عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-09-2019, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي حَافظَاتٌ للغيب

حَافظَاتٌ للغيب
عبده قايد الذريبي



لقد رفع الإسلام من شأن المرأة، وأعلى من مكانتها؛ كما تدل على ذلك شواهد كثيرة جدا من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة، ومن ذلك: أن في القرآن سورا سميت بأسماء المرأة صراحة؛ كسورة "مريم"، وأخرى كانت المرأة سببا في نزولها؛ كسورة المجادلة، والممتحنة، وثالثة بينت الأحكام المتعلقة بالمرأة؛ كسورة البقرة، والأحزاب، والطلاق، والتحريم، بل وفي القرآن سورة كاملة سميت ب: "النساء" تنويها وتكريما للمرأة، وقد افتتح الله هذه السورة الكريمة بالوصية بتقواه، وصلة الأرحام، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء(1)]، وأوجب العدل بين النساء، فقال: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)[النساء(3)]، وأوصى بإعطائهن حقهن من المال، فقال: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) [النساء(11)] الآية..
وفي هذه السورة الكريمة أثنى الله على النساء الصالحات القانتات العابدات؛ فقال -تعالى-: (فَالصَّالِحَات� � قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء(34)].
ففي هذه الآية الكريمة بين الله أن من صفات المرأة المسلمة: أنها صالحة في نفسها، مصلحة لغيرها، عابدة لربها، حافظة لما أوجب الله عليها حفظه؛ قال ابن جرير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية: "(حافظات) لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن، في فروجهن، وأموالهم، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك، وغيره"[1].
وليس حفظ المرأة لهذه الأشياء مقصورا عليها في حال غيبة زوجها عنها فحسب، بل ذلك يشمل غيبته وحضوره؛ فذلك واجب أوجبه الله عليها، ومسؤولية كلفها الله بها؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها... ))[2].
فالمرأة راعية في بيت زوجها لماله وولده ومسؤولة عما استرعاه الله عليه؛ قال المناوي - رحمه الله - عند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((والمرأة راعية في بيت زوجها)) "بحسن تدبيرها في المعيشة، والنصح له، والشفقة عليه، والأمانة في ماله وحفظ عياله وأضيافه ونفسها: ((وهي مسؤولة عن رعيتها)) هل قامت بما يجب عليها، ونصحت في التدبير أو لا، فإذا أدخل الرجل قوته بيته فالمرأة أمينة عليه" [3].
وفي قوله - تعالى -: (حافظات للغيب) مدح وثناء للمرأة الصالحة بأنها تراقب الله في حال خلوتها، واختفائها عن نظر المخلوقين إليها؛ فهي تخشى الله في الغيب والشهادة، وتراقبه في السر والعلانية، وتحفظ ما أوجب الله عليها حفظه.
وإذا كانت المرأة حافظة لأوامر الله، مجتنبة لنواهيه، في حال سفر زوجها وغيبته عنها، وخلو الرقابة البشرية عليها، فحفظها لذلك في حال شهود زوجها وحضوره من باب أولى؛ ولذلك فقد كان من دعائه - عليه الصلاة والسلام -: ((اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية))[4].
ذلك أن خشية الله في السر والعلانية من المنجيات في الدنيا والآخرة؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله - تعالى -في السر والعلانية... )[5].
قال المناوي - رحمه الله -: "قدم السر؛ لأن تقوى الله فيه أعلى درجة من العلن، لما يخاف من شوب رؤية الناس، وهذه درجة المراقبة وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي، وتحثه على فعل كل مأمور، فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه وتقواه فارتكب مخالفة مولاه لجأ إلى التوبة، ثم داوم الخشية"[6].
وليس الشأن أن تخشى الله في العلانية، بل الشأن أن تخشاه في السر؛ لأن من خشي الله في السر فقد خشيه في العلانية، ولذلك فقد امتدح الله من كان هذا حاله؛ فقال: (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) [الأنبياء(49)]، وقال: (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) [ق(33)]، ولأن الذين يراقبون الله في السر أصبحوا عملة نادرة، وقلة قليلة؛ قال الشافعي - رحمه الله -: "أعز الأشياء ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى أو يخاف"[7].
وإذا كانت المرأة كذلك فهي خير ما حازه الرجال في الدنيا؛ قال ابن سعدي - رحمه الله - عند تفسيره لقوله - تعالى -: (فَالصَّالِحَات� � قَانِتَاتٌ): "أي مطيعات لله ولأزواجهن، قد أدت الحقين، وفازت بكفلين من الثواب، حافظات أنفسهن من جميع الريب، وحافظات لأمانتهن ورعاية بيوتهن، وحافظات للعائلة بالتربية الحسنة، والأدب النافع في الدين والدنيا، وعليهن بذل الجهد والاستعانة بالله على ذلك؛ فلهذا قال: (بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) أي: إذا وفقن لهذا الأمر الجليل فليحمدن الله على ذلك، ويعلمن أن هذا من حفظه وتوفيقه وتيسيره لها، فإن من وكل إلى نفسه فالنفس أمارة بالسوء، ومن شاهد منة الله، وتوكل على الله، وبذل مقدوره في الأعمال النافعة، كفاه الله ما أهمه، وأصلح له أموره، ويسر له الخير، وأجراه على عوائده الجميلة"[8].
وقيامها بذلك دليل إيمانها وصلاحها؛ قال صاحب الظلال -رحمه الله-: "ومن طبيعة المؤمنة الصالحة، ومن صفتها الملازمة لها، بحكم إيمانها وصلاحها كذلك، أن تكون حافظة لحرمة الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته- وبالأولى في حضوره- فلا تبيح من نفسها في نظرة أو نبرة- بله العرض والحرمة- ما لا يباح إلا له هو- بحكم أنه الشطر الآخر للنفس الواحدة. وما لا يباح، لا تقرره هي، ولا يقرره هو: إنما يقرره الله - سبحانه -: (بِما حَفِظَ اللَّهُ)..
فليس الأمر أمر رضاء الزوج عن أن تبيح زوجته من نفسها- في غيبته أو في حضوره- ما لا يغضب هو له. أو ما يمليه عليه وعليها المجتمع! إذا انحرف المجتمع عن منهج الله.
إن هنالك حكماً واحداً في حدود هذا الحفظ، فعليها أن تحفظ نفسها: (بِما حَفِظَ اللَّهُ)، والتعبير القرآني لا يقول هذا بصيغة الأمر، بل بما هو أعمق وأشد توكيداً من الأمر، إنه يقول: إن هذا الحفظ بما حفظ الله، هو من طبيعة الصالحات، ومن مقتضى صلاحهن!"[9].
وإذا راقبت المرأة المسلمة ربها، وقامت بما أوجب الله عليها، وتركت ما نهاها الله عنه، وأدت حقوق زوجها، وحفظته في ماله، وفي نفسها في حال وجوده وفي حال غيبته، أكرمها الله بكرامات عديدة، ومنحها عطايا جزيلة؛ منها:
أولاً: مغفرة الذنوب، قال - تعالى -: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ِ وَالْمُؤْمِنِين َ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّق ِينَ وَالْمُتَصَدِّق َاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب(35)].
ثانيا: يسكنها جنة الفردوس، فقد عدد الله صفات عباده المفلحين في أوائل سورة المؤمنين، ومن تلك الصفات ما جاء في قوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون(5)(6)]. وأما من تجاوزت ذلك فهو آثمة معتدية: (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)[المؤمنون(7)]، ثم بين الله في نهاية الآيات ثواب من كان هذا حاله، فقال: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون(10-11)].
بل يقال لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت! فعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلت المرأة خمسها -الصلوات الخمس المكتوبات، وذلك بعد إيمانها بربها-، وصامت شهرها -رمضان-، وحفظت فرجها - عما حرم الله عليها-، وأطاعت زوجها - في غير معصية -؛ قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت))[10].
وليس هذا على إطلاقه، بل هو مقيد بالتوبة من جميع الذنوب، قال المناوي - رحمه الله -: "إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر، أو تابت توبة نصوحا، أو عفي عنها"[11].
وجاء في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم))[12].
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا شباب قريش لا تزنوا، ألا من حفظ فرجه؛ فله الجنة))[13].
وقد عملت النساء المؤمنات بهذه النصوص القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة؛ فقمن بأمر الله، واجتنبن نواهيه، وقمن بحقوق أزواجهن عليهن، ومن تلك الحقوق: حفظ أموالهم، وحفظ أنفسهن في حال حضورهم ووجودهم، وفي حال سفرهم وغيبتهم، فهذه قصة حصلت في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تدل على ذلك؛ فعن سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: "كان عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أمسى أخذ درته ثم طاف بالمدينة، فإذا رأى شيئا ينكره أنكره، فبينما هو ذات ليلة يعس إذ مر بامرأة على سطح، وهي تقول:
تطاول هذا الليل واخضل جانبه *** وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله لا رب غيره *** لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني *** وأكرم بعلي أن تنال مراكبه
ثم تنفست الصعداء، وقالت: لهان على عمر بن الخطاب ما لقيت الليلة، فضرب باب الدار، فقالت: من هذا الذي يأتي إلى امرأة مغيبة هذه الساعة؟ فقال: افتحي، فأبت، فلما أكثر عليها، قالت: أما والله لو بلغ أمير المؤمنين لعاقبك، فلما رأى عفافها، قال: افتحي فأنا أمير المؤمنين، قالت: كذبت ما أنت أمير المؤمنين، فرفع بها صوته وجهر لها، فعرفت أنه هو ففتحت له، فقال: هيه، كيف قلت؟ فأعادت عليه ما قالت، فقال: أين زوجك؟ قالت: في بعث كذا وكذا، فبعث إلى عامل ذلك الجند أن سرح فلان بن فلان، فلما قدم عليه، قال: اذهب إلى أهلك ثم دخل على حفصة ابنته، فقال: أي بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: شهرا واثنين وثلاثة، وفي الرابع ينفد الصبر، فجعل ذلك أجلا للبعث"[14].
فهذه المرأة لما غُرست رقابة الله في قلبها، وسيطرت على كيانها أثمر ذلك تعظيمها لربها، وحفظها لحق زوجها، ذلك أن مراقبة الله من أعظم الوسائل المعينة على حفظ حدود الله، فهذه امرأة يراودها رجل عن نفسها، فتأبى، وتعظه بالله، فتقول له: "ألا تستحي؟! " فقال: "ما يرانا إلا الكواكب"، فقالت: وأين مكوكبها؟! لسان حالها: أين الله؟!
كأن رقيبا منك يرعى خواطري *** وآخر يرعى ناظري ولساني
فما نظرت عيناي بعدك نظرة *** لغيرك إلا قلت قد رمقاني
ولا بدرت من في بعدك لفظة *** لغيرك إلا قلت قد سمعاني
ولا خطرت في غير ذكرك خطرة *** على القلب إلا عرجت بعناني[15]
ودخل بعضهم غيضة ذات شجر، فقال: لو خلوت هاهنا بمعصية من كان يراني؟ فسمع هاتفا بصوت ملأ الغيضة: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[16] [الملك(14)].
وقبل أن تحفظ المرأة ذلك يجب عليها أن تبتعد عن الوسائل المفضية إلى ذلك، ومن ذلك: غض البصر عما حرم الله، فقد أمر الله بذلك؛ فقال - تعالى -: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[النــور(31)].
قال القرطبي - رحمه الله -: "البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته. ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله"[17].
وقال صاحب الظلال - رحمه الله -: "فلا يرسلن بنظراتهن الجائعة المتلصصة، أو الهاتفة المثيرة، تستثير كوامن الفتنة في صدور الرجال. ولا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه عن مواجهة المجتمع والحياة! "[18].
وإذا حفظت المرأة رأسها وما وعى، وبطنها وما حوت عما حرم الله عليها، فقد تكفل لها النبي -صلى لله عليه وسلم- بالجنة، فعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة))[19].
قال ابن عثيمين - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث: "الذي بين لحييه هو اللسان، والذي بين الرجلين هو الفرج، سواء للرجل أو المرأة، يعني من حفظ لسانه، وحفظ فرجه، حفظ لسانه عن القول المحرم، من الكذب والغيبة والنميمة والغش، وغير ذلك، وحفظ فرجه من الزنا واللواط ووسائل ذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يضمن له الجنة، يعني أن جزاءه هو الجنة"[20].
وإذا حفظت المرأة جوارحها عما حرم الله، فقد راقبت الله، واستحت منه حق الحياء؛ فعن عبد الله بن مسعود -رضي لله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((استحيوا من الله حق الحياء)) قال: قلنا: يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله، قال: ((ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))[21].
ومن أعظم الأمور المعينة على غض البصر: "استشعار رقابة الله، وأنه مطلع على العباد"، قال رجل للجنيد -رحمه الله-: "بم أستعين على غض البصر؟ " فقال: "بعلمك أنّ نظر النّاظر إليك؛ أسبق من نظرك إلى المنظور إليه"[22].
جعلكِ الله ممن صلت خمسها، وصامت شهرها، وحفت فرجها، وأطاعت زوجها؛ فدخلت جنة ربها بفضله وكرمه ورحمته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
___________________
[1] جامع البيان(8/295).
[2] رواه البخاري(893) واللفظ له، ومسلم(1829).
[3] فيض القدير(5/38).
[4] رواه ابن حبان في صحيحه(1971)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1301).
[5] رواه الطبراني في الأوسط(5754)، وقال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(453).
[6] فيض القدير(3/307).
[7] جامع العلوم والحكم، ص(408).
[8] تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن، ص(137- 138).
[9] في ظلال القرآن(2/652- 653).
[10] رواه أحمد(1664)، وقال الألباني: "حسن لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب (1932).
[11] فيض القدير(1/392).
[12] رواه أحمد (22251) وابن حبان (271) والحاكم(8066) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب(2925).
[13] رواه الحاكم في المستدرك(8062) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(2410).
[14] روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص(210).
[15] انظر: التبصرة (2/254) لابن الجوزي.
[16] جامع العلوم والحكم، ص(409).
[17] الجامع لأحكام القرآن (12/223).
[18] في ظلال القرآن(4/2512).
[19] رواه البخاري(6474).
[20] شرح رياض الصالحين(6/118).
[21] رواه الترمذي(2458) وأحمد(3662) والحديث اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، والصحيح أنه موقوف [انظر صحيح الترغيب والترهيب(1724) للألباني].
[22] إحياء علوم الدين(4/397)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.85 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]