عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 02-06-2019, 10:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح للاسرة المسلمة فى رمضان ***متجدد


حكم اعتكــاف النساء

الشيخ سعد بن عبد العزيز الحقباني
(28)

هل يشرع الاعتكاف للمرأة ، وإذا قيل بمشروعيته فأين تعتكف؟ هل يكون في المساجد التي تقام فيها الجماعة، ويصلي فيها الرجال أم تعتكف في مسجد بيتها؟
لا خلاف بين أهل العلم في المذاهب الأربعة على مشروعية الاعتكاف للمرأة ([1]).
قال المرغيناني: «أما المرأة فتعتكف في مسجد بيتها، لأنه هو الموضع لصلاتها...»([2]).

وقال ابن جلاب: «ولا تعتكف المرأة في بيتها، ولا فرق بينها وبين الرجل في ذلك»([3]).
وقال الإمام الشافعي: «والمرأة والعبد والمسافر يعتكفون حيث شاءوا - أي من المساجد - لأنهم لا
جمعة عليهم»([4]).

وقال ابن قدامة: «وللمرأة أن تعتكف في كل مسجد، ولا يشترط إقامة الجماعة فيه»([5]).

واختلفوا في حكم اعتكافها في المساجد التي يصلي فيها الرجال على قولين:
القول الأول: يشرع لها الاعتكاف في المساجد التي يصلي فيها الرجال، ولا يصح اعتكافها في
مسجد بيتها، وإلى هذا ذهب الحنفية في قول([6])، وبه قال المالكية([7])، والشافعية([8])، والحنابلة([9]).
القول الثاني: يكره لها الاعتكاف في المساجد التي يصلي فيها الرجال، بل تعتكف في مسجد بيتها، وهذا مذهب الحنفية ([10]).
الأدلـة :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من الكتاب والسنة، والمعقول:
أ- من الكتاب:

قوله تعالى: "و َلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"([11]).

والمراد بالمساجد المواضع التي بنيت للصلاة فيها([12]).
والخطاب في الآية عام يشمل الرجال والنساء؛ المسن وغير المسن.

أ- من السنة:
ما ثبت من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله علبه وسلم أذن لها وحفصة-رضي الله عنهما-
بأن يعتكفا معه([13]).
وجه الاستدلال: أن إذنه
صلى الله علبه وسلم لأمي المؤمنين عائشة وحفصة رضي الله عنهما بالاعتكاف معه وكان اعتكافه صلى الله علبه وسلم في المسجد يدل على مشروعية الاعتكاف للنساء.
ب- من المعقول:
أن الاعتكاف قربةٌ يشترط لها المسجد في حق الرجال فيشترط في حق المرأة كالطواف([14]).
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بكراهية خروجها للاعتكاف في غير مسجد بيتها بأدلة من
السنة، والمعقول:
أ- من السنة:

ما سبق ذكره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وفيه أن النبي صلى الله علبه وسلم لما أذن لعائشة رضي الله عنها بالاعتكاف معه، فاستأذنت حفصةُ عائشةَ أن تضرب خباء، فأذنت لها، فضربت خباء، فلما رأته زينب بنت جحش([15]) ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله علبه وسلم رأى الأخبية، فقال: «ما هذا؟» فأخبر، فقال النبي صلى الله علبه وسلم: «آلبر ترون بهن؟» فترك الاعتكاف ذلك الشهر، وأمر بتقويض الأخبية، ثم اعتكف عشراً من شوال([16]).
وجه الاستدلال: أن النبي
صلى الله علبه وسلم أمر بإزالة أخبية أزواجه التي كن أعددنها للاعتكاف، فدل على كراهية الاعتكاف للنساء.
ونوقش هذا الاستدلال بأن أمر النبي
صلى الله علبه وسلم بإزالة أخبية أزواجه لم يكن لكراهية الاعتكاف لهن أو لعدم مشروعيته، بل يحتمل أن يكون النبي صلى الله علبه وسلم أمر بذلك خشية أن يكون الحامل لهن على ذلك المبادرة والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصاً على القرب منه صلى الله علبه وسلم، فيخرج الاعتكاف عن مقصوده، أو لأنه لما أذن لعائشة وحفصة أولاً كان ذلك خفيفاً بالنسبة إلى ما يفضي إليه الأمر من توارد بقية النسوة على ذلك فيضيق المسجد على المصلين، أو أنه صلى الله علبه وسلم أمر بذلك لئلا يصير كالجالس في بيته لما رأى اجتماع أزواجه حوله، وربما شغلته عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصود الاعتكاف([17]). ويؤكد ذلك أن النبي صلى الله علبه وسلم أذن لعائشة في أول الأمر بالاعتكاف.
ب- من المعقول:
أن مسجد البيت بالنسبة للمرأة له حكم المسجد في الصلاة، فكذلك في الاعتكاف([18]).

ونوقش هذا الاستدلال بعدم صحة اعتبار الاعتكاف كالصلاة؛ وذلك لأن نافلة الرجل في بيته أفضل، ولا يصح اعتكافه فيه([19]).
الترجيح:
ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول الأول القائل بعدم كراهية اعتكاف للمرأة في المساجد
التي يصلي فيها الرجال، وذلك لما يلي:
1- لقوة أدلة هذا القول وسلامتها من المناقشة المؤثرة، حيث استدل أصحابه بالسنة الثابتة.

2- لضعف أدلة القول المخالف وورود المناقشة المؤثرة عليها.
ولكن يجب أن يقيد القول بجواز اعتكاف النساء بعدم خوف الفتنة من ذلك، وأما إذا أدى إلى
الفتنة بها أو عليها فلا يجوز؛ لأن الاعتكاف سنة، والوقوع في الفتنة حرام، فلا يجوز الوقوع في أمر محرم من أجل الإتيان بأمر مسنون. ولأن المستحب إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع كالمباح إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع([20]).


([1]) ينظر: بدائع الصنائع 2/170 وما بعدها، وفتح القدير 2/394، والمدونة الكبرى 1/231، وبداية المجتهد 1/365، والمجموع 6/480، وروضة الطالبين 2/398، والمغني 4/464، وكشاف القناع 2/351.

([2]) الهداية مع فتح القدير 2/394.

([3]) التفريع 1/313.


([4]) الأم 2/108.

([5]) المغني 4/464.


([6]) ينظر: بدائع الصنائع 2/170، والبحر الرائق 2/527.

([7]) ينظر: بداية المجتهد 1/365، والتفريع 1/313.

([8]) ينظر: المجموع 6/480، وروضة الطالبين 2/398.

([9]) ينظر: المغني 4/464، وكشاف القناع 2/351.


([10]) ينظر: فتح القدير 2/394، والبحر الرائق 2/527، وحاشية ابن عابدين 2/485.

([11]) سورة البقرة، الآية (187).


([12]) المغني 4/464.

([13]) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف النساء (384) برقم (2033) و باب
الاعتكاف في شوال (386) برقم (2041) ومسلم في كتاب الاعتكاف، باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (457) برقم: (1172).

([14]) ينظر: المغني 4/464.

([15]) ينظر ترجمتها برقم (121) من فهرس الأعلام.

([16]) سبق تخريجه في ص567 من البحث.

([17]) ينظر: المغني 4/464، وصحيح مسلم بشرح النووي 8/310، وفتح الباري 4/324.


([18]) ينظر: بدائع الصنائع 2/171.

([19]) ينظر: المغني 4/465.


([20]) ينظر: الشرح الممتع 6/511.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]