عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 22-09-2020, 04:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المعاني التي تطلق عليها السنة

صــ 11إلى صــ20
الحلقة (5)

[الكلام على الحديث المرسل وحجيته]
قال رحمه الله: [وأما المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره رضوان الله عليهم، فإذا لم يكن مسند غير المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة].
المرسل عند المحدثين له معنيان: معنى يقال إنه عند الفقهاء وهو في الحقيقة يأتي على ألسنة المحدثين أيضاً، ومرسل في اصطلاح المحدثين، فالمرسل في اصطلاح المحدثين هو الذي يقول فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.هذا هو المشهور في اصطلاح المحدثين، وهناك مرسل أعم من هذا المرسل، وهو المنقطع الذي يرويه الراوي عن شخص ما أدركه، أو أدركه ولم يسمع منه، وهو الذي يسمونه المرسل الخفي.
أما مرسل جلي فهو: الذي يكون فيه الانقطاع واضحاً، حيث يروي شخص عن شخص ما أدرك عصره.
كما ذكروا الفرق بين التدليس والمرسل الخفي فقالوا: المدلس هو رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، فهو ليس تلميذاً له، أما المدلس فهو تلميذ لمن دلس عنه.
والمشهور عند كثير من المحدثين ومنهم الإمام مسلم كما ذكر ذلك في مقدمته: أنه لا يحتج بالمرسل لما فيه من الانقطاع، والجهل بالساقط، وليس ذلك خشية أن يكون الساقط صحابياً، فإن جهالة الصحابي لا تؤثر،
فالسبب في عدم الاحتجاج بالمرسل:
احتمال أن يكون الساقط تابعياً، وذلك التابعي يحتمل أن يكون ثقة ويحتمل أن يكون ضعيفاً، فمن أجل ذلك قالوا بعدم الاحتجاج بالمرسل.
لكن بعض أهل العلم يقول: إن المرسل إذا ضم إليه مرسل آخر جاء من طريق آخر فإنه يضم بعضهما إلى بعض ويصير من قبيل الحسن لغيره، كالمدلس إذا جاء الحديث فيه تدليس، وجاء من طريق آخر فيه شيء من الضعف اليسير فيضم بعضها إلى بعض ويصير الحديث حجة، ويعول عليه،
ويقال له: الحسن لغيره،
والحسن لغيره:
هو الحديث المتوقف فيه إذا جاء ما يقويه ويعضده.
إذاً: المرسل غير مقبول عند كثير من المحدثين؛ لأن فيه سقطاً، والساقط يحتمل أن يكون تابعياً، والتابعي قد يكون غير ثقة في الحديث، وليس الإشكال في أن يكون الساقط صحابياً؛ فإن الصحابة لا تضر جهالتهم، ولا يؤثر عدم معرفة أشخاصهم وأحوالهم؛ لأنهم كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم.
مزايا سنن أبي داود
[ليس في سنن أبي داود رجل متروك الحديث]
قال رحمه الله: [وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء].
يعني: أنه ما روى عن متروك، والمتروك هو الذي عرف بفحش الغلط، وكثرة الخطأ؛ فترك حديثه بسبب ذلك.
قال رحمه الله: [وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره].إذا كان الحديث منكراً ذكره وذكر أنه منكر، ولكن ليس في الباب على نحوه غيره،
أي:
فإنما ذكره لأنه هو الموجود في الموضوع، ولو كان يوجد حديث صحيح أو غير منكر لأتى به، لكنه لما كان الموضوع الذي ترجم له ليس فيه أحاديث صحيحة أورد الحديث المنكر ونص على أنه منكر.لكن ينبغي أن يعلم أن بعض العلماء يستعمل لفظ المنكر على غير هذا المعنى، وهو: الأحاديث الغرائب التي جاءت من طريق واحد،
فيقال:
عنده مناكير، وليس معنى ذلك أنه ضعيف الحديث، ولكن عنده أحاديث ما جاءت إلا من طريقه فهي تعتبر غريبة.ولا يعني أن الحديث إذا جاء من طريق واحد وهو طريق مستقيم صحيح يكون مردوداً، بل يكون مقبولاً،
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري في ترجمة أبي بردة بن أبي موسى أو في ترجمة بريد بن أبي بردة عن الإمام أحمد:
أنه يطلق المناكير على الغرائب، فهذا اصطلاح لبعض العلماء.
[اشتماله على أحاديث ليست في كتب من قبله]
قال: [وهذه الأحاديث ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا كتاب وكيع إلا الشيء اليسير، وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل].
يعني: أن ما في كتابه ليس في كتب هؤلاء منه إلا الشيء اليسير، وعامة ما عندهم مراسيل، يعني: فيها انقطاع.
قال رحمه الله:
[وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح، وكذلك من مصنفات حماد بن سلمة وعبد الرزاق، وليس ثلث هذه الكتب فيما أحسبه في كتب جميعهم، أعني مصنفات مالك بن أنس وحماد بن سلمة وعبد الرزاق].هذا فيه إشارة إلى كثرة ما فيه من الأحاديث الزائدة التي لا توجد عند هؤلاء في مصنفاتهم.
قال رحمه الله: [وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي، فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن].وهذا فيه بيان معرفة قدر هذا الكتاب وعظيم منزلته عند مؤلفه، وليس مقصود أبي داود وغيره ممن يثني على مؤلفه التبجح والغرور، وإنما المقصود من ذلك النصح للمسلمين، وحرصه على أن يستفيدوا من هذا الكتاب الذي أفنى كثيراً من عمره في جمعه وترتيبه وتنظيمه وتأليفه، فالمقصود من ذلك النصح وبعث الهمم والترغيب والتشويق إلى الكتاب، والعناية به ودراسته والاستفادة منه، فهذا هو المقصود من هذا الثناء على كتابه.وهذا يفيد أن كتابه جامع، وأنه استوعب واستقصى، وقد عرفنا فيما مضى أنه كان يترك الطرق المتعددة التي هي موجودة فيما يورده حتى لا يكبر حجم الكتاب.
وقوله: (وإما حديث واهن) هذا على حسب علمه، وليس معنى هذا أنه لا يوجد حديث صحيح ليس عند أبي داود، بل كما هو مشاهد ومعاين أن في صحيح البخاري أحاديث كثيرة ليست عند أبي داود ولكن هذا على حسب علمه واستقصائه، وعلى حسب جهده الذي بذله.
[جمعه لأحاديث الأحكام واستقصائها حسب علمه]
قال رحمه الله: [فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر].
هذا استدراك يعني به:
أن هذا الذي جاء وليس عنده يكون عنده من طريق آخر،
ومعناه:
أنه جاء من طريقين أو من ثلاثة فهو أورده من طريق وغيره أورده من طريق آخر.
قال رحمه الله: [فإني لم أخرج الطرق لأنه يكبر على المتعلم].
قوله: (لم أخرج الطرق) أي: ما استوعبت طرق الأحاديث لا من حيث الصحابة ولا من دون الصحابة؛ فإن الحديث -كما هو معلوم- قد يبلغ إلى حد التواتر وهو يورده من طريق واحد أو من طريقين؛ لأنه ما أراد الاستيعاب،
مثل حديث:
(نضر الله امرأ سمع مقالتي) رواه أبو داود من بعض الطرق عن بعض الصحابة، وجاء عن عدد كبير من الصحابة ليسوا عند أبي داود، لأنه ما أراد استيعاب وجمع الطرق؛ لأنه يكبر بذلك حجم الكتاب.
قال رحمه الله:
[ولا أعرف أحداً جمع على الاستقصاء غيري].في هذا -كما قلت- بيان لارتياحه واطمئنانه إلى الجد والاجتهاد الذي بذله والنتيجة التي توصل إليها بسبب ذلك، وقصده من ذلك النصح والحث والترغيب والتشويق إلى الاستفادة من كتابه لا التبجح ولا غيره من القصود السيئة التي قد تحصل من بعض الناس فيما يكتبون ويقولون.
قال رحمه الله: [وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث، وذكر أن ابن المبارك قال: السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسعمائة حديث، فقيل له: إن أبا يوسف قال: هي ألف ومائة، قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنات من هنا وهنا نحو الأحاديث الضعيفة].هذا فيه إيضاح استقصائه واستيعابه،
وقد قال كما سيأتي:
إن في كتابه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وهنا ذكر أن بعض العلماء قال: إن السنن تسعمائة حديث،
فقيل له:
فلان عنده ألف ومائة،
فقال:
هذا عنده شيء من الهنات،
يعني:
أنه يتوسع ويكتب أشياء فيها ضعف.
[بيانه لما فيه وهن شديد من الأحاديث]
قال رحمه الله: [وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، ومنه ما لا يصح سنده].
قوله:
(وهن شديد) يعني: ضعفاً شديداً،
قوله:
(بينته) أي يقول: إنه فيه كذا وفيه كذا.
وكذلك يبين ما لا يصح سنده ويقول: فيه فلان أو فيه كذا.
قال رحمه الله: [وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض].
قوله:
(وما لم أذكر فيه شيئاً) يعني: ما لم أبين فيه وهناً أو ضعفاً وإنما أسكت عليه فهو صالح للاحتجاج.
قوله: (ولكنه متفاوت وبعضه أصح من بعض) يعني: هذا الذي لا أتكلم عليه وأسكت عنه ليس على درجة واحدة بل هو متفاوت.
قال: [وهذا لو وضعه غيري لقلت أنا فيه أكثر].
يعني: هذا الكلام الذي قلته في كتابي أقوله لأنني عرفت قيمته وعرفت منزلته، ولو كان الذي وضعه غيري وقرأته وعرفت قيمته ومنزلته لقلت فيه أكثر من هذا؛ للترغيب فيه وللحث على الاستفادة منه.
قال رحمه الله:
[وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صالح إلا وهي فيه، إلا أن يكون كلام استخرج من الحديث، ولا يكاد يكون هذا].وهذا مثلما تقدم من ناحية الاستيعاب، وأنه إذا وجد شيء ليس عنده فإنه ضعيف إلا أن يكون جاء عنده من طريق آخر، أو أضيف إلى الأحاديث استنباطاً فهذا شيء آخر، ولا يكاد يكون هذا.
[يكفي المرء السنن مع القرآن في معرفة الأحكام]
قال رحمه الله: [ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب].وهذا يبين أيضاً عظيم منزلته عنده، وأن على الناس أن يحرصوا على هذا الكتاب، وأن يستفيدوا منه، لأنه مشتمل على الأحكام.
قال: [ولا يضر رجلاً ألا يكتب من العلم بعدما يكتب هذه الكتب شيئاً، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره].
يعني: أن الإنسان إذا اشتغل به واستوعبه فلا يضره ألا يشتغل بغيره لاستيعابه! ثم قال: (وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره).
يعني:
إذا أردت أن تتحقق فاقرأ الكتاب وقف عليه وتدبره وتأمله لتعرف مقداره، وكما يقولون: التجربة أكبر برهان.
[في السنن أدلة المسائل التي تكلم فيها أئمة الفقه]
قال رحمه الله: [وأما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي فهذه الأحاديث أصولها].يعني هذه أدلة المسائل التي تكلم بها هؤلاء العلماء.
[حث أبي داود للناس على معرفة آراء الصحابة]
قال رحمه الله:
[ويعجبني أن يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم].بعدما ذكر قيمة هذا الكتاب،
وأحياناً يقول:
(الكتب)،
ويعني بذلك:
الكتب التي اشتمل عليها الكتاب؛ لأن كتابه اشتمل على خمسة وثلاثين كتاباً، فإذا جاء ذكر الكتب في بعض الأحيان فمعناه الكتب التي في داخل الكتاب، وهي كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة وهكذا؛ لأنه مبني على كتب، والكتب يندرج تحتها أبواباً كثيرة.
وهو هنا يقول:
إنه مع هذه العناية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستيعاب هذا الكتاب وشموله لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يعجبني أيضاً أن يطلع الرجل على آراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أقوالهم، ولهذا فإن العلم الشرعي عند العلماء هو قال الله وقال رسوله وقال الصحابة، لأن الصحابة رضي الله عنهم هم خير الناس، وهم أعلم الناس، وهم أعلم من غيرهم وأدرى؛ لأنهم الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا معاني النصوص وتلقوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم من غيرهم وأدرى من غيرهم.
ولهذا يقول ابن القيم رحمة الله عليه في النونية: العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان فبعدما ذكر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه، أرشد إلى أنه ينبغي أن يحرص على كلام الصحابة، وأن يعتنى بكلامهم ويرجع إليه.وهذا فيه الإشارة إلى منزلة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ومنزلة كلامهم تابعة لمنزلتهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال رحمه الله: [ويكتب أيضاً مثل جامع سفيان الثوري، فإنه أحسن ما وضع الناس في الجوامع].وهذا فيه أيضاً الإرشاد إلى جامع الثوري والعناية به.
[شهرة أحاديث سنن أبي داود]
قال رحمه الله: [والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس].ثم ذكر أن الأحاديث التي في كتابه أحاديث مشهورة عند أهل العلم، وليست غريبة لا يقف عليها أحد، ولا يعني هذا أن الغريب لا يعول عليه، فإن من الغريب -وهو ما جاء من طريق واحد- ما هو حجة عند العلماء، وهو موجود في الصحيحين وفي غير الصحيحين، ومن ذلك أول حديث في صحيح البخاري، وكذلك آخر حديث فيه.ففاتحة كتاب البخاري وخامته حديثان غريبان ما جاء كل واحد إلا من طريق واحد، لكنهم ثقات يعول على تفردهم، فأوله حديث إنما الأعمال بالنيات، وهو حجة عند العلماء، وأصل من الأصول في الدين،
ولهذا يقول بعض العلماء:
الأحاديث التي يدور عليها الدين أربعة، ومنها: (إنما الأعمال بالنيات)؛
لأن ما يتعلق بالقلوب والنيات يدل عليه هذا الحديث:
(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى).
وآخر حديث في صحيح البخاري حديث أبي هريرة: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فهذا حديث غريب ما جاء إلا من طريق أبي هريرة يرويه عنه أبو زرعة بن جرير ويرويه عنه آخر وهكذا، وهو مشهور من حيث الثبوت، لكن ليس له طرق كثيرة.
والعلماء يقولون: إن الآحاد تنقسم إلى: مشهور وعزيز وغريب.
فالمشهور:
ما جاء من أكثر من طريقين ولم يبلغ حد التواتر.
والعزيز: ما جاء من طريقين.
والغريب:
ما جاء من طريق واحد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]