عرض مشاركة واحدة
  #399  
قديم 08-04-2020, 05:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (398)
تفسير السعدى
سورة القصص
من الأية(15) الى الأية(22)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة القصص



" ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين "(15)
" وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا " إما وقت القائلة, أو غير ذلك من الأوقات, التي بها يغفلون عن الانتشار.
" فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ " يتخاصمان ويتضاربان " هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ " أي من بني إسرائيل " وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ " كالقبط.
" فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ " لأنه قد اشتهر, وعلم الناس أنه من بني إسرائيل, واستغاثته لموسى, دليل على أنه بلغ موسى عليه السلام مبلغا, يخاف منه, ويرجى من بيت المملكة والسلطان.
" فَوَكَزَهُ مُوسَى " أي: وكز الذي من عدوه, استجابة لاستغاثة الإسرائيلي.
" فَقَضَى عَلَيْهِ " أي: أماته من تلك الوكزة, لشدتها, وقوة موسى.
فندم موسى عليه السلام على ما جرى منه, و " قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ " أي: من تزيينه, ووسوسته " إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ " فلذلك أجريت ما أجريت بسبب عداوته البينة, وحرصه على الإضلال.

" قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم " (16)
ثم استغفر ربه " قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " خصوصا للمخبتين إليه, المبادرين للإنابة والتوبة, كما جرى من موسى عليه السلام.
" قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين " (17)
" قَالَ " موسى " رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ " بالتوبة والمغفرة, والنعم الكثيرة " فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا " أي: معينا ومساعدا " لِلْمُجْرِمِينَ " أي: لا أعين أحدا على معصية.
وهذا وعد من موسى عليه السلام, بسبب منة اللّه عليه, أن لا يعين مجرما, كما فعل في قتل القبطي.
وهذا يفيد أن النعم, تقتضي من العبد فعل الخير, وترك الشر.

" فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين " (18)
لما جرى منه قتل الذي هو من عدوه " فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ " هل يشعر به آل فرعون, أم لا؟ وإنما خاف, لأنه قد علم, أنه لا يتجرأ أحد على مثل هذه الحال, سوى موسى, من بني إسرائيل.
فبينما هو على تلك الحال " فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ " على عدوه " يَسْتَصْرِخُهُ " على قبطي آخر.
" قَالَ لَهُ مُوسَى " موبخا على حاله " إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ " أي: بين الغواية, ظاهر الجراءة.

" فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين " (19)
" فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ " موسى " بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا " أي: له وللمخاصم المستصرخ لموسى, أي: لم يزل اللجاج بين القبطي والإسرائيلي, وهو يستغيث بموسى, فأخذته الحمية, حتى هم أن يبطش بالقبطي.
" قَالَ " له القبطي زاجرا له عن قتله: " يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ " لأن من أعظم آثار الجبار في الأرض, قتل النفس بغير حق.
" وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ " وإلا, فلو أردت الإصلاح, لحلت بيني وبينك, من غير قتل أحد.
فانكف موسى عن قتله, وارعوى, لوعظه وزجره.
وشاع الخبر بما جرى من موسى في هاتين القضيتين, حتى تراود ملأ فرعون, وفرعون على قتله, وتشاوروا على ذلك.

" وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " (20)
فقيض اللّه, ذلك الرجل الناصح, وبادر إلى الإخبار لموسى بما اجتمع عليه رَأْيُ ملإهم.
فقال: " وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى " أي: ركضا على قدميه, من نصحه لموسى, وخوفه أن يوقعوا به, قبل أن يشعر.
" قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ " أي: يتشاورون فيك " لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ " عن المدينة " إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ " .

" فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين " (21)
فامتثل نصحه " فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ " أن يوقع به القتل, ودعا اللّه.
" قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " فإنه قد تاب من ذنبه وفعله غضبا, من غير قصد منه للقتل, فَتَوعُّدُهُمْ له, ظلم منهم وجراءة.

" ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " (22)
" وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ " أي: قاصدا بوجهه مدين, وهو جنوبي فلسطين, حيث لا ملك فيه لفرعون.
" قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ " أي: وسط الطريق المختصر, الموصل إليها, بسهولة ورفق, فهداه اللّه سواء السبيل, فوصل إلى مدين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]