عرض مشاركة واحدة
  #1480  
قديم 14-12-2013, 09:19 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الشبهة لا يرد عليها بشبهة


بقلم محمد إسماعيل عتوك
قال الله تبارك وتعالى في حق يوسف عليه السلام:﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْهَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(يوسف:15)
أولاً-في تعليقه على هذه الآية الكريمة سأل صاحب كتاب ( أكذوبة الإعجاز العلمي ) تحت عنوان ( تعليقات على القرآن ):أين جواب لمّا ؟ . ثم قال كالمجيب عن سؤاله:ولو حذفت الواو، التي قبل( أوحينا )، لاستقامالمعنى .
وغرضه من ذلك الطعن في بلاغة القرآن الكريم، وأسلوبه المعجز؛ وذلك من خلال إثارة الشبهات، ومنها هذه الشبهة، التي يريد أن يثبت من إثارتها ما فيه من حروف زائدة، لا يستقيم المعنى إلا على إسقاطها. وكونها زائدة، دخولها في الكلام وخروجها منه سواء، يتناقض مع ما يوصف به هذا القرآن الكريم من بلاغة، وبيان، وإعجاز.
ثانيًا-وقبل الإجابة عن هذه الشبهة لا بد من أن نستعرض بعض ما قاله علماء النحو والتفسير في تأويل جوابقوله تعالى:﴿فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِفي هذه الآية الكريمة المعجزة في نظمها، ومعناها. وقد اختلفوا في تأويله على قولين:
أحدهما: أنه موجود في الكلام، فقال الطبري: الجواب قوله:﴿ وَأَجْمَعُوا. والمعنى: فلما ذهبوا به، أجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب. وقال الفرَّاء: الجواب هو قوله:﴿ وَأَوْحَيْنَا ﴾. والمعنى: فلما ذهبوا به، وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، أوحينا إليه. وأدخلت الواو في الجواب؛ كما أدخلت في قول امرئ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى...بنا بطن خبت ذيقفاف عقنقل
ومعنى الكلام على إسقاطها. أي: فلما أجزنا ساحة الحي،انتحى بنا.
وهذا القول يتفق تمامًًا مع القول، الذي ذكره صاحب كتاب( أكذوبة الإعجاز العلمي )؛ ولكنه يختلف معه في الغرض، الذي سيق لأجله كل منهما، وعليه جمهور الكوفيين، ومن تبعهم من المتأخرين والمعاصرين. وقد وصفه الشيخ محي الدين الدرويش صاحب كتاب ( إعرابالقرآن ) بأنه قول جيِّد، لو ساعدت اللغةعلى زيادة الواو. واختاره الدكتور فخر الدين قباوة مدرس النحو في جامعة حلب، على أنه الصواب، وعلل لزيادة الواو بأنها للتوكيد. ووجه التوكيد بها أنها قائمة مقام تكرار الجملة مرتين. وهذا قول ابن جني، وابن السرَّاج من قبله.. وبنحو هذا القول قال الدكتور فاضل السامرائي مدرس النحو في جامعة الشارقة.
والقول الثاني: أن الواو في قوله تعالى:﴿ وَأَجْمَعُوا، وقوله:﴿ وَأَوْحَيْنَا ﴾ليست بزائدة؛ وإنما هي للعطف، والجواب محذوف، وأن حذفه من بلاغة القرآن وإعجازه، ولتذهب النفس في تقديره كل مذهب. وعليه جمهور البصريين ومن وافقهم. قال الفخر الرازي:لا بد لقوله:
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾
من جواب؛ إذ جواب ﴿ لَمَّا ﴾غير مذكور، وتقديره: فجعلوه فيها. وحذف الجواب في القرآن كثير، بشرط أن يكون المذكور دليلاً عليه، وههنا كذلك.
وقال ابن عاشور:وجواب ﴿ لَمَّا ﴾محذوف دلّ عليه:
﴿ أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾
والتقدير: جعلوه في الجب. ومثله كثير في القرآن، وهو من الإيجاز الخاص بالقرآن، فهو تقليل في اللَّفظ لظهور المعنى .
وقال الألوسي:وقدره بعضهم: عظمت فتنتهم، وهو أولى من تقدير: وضعوه فيها .
فعلى التقدير الأول يكون المعنى: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، جعلوه فيه.. وعلى التقدير الثاني يكون المعنى: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، عظمت فتنتهم.
واختار هذا القول الثاني الدكتور فضل حسن عباس صاحب كتاب ( لطائف المنان في دعوى الزيادة في القرآن )، وعدَّ القول بزيادة هذه الواو خروجًا عنالصواب، وجرأة على كتاب الله، وابتعادًا بالآية الكريمة، وبالنظم المحكم عن المعنى المراد.ثم ذكر أن حذف الجواب في مثل هذه المواضع، لم يأتعبثًا؛ وإنما هو أمر يقصده القرآن قصدًا.
ثالثًا- وفي الإجابة عن هذه المسألة الخلافية نقول بعون الله وتوفيقه: إن كلا القولين فيها زعم باطل، وتقوُّل على الله جل وعلا ما لم يقله، وعبث بكلامه سبحانه وتعالى. وكلامه سبحانه منزَّهٌ من العبث والزيادة. وإذا كان في القول بزيادة الواو خروجٌ عن الصواب، وجرأة على كتاب الله، وابتعادٌ بالآية الكريمة، وبالنظم المحكم عن المعنى المراد- كما زعم الدكتور فضل حسن عباس- فإن القول بحذف الجواب لا يقل جرأة على كتاب الله تعالى منه، وهو الخروج عن الصواب بعينه، والابتعاد بالآية الكريمة، وبالنظم المحكم عن المعنى المراد؛ وإلا فما معنى أن يقال في تقدير الآية الكريمة: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، جعلوه فيه.. أو يقال: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، عظمت فتنتهم. ألا ترى أن كلا التقديرين لا يليق ببلاغة القرآن، ويخرجه عن كونه كتابًا معجزًا في نظمه، وفي معناه ؟! ثم إن هذا ليس من مواضع حذف الجواب في القرآن، حتى يقاس عليها.
والحق الذي ينبغي أن يقال هو إن المعنى المراد من الآية الكريمة ما نصَّ عليه الفرَّاء، وأورده صاحب كتاب ( أكذوبة الإعجاز العلمي )، معترضًا به على من قال بحذف الجواب؛ ولكن ليس على زيادة الواو، كما زعم هو، وزعم غيره من المغرمين بالقول بالزيادة في القرآن الكريم، والقرآن منزَّه منها، ومن كل قول يخل بنظم القرآن ومعناه.
ويقولون: إذا عُرِفَ السبب، بطل العجب. والسبب في هذا الخلاف هو ما قعَّده النحاة من قواعد تمنع من دخول الواو في جواب الشرط. فلما اعترضتهم نصوص من القرآن الكريم وكلام العرب، جاء فيها جواب الشرط مقترنًا بالواو، اختلفوا في تأويلها على النحو، الذي ذكرناه، دون أن يتعِبوا أنفسهم في البحث عن سرِّ وجودها، وفائدته في التركيب اللغوي. فلا شيء أسهل على المرء من أن يقول: هذا الحرف زائد. أو يقول: الجواب هنا محذوف، وأن حذفه من البلاغة والإعجاز، وأن القرآن لم يأت به عبثًا؛ وإنما يقصده قصدًا.. إنه مجرد كلام، لا يقوم على حجة أو برهان، فضلاً عن أنه مخالف لنصوص القرآن.
فالقضية- إذًا- ليست قضية إعجاز؛وإنما هي قضية قاعدة نحوية، وضعها النحاة البصريون، وتبعهم فيها المتأخرون،والمعاصرون.. ولو كانت قضية إعجاز، لما سمحوا لأنفسهم أن يقولوا بزيادة كثير منالحروف في القرآن الكريم بحجة التأكيد، وهم لا يقولون ذلك إلا في المواضع، التييتعذر عليهم فيها تقدير كلام محذوف، كقولهم بزيادة ( لا ) في قوله تعالى:
﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾(الأعراف: 12)
ونحو ذلك كثير، لا يخفى على المشتغلين بعلم النحو والبلاغةوالتفسير.
ونعود بعد هذا إلى الآية الكريمة، ومعناها عند من﴿كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾: أن الله سبحانه وتعالى، لما أراد أن يطمئن يوسف- عليهالسلام- ويؤنسه في وحشة البئر، بشَّره بما سيؤول إليه أمره. وقد تم ذلك في الوقت،الذي ذهب به إخوته، وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب.
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّ
في هذا الوقت، الذي تم فيه الذهاب به، والإجماع على إلقائه في غيابة الجب، جاءتهالبشرى من ربه جل وعلا وحيًا.
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْهَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
والواو الجامعة في قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَيْنَا ﴾ هي التي دلت على هذا المعنى، فقد جمعت بين حدثين: حدث الإجماع، وحدث الإيحاء. والدليل علىذلك:
أولاً- قوله تعالى في آخر السورة:
﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِنُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْيَمْكُرُونَ(يوسف:102(
فقوله تعالى:﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِنُوحِيهِ إِلَيْكَإشارة إلى قوله تعالى:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْهَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
وقوله تعالى:﴿ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْيَمْكُرُونَإشارة إلى قوله تعالى:
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّ
قال الفخر الرازي:واعلم أنا ذكرنا أنه عليه السلام، لما ألقي في الجب، قال تعالى:
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا
وذلك يدل ظاهرًا على أنه تعالى أوحى إليه في ذلك الوقت. وعندنا الإرهاص جائز، فلا يبعد أن يقال: إن ذلك الوحي إليه في ذلك الوقت ما كان لأجل بعثته إلى الخلق؛ بل لأجل تقوية قلبه، وإزالة الحزن عن صدره، ولأجل أن يستأنس بحضور جبريل عليه السلام..
وفي المراد من قوله تعالى:﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَقولان:
الأول : المراد أن الله تعالى أوحى إلى يوسف إنك لتخبرن إخوتك بصنيعهم بعد هذا اليوم، وهم لا يشعرون في ذلك الوقت أنك يوسف. والمقصود تقوية قلبه بأنه سيحصل له الخلاص عن هذه المحنة، ويصير مستوليًا عليهم، ويصيرون تحت قهره وقدرته.
والثاني: أن المراد إنا أوحينا إلى يوسف عليه السلام في البئر بأنك تنبىء إخوتك بهذه الأعمال، وهم ما كانوا يشعرون بنزول الوحي عليه. والفائدة في إخفاء نزول ذلك الوحي عنهم أنهم، لو عرفوه، فربما ازداد حسدهم، فكانوا يقصدون قتله .
ثانيًا- قوله تعالى في السورة نفسها:
﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمبِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ(يوسف:70)
فالجواب- هنا- هوقوله تعالى:﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ. وهذا لا يختلف عليهاثنان.
قال الفرَّاء في تفسير هذه الآية الكريمة:وربما أدخلتالعرب في مثلها الواو، وهي جواب على حالها؛ كقوله في أول السورة:
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُفِي غَيَابَةِ الْجُبِّوَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ﴾
والمعنى والله أعلم: أوحينا إليه.. وهي في قراءة عبدالله:
﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمبِجَهَازِهِمْ وَجَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ
وفي قراءتنا بغير واو. ومثله في الكلام: لما أتاني، وأثب عليه.. وكأنه قال: لماأتاني، وثبت عليه. وربما أدخلت العرب في جواب( لما ) ( لكن )، فيقول الرجل: لماشتمني، لكن أثب عليه؛ فكـأنه استأنف الكلام استئنافًا، وتوهم أن ما قبله فيه جوابه .
فثبت بذلك أن العرب تدخل الواو في جواب ﴿ فَلَمَّا ﴾، إذا ما أرادت الجمع بين فعل الشرط، وجوابه في الحدوث. والقرآن الكريم يجري في ذلك على لغة العرب. ألا ترى كيف جمعت هذه الواو في قولهم:لما أتاني، وأثب عليه بين الإتيان والوثوب في وقت واحد ؟!
وإذا عرفت ذلك، تبين لك سر الإعجاز البياني في هذه الواو، التي قال قوم عنها إنها زائدة، وقال آخرون: إنها عاطفة، وهي ليست بهذا، ولا ذاك. والشواهد من القرآن الكريم، وكلام العرب هي الفصل في ذلك. وسبحان الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وله الحمد والمنة.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.60 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]