عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 09-02-2020, 06:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(52)


حالة العالم قبل الإسلام ( 1 - 6 )
تمهيد :
ذهب جملة من الباحثين إلى أن صدق أي رسالة من الرسالات ثابت ومؤكد إذا هي أجابت على مجموعة من الأسئلة على النحو التالي :

1ـ هل البيئة التي جاءت فيها تلك الرسالة كانت في احتياج إلى هذه الرسالة ؟.
2ـ وهل جاءت تلك الرسالة بالشرائع والمناهج التي تفي بهذه الاحتياجات حتى يصلح شأنها، ويستقيم حالها؟.
3ـ وهل هذه الشرائع والمناهج من السهولة واليسر بحيث يمكن تطبيقها على جميع الأفراد وفي كل الأمكنة والأزمان، وخاصة في رسالة من شأنها أنها جاءت لكل البشر في كل مكان وزمان، أم أنها مغرقة في المثالية والخيال ـ أو الجمود ـ بحيث يتعذر ـ أو يستحيل ـ على بعض البيئات أو بعض الأشخاص تطبيقها؟.
4ـ وهل تجسدت تلك التعاليم وهذه المناهج في شخص صاحب الدعوة نفسه، بحيث لا يتعارض القول مع الفعل، والنظرية مع التطبيق ، وتصبح القدوة العملية حينئذ هي الداعي الأول لاعتناق مبادئ تلك الرسالة.
وممن ذهب إلى ذلك أو بعضه الأستاذ المرحوم عباس العقاد حيث قال في ( عبقرية محمد ) وأكده أيضا في (مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية):" علامات الرسالة الصادقة هي عقيدة تحتاج إليها الأمة ، وهي أسباب تتمهد لظهورها ، وهي رجل يضطلع بأمانتها في أدائها"، ولا شك أن هذا الذي ذهب إليه المفكرون يلتقي مع المنهج النقلي والمنهج العقلي .
فقد جاءت الآيات القرآنية التي تدلنا على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط الله المستقيم. قال الله تعالى : (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ))(1).
ومعنى ذلك أن البشرية كانت في ظلمات، وتحتاج إلى من يأخذ بيدها إلى النور، كما أنها قد تباعدت عن الصراط المستقيم ، وقد قال الإمام ابن كثير في ختام تفسيره لهاتين الآيتين ( أي ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أين المسالك، فيصرف عنهم المحذور ، ويحصل لهم أحب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة )(2)
ويتأكد هذا المعنى أيضا في قوله تعالى: (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ))(3).
ومعنى هذا أيضا أن البشرية كانت في حاجة إلى من يهديها إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض.
ويتضح هذا المعنى جليا في قول الله تعالى: (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) إن البشرية كانت في ضلال تحتاج إلى من يهديها ويعلمها ويطهرها مما انحدرت إليه من الشرك وسوء الأخلاق .
ويكفي في ذلك قول الله تعالى (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .....إلخ )(4).
وقول الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) .
فالإنسانية كانت في حاجة ماسة إلى الشاهد، والمبشر، والمنذر، والداعي إلى الله بإذنه، والسراج المنير الذي يوضح لها معالم الطريق ، كما أنها كانت ـ ولا تزال ـ في أشد الحاجة إلى الرحمة المهداة التي عمت رحمته كل العالمين وليس عالم الإنسان فقط ـ كما كانت في حاجة إلى من يأخذ بحجزها عن النار كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ) (5).

(1) - الآيتان 15 ، 16 من سورة المائدة .
(2) - تفسير ابن كثير جـ2 ص34 .
(3) - الآية 52 من سورة الشورى .
(4) - الآيتان 45 ، 46 من سورة الأحزاب .
(5) - أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المناقب، شفقته صلى الله عليه وسلم ( 2285 ).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.25 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]