عرض مشاركة واحدة
  #362  
قديم 21-04-2008, 02:41 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الخمر أم الخبائث

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ والميسر ويصدكم عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {91})[سور المائدة].
الخمر لغة هي كل ما خامر العقل وغلبه . وفي الاصطلاح الفقهي هي اسم لكل مسكر .عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر وكل خمر حرام " رواه مسلم .

والرجس : القذر، حساً ومعنى، عقلاً وشرعاً . الخمر ما بعدها موصوف بهذا الوصف مما يقتضي التحريم(9) وتأكد ذلك الأمر باجتناب الرجس وبقوله : (لعلكم تفلحون ) أي راجين الفلاح بهذا الاجتناب . وتحريم الخمر والميسر من عدة نواح صدرت الجملة بـ" إنما" المفيد للحصر، وقرنتا بالأصنام والأزلام وهي شنيعة وقبيحة شرعاً وعقلاً وسميا رجساً من عمل الشيطان وذلك غاية القبح ، وأمر باجتناب أعيانهما وهذا أشد تنفيراً من مجرد النهي أولفظ التحريم ثم بين مضار الخمر والميسر فقال : (إنما يريد الشيطان ..) لذا وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " الخمر أم الخبائث" . فالخمر إذا أذهبت العقل هانت كرامة الإنسان على غيره وفقد القدرة على إدراك الخير والبعد عن الشر هذا فضلاً عن الأضرار الفادحة التي تلحقها بصحة البدن وتهدد حياته، كما يمتد ضررها إلى الأولاد والأجنة والقرآن الكريم لم يذكر تعليل الأحكام الشرعية إلا بإيجاز لكن هنا فصل في بيان الحكمة من تحريم الخمر والميسر ليشير إلى ضررهما وخطرهما ثم أكد سبحانه وتعالى التحريم وشدد في الوعيد فقال: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92})[سورة المائدة].
وقد فهم الجمهور من تحريم الخمر واستخباث الشرع لها وإطلاق الرجس عليها والأمر باجتنابها، الحكم بنجاستها وخالفهم في ذلك ربيعة (شيخ مالك ) والليث بن سعد والمزني (صاحب الشافعي) وبعض المتأخرين من المحدثين فرأوا أنها طاهرة وأن المحرم هو شربها (9) .
ودل قوله تعالى (فاجتنبوه) على الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء، بوجه من الوجوه ، لا بشرب ولا بيع ولا تخليل ولا مداواة . عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذي حرم شربها حرم بيعها " رواه مسلم .

مشكلة الخمر تهز العالم :
الخمر من أعقد المشكلات التي يجأر الغرب ويبحث لها عن حل لكن دون جدوى فهذا السيناتور الأمريكي وليم فولبرايت (1) يقول عن مشكلة الخمر :" لقد وصلنا إلى القمر ولكن أقدامنا مازالت منغمسة في الوحل ، إنها مشكلة حقيقية عندما نعلم أن الولايات المتحدة فيها أكثر من 11 مليون مدمن خمر وأكثر من 44 مليون شارب خمر ".
وقد نشرت مجلة لانست (2) البريطانية مقالاً بعنوان " الشوق إلى الخمر " جاء فيه : " إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حتماً ستموت بسبب " . وينقل المؤلف أن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانياً بسبب الخمر . وأن التقاير الصادرة عن الكليات الملكية البريطانية أجمعت على خطر الخمور وأنه لا يترك عضواً في الجسم إلا أصابه فضلاً عن الزيادة الكبيرة في حوادث السيارات وفقدان العمل وحوادث العنف الناجمة عن تعاطيه .

ويؤكد الكاتب أن معظم حوادث الوفيات والاختلاطات الناجمة عن الخمر تحدث عند الذين يظنون أنهم لا يشربون الكثير من الخمر . ويرى أن ما يدعيه بعض الأطباء من أن الخمر قد يكن مفيداً إذا ما أخذ بجرعات قليلة إنما هو محض كذب وهراء من إن دراستهم غير موثوقة ولا يعتد بها (3).
وقد ذكرت مجلة الإدمان البريطانية (3) أن الخسائر التي نجمت عن المشاكل التي يسببها الخمر بلغت 640 مليون جنيه استرليني في عام 1983وحده وأن 69 مليون أخرى قد أنفقت على المرضى الغوليين في المشافي . في حين تذكر المصادر الأمريكية (4) أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تعاطي الخمور بلغت أكثر من ملياري دولار سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينات . في تقرير حديث صدر عام 1978 لوزارة الصحة الأمريكية قدرت فيه الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الخمر في سائر المجالات الصحية والاجتماعية والصناعية بحوالي 43 مليار دولار في العام . في حين قدرت خسائر الإنتاج في المحيط الصناعي وحده 20 ألف مليون دولار.
وقد ذكرت المجلة الطبية العالمية ( Medicine International)في عدد فبراير 1989 أن استهلاك الخمر في العالم قد تزايد بشكل مريع ، إذ تضاعف استهلاكه في بريطانيا بين عامي 949 و979 .
وفي هولندا بلغ استهلاكه 3 أضعاف ما كان عليه في الخمسينات وفي ألمانيا الشرقية سابقاً بلغ استهلاكه 8 أضعاف في الفترة الزمنية نفسها .
وينقل البروفسور شاكيت (5) أن 93% من سكان الولايات المتحدة يشربون الخمر وأن 40 ـ 50% من الرجال يعانون من أمراض عابرة بسببه و5% من النساء 10% من الرجال يعانون من أمراض مزمنة معندة ومشكلة الخمرة أذاها يتعدى متعاطيها إلى أسرته ومجتمعه ، فالسكرير قد يقترف من الآثام والجرائم ما تقشعر له الأبدان (6) وإنما قيل لشارب الخمر " نديم " من الندامة الآن معاقر الكأس إذا سكر تلكم أو فعل ما يندم عليه والعلاقة وثيقة بين متعاطي الخمر والجريمة ففي احصائية من أمريكا تؤكد أن نصف جرائم الانتحار سببها الإدمان وكذا 34% من جرائم الاغتصاب و64% من حوادث السير ومصرع المشاة .

دور الإسلام في حماية البشرية من مشكلة الخمر:
لم تشهد البشرية عبر تاريخها الطويل علاجاً ناجعاً لمشكلة الإدمان على الخمر والوقاية من آثاره البشعة في حياة المجتمعات البشرية سوى الحل الإسلامي الذي ما يزال المتدينون من المسلمين ينعمون في آثاره ضمن مجتمعاتهم (7) .
لقد أقر المشرعون والأطباء في كافة بلدان العالم أن الخلاص من أذى الخمر وويلاته لا يكون إلا بتحريمها، وصدرت عدد من القوانين سواء في الولايات المتحدة (1919)وفي غيرها من البلاد الأوربية بمنع تصنيع الخمر وبيعها ، أوللحد من شربها وأنفقت الحكومة الأمريكية ما يزيد عن 60 مليون دولار على الدعاية وتوعية الناس كما طبعت آلاف الكتب لتنفيذ قانون المنع ، كل هذا لم يفلح وانتشرت الحانات السرية ، وظهرت الخمور الرديئة التي زادت من أضراره وكانت النتيجة فشل القانون وإلغاؤه بعد سنوات من صدوره .
لقد ولع العرب في جاهليتهم بالخمر وتغنوا بها وتفننوا في وصفها وتسميتها ، فجاء القرآن فسلك أسلوباً فريداً في اجتثاث داء معاقرتها من حياتهم بعد أن نزع من نفوسهم عقائد الجاهلية وقيمها وزرع فيها دين الفطرة وعقيدة التوحيد ودانت النفوس طواعية لكل ما ينتج عن هذه العقيدة وأصبحت مهيأة للتلقي والتنفيذ عند السماع . وبعد ذلك تدرج القرآن في معالجة مشكلة الخمر بشكل خاص بأسلوب دقيق غير منفر ، على مراحل متعددة :
فأول آية نزلت تتكلم عن الخمر هي قوله تعالى : (ومن ثمرات النخيل والأعناب
ففي هذه الآية الكريمة نجد كيف أن القرآن بأسلوبه الدقيق أشار،بوضع المقابلة بين السكر والرزق الحسن ، إلى أن السكر ليس من الرزق الحسن وإنما هو نقيض ذلك .
ثم تحرك في وجدان المسلمين حب لبيان أكثر وضوحاً فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ـ فأنزل تعالى : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) .
فبين القرآن أن ضرر الخمر أكبر من نفعه الذي لا يتجاوز بعض المنافع الشخصية المادية وفي هذا دفع لكثير من المؤمنين على هجرها .
وبعد أن تهيأت النفوس بشكل أكبر ، عمد القرآن الكريم لكسر عبادة الإدمان فحرم الصلاة على المسلم وهو سكران (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى..
ثم جاء الأمر الحاسم من الحق سبحانه باجتناب الخمر حين قال يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوا لعلكم تفلحون )..
وكان جواب المؤمنين قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : انتهينا، انتهينا . هنا نجد أنفسنا أمام معجزة الإسلام الخالدة وهي التحريم التدريجي للخمر (1) وكيفية معالجته لقضية الإدمان وهو الأسلوب المتبع في أحدث المؤسسات الاختصاصية التي تعالج المدمنين .
عن أنس بن مالك قال : بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة وأبي دجانة وحتى مالت من الرؤوس من خليط بسر وتمر فسمعت منادياً ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت . قال : فما دخل علينا داخل ، ولا خرج منا خارج حتى أهرقنا الشراب وكسرنا الغلال وتوضأ بعضنا واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أم سليم ثم خرجنا إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ..
يقول بعض مفكري الغرب (4) : كيف استطاع عرب الصحراء في القرآن السابع الميلادي إنجاز مثل هذا التغيير في المجتمع ، لقد كانوا يجهلون كل شيء عن الأمراض التي يسببها الخمر في المجتمع ، لقد كانوا يجهلون كل شيء عن الأمراض التي يسببها الخمر في الجسم ومع ذلك استطاع الإسلام أن ينمي قوة الإرادة التي جعلت السكارى يبصقون ما في أفواههم من خمر ويريقون على الأرض ما في دنانهم من هذا السم ، مرة واحدة وإلى غير رجعة .

الأسلوب الإسلامي في القضاء على الخمر :
الإسلام دين الفطرة وقد استطاع بتشريعاته أن يقود الناس إلى السعادة في الدنيا والآخرة وقد سلك عدداً من الأساليب للقضاء على الخمر ومنع تفشيها في مجتمعاته منها :
1.الربط بين الأحكام التشريعية والغاية التي شرعت من أجلها ومن ثم ربط التنفيذ بإيمان الإنسان ومصيره الأخروي مما يمنعه عن اقتراف ما حرم الله من شرب خمر وغيره . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الخمر أم الخبائث فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوماً ، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية " * وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن " صحيح البخاري.
2.منع الجلوس على موائد يشرب فيها الخمر حيث اعتبر الشارع الكريم المجالس مشاركاً في الإثم روى الطبري أن عمر بن عبد العزيز أخذ قوماً علىالشراب فضربهم وفيهم صائم فقالوا : إن هذا صائم فتلا قوله تعالى : (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ..
3.تحريم صنع الخمر والاتجار بها قال صلى الله عليه وسلم :" لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها"[1]، حيث توعد الشارع كل من أعان على شرب الخمر.
4.منع الدعاية للخمر والترويج لها ، حيث حرم الشارع وصف الخمرة في الأشعار والتغني بها وهذا ما فعله سعد بن أبي وقاص مع أبي محجن الثقفي حين تغنى بها .
5.التحذير والتنبيه إلىأخطار الخمر على المجتمع حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الخمرة أم الفواحش وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته " [2]
6.محاسبة السكير على جرائمه التي يرتكبها أثناء سكره ، يقول علي كرم الله وجهه : تراه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة . وقضى عمر بقول علي فجلد السكران ثمانين جلدة وأمر معاوية بقتل القاتل الذي قتل رجلاً وهو سكران .
7.أوجب الشارع معاقبة شارب الخمر بإقامة الحد عليه . عن أنس رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في الخمر بالبريد النعال أربعين " رواه الشيخان وعن علي رضي الله عنه قال : " جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي " رواه مسلم .
8.العقوبة الأخروية أشد : لقد توعد الشارع شارب الخمر بعذاب شديد في الآخرة . فقال : " كل مخمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر خبثت صلاته أربعين صباحاً فإن تاب، تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال . قيل وما طينة الخبال قال : صديد أهل النار " [3] وقال صلى الله عليه وسلم :" مدمن الخمر كعابد الوثن " [4]
هذه الأحاديث تشير إلى مدى اهتمام ديننا الحنيف بمشكلة الخمر واحتوائه لمختلف جوانبها حتى توصل في النهاية إلى النتيجة الباهرة بالقضاء المبرم عليه في المجتمع المسلم .

تحريم التداوي بالخمر :
عن وائل بن حجر رضي الله عنه أن طارق بن سويد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر ، فنهاه فقال : إنما أصنعها للدواء فقال : " إنه ليس بدواء ولكنه داء" رواه مسلم .
ففي محاضرة للدكتور هيجنتوم أمام الجمعية الطبية البريطانية : أنا لا أعلم مرضاً قط شفي بالخمر ، كما أكد عدد من الباحثين البريطانيين منهم د.جونسون و د.جون هيل و د.هنري مارتس أن الخمر لا يشفي مرضاً ولا ينفع الجسم أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال منذ أكثر من 14 قرناً : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها " [5]
وقيد الفقهاء حرمة التداوي بالخمر أوالخمور الدوائية إذا كانت صرفة أما إذا استهلكت في الدواء بحيث لم يبق له طعم أو ريح .
وكان ذلك لإصلاح الدواء ولم يجد الطبيب أو مريضه دواءً مباحاً ، فجائز إذا وصفه طبيب حاذق مسلم.

ولكن ما هي الخمر ومم تتكون ؟

كل المحاليل السكرية والنشوية إذا وجدت في حرارة معتدلة ومعها الخميرة اللازمة لعملية التخمر يمكن أن تتحول إلى خمر لتشكل مادة الغول (الكحول أو السبيرتو) وانطلاق غاز الفحم على شكل فقاعات أثناء عملية التخمر .
والخمر ينبوع إذن باختلاف مصدره ، فالبيرة هي خمر الشعير والسيدر خمر التفاح لكن أشهر أنواع الخمر هو خمر العنب .
عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من العنب خمراً وإن من العسل خمراً ومن الزبيب خمراً ومن الحنطة خمراً وأنا أنهاكم عن كل مسكر " [6]
وعن أبي أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليشربن أناس أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ويضرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم قردة وخنازير " [7]
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقلت : يا رسول الله إن شراباً يصنع بأرضنا يقال له المزر ، من الشعير وشراباً يقال له البتع، من العسل فقال صلى الله عليه وسلم :" كل مسكر حرام " رواه البخاري ومسلم .
فالمركب الأساسي في كل الخمر هوالغول(الكحول الإيتيلي) أو الإيتانول وهي مادة سامة تعزي إليها معظم الأضرار الناجمة عن شرب الخمر وتتفاوت نسبته بين أنواع الخمور المختلفة
وقد ورد اسم الغول في القرآن الكريم في معرض تعريفه لخمر الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
وقد فسرت تعريفه لخمر الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
وقد فسرت يومئذ بالسكر لجهل الناس بعلم الكيمياء .
غير أن اكتشاف المسلمين لعملية التقطير في القرن الهجري الثاني، وبعد تقطيرهم للخمر استخرجوا منها الغول وسموه بروح الخمر [8]
ومن المواد الأخرى في الخمر : الغول الميتيلي وهو أشد سمية من الغول الإيتيلي وزيت الفوزلول Fuseloleوهي مادة خاصة مقبلة توجد في أنواع من الشراب Liquerالفرنسي منها ساليسيل ألدهيد وزيت اللوز المر وهي سامة للخلايا العصبية (1) .
وفي شراب الأفسنتين مواد تزيد في حساسية الأعصاب الجلدية، تجعل المدمن يعتقد بوجود حشرات تزحف فوق جلده ، كما تؤدي لحدوث تشنجات تشبه الصرع [9] كما يحتوي الخمر على مواد قابضة دابغة ومواد عطرية وأصباغ ، ومواد محسنة كالجيلاتين والغرى وهي مواد محسسة قد تحدث الطفوح الجلدية الشروية والربو والشقيقة . هذا فضلاً عن المواد التي تدخل بقصد الغش أو التلوين كالزرنيخ والرصاص والكبريت والمواد القطرانية وغيرها.
هل الخمر غذاء ؟

لقد ثبت بما لا يقبل الجدل أن الغول لا يملك أية قيمة غذائية (1.8) .
فالغذاء يجب أن يحتوي على بروتينات لبناء الخلايا وترميمها وعلى سكريات ودسم لتزويد الجسم بالطاقة وعلى فيتامينات تعطي الجسم نشاطه والخمر لا يحتوي على أي من هذه المواد . أما السمنة التي نلاحظها عند المدمنين فهي ليست دليل عافية بل هي نتيجة اختلال في تبادل المواد الغذائية نتيجة الإفراط في الشراب .
وإذا كان الغرام الواحد من الغول يعطي 7 حريرات (3) فإن القدرة الحرورية الناجمة عن استقلاب الغول لا يستفيد منها الجسم ولا يستطيع تحويلها إلى طاقة وعمل .وقد أجري البروفسور ل.م . بوخارسكي (8) دراسة أكد فيها أن حرارة الجسم لا ترتفع عند تزويده بالحريرات الناجمة عن احتراق الغول في البدن وإن ما يحدث هو العكس تماماً : فالغول يوسع الأوعية الدموية السطحية ويزيد من الضياع الحروري الذي يفوق ما يكتسبه المرء من تناول الغول وحرقه . كما أن البروفسور بوشه (8) يؤكد أن الحرارة المركزية عند الثملين تهبط إلى 30 وحتى الـ 26 .
فعند البرد الشديد ، تنقبض الأوعية السطحية عند الشخص السليم لتخافظ على حرارته الداخلية ، أما الثمل فإن أوعيته تبقى خاضعة للتأثير الموسع للغول ويفقد حرارته الداخلية ويتجمد جزء من أطرافه وخاصة الأصابع وقد يموت الثمل إذا ما تعرض طويلاً للبرد.
وعلاوة على أن الخمر لا يحتوي أياً من المواد الغذائية أو الفيتامينات اللازمة للعضوية ، فإن تناوله المديد يؤدي إلى نقص عناصر أساسية لازمة للعضوية كالبوتاس والكلس والمغنزيوم والزنك والفوسفات مؤدياً إلى عوارض مرضية . فنقص البوتاس يؤدي إلى شلل في العضلات وانعدام المنعكسات، ونقص الكلس يؤدي إلى الضعف العام والتكزز ، ونقص المغنزيوم إلى اضطرابات عصبية وخلل نظم القلب، ونقص الزنك إلى خلل في وظيفة الخصية ونقص الشهية واضطرابات المناعة وهكذا .
وإن المدمن حينما ينغمس في شرابه ، ساهياً عن تناول طعامه فإن نقص سكر الدم أمر وشيك الوقوع خلال ساعات وإن الإسراف في الخمر في مجلس واحد كثيراً ما يؤدي إلى فقد الذاكرة وغياب الوعي (5).

ما هي آثار الخمر بالمقادير القليلة؟

يقول مؤلف كتاب الغولية (10) : " يعتقد العلماء أنه ليس هناك كمية معينة ، إذا ما تناول المرء دونها، كان آمناً من خطر الخمور، وأن التخريب الحاصل من شرب الخمر مرة واحدة يمكن أن يكون، عند بعض الناس تخريباً دائماً غير عكوس ومع توالي شرب المسكرات فإن هذا التخريب يتراكم ونتشر متناسباً عندها مع كمية الخمر التي شربها الإنسان " .
وهكذا فإن الدكتور حمدي الخياط (11) يؤكد أنه ليس بالإمكان مطلقاً تعيين المقدار من الغول الذي يورث الخطر لمتناوله كما لا يمكن تحديد المقدار الأقل منه الذي لا يؤدي إلى ضرر ما عند استعماله لأن هذا يختلف تماماً من شخص لآخر كما يتعلق بالعمر ، والجنس والعرق ، ونوعية الطعام وطرز الحياة ، وحالة الشخص من جوع أو شبع وغير ذلك.
إن تحريم القليل مما يسكر كثيرة، وهي لا شك من الإعجاز النبوي الذي يفوق الوصف ،حكماً وموجبات ، إضافة إلى الحكمة التعبدية ، منها الآثار الضارة للغول ولو أخذ بمقدار ضئيل ، ومنها اللذة أوالنشوة الحادثة بتجرع مقدار قليل من الخمر تستدعي إعادة تعاطيه طلباً لتلك اللذة ، وبالتكرار تزداد الآثار الضارة على الجسم ولا يستحصل على النشوة إلا بزيادة ذلك المقدار وهكذا يزيد الشارب ويزيد حتى يصل إلى الاعتياد فالإدمان .
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قليل ما أسكر كثيره[10] .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم قال :" ما أسكر كثيره فقليله حرام " [11].
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام "[12]
تأثيرات الخمر السمية :
ترى هل يدري شارب الخمر أنه يشرب سماً زعافاً ؟ وقبل الشرب يمكن لصانع الخمر أن يستنشق أبخرته مما يؤدي إلى إصابته بالتهاب القصبات والرئة وإلى إصابة بطانة الأنف مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم ، وهنا يتضح معنى قوله تعالى :" فاجتنبوا " فهي تعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً وهي أعم من النهي عن شربه (1) ويختلف تأثير الخمر السمي كلما تغير مستواه في الدم (10) فعند ما يبلغ مستواه من 20 ـ 99ملغ % يسبب تغير المزاج وإلى عدم توازن العضلات واضطراب الحس وفي مستوى من 100 ـ 199ملغ % تضطرب القوى العقلية والحركية ويفقد التوازن وفي مستوى 200ـ299 ملغ % يظهر الغثيان وازدواج الرؤية واضطراب شديد في التوازن .
وفي مستوى من 300 ـ 399ملغ % تهبط حرارة البدن ويضطرب الكلام ويفقد الذاكرة . وفي مستوى 400 ـ 700ملغ % يدخل الشارب في سبات عميق يصحبه قصور في التنفس وقد ينتهي بالموت .
ورغم أن كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر فإن الجملة العصبية هي أكثرها (3) تأثراً حيث يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيداً ويفقد قشر الدماغ قدرته على تحليل الأمور، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث أن الإكثار من يمكن أن يثبط التنفس تماماً مؤدياً إلى الموت .
وهكذا يؤكد كتاب (10) Alcoholismأن الغول بعد أن يمتص من الأمعاء ليصل الدم يمكن أن يعبر الحاجز الدماغي ويدخل إلى الجنين عبر المشيمة، وأن يصل إلى كافة الأنسجة . لكنه يتوضع بشكل خاص في الأنسجة الشحمية.
وكلما كانت الأعضاء أكثر تعقيداً وتخصصاً في وظائفها كانت أكثر عرضة لتأثيرات الغول السمية .


يتبـــــــــــــــــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.77 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]