عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-12-2019, 05:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفعال المطاوعة واستعمالاتها في القرآن

أفعال المطاوعة واستعمالاتها في القرآن
د. أيوب جرجيس العطية



المطاوعة :

هي التأثير وقبول الأثر بين فعلين الأول مؤثر وهو موجود حقيقة أو تقديراً ، والثاني متأثر ، يتفقان في اللفظ والمعنى ، نحو : كسرته فانكسر ، أو يتفقان في المعنى فقط نحو ، طردته فذهب ولا يشترط العلاج الحسي إلا في انفعل.
ومما هو جدير بالذكر انه يمكن تقسيم المطاوعة إلى قسمين([31]) : هما المطاوعة الصرفيّة إذا كان الفعل الثاني من لفظ الفعل الأول نحو : كسرته فانكسر ، كأن الفعل الثاني تصرف من الفعل الأول أو اشتق منه ، ويمكن أن تسمى المطاوعة اللفظية لاشتراك الفعلين في اللفظ ، والمطاوعة المعجميّة إذا اختلف الفعل الثاني عن الأول ولكنه يعطي معناه نحو : طردته فذهب ، وأعطيته فأخذ ، إذ هي تقوم على التأثر والتأثير بين فعلين مختلفين في المبنى ، ويبدو أن المطاوعة المعجمية يلجأ إليها إذا فقد المطاوع الصرفي كما في \" طردته فذهب فلجأ المتكلم إلى استعمال الفعل المطاوع (ذهب) ، لأن العرب لم يتكلموا بانطرد أو اطرد.
وسيكون جُلّ الحديث في الفصول الآتية عن المطاوعة الصرفية ، لأن الفعل المطاوع في المطاوعة المعجمية لا يمكن أن يحدد إلا إذا ذكر في التركيب فالفعل أخذ –مثلاً – لو ذكر وحده من ون ذكر الفعل المطاوع يمكن أن يكون مطاوعاً لأعطى فيقال : أعطيته فأخذ ناولته فأخذ أو سلمته فأخذ ، بينما الفعل المطاوع في المطاوعة الصرفية مع معلوم ، لأنه من جذر الفعل أو من اللفظ نفسه ، كذلك فإن المطاوعة الصرفية أكثر وضوحاً وشمولاً وتحديداً في كتب الصرف التي وقفت عليها.
ومما ينبغي أن يشار إليه أن مصطلح (المطاوعة) ليس ملازماً لمصلح (اللزوم) ، وإن تطابقاً أحياناً ، لأن الفعل المطاوع يأتي لازما ، وقد يأتي متعدياً.
ومن الجدير بالذكر أن رمضان عبد التواب استعمل مصطلح (الانعكاسية)([32]) بدل المطاوعة تأثراً ببروكلمان([33]) ، وعلى الرغم من أنه لا مشاحّة في اصطلاح ، فإنّ استعمال المصطلح السائد المشهور (المطاوعة) أولى من العدول إلى مصطلح جديد لا حاجة إليه ، وقد لا يعطي المعنى الدقيق لذلك المصطلح.
وبعد أن وضحت صور المطاوعة الواردة في اللغة آتي الآن إلى بيان أوزانها وهي:

الوزن الأول :

(فَعَـل) :
وهو يطاوع فعلاً ثلاثياً مجرداً ، وفعلاً مزيداً بالهمزة ، وصوره كالآتي :
أ-فَعَل (بفتح العين ) اللازم يأتي مطاوعاً لـ (فَعَـل) المتعدي كما في قول العجاج([34]):
قد جبر الدين الإله فجبر

ومن خلال وقوفي على هذه الأفعال رأيت أن عدداً منها يأتي لازماً ومتعدياً ، لذا يصح أن يكون اللازم مطاوعاً للمتعدي منه كما هو عند سيبويه وابن قتيبة ، ولهذا يجوز لي أن أرى رأي صالح الوهيبي في قياسيتها.
ب- فَعِل – بكسر العين – يطاوع فَعَل – بفتح العين – كقولهم : ((ثرمه فثرم ، جدعه فجدع وثلمه فثلم ..))([35]).

جـ- فَعَِل – بفتح العين أو كسرها – يطاع (أفْعَل) كقول سيبويه : (( ونظير فعلته فانفعل وافتعل : أفعلته ففعل : أخلته فدخل وأخرجته فخرج))([36]).



وعليه تكون صيغة (أفعلته ففعل ) قياسية.
د- فعل يطاوع (استفعل) :نحو : استنطقته فنطق ، واستخرجته فخرج([37]) ،

وقد يطاوع (فَعَـل) صيغاً أخرى ذكرتها بعض كتب اللغة ولم تذكرها كتب النحو أو الصرف ومنها:
أ-(فعَّـل) بتشديد العين نحو : ضمرته (ضعفته) فضمر ، ومنه قول العجاج في أرجوزته([38]):

ولاحت الحرب الوجوه والسرر([39])
وضمرت من كان حراً فضمر
ب-(أفعل) نحو : أضعفه الله فضعف([40]).
جـ-(افتعل) نحو : افتصد فلان عرقه ففصد([41]).


الوزن الثاني: (فَعَّل) :
وهو وزن لم تنص كتب النحو الصرف على مجيئة للمطاوعة وإن أوحت عبارتها بذلك
وقد وردت أفعال على هذا الوزن ليست كثيرة مطاوعة لفعل من لفظه ، ويمكن أن يصاغ على ما يأتي:
فَعَّل – بتشديد العين – يطاوع فَعَّل – بتشديد العين – نحو : بينته فبين ، وصوحته الريح فصوح.




الوزن الثالث: (أفْعَلَ):
وأما صورها فهي:
1-أفعل يطاوع (فَعَل) كقولهم : (( قشعت الريح السحاب فأقشع ، وكببته فأكب ، وعرضته فأعرض ))([42]).
2-أفعل يطاوع (فعل) كقولهم : بشرته فأبشر ، وفطرته فأفطر([43]) ، وشرط ذلك عند سيبوبه أن يكون الوصف من (أفعل) في معنى (مفعل) قال : (( وقد جاء فعلته إذا أردت أن تجعله مفعلاً وذلك فطرته فأفطر وهذا النحو قليل ))([44]).



الوزن الرابع: (انْفَعَل):
هذا الوزن من الأوزان الرئيسة المشهورة في هذا الباب ، وهو خماسي بزيادة الهمزة والنون على الثلاثي الأصل وليس أصله (افعل) بتضعيف الفاء ثم قلبت العرب أحد الضعفين نوناً للتخفيف ، فالنون أصلية ، وإلى هذا التأويل ذهب مصطفى جواد([45]) ، وليس في العربية (افعل) بتضيف الفاء([46]) ، والنون زائدة كما هو معهود في العربية وكذلك تزداد النون في أوله في اللغات السامية([47]).
ويتميز هذا الوزن بلزومه معنى المطاوعة ، ولا يكاد يخرج عنه إلا للدلالة على الحدث المجرد وفاقا لما ذهب إليه سيبويه حيث قال : (( انجرد ليس للمطاوعة إنما هي كفعلت كما أن افتقر كضعف … وقال أيضاً : وهذا موضع قد يستعمل فيه (انفعل) وليس مما طاوع فعلت))([48]).

وأما صور (انفعل) الواردة في كتب الصرف فهي:
1-انفعل يطاوع (فعل) الثلاثي المجرد نحو : كسرته فانكسر ، وحطمته فانحطم ، وهو قياسي بالشروط الثلاثة السابقة.
2-انفعل يطاوع (أفعل) الرباعي نحو :أزعجته فانزعج وحكمه شاذ على قول الزمخشري وابن يعيش وابن هشام والحريري([49]) .


وقد أوردت بعض كتب اللغة صيغاً أخرى مطاوعة لـ (انفعل) لم تذكرها كتب النحو أو الصرف وهي:
1-(فَعّـَل) مضعف العين نحو : صوعت الريح النبات فتصوع وانصاع (مال)([50]) ، وفرقت الشيء فانفرق([51]) ، وطبقته فانطبق([52]) ، وهيلت التراب فانهال([53]) ، وفلقه فانفلق([54]) ، وهوره فانهار([55]) ، وفتح الأبواب فانفتحت([56]) ، وعططه (شق) فانعط([57]) ، وكمشه فانكمش([58]) ، وضمه فانضم([59]).
2-(افتعل) نحو : اقتلعت الشجرة فانقلعت([60]) ، واجتثه فانجث([61]) ، وافتتح الباب فانفتح([62]) ، وازدجره فانزجر([63]) ، واعتطه فانعط([64]) ، واعتصره فانعصر([65]) ، واقتطعه فانقطع([66]).
3-(فعلل) نحو : عطعطت الثوب بمعنى شققته ، فانعط([67]) .


الوزن الخامس: (افْتَعَل)
وهو من الأوزان التي تأتي للمطاوعة غالباً ، ويأتي لازماً ومتعدياً ، وإذا جاء للمطاوعة فهو غير متعد([68]).
وصوره الواردة في كتب النحو والصرف التي أطلعت عليها هي:
1-افتعل يطاوع (فعل) الثلاثي المجرد بشرط أن يكون فاء الفعل أحد الأحرف التي جمعت في كملة (ولنمر) نحو : اتزن ، والتأم ، وانتصر ، وارتفع ، فإن لم يبدأ الفعل بأحد هذه الأحرف ، فإن افتعل يأتي مطاوعاً للفعل أصالة مثل : جمعته فاجتمع ، وشويته فاشتوى ، وقد لا يأتي على هذه الصيغة فعل مطاوع من الأفعال التي خلت فاؤها من أحرف (ولنمر) مثل : قام ، يبس ، يقظ ، فيقال أقمته فأقام أو فاستقام ، ولم يقولوا: فاقتتام ، وأيقظته فاستيقظ ، ويبسته فيبس.
2-افتعل يطاوع (أفعل) الرباعي([69]) نحو : أوقدته فانقد ، وأنصفته فانتصف([70]).
3-افتعل يطاوع (فعل) مضعف العين نحو : قربته فاقترب ، ونصفته فانتصف([71]).


وقد أوردت بعض كتب اللغة صيغاً أخرى مطاوعة لـ (افتعل) لم تذكرها كتب النحو أو الصرف وهي:
1- افتعل يطاوع (افتعل) نحو : انتزعه فانتزع ، أي: اقتلعه فاقتلع([72]) ، واختضره فاختضر([73]) ، واقتصد عرقه فاقتصد([74]) ، وازدجره فازدجر([75]) ، واجتثه فاجتث([76]).
2- افتعل يطاوع (فاعل) نحو غايظه فاغتاظ وتغيظ بمعنى([77]) ، وتساوت الأمور واستوت ، وساويت بينها أي سويت([78]) ، ولاءمه فالتأم([79]).




الوزن السادس : (تَفَعَّل) :
وهو من الأوزان الرئيسية أيضاً في هذا الباب ، ويأتي لازماً نحو ، كسرته فتكسر ، ومتعدياً نحو : علمته الحساب فتعلمه وتجيء المطاوعة في هذا الوزن على النحو الآتي:
1-(تفعّل) يطاوع (فعّـل) مضعف العين ، وهو من الأوزان التي ذكرها سيبويه بقوله (( ونظير هذا أي : نظير فعله فانفعل ) فعلته فتفعل …))([80])


ويمكن أن يأتي (تفعل) مطاوعاً للصيغ الآتية اعتماداً على ما جاء في بعض كتب اللغة:
1-(فعّـل) الثلاثي نحو : شدخه فتشدخ([81]) ، قاب الطائر بيضته : فلقها ، فتقوبت([82]) ، وكف الرجل فتكفف([83]) ، وسترت الشيء فتستر([84]) بتكه فتبتك([85]) ، وشعلت النار فتشعلت([86]).
2-(أفعل) نحو : أيقظته فتيقظ([87]) ، أطبقت الشيء فتطبق([88]).
3- (افتعل) نحو : اجتبره فتجبر([89]) ، اخترقه فتخرق([90]) ، اقتطعه فتقطع([91]).
4-(فاعل) نحو : غايظه فتغيظ([92]) ، ولاءمه فتلأم([93]).
ومجئ (تفعل) مطاوعاً لفعل وأفعل وافتعل يظهر ضعف قول من قال : (( إنها تقتصر على مطاوعة (فعل) ))([94]).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.57 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]