عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-06-2019, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي وطن روحك على الارتقاء

وطن روحك على الارتقاء
ثامر عبدالغني فائق سباعنه





بعد كل مرحلة من مراحل حياتك، وبعد كل نجاح أو فشل، عُد إلى نفسك ونَقِّب في أرجائها، وابحث في خفايا روحك، واستخلِص العِبَر، وتعرَّف على سِرِّ الأخطاء؛ لاتِّقائها في المستقبل، رمِّم روحك وانهض من جديد، ولا تكن ممَّن يُحب البكاء على الأطلال، ويُدمن الشكوى والتذمُّر؛ فالشكوى لا تحلُّ المشاكل.

عُد إلى نفسك، حاسِبْها، وتأكَّد أن جمالك، ذكاءك، قوتك، خبرتك، إبداعك - لا قيمة لها، بل قد تجرُّ عليك المصائب، وتطعمك العَلْقم، وذلك عندما لا تعيش مع الله ولا تتقي الله تعالى؛ فأنت لن تعيش الأمان إلا مع الله، ولن تعيش الطمأنينة إلا مع الله، فعندما تكون مع الله وتمضي في سبيل الله، فإنك تدرك أن الأمر كله بيد الله تعالى، وأن الموت ليس النهاية؛ إنما هو انتقال من مرحلة إلى أخرى، وفي أشعار منسوبة للشيخ أبي حامد الغزالي:
لا تظنوا الموتَ موتًا إنه
كحياة وهي غايات المُنَى

لا تَرُعْكُمْ هجمةُ الموت فما
هي إلا نقلةٌ من ها هنا


لذا؛ فلنُفرِّغ نفوسنا من هموم الدنيا، ولا نقبل عليها كُليًّا، نبحث عن لذَّاتها، ونذوب في جمع المال والثروات، لنعيش المذلة والهوان، ونعيش حياتنا بالخوف والقلق، وفي نفس الوقت لا ندعو للزهد نهائيًّا في الدنيا؛ فالمطلوب الوسطية.

إن الإنسان في الحياة يسعى بكل ما أُوتيه ليكون شيئًا مذكورًا، وليُحدثَ بوجوده شُهودَهُ بأثرٍ يبقى بعده مشهورًا، فهو لا يقف عن السعي والبذل والعمل، فيتَنكَّبُ الصراط حينًا، ويصيبُ الهداية حينًا. وفي الحياة دلائل وعلامات في الطريق لضبط المسير، عندما يُدركها الإنسان، يسلك سواء الطريق آمِنًا سالمًا.


عندما ندرك قيمة الدنيا بما فيها من مُلهيات، فإنَّ أنفسنا ترتاح، ويغادرها القلق والخوف، ويحل مَحلهما الثقة والأمان، فوطِّن روحك على الارتقاء والسُّمو، ولن يكون ذلك قبل أن تغرس الإيمان في صدرك، وتكسر كل سلاسل اليأس والإحباط التي تُكبِّل روحك، وطِّن روحك على الارتقاء في كل الميادين التي توجد فيها، ولا تقبل أبدًا أن تبقى في القاع، وطِّن نفسك على الصبر على الابتلاء وتحويل المحنة إلى منحة، وذلك ليس بالمستحيل ما دُمتَ تحمل دينًا عظيمًا وتدرك القيمة الحقيقية للإنسان والحياة.


وطِّن نفسك على الارتقاء.
"لا إله إلا أنت سُبحانك، إني كُنتُ من الظالمين"


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]