عرض مشاركة واحدة
  #434  
قديم 21-01-2021, 11:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (6)
الحلقة (230)

تفسير سورة النساء (14)


وجه الشرع الحكيم إلى حسن المعاملة بين الأزواج، وشدد على الزوج في معاملته لزوجته لأنه صاحب القوامة عليها، وهو الغالب عليها في جميع الأحوال، فحرم الله عليه فعل الجاهلية من توريث النساء لورثة الميت من الرجال، كما حرم عليه سبحانه أن يضيق على امرأته ويؤذيها ليضطرها إلى افتداء نفسها منه بالمهر، وإذا أحب أن يتزوج عليها أو يطلقها فلا يحل له أن يأخذ شيئاً من مالها قليلاً أم كثيراً.
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ...)
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الإثنين- من يوم الأحد ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم يا رب العالمين!ما زلنا مع سورة النساء، وها نحن مع ثلاث آيات، هيا نتلوها، ونتدبرها، ونتفكر فيها، ثم نشرحها ونضع أيدينا على المطلوب منها، وكلنا عزم وتصميم -والله العظيم- على أن نطبق هذا، والذي لا يريد هذا لا مقام له بيننا.يقول تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].آمنا بالله، هذا قرآن أم ماذا؟هذا القرآن يقرأ على الموتى، كيف يعقل هذا؟ ونجادل، أنزل هذا ليقرأ على الموتى؟ هذا دستور ما اكتحلت عين الوجود بمثله قط، هذا سبيل العزة والكرامة والسلامة والنجاة والنعيم المقيم في دار السلام، ما يقرأ على الموتى، أمثل هذا يهجر ويترك ويهمل؟ إن أمرنا عجب، وحالنا تنبئ عن حالنا. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].صدق إخواننا الجن عندما قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [الجن:1] والله عجب، أو لا؟
معنى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً)
أولاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:19] بم؟ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، وبالقرآن هادياً ونوراً، بعبارة موجزة: يا أيها الأحياء! أما الأموات فلا ينادون، أتنادون الميت؟ يسمع؟ يجيب؟ هذا عبث إذا نادينا ميتاً.إذاً ما معنى هذا يا شيخ؟معناه أن الإيمان الصحيح، الإيمان الحق الذي إن عرضته على القرآن وافق وصدق عليه، هذا الإيمان بمثابة الروح سواء بسواء، صاحبه حي وفاقده ميت، ماذا ترون؟ تشكون؟لا والله. هذا الروح إن أصابه ضعف أو نقص أو مرض صاحبه يتجلى ذلك في سلوكه، في منطقه، في حركته، في حياته مريض، فإن فقده مات؛ فلا بد من أن يكون الإيمان سليماً صحيحاً إن عرضته على القرآن وافق عليه، إن عرضته على أهل القرآن وافقوا، فإن قالوا: إيمانك ناقص، إيمانك ضعيف فاسد، عالج قبل أن تنتهي.الآن نادى الله الأحياء أو الأموات؟نادى الأحياء. يا من آمنتم اليوم وبالأمس كنتم كفرة أمواتاً تتخبطون في ظلمات الحياة والجهل، أما وقد آمنتم وحييتم اسمعوا ما يقول المولى تعالى لكم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] هذا جزء من هذه الأحكام الأربعة.هذا الحمد لله نجونا منه، وإن بقيت آثاره في ظلمات الجهل والجهلة في الشرق والغرب، لكنها نادرة.حقيقة هذا: أن العرب في الجاهلية قبل نزول هذا الكتاب، قبل بعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرجل يرث امرأة أبيه، فالرجل إذا تزوج أباه وأنجبت له المرأة أولاداً، أو لم تنجب، فهذا ابن الرجل من غيرها يرث امرأة أبيه كما تورث الأموال والعروض، إن شاء زوجها وأخذ مهراً، وإن شاء أبقاها، وإن شاء تزوجها، بمعنى أنه ورثها كسائر الأموال، وانتشرت أيضاً هذه العادة الجاهلية حتى الأخ يرث أيضاً امرأة أخيه إذا كانت ليس لها ولد فهو أحق بها، إن شاء زوجها، وإن شاء استخدمها أو طلب منها مالاً وأطلقها.فأبطل الله هذه العادة الجاهلية وهذا القانون الجاهلي الذي أوحاه الشيطان وأملاه على أهل الشرك والكفر.اسمع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19] هذا كره أو لا؟ بالقوة، بالهراوة آتي لامرأة أبي: أنا أزوجك وآخذ المهر، هذا أولاً.
معنى قوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ...)
وثانياً: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] العضل مأخوذ من العضلات، والداء العضال ما ينفك صاحبه منه، بمعنى: لا يحل للرجل الذي تحته زوجة أن يؤذيها ويضايقها ويؤلمها، حتى تفتدي منه بالمهر الذي دفعه أو بأكثر منه أو أقل، هذا قد يوجد عند الغافلين والجاهلين، ما تعجبه زليخة دميمة الوجه، سليطة اللسان، فقير أهلها، فماذا يصنع؟ يأخذ في مضايقتها والضغط عليها، يعبس، يقطب، ما يبتسم في وجهها، ما.. ما.. حتى تمل الحياة معه ... تريدين الطلاق؟ أعطيني كذا وأطلقك، وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19].قال: (لتذهبوا ببعض)؛ إذ من الجائز ألا تعطيه كل ما أخذ، لكن حتى البعض ما يجوز، ولا ريالاً واحداً.. حرام، وليس فقط كل المهر، أنت استبحت فرجها بذاك الريال كيف تأخذ منه وتسترده؟ بأي حق؟ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] وقرئ مبيَّنة واضحة، فإذا أتت المرأة بفاحشة أعلى الفواحش الزنا، وكالزنا السحاق، تعرفون السحاق؟ المرأة تعلو المرأة وتتلذذ بالاتصال بها، هذا يعرف بالسحاق، وهو محرم كالزنا.إذاً فاحشة أعلاها الزنا والسحاق، ودون ذلك سلاطة اللسان، انتبهتم؟ أذية الزوج، المكر به، الاتصالات بغيره، فإذا ثبت عندك يقيناً أنها ارتكبت الفاحشة الكبرى أو دونها، ما أصبحت أهلاً للبقاء في بيتك، في هذه الحال لك أن تضايقها فإن تبرمت وتململت فقل لها: أعطني كذا وأطلق سراحك.واضع هذا القانون هو رب النساء والرجال، الرجال عبيده والنساء إماؤه، فهو أرحم بهم والله من أنفسهم، فلا يشرع لهم إلا ما فيه خيرهم وصيانتهم، فلا دخل لنا في هذا، لا تقل: لم؟ انتبه. إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] وهذه هي قضية الخلع.الخلع: أن يخلع الرجل المرأة وتخلعه بعد أن كانت مرتبطة به. الخلع إذا هذه المرأة ما أطاقت البقاء في هذا البيت، كرهت هذا الفحل، أصبحت ما تطيقه، هو ما آذاها، ولكن خلقها، نفسها، تطلعها.. خرجت مرة على النافذة شاهدت رجلاً أبيض قالت: نريد مثله، ما نريد هذا الشخص، والشيطان يملي، وهذا هو السر أو من أسرار منع النساء من الشوارع والطرقات، ولكن الأموات لا يفهمون هذا؛ لأن المرأة إذا كانت تتبرج بوجهها وتمشي في الشوارع، وزوجها دميم الخلقة أعمش، ترجع البيت كارهة له، وتبدأ تتطلع: لم أنا محبوسة مع هذا العفن، والرجل كذلك زوجته أم أولاده مستورة محجوبة، لا يرى من النساء إلا هي، كأنها حوراء، فلما يخرج إلى الشوارع والدكاكين والأعمال والأسواق يشاهد الحسناوات الجميلات.. إيه، أنا ماذا أصابني، لماذا أنا مربوط مع هذه الحية؟ فيأخذ في المكر والتضليل والطلاق والخداع، إن لم يكن للطلاق إلا هذا السر والله لكفى؛ لأنه دعامة المجتمع والخلق والدين.وهل فهم الناس هذا؟ ما فهموا؛ لأنهم يسمعون فقط عن الموتى من اليهود والنصارى يقبحون لهم الحجاب وتعدد الزوجات و.. و.. ويمدون أعناقهم؛ لأنهم جهلة، ما عرفوا الطريق إلى الله بعد.ولا لوم، من علمهم؟ هل قرعوا أبواب العلماء وطلبوا العلم؟ لا. إذاً ما نرجو لهم؟ هذه المحن وهذه الإحن، وهذا السقوط والهبوط.كيف نأخذ عن الأموات قوانين وشرائع وآداب وأخلاق؟ أموات، تأخذ عن الميت أنت؟ الأعمى فقط لو تمشي وراءه يضلك.وهذا أبو القاسم بالأمس كان في فرنسا وأطلعني على حادثة، وهي: أن البلديات الكبرى في فرنسا في مدنها يتنافسون في الحصول على عقد النكاح بين الذكر والذكر، وهذا بالنسبة لبريطانيا ماض، أهذه أمة حية هذه؟ هذه أمة نأخذ عنها العلم والمعرفة؟ نثق فيما تقول وما تملي علينا؟آه.. ماذا أصابنا؟ أعرضنا عن كتاب الله هجرناه وسيقول الرسول: يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30] ولم يهجره قرأه ليقرأ على الموتى.
معنى قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف ...)
ثالثاً: يقول تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] أين الذين يتبجحون بحقوق المرأة، ألا لعنة الله عليهم، أموات شر من القردة والخنازير، بقضاء الرب تعالى وحكمه عليهم، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] من قال هذا؟ خالق الخلق.. شر الخليقة! ونمشي وراءهم ونستمع إلى تعاليمهم، ونأخذ بها ونطبقها.وعاشروهن أيها الفحول، عاشروا أزواجكم بالمعروف، المعروف: العدل، القسمة الحقة، الصبر، الحلم، الابتسامة الطيبة، الكلمة الرحيمة، المعاملة الحسنة.. هذه أختك قبل كل شيء، وأختك مرة أخرى في دينك وإسلامك، ثم أم أولادك وزوجتك، كيف تؤذيها؟ والله يسبونهن ويشتمونهن ويعيرونهن، ويقبحون لهن.. لعلي واهم؟والضرب والطلاق كأنها حيوانات، أبهذا نزل القرآن؟ ما معنى هذا الأمر؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ضد المنكر، العدل والرحمة والإخاء والتعاون والمودة، ما تصبح المرأة كأنها سجينة في بيتك، لا تلقاها إلا بوجه قطب مقطب! وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لدمامة الوجه، لمرض، لعدم قدرة، لجهالة، وكرهتها اصبر على ذلك ولا تنزعج أبداً، واصبر في يوم من الأيام تصبح أحسن النساء وأكملهن.قال تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] عامة هذه، كم من إنسان يكره وظيفته، وإذا به بعد أعوام يتبين له أنها أحسن وظيفة، كم من إنسان يكره تجارة بدأها وما يصبر ويصبر وتصبح أحسن حال، كم من إنسان تكون له زوجة ويتضايق وكذا ويصبر، وإذا بها أحسن ما يكون من النساء، هذا وعد الله أو لا؟ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] ممكن هذا رجل لما كانت الوظيفة وافية والمال متوفراً كان يتعنتر عليها، ويريد أن يطلقها، ثم يلهم الصبر فيصبر فيزول ذلك الغنى ويصبح في حالة ناقصة، فيجد تلك المرأة تؤانسه وتواسيه وتحسن إليه، وتحول شقاءه إلى راحة ونقمته إلى نعمة، أو تلد له أولاداً ويجد في الأيام عضداً له وساعداً ويقول: أبي اجلس وأنا أعمل، وأنت اعبد الله فقط.ومعنى هذا: ليس من شأننا أن كل من يكره من امرأته شيئاً يطلق، ويضايق حتى يطلقها ويأخذ منها، والرسول الحبيب يقول: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر ) لا يكره مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً -رفع صوتها- يرضى منها خلق آخر، كره منها التبذير، قد يفرح بالعمل والنشاط اليومي، ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ) أي لا يبغضها ولا يغضب عليها، لم؟ قال: ( إن كره منها خلقاً ) من أخلاقها مثلاً ( رضي منها بخلق آخر ) هذه تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم مشتقة من قول الله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]. مرة ثانية: أولاً: هذا النداء الإلهي الكريم لعباده المؤمنين، نادانا به ليحرم علينا إرث نسائنا، كيف إرث نسائنا حرام؟ لا. هذا نزل والجهل حاكم وسائد، وهو: أن الرجل إذا مات والده أو مات أخاه، أو مات ابنه، يرث امرأته، كيف يرثها؟ يستخدمها، يبيعها، يتزوجها.. هذا محاه الإسلام وانتهى، ولن يعود. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].ثانياً: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لا تضايق المؤمنة مضايقة حتى تمل من وجودك وتطالب بالطلاق وتقول: لا أطلقك حتى تعطيني كذا وكذا، انتبهتم لهذه أو لا؟يقول تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19].اللهم إلا أن يأتين بفاحشة مبينة واضحة مبينة كاشفة للستار، ما فيها جدال ولا شك، في هذه الحال لك أن تطلقها وتأخذ منها ما شئت من مالها، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] أعلاها الزنا والسحاق، ودون ذلك الاتصال بالرجال كذا كذا.. خيانات منكرة.ثالثاً: قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] أي: عاشروا نساءكم أيها الرجال بالمعروف لا بالمنكر، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لأمر ما: ذمامة في الوجه، قصر في الذات، عجم في اللسان، صوت صليط ومرفوع فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] اصبر على هذه المؤمنة، لا تطلقها ولا تفارقها، اصبر على مرضها، اصبر على لسانها، شيئاً فشيئاً عسى أن يتحول ذلك إلى خير كثير.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]