عرض مشاركة واحدة
  #849  
قديم 07-11-2013, 07:21 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

البرق بين العلم الحديث والكلام النبوي الشريف

(Lightning) Between Science and Prophet Speech
بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل
ملخص البحث
يتضمن هذا البحث كشفاً جديداً في الإعجاز العلمي في السنَّة النبويَّة المطهَّرة، وذلك في حديث المرور على الصراط يوم القيامة، فأسرعُ الناس يمرّ كالبرق، وآخرهم يزحف زحفاً. هذا الحديث الشريف ينطوي على معجزة علمية في قول الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه:(ألم تروا إلى البرق كيف يمرُّ ويرجع في طرفة عين؟) [رواه مسلم]. ومن خلال البحث في المعنى اللغوي الذي يحمله هذا الحديث العظيم، ومقارنة ذلك بآخر ما وصل إليه العلم في مجال هندسة البرق، تبيَّن لنا التطابق التام والكامل بين الكلام النبوي الشريف، وبين ما كشفه العلماء مؤخراً من عمليات معقدة ودقيقة جداً تحدث في ومضة البرق.
فقد بينت التجارب الجديدة أن أي ومضة برق ليست مستمرة كما نراها، بل تتألف من عدة أطوار، أهمها طور المرور وطور الرجوع، أي ما يسميه العلماء اليوم بـ "القائد المارّ" Stepped Leaderوهو الشعاع الذي يمر ويخطو من الغيمة باتجاه الأرض، و"الضربة الراجعة" Return Strokeوهي الشرارة التي ترجع باتجاه الغيمة. أي أن شعاع البرق يمرّ ثم يرجع خلال زمن غير مدرك بالعين، وهذا الزمن يقدر وسطياً بعشرات الأجزاء من الألف من الثانية.
وفي هذا البحث سوف نرى بأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد تحدّث بدقة بالغة عن هذه الأطوار والمراحل بل وحدَّد زمنها أيضاً! وكلّ هذا في ما لا يتجاوز عدة كلمات، بل إن الحديث الذي سنتناوله بالدراسة والتحليل العلمي، يؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من تحدَّث عن سرعة البرق بوضوح كامل، وهو أول من تحدَّث عن الآلية الهندسية الدقيقة للعمليات الفيزيائية التي تحدث في البرق، وأول من حدّد زمن هذه العمليات التي لا تدركها أعيننا.

مقدمة
الحمد لله الذي أكرمنا بنعمة الإيمان، ومنَّ علينا بهذا النبي الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام وبعد:
فإن الحديث عن ظاهرة البرق ظل مرتبطاً بالخرافات والأساطير لآلاف السنين، وفي الزمن الذي عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي في القرن السابع الميلادي لم يكن لأحد علم بالعمليات الدقيقة التي تحدث داخل البرق. ولكن الذي لا ينطق عن الهوى والذي أرسله الله رحمة للعالمين حدثنا عن هذه العمليات بكلمات قليلة في قوله عليه الصلاة والسلام: (ألم تروا إلى البرق كيف يمرُّ ويرجع في طرفة عين؟) [رواه مسلم]. ففي هذه الكلمات معجزة علمية شديدة الوضوح، خصوصاً إذا علمنا أن العلماء يستخدمون نفس الكلمة النبوية من خلال تعبيرهم عن طوري المرور والرجوع، وأن هذين الطورين يستغرقان مدة من الزمن تساوي تماماً الزمن اللازم لطرفة العين!
لقد بدأتُ بتأمل الحديث الشريف، وبدأتُ معه رحلة في عالم المكتشفات العلمية وآخر ما توصل إليه العلماء من حقائق يقينية ثابتة حول هذه الظاهرة الجميلة والمخيفة. هذه الظاهرة ظلَّت مستعصية الفهم أمام العلماء لقرون طويلة، وبالرغم من التطور العلمي والتقني الذي نراه اليوم، إلا أن الآلية الدقيقة لحدوث البرق لم تزل غامضة (1). ولكن في السنوات القليلة الماضية استطاع العلماء فهم الخطوط العريضة لهندسة البرق والعمليات الفيزيائية الأساسية التي تحدث خلاله.
ومن خلال هذا البحث سوف نثبت أن الإنسان لا يمكنه أبداً أن يلاحظ بالعين المجردة هذه الأطوار، والسبب هو أن الزمن اللازم لكل طور يقاس بأجزاء من الألف من الثانية، وبالطبع لا تستطيع العين أن تحلّل المعلومات القادمة إليها خلال زمن كهذا، وهذا يثبت أن الرسول الكريم يحدثنا عن أشياء لم نتمكَّن من رؤيتها إلا بأجهزة التصوير المتطورة والتي تلتقط أكثر من ألف صورة في كل ثانية(2).
هنالك عمليات تحدث داخل البرق وهي محلّ اتفاق من قبل جميع العلماء، ويمكن رؤيتها اليوم بفضل هذه الكاميرات الرقمية المتطورة، كما يمكن اعتبار هذه العمليات كحقائق يقينية لا شكّ فيها. وعلى الرغم من التطور التقني الكبير لهذه الأجهزة تبقى المراحل الدقيقة للبرق لغزاً محيراً للعلماء.
ففي ظل الظروف السائدة داخل شعاع البرق لا يمكن لأي جهاز أن يتحمل ضخامة الحرارة والتوتر العالي جداً. فدرجة الحرارة تصل إلى 30 ألف درجة مئوية، أي خمسة أضعاف حرارة سطح الشمس! ويصل التوتر الكهربائي إلى ملايين الفولتات، وبالتالي تُعتبر دراسة البرق من أصعب أنواع الدراسة وأكثرها تعقيداً، لأن زمن المراحل التي تشكل ومضة البرق من مرتبة المايكرو ثانية، أي جزء من المليون من الثانية، وهذه صعبة الإدراك.
سوف نرى معجزة نبوية أيضاً في هذا الحديث تتمثل في إشارة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام إلى سرعة البرق وأنه يستغرق زمناً ليمر، وليس كما كان الاعتقاد السائد أن البرق يقطع أي مسافة دون الحاجة إلى زمن بل بلمح البصر. فصحَّح هذا النبي الكريم المعتقد الخاطئ بكل صراحة ووضوح.
إنه بحق حديث يفيض بالمعجزات، ولو كان هذا الحديث من اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أو أصحابه إذن لامتزج بخرافات وأساطير عصره، وهذا يدلّ على أن كل كلمة نطق بها سيد البشر وخير الخلق هي وحيٌ من عند خالق البرق سبحانه وتعالى، وأن الله أعطى الرسول الكريم القرآن وأعطاه مثله معه، والمعجزة التي سنراها في هذا البحث تثبت أن الرسول على حق وأن الإسلام دين علم وليس كما يدعي أعداؤه أنه دين تخلف وأساطير!
وسوف نرى أيضاً التطابق الكامل بين ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي، وبين ما توصل إليه العلماء في القرن الحادي والعشرين. وأن هذا الحديث الشريف هو من دلائل نبوّة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وأنه حقاً كما وصفه الله تعالى بقوله:(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3-4].
حقائق تاريخية
ظلت ظاهرة البرق حدثاً مخيفاً ومحيِّراً للعلماء على مدى قرون طويلة، ونُسجت الأساطير الكثيرة حول منشأ البرق وتأثيراته، فكل حضارة كانت تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها حدث مقدس يرتبط بالآلهة، وكل حضارة كانت تحاول إعطاء تفسير لهذا الحدث المرعب. ففي الميثولوجيا الإغريقية مثلاً كان البرق هو سلاح الإله زيوس، الذي استخدمه لقتل أعدائه(3).
شكل (1) صورة تمثل المعتقدات القديمة السائدة قبل آلاف السنين، فقد كانوا ينسبون البرق للآلهة وليس كناموس كوني إلاهي، ففي أساطير الإغريق كان البرق هو سلاح للإله زيوس.
ثم جاء العصر الحديث عندما قام العلماء بتجارب متعددة منذ منتصف القرن السابع عشر الميلادي وحتى يومنا هذا، أي على مدى أكثر من قرنين ونصف، قام خلالها العلماء بآلاف التجارب في سبيل فهم هذه الظاهرة المحيرة، والتي لا تزال التفاصيل الدقيقة مجهولة تماماً بالنسبة لنا حتى الآن.
ففي النصف الثاني من القرن الثامن عشر قام بنيامين فرانكلين Benjamin Franklin بأول تجربة علمية منظّمة أثبت من خلالها الطبيعة الكهربائية للبرق، وأن البرق ما هو إلا شرارة كهربائية ناتجة عن التقاء شحنتين كهربائيتين متعاكستين. فقد قام هذا العالم بربط سلك من الحرير إلى طائرة ورقية وأرسله عالياً أثناء وجود غيوم كثيفة وممطرة، أي أثناء وجود عاصفة رعدية، وربط نهاية السلك بقضيب معدني وغلفه بعازل من الشمع لكي لا تتسبب الشرارة القوية بقتله.
وقد نجحت التجربة، وعندما قرَّب القضيب من الأرض انطلقت شرارة قوية تشبه شرارة البرق، فأثبت بذلك هوية البرق الكهربائية وآلية حدوثه، ولكن النتائج التي حصل عليها كانت متواضعة جداً ولم يستطع إدراك العمليات الدقيقة التي تسبب هذه الشرارة القوية.
أما الفيزيائي السويدي رتشمان G. W. Richmann,والذي قام بتجربة أثبت فيها أن الغيوم الرعدية تحوي شحنات كهربائية، وقد قُتِل بسبب صدمة البرق التي تعرض لها أثناء قيامه بالتجارب. واستمرت التجارب، ولكن المعرفة بالبرق بقيت متواضعة حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما أصبح التصوير الفوتوغرافي ممكناً، عندها أصبح بإمكان العلماء التقاط صور لومضات البرق ومن ثم تحليلها ومعرفة بعض تفاصيلها التي لا تدركها عين الإنسان.
ولكن أجهزة التصوير كانت بطيئة وبقيت العمليات الدقيقة التي ترافق ظاهرة البرق مجهولة حتى الستينات من القرن العشرين، حيث تطورت التجارب وازداد الاهتمام بها لتجنب صدمات البرق التي تتعرض لها المراكب الفضائية والطائرات والمنشآت الصناعية. وقد أمكن استخدام التصوير السريع والمراكب الفضائية والرادارات والحاسوب لمعالجة ودراسة البيانات التي قدمتها مختبرات مراقبة البرق (4).
شكل (2) ظاهرة البرق ظلت لغزاً محيراً للعلماء حتى النصف الأخير من القرن العشرين عندما تطورت أجهزة التصوير والمراقبة والقياس، وقد أنتج العلماء آلاف الأبحاث العلمية حول كهرباء البرق والعمليات الفيزيائية فيه.

وقد استطاع العلماء أخيراً بفضل التصوير فائق السرعة والمعالجة الرقمية للبيانات أن يثبتوا أن ومضة البرق الواحدة قد تتألف من عدة ضربات، وكل ضربة تتألف من عدة مراحل أو أطوار. وقد تم قياس الأزمنة لكل مرحلة بدقة كبيرة، ورؤية هذه المراحل، ولم يتحقق هذا إلا في نهاية القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين.
أنواع البرق
قبل البدء بالتعرف على أسرار البرق وتفاصيله الدقيقة نود أن نعرِّف القارئ الكريم بأهم أنواع البرق والتي قد لا تخطر بباله، لبيان مدى تعقيد هذه الظاهرة والتنوع الكبير في ضربات البرق، فالبرق يمكن أن يضرب في أي مكان على الأرض أو في السماء.
يحدث البرق على عدة أنواع حسب مكان وجود الشحنتين الموجبة والسالبة. وقد دلّت الإحصائيات الحديثة أنه في كل ثانية هنالك مئة ضربة برق على سطح الكرة الأرضية (Uman,1984). وجميع هذه الضربات متشابهة من حيث آلية الحدوث وزمنه.


شكل (3) صورة لومضات البرق ملتقطة بواسطة قمر صناعي، ونلاحظ ضربات البرق المتعددة بشكل دائم وعلى مدار الساعة، الومضات المتدرجة على يسار الصورة هي ضربات برق تحدث في نفس اللحظة.

أكثر الأنواع شيوعاً وأهمية هو البرق الناتج من التقاء شحنتين متعاكستين بين الغيمة والأرض. فغالباً ما تكون الغيمة ذات شحنة سالبة عند الجهة القريبة من الأرض، أما سطح الأرض فيكون ذا شحنة موجبة، ويسمي العلماء هذا النوع "غيمة-أرض" أي Cloud-Groundواختصاراً يرمز لهذا النوع بالحرفين CG.


شكل (4) ومضة برق بين الغيمة والأرض CGوهذا النوع يحدث نتيجة، تلامس الشحنة الموجودة في الغيمة مع الشحنة الموجودة على سطح الأرض، ويتولد شعاع البرق.
أما النوع الثاني فهو ما يحدث بين الغيمة وغيمة أخرى، وبما أن الوسط الذي تتجمع فيه الغيوم يمتلئ بالحقول الكهربائية فإن احتمال تلامس الشحنات المتعاكسة والتقائها كبير جداً، ولذلك فإن هذا النوع يمثل ثلاثة أرباع ضربات البرق، والتي تقدر كما قلنا بمئة ضربة في كل ثانية وذلك في مختلف أنحاء العالم. ويعرف هذا النوع ببرق "غيمة-غيمة" أي Cloud-Cloudويرمز له بالحرفين CC.
شكل (5) نرى فيه ومضات برق بين غيمة وأخرى CC، حيث تكون إحدى الغيمتين محملة بشحنات موجبة والأخرى محملة بشحنات سالبة، وعند اقتراب إحدى الغيمتين من الأخرى تصطدم هذه الشحنات المتعاكسة مولدة ومضات هائلة نراها على شكل برق.

أما النوع الثالث فهو ما يحدث بين الغيمة والهواء. حيث تكون الغيمة محمّلة بشحنة كهربائية، والهواء المحيط بها من أحد جوانبها يحمل شحنة معاكسة. ويعرف هذا النوع بـ "غيمة-هواء" أي Cloud-Airويرمز له بالرمز CA.
شكل (6) البرق الناتج بين غيمة وبين الهواء المحيط بها CA. تكون الغيمة عادة مشحونة في أعلاها بشحنات موجبة، ويكون الهواء المحيط بها مشحوناً بشكل سلبي، وبنفس العملية يحدث التلامس وينطلق شعاع البرق ليكمل الدارة الكهربائية بين الغيمة والهواء.
البرق من الفضاء
البرق بين الغيمة وطبقات الجو العليا، ويحدث هذا البرق بين الطبقات العليا في الغيوم وبين طبقة الأيونوسفير والتي تحوي حقلاً كهربائياً، وقد أمكن رؤية برق كهذا بواسطة أجهزة التصوير المثبتة على الأقمار الاصطناعية (5).
وهنالك أنواع أخرى كثيرة نذكر منها ما يحدث داخل الغيمة ذاتها، وإذا علمنا بأن أية غيمة تحمل شحنة موجبة في أحد طرفيها، فلا بد أن تحمل شحنة سالبة في طرفها المقابل، وهكذا وفي ظروف العواصف الرعدية يحدث التلامس ويتحقق البرق الذي يضيء الأرض ولكنه لا يصل إليها.
هنالك أيضاً البرق الناتج بين غيمة وهدف على الأرض، مثل شجرة أو بيت أو عمود كهرباء. وفي جميع هذه الأنواع تتم المراحل ذاتها، بنفس المرور والرجوع لشعاع البرق، وبنفس السرعة ونفس الزمن.
شكل (7) برق يضرب عمود كهرباء، وهذا أحد أنواع البرق، حيث إن البرق قد يضرب أي هدف على الأرض، أو في الجوّ، أو حتى في طبقات الغلاف الجوي، فسبحان الله!

كما أن العلماء يعددون أنواعاً لا يمكن إحصاؤها من البرق، مثل كرة البرق، والبرق الصيفي، وهو ما يحدث في أشهر الصيف، والبرق الموجب والبرق السالب، والبرق الصفائحي، وغير ذلك كثير(6). كما أن العلماء رصدوا ضربات برق على بعض الكواكب مثل المشتري وكانت أشد بمئة مرة من تلك الضربات على الأرض [2].
شكل (8) البرق الصيفي في وسط النهار، وتظهر ومضة البرق من غيمة لأخرى CC .
الغيوم الرعدية
إن البرق لا يحدث في أية غيوم، بل هنالك غيوم محددة يسميها العلماء بالغيوم الرعدية، وهي البيئة المناسبة لحدوث البرق، وقد تكون هنالك غيمة واحدة أو عدة غيوم وهو الأغلب. وهذه الغيوم تكون عادة ممتلئة بالحقول الكهربائية بسبب الرياح التي تسوق جزيئات بخار الماء وتدفعه للأعلى وتسبب احتكاك هذه الجزيئات بعضها ببعض مما يولد هذه الحقول الكهربائية. فنجد أن الغيمة تتجمع فيها بنفس الوقت شحنات سالبة وأخرى موجبة، وغالباً ما ترتفع الشحنات الموجبة للأعلى وتبقى السالبة في أسفل الغيمة من الجهة القريبة من الأرض.
شكل (9) غيمة رعدية مفردة، هذه الغيمة النموذجية ترتفع عن سطح الأرض 3 كيلو متر، ويبلغ طولها عدة كيلو مترات، وسمكها عدة كيلو مترات أيضاً، ونلاحظ الشحنة السالبة في قاعدة الغيمة والشحنة الموجبة في أعلاها. والقياسات التي تعتمدها مخابر الأرصاد هي من أجل غيمة كهذه لأنها تمثل الحالة المتوسطة والغالبة التي يتم فيها البرق.

شكل (10) الغيوم الرعدية المتعددة، في غيوم كهذه يحدث البرق وتحدث معه تغيرات الطقس وتدوم هذه الغيوم لعدة ساعات.
إن ضربات البرق ما هي إلا تفريغ للكهرباء الموجودة على الغيوم، فلذلك يعمل البرق كصمام أمان، لأن هذه الشحنات العملاقة إذا زادت كثيراً فإنها تؤدي إلى تكهرب الجو بكامله؛ تماماً مثل البطارية إذا ظللنا نشحنها فإنها ستنفجر في النهاية. فسبحان الله!
حقائق وأرقام
ولكي نأخذ فكرة أوسع عن البرق الذي يحدث على الأرض نتأمل هذه الإحصائيات (7):
ـفي كل ثانية هنالك مئة ومضة برق في العالم.
ـوفي كل يوم هنالك 8,6 مليون ضربة برق.
ـوفي سنة واحدة يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية فقط 20 مليون ضربة برق.
ـكل ومضة برق تولد توتراً يتراوح من 100 مليون وحتى 1000 مليون فولت.
ـكل ومضة برق تنتج تياراً من 10 آلاف أمبير وحتى 200 ألف أمبير.
ـإذا نظرنا للكرة الأرضية في أية لحظة نرى فيها 2000 عاصفة رعدية تحدث في نفس اللحظة.
العمليات الدقيقة داخل البرق
نعلم من قوانين الكهرباء أنه عندما تلتقي الشحنات المتعاكسة ينتج عنها ومضة أو شرارة كهربائية، وهذا ما يحدث في البرق. فالغيوم تتكون نتيجة تجمع جزيئات البخار المرتفع من الأرض، هذه الجزيئات تكون محمَّلة بشحنات كهربائية موجبة وسالبة نتيجة تفاعلها واحتكاكها واصطدامها، وكما قلنا غالباً ما تكون الشحنات السالبة في أسفل الغيمة من الجهة القريبة من الأرض، وذلك بسبب تأثير الجاذبية التي تقوم بدورها في توزيع الشحنات، وتكون الشحنة الموجبة في أعلى الغيمة، وهذا يحدث في ما يسمى بالغيوم الرعدية التي تسبب البرق دائماً.
إن الشحنة الكهربائية أو ما يسمى بالكهرباء الساكنة هي تماماً ما نحسّ به عندما نلمس قبضة الباب بعد احتكاك أقدامنا بالسجادة، أو عندما نلمس شاشة الكومبيوتر أحياناً فنحسّ بلدغة كهرباء خفيفة، وما هي إلا عبارة عن شرارة برق مصغرة! وعندما نجري تلامساً بين سلكين كهربائيين أحدهما موجب والآخر سالب فإننا نرى شرارة تتولد بينهما.
عندما يكون هنالك زيادة في عدد الإلكترونات ذات الشحنة السالبة فهذا يعني وجود حقل كهربائي سالب، أما عند زيادة عدد البروتونات الموجبة فهذا يعني وجود شحنة أو حقل كهربائي موجب.
وعندما تتجمع كميات مناسبة من الإلكترونات في أسفل الغيمة تنتقل هذه الشحنات السالبة بواسطة الهواء الرطب الموجود بين الغيمة وسطح الأرض، وتقترب من سطح الأرض ذي الشحنة الموجبة، ينطلق شعاع البرق القادم من الغيمة وتتشكل قناة دقيقة جداً في قاعدة الغيمة. وبسبب وجود حقل كهربائي بين الغيمة والأرض ينطلق ما يسميه العلماء الشعاع "القائد Leader"باتجاه الأرض، وهذا الشعاع الذي يمرّ ويخطو بخطوات متتالية هو أول مرحلة من مراحل البرق. وعندما يصل هذا القائد إلى الأرض وبفعل الحقل السالب الذي يحيط به يجذب إليه الشحنات الموجبة الموجودة بالقرب من سطح الأرض، وتتحرك هذه الشحنات الموجبة باتجاه الشعاع القائد وتصطدم به على ارتفاع عشرات الأمتار عن سطح الأرض، وتتشكل قناة اتصال بين الغيمة والأرض.

شكل (11) يتم التقاء الشحنة السالبة القادمة من الغيمة مع الشحنة الأرضية الموجبة فوق سطح الأرض بعشرات الأمتار، وينشأ شعاع البرق الذي نراه وهو يرجع باتجاه الغيمة.
وعندها تنهار عازلية الهواء ويصبح ناقلاً للكهرباء ويتولد تيار كهربائي قوي ينير على شكل ومضة باتجاه الأعلى، ويدعى طور الرجوع Return Stroke، وهذه الضربة الراجعة هي ما نراه فعلاً لأن معظم الضوء يتولد عنها. وهذه الضربة الراجعة تستغرق أقل من 100 مايكرو ثانية وتُنتج التيار الراجع والذي يقدر ب 30 ألف أمبير.
وبعد ذلك تمر فترة توقف مدتها من 20 وحتى 50 ميلي ثانية ثم تتكرر العملية من جديد باستخدام نفس القناة التي تم تأسيسها من قبل، وهكذا عدة ضربات. وقد تكون ومضة البرق مفردة أو متعددة حسب كمية الشحنات المتوفرة بين الغيمة والأرض، وحسب الظروف الجوية السائدة. وقد يصل عددها إلى عشر ضربات متتالية وسريعة ولكننا نراها ومضة برق واحدة ولا ندرك مرور ورجوع البرق بأعيننا (8).
قد يحدث العكس أحياناً، فتأتي الشحنة الموجبة من الغيمة باتجاه الشحنة السالبة للأرض، وتتولد الومضة الموجبة وهذه تكون وحيدة وعنيفة ولا يتبعها ضربات أخرى.
في أقل من نصف ثانية تحدث 3-4 ضربات برق كلها نراها في ومضة برق واحدة. ويمكن أن يصل التيار الناتج من الضربة الراجعة إلى 200 ألف أمبير، وتسير الضربة الراجعة بسرعة تصل إلى نصف سرعة الضوء (9).
البرق خطوة خطوة
لكي نسهل رؤية ما يحدث تماماً في البرق نستعين بالرسوم التوضيحية (10). وهذه الرسوم هي تقريب لما يحدث، والواقع أن ضخامة وسرعة العمليات الخاطفة في شرارة البرق لا يمكن إدراكها أبداً.
1- يبدأ البرق بالخطوة الأولى المتمثلة بانطلاق شعاع يسميه العلماء بالقائد، Leaderوهذا الشعاع لا ينزل دفعة واحدة، بل يمرّ مروراً على شكل خطوات. وغالباً ما تكون شحنة هذا الشعاع سالبة أما شحنة الأرض فهي موجبة.
شكل (12) الخطوة الأولى: تبدأ شحنة سالبة دقيقة تدعى القائد المارّ بالانطلاق من الغيمة باتجاه الأرض على خطوات طول كل منها 50 متراً بزمن 1 مايكرو ثانية، ويتفرع هذا الشعاع إلى عدة فروع ويحمل بحدود 100 مليون فولت، ويأخذ فترة توقف بين الخطوة والأخرى مقدارها 50 مايكرو ثانية، ويبقى يتقدم حتى يجد هدفاً ليصطدم به، وإلا فيرجع ويعيد الكرة. ويتألف الشعاع الواحد من عشرة آلاف خطوة!!

2- ثم تأتي الخطوة الثانية ليصل هذا الشعاع إلى هدفه على الأرض ويصطدم مع شحنتها الموجبة، ويحدث التصادم عادة فوق سطح الأرض على ارتفاع عشرات الأمتار.
شكل (13) الخطوة الثانية: حالما يصل الشعاع القائد إلى الأرض يبدأ بجذب الشحنة الموجبة على سطح الأرض، وبسبب الشحنة الضخمة التي يحملها هذا الشعاع فإنه يؤسس قناة من الأرض للغيمة والتي ستجري داخلها الشحنات، ويحدث اللقاء بين الشحنتين على ارتفاع 30-100 متر فوق سطح الأرض.
3- أما الخطوة الثالثة ففيها يبدأ تدفق الشحنة السالبة من الغيمة باتجاه الأرض، وذلك على طول القناة التي أسسها الشعاع القائد.
شكل (14) الخطوة الثالثة: وفيها تبدأ الشحنة السالبة بالتدفق إلى الأرض، وتجذب إليها الشحنة الموجبة من الأرض.

4- فيما بعد تتم أهم خطوة وهي الضربة الراجعة من الأرض باتجاه الغيمة، ومع أننا نظن بأن البرق يتجه من الغيمة إلى الأرض، إلا أن الحقيقة هي أن الشعاع يتجه من الأرض راجعاً باتجاه الغيمة، ولكن سرعة العملية تجعلنا نرى العكس.
شكل (15) الخطوة الرابعة: تبدأ الضربة الراجعة على شكل موجه موجبة بسرعة أكثر من 100 ألف كيلو متر في الثانية، بالتوجه نحو الأعلى وينتج تيار كهربائي الذي يستغرق 1 مايكرو ثانية للوصول إلى 30 ألف أمبير وسطياً، وتنتج هذا البرق الراجع أكثر من 99% من إضاءة البرق وهو ما نراه فعلاً أي نرى رجوع البرق من الأرض باتجاه الأعلى.
5- وأخيراً تنتهي ضربة البرق بصعود الشعاع الراجع إلى الغيمة، وتكون هنالك فترة توقف تقدر بعشرات الأجزاء من الألف من الثانية، ثم ترجع الضربة لتتكرر من جديد بنفس الخطوات، وهكذا يمكن أن تتكرر ضربة البرق عدداً من المرات لتعطي ومضة واحدة. وقد تم تسجيل 47 ضربة برق في ومضة واحدة، إن الزمن الفاصل بين الضربات هو عشرات الأجزاء من الألف من الثانية(11).
شكل (16) الخطوة الخامسة: بعد عودة الشعاع الراجع هنالك فترة توقف 20-50 ميلي ثانية، فإذا توفرت شحنات كافية في الغيمة فإن هذه الضربة ترجع وتتكرر وتستخدم نفس القناة التي تم تأسيسها من قبل.

ويمكن تلخيص مراحل وأزمنة ومضة البرق النموذجية والتي غالباً ما نراها من خلال المخطط التالي:

شكل (17) رسم نموذجي يمثل المراحل والأزمنة لومضة برق تتألف من 4 ضربات في الغيمة النموذجية.
والآن وبعدما رأينا نتائج وأبحاث وتجارب استمرت قرنين ونصف من الزمن، وبعدما رأينا علماء أفنوا حياتهم ومنهم من مات في سبيل معرفة هوية البرق وأطواره ومراحله، وكم من الأموال قد صرفت في سبيل التعرف على ضربة برق لا يتجاوز زمنها طرفة العين! نأتي بعد هذه الحقائق العلمية لنرى الحقائق النبوية، ونعيش رحلة ممتعة مع كلام النبي الأميّ الذي علّم العلماء، ونقارن ونتدبر، ونتساءل: أليس هذا الحديث الشريف يطابق ويوافق مئة بالمئة ما توصل إليه العلماء اليوم؟!


يتبـــــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.99 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]