عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-03-2021, 03:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي دليل مرتبة الإسلام والإيمان والإحسان من السنة

دليل مرتبة الإسلام والإيمان والإحسان من السنة


د. فهد بن بادي المرشدي

قال المصنف رحمه الله: (والدليل من السنة: حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخِذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: صدقت، فعجبنا له، يسأله ويصدِّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربَّتها، وأن ترى الحفاةَ العراة العالة رعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق فلبثنا مليًّا، ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يُعلمكم دينَكم) [1].


الشرح الإجمالي:
(والدليل) على مراتب الدين الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان (من السنة) النبوية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (حديث جبريل المشهور)، وقد أخرج هذا الحديث العظيم الإمام مسلم في صحيحه (عن عمر بن الخطاب) ثاني الخلفاء الراشدين، وهذا الحديث فيه ذكر مراتب الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وفيه أن هذه الثلاثة هي الدين؛ لأنه في آخرها قال: (أتاكم يعلمكم أمر دينكم)، ففي هذا الحديث دليل هذه المراتب الثلاث، وأن أركانها هي ما عدها المصنف - رحمه الله تعالى - وختم المصنف بهذا الحديث لاشتماله جميع المسائل المتقدمة المتعلقة بمعرفة الأصل الثاني، وهو معرفة الدين[2].

الشرح التفصيلي:
ذكر المصنف أن الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة، وعرف الإسلام، ثم ذكر أركانه، وذكر معنى الشهادتين، فبين معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وفسر التوحيد، وأدلة ذلك، وبين معنى الشهادة بأن محمدًا رسول الله، ثم بيَّن أدلة أركان الإسلام الباقية؛ ثم ذكر المرتبة الثانية، وهي: الإيمان، ثم ذكر المرتبة الثالثة، وهي: الإحسان، وذكر دلائل ذلك، كله على نسق ووضوح يسهل معه الفهم ويسهل معه الإفهام[3]، ثم ذكر المصنف - رحمه الله تعالى - أدلة كل مرتبة من القرآن، وبعد أن فرغ من ذكر هذه المراتب وأدلتها من الكتاب: انتقل إلى بيان الدليل من السنة على هذه المراتب جميعًا، فذكر حديث جبريل عليه الصلاة والسلام، وأنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه، وأتاهم في صورة رجل، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، ثم سأله عن الساعة، وسأله عن أماراتها[4].

وهذا الحديث ورد من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر المصنف - رحمه الله تعالى - ما أخرجه مسلم من حديث عمر رضي الله عنه، لما فيه من زوائد الفوائد، وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ولأحمد وغيره نحوه من حديث ابن عباس وغيره، وهو حديث جليل عظيم الشأن، يشتمل على بيان الدين كله [5]، واشتمل هذا الحديث على أصول الدين التي يجب اعتقادها التي يسميها العلماء الإيمان المجمل، والشاهد منه قوله عليه الصلاة والسلام في آخره - بعد أن شرح درجة الإسلام، ودرجة الإسلام، ودرجة الإحسان -: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)، فجعل ذلك كله دينًا، ففيه أن الدين تدخل فيه المراتب الثلاث، وهذه المراتب من مراتب الدين قد دل عليها كتاب الله عز وجل، في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ﴾ [فاطر: 32]، وهذه مرتبة الإسلام، وهي: الإتيان بالعمل الظاهر، ودل على مرتبة الإيمان قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 32]، وفي قوله: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]، دليل على مرتبة الإحسان التي هي أعلى المراتب، وقد ذكر الله هذه المراتب في غير هذا الموضع، كما في سورة الواقعة، وبالتأمل يجدها الإنسان في كتاب الله عز وجل [6].


[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: معرفة الإيمان، والإسلام، والقدر وعلامة الساعة، برقم (1).

[2] ينظر: تيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (156).

[3] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (182).

[4] شرح الأصول الثلاثة، صالح بن فوزان الفوزان (230).

[5] حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن محمد بن قاسم (68).

[6] ينظر: شرح الأصول الثلاثة، د. خالد المصلح (63)؛ وشرح الأصول الثلاثة، حمد بن عبدالله الحمد (21).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]