على احتمالين:
إما أن تكون استئنافية، أو تكون عاطفة .
وفي كلا الحالين لابد من كلام قبلها ، لنستأنف بالواو ما بدأناه ، أو نعطف بها على جملة سبقتها . فلابدّ إذاً من تقدير جملة محذوفة ( منويّة ) قبل الواو ، غير أنْ لا بد للمحذوف من كلام يدلّ عليه أو يشير إليه ، وليس فيما يلي الواو ما يدلّ على معنى سابق مقدّر ، فما الحاجة إليها إذاً وهي لم تُفِدْ شيئاً ، ولم تضف معنى ؟ بل يمكن الاستغناء عنها ، أو إبدالها حرف توكيد ، حيث تتأتى من ذلك فائدة ليست في وجود الواو في هذا الموضع .
أخطاء في الكلمات
ثم يلي ذلك ، الفعل ( أنزلنا ) فالإنزال من أعلى إلى أدنى فعَلامَ ذُكر الإنزال في نصّ مكتوب من إنسان أو مجموعة من الناس إلى أقرانهم من البشر ولماذا لا يكون ( قدّمنا ـ كتبنا ـ أرسلنا ـ ألّفنا ... ) أو مثل ذلك وهو كثير . وهذه الـ ( نا ) الدالة على الفاعلين ، على من تعود ؟ ذلك أنَّ الضمير لا يؤدي غايته إلا إذا كان معروفاً لدى المتكم والسامع على حدّ سواء ، أو كان مفهوماً من السياق ، أو سبقت الإشارة إليه، وليس من ذلك شيء هاهنا .
الفرقان( الذي يفرق بين الحق والباطل ) : الفرقان اسم معرف بأل وهذه الـ ( أل ) تفيد في أحد أمرين فإما أن يكون المتكلم والمخاطب متفقين على المعرّف بحيث تدل هذه الـ (أل) على ما تعارفا عليه كقولك لمن وضعت عنده كتاباً ( أين الكتاب ؟ ) فيناولك إياه .
أو تفيد الكمال أي تقول ( هذا الكلام ) أو ( هذا الرجل) وتقصد الكلام الكامل كما يجب أن يكون والرجولة الكاملة كما يجب أن تكون .
أخطاء في الصفات
والفرقان هو ما يَفْرِقُ بين الحقّ والباطل ، والفرقان بذكره معرّفاً بأل يفيد الكمال أي كمال التفريق بين الحق والباطل ومن هنا فلا يضيف وصفه بـ ( الحقّ ) إلى معنى الفرقان جديداً ، فتنعدم بذلك الفائدة من الصفة .
فلو قيل ( الفرقان ) دون وصفه لكان المعنى الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل بشكله الكامل الذي لا نقص فيه فهو ( الحقّ ) .
وثمة احتمال آخر وهو أن يكون ثمة فرقان آخر هو الباطل وهذا الفرقان هو الحق . فالصفة تفرّق بين اسمين مشتركين في اللفظ فتقول (مررت بزيد القائم ) وهذا يقتضي وجود رجل اسمه زيد وهو غير قائم .
لكن كلمة الفرقان وحدها تكفي لتفند دعاوى من يدّعي باطلاً بأنه فرقان ، ومن يكون حقاً فرقاناً ، فلو ادّعى مجموعة أشخاص بأن كلاً منهم هو حكم أو عادل ، ثم أشرت إلى رجل وقلت (هذا الحكم ) أو ( هذا العادل )، لكفاك ذلك في دحض دعاوى غيره بأنهم الحكام أو العادلون .
أخطاء في الأسماء
ثم تأتي كلمة ( نوراً ) وهي اسم جامد بمعنى المشتق، فالمقصود ( منوّراً ) وهذا ما يؤكده ما جاء بعدها من أحوال ( محقاً ـ مزهقاً ) إذاً فكلمة ( نوراً ) جاءت في الجملة حالاً ، فكيف جاء الفرقان الذي هو يفرّق بين الحق والباطل نوراً على نور وقد كان ثمة نزاع أو خصام بين حق وباطل فهو نور نزل على ظلام .
ولو قيل : هو ( نور على نور ) في ذاته فليس المقصود إنزاله نوراً !! لكان الجواب : إن ذلك ممكن لو جاء على غير حالة النصب التي جاء عليها. فلو قيل أنزلنا الفرقان الحق وهو نور على نور محقاً ... إلخ ، لكان يفهم من ذلك أنه نور على نور في ذاته، أما كونه حالاً فإنه لا يؤدي معنى الثبات.فليس المقصود إذاً أنه نور على نور في ذاته، بل إنه جاء نوراً على نورٍ، وكونه جاء ليفرق بين حقٍّ وباطل كائنين قبل نزوله ، فليس فيما هو كائن قبل نزوله نور إذاً .
ثم تأتي (محقّاً ) وهذا اسم فاعل من الفعل ( أحقَّ ) والفعل ليس رباعياً وإنما هو ثلاثي فهو ( حقق ) كما ورد في المعجم ( انظر : لسان العرب/ ج10 / ص49-58 )، ومن ثمَّ فصياغة اسم الفاعل من الثلاثي المبني للمعلوم تكون على وزن فاعل فيقال ( حاقّ ) ولو كان الفعل ( أًحَقَّ ) أي رباعياً لما صح أن تكون صيغة التفضيل منه ( أحقّ ) لأنَّ هذه الصيغة تصاغ من الثلاثي لا من الرباعي .
ثم تأتي كلمة ( مزهقاً ) وأصل الفعل ثلاثي مبني للمعلوم ( زَهَقَ ) واسم الفاعل منه ( زاهق ) وليس ( مُزهقاً )
أخطاء في استعمال الكلمات
و(زاهق) على وزن فاعل غير أنه يدل على الثبات، فهو صفة مشبهة وليس اسم فاعل، وكذلك قولنا ( زهوق ) فهي صفة مشبهة وليست مبالغة من اسم الفاعل . ثم إنَّ الفعلين ( حقق ) و ( زهق ) فعلان لا يتعديان بـ(اللام) فأنت تقول ( حققت الحقَ وزَهَقْتُ الباطل ) ولا تقول (حققت للحق وزهقت للباطل ).
وجاءت هنا ( محقاً للحق ومزهقاً للباطل ) فما الفرق بين ( محقّ الحقّ ) و ( مُحقّ للحق )
َ يقول النحاة: إن اسم الفاعل إذا نصب مفعولاً كان دالاً على الحال أو الاستقبال ومثال ذلك ، أما إذا دخلت اللام على المفعول به أفاد الإطلاق، فقولك ( أنت منصف خالداً ) هذا يدل على حالتك الآن أو لما سيأتي ، وقولك ( أنت منصف لخالد ) دليل على الإطلاق أي أن الأمر كائن ،ماضياً وحاضراً و مستقبلا.ً فكيف يكون إنزال النص محقاً للحق ومزهقاً للباطل وهذا الأمر يدل على الإطلاق. فالنص محقّ الحق مزهق الباطل ماضياً ( قبل الإنزال ) وحاضراً ومستقبلاً .
فإن صلح ذلك حاضراً ومستقبلاً فكيف يحق الحق ويزهق الباطل قبل نزوله، ومنه فيجب أن تكون ( محقّ الحقّ مزهق الباطل ).
أخطاء في البلاغة
ثم يأتي القول : ( محقاً للحق ومزهقاً للباطل )
إنَّ من البلاغة حذف الواو في هذا الموضع لما فيه من الإيجاز ، ذلك أن إثباتها يقتضي تغاير المعطوف والمعطوف عليه ، فإذا حُذِفَت أَشْعَرَ ذلك بأن الكلَّ كالشيء الواحد ، وهنا من يحق الحق ويزهق الباطل واحد، وهو الفرقان حسب ما جاء في النص .
فمن البلاغة أن تأتي الواو بين الصفات المتباعدة المتناقضة في الظاهر، حيث يبعد في الذهن اجتماع هذه الصفات في ذات واحدة ، فأنت تقول : فلان مهندس وموسيقي وشاعر ، فهذه الصفات تعود لذات واحدة غير أنها متباعدة ، فأتت الواو لتقرر الأمر وتحققه ، وليس في وصف الفرقان ( الذي في اسمه تفريق بين الحق والباطل) بـ( محق الحق مزهق الباطل ) ما يدل على تباعد الصفات أو تناقضها في الظاهر.
بعد أن درسنا النص بلاغياً على مستوى المفردات والتراكيب التي تضمَّنها، علينا أن ننظر إليه نظرة كلية ، بوصفه نصّاً ( وهو جزء من بنية نصية أكبر ) ، ذلك أن الدراسة البلاغية تعنى بالكليات قدر عنايتها بالجزئيات.
إذا كانت البلاغة هي بلوغ المرء بعبارته كنه ما في نفسه مع الاحتراز من الإيجاز المخل، والتطويل المملّ ، فهل خلا النص مما يعد إطالة لا جدوى منها ولا فائدة ؟!
أخطاء حتى في التسمية!
أليس في اسم ( الفرقان ) معرفاً بـ ( أل ) ما يغني عن وصفه بـ ( الحق ) .
وهذا الاسم الذي يتضمن معنى التفريق بين الحق والباطل ألا يغني عن وصفه بـ ( محق الحق ومزهق الباطل ) وعليه فإن هذا الكلام لم يأتِ بجديد .
إذاً في النص كثير كلام لقليل معنى فيمكن والحالة هذه إيجازه وتكثيفه .
ولعل منتهى البلاغة إنما تكمن في الجديد الذي يأتي به النص أسلوباً ونظماً ومعنىً، وهذا النص هو محاولة تقليد للنص القرآني يستخدم ألفاظه ، ويكرّر معانيه ، ويقلّد أسلوبه ، وهو بذلك يعدّ الأصل غاية البلاغة ومنتهاها لذا سعى إلى الصوغ على منواله والسير على نهجه .

الباحث: ياسر الأقرع
ماجستير في اللغة العربية
حمص – سورية
يمكن التواصل على العنوان التالي:
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.47 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]