عرض مشاركة واحدة
  #1472  
قديم 14-12-2013, 09:05 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

هذا الموضوع أيضاً طويل شوي


إسماعيل أدهم، ذلك المغرور المنتحر

( 1 )

وقفة مع كتابه: "لماذا أنا ملحد؟"
بقلم: الدكتور إبراهيم العوض
إسماعيل أدهم كاتب تركى كتب عددا من دراساته بالعربية، وعاش فى مصر بعضًا من حياته حيث مات منتحرا سنة 1940م قبل أن يكمل عامه الثلاثين. وهو من الكتاب المسلمين القلائل على مدى تاريخ أمتنا الذين أعلنوا إلحادهم وكتبوا فيه ونافحوا عنه وحاولوا أن يسوّغوه من الناحية العقلية والفلسفية. وله فى ذلك كتيّب بعنوان "لماذا أنا ملحد؟". وقد أعلن فى هذا الكتيب أنه سعيد مطمئن لهذا الإلحاد، تماما كما يشعر المؤمن بالله بالسعادة والسكينة بل أكثر مما يشعر ذلك المؤمن. وفى هذا المقال نحاول أن نقلب هذا الأمر على وجوهه ونناقش مبررات ملحدنا وطريقة تفكيره والمنهج الذي اتبعه للتدليل على صحة اعتقاده والعِبَر التى يمكن استخلاصها من حياة الرجل وشخصيته.
وأول ما يلفت النظر فى كلام أدهم عن كفره بالله واليوم الآخر تناقضه الفِجّ، فهو مثلا حين يتكلم عن الإلحاد الذى انتهى إليه بعد دراسته للرياضيات فى روسيا يقول: "وكانت نتيجة هذه الحياة أني خرجت عن الأديان وتخليت عن كل المعتقدات وآمنت بالعلم وحده وبالمنطق العلمي، ولشد ما كانت دهشتي وعجبي أني وجدت نفسي أسعد حالا وأكثر اطمئنانا من حالتي حينما كنت أغالب نفسي للاحتفاظ بمعتقد ديني. وقد مكَّن ذلك الاعتقادَ في نفسي الأوساطُ الجامعيةُ التي اتصلتُ بها إذ درستُ مؤقتا فكرتي في دروس الرياضيات بجامعة موسكو سنة 1934... فأنا ملحد، ونفسي ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحة إليه، فأنا لا أفترق من هذه الناحية عن المؤمن المتصوف في إيمانه". ومعنى هذا بكل بساطة ووضوح أنه كان سعيدا بإلحاده وإنكاره لله والنبوات واليوم الآخر والثواب والعقاب الإلهيين، وهو ما أعاد د. قدرى حفنى تأكيده فى محاضرة له ألقاها منذ وقت غير بعيد، إذ قال: "في النصف الثاني من الثلاثينيات، وفي وقت شهد تعدد التيارات السياسية المختلفة، بل شهد كذلك بزوغ حركة الإخوان المسلمين، في ذلك الوقت نشر المفكر الإسلامي أحمد زكي أبو شادي مقالا في مجلة الإمام بعنوان "عقيدة الألوهية" يطرح فيه جذور عقيدة الألوهية في الإسلام. وأثار هذا المقال كاتبًا مصريًا شابا هو الدكتور إسماعيل أدهم فنشر مقالا مطولا لم يلبث أن حوله إلى كتيبٍ عنوانه: "لماذا أنا ملحد؟" يروي فيه المؤلف ذكرياته الشخصية عن معاناته الأهوال بين الشك والإيمان، ثم يختتمه مقررًا في وضوح كامل أنه بات مطمئنًا إلى ضميره واستقرت نفسه بعيدًا عن شاطئ الإيمان".
بيد أننا للأسف نفاجأ بانتحاره بعد ذلك بسنوات وأنه لم يكن سعيدا على الإطلاق، بل كان شقيا تعيسا إلى الدرجة التى لم تعد لديه معها أية مقدرة على التحمل والاستمرار فى الحياة فبَخَعَ نفسه بيده وانتحر. ومعنى هذا؟ معناه أنه كان يكذب علينا، أو ربما كان يكذب على نفسه، أو (وهو الأرجح) كان يكذب على نفسه وعلى الآخرين معا. وهذا هو خبر انتحاره: "في مساء الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1940م وُجِدَتْ جثة إسماعيل أدهم طافية على مياه البحر المتوسط، وقد عثر البوليس في معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يخبره بأنه انتحر لزهده في الحياة وكراهيته لها، وأنه يوصي بعدم دفن جثته في مقبرة المسلمين ويطلب إحراقها". ويقول عنه الزِّرِكْلى صاحب "الأعلام": "إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم باشا أدهم: عارف بالرياضيات، له اشتغال بالتاريخ، ولد بالإسكندرية وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وعُيِّنَ مدرساً للرياضيات في جامعة سان بطرسبرج، ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقرة، وعاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وكتب في مجلاتها. أغرق نفسه بالإسكندرية منتحرا".
لقد قتل الرجل نفسه لزهده فى الحياة وكراهيته لها حسبما كتب بخط يده إلى رجال النيابة فى مصر، فأين السعادة والاطمئنان اللذان كان يشعر بهما أثناء إلحاده كما كان يزعم؟ واقع الأمر أنه ينبغى أن يكون الإنسان حذرا فى تصديق ما يسمعه من أمثال أدهم وألا يعتقد إلا فى الحقائق الثابتة فقط. والواقع أن الملحدين هم أبعد الناس عن الشعور الحقيقى بالسعادة. إنهم ناس ضائعون مرتعبون رغم كل شقشقتهم وتظاهرهم بالتحدى للخالق وحرصهم على إعلان التمرد وتسميع الناس به. وكيف يكون الإنسان سعيدا، وهو يشعر بالخواء والوحشة من حوله، وبالظلام والخوف يلفه من كل جانب، ويرى نفسه فى أعماقه عاجزا ضعيفا مهما كان قويا صحيح البدن، وغنيا كبير الثراء، ومهما كان حوله من الأصدقاء والمعارف؟ إن هذا كله لا يمكنه أن يعوّضه عن فقدان الإيمان بالله سبحانه، الذى يمثل صمام الأمن الحقيقى فى كل الأوقات، والاطمئنان الراسخ فى الحاضر، والأمل المتين فى المستقبل: المستقبل القريب والمستقبل البعيد جميعا، هنا وفى العالم الآخر.
ومما يستحق التلبّثَ عنده فى كلام أدهم أيضا وصفُه أمه بقوله: "وأمي مسيحية بروتستانتية ذات ميل لحرية الفكر والتفكير، ولا عجب في ذلك فقد كانت كريمة البروفيسور وانتهوف الشهير. ولكن سوء حظي جعلها تُتَوَفَّى وأنا في الثانية من سِنِي حياتي". ترى بالله كيف عرف أنها كذلك، وقد ماتت وهو فى الثانية؟ أم تراه يزعم أنه كان من الوعى والعبقرية بحيث كان يستطيع، فى هذه السن التى لا يفهم الإنسان فيها شيئا أكثر من حاجته للطعام والشراب والسرور بالمناغاة والتدليل وما إلى ذلك، أن يدرك سعة أفق أمه وحريتها الفكرية؟ رحم الله صاحب المعرة، فلو كان حاضرا وسمع مثل هذا الكلام لقال بيته المشهور الذى شرّق وغرّب:
هذا كلامٌ له خَبِىءٌ ** معناه ليست لنا عقولُ!
والعجيب أن أختيه كانتا نصرانيتين، أى متأثرتين بوالدتهما رغم كلامه عن التعصب الشديد لوالده المسلم ورغم أنهما كانتا تعيشان فى بيئة إسلامية! وهو ما يعنى أن الأم كانت متعصبة لديانتها حتى إنها لم تبال أقل بالة بهذه الاعتبارات المذكورة ونشّأت بنتيها الاثنتين تنشئة نصرانية. أوهذا صنيع امرأة متفتحة الأفق حرة التفكير؟ ثم أين تعصب الوالد؟ وما علامته؟ لقد كانت بنتاه تذهبان إلى الكنيسة كل أحد حسب كلام صاحبنا، ثم لا تكتفيان بهذا بل تأخذان "أبا سُمْعة" معهما، فكيف تمّ ذلك لو كان الأب متعصبا؟ ومن ذلك الذى عوَّدهما الذهاب للكنيسة وتركهما تعلِّمان أخاهما تلك الديانة إذا كانت الأم قد ماتت وهو فى الثانية من عمره وكان الأب وأهله متعصبين لدرجة أن بُعْد هذا الوالد عنه لم يمنعه من فرض سيطرته عليه من الوجهة الدينية، إذ كلَّف زوجَ عمته أن يقوم بتعليمه من الوجهة الدينية، فكان يأخذه لصلاة الجمعة ويجعله يصوم رمضان ويقوم بصلاة التراويح، مما كان يثقل كاهل الطفل الذى لم يشتد عوده بعد، فضلا عن تحفيظه القرآن كما يقول أدهم نفسه؟
كذلك لا يدخل العقلَ أن يكون زوجُ العمة بهذا التشدد ثم لا يلحظ أن "المحفَّظ" الصغير يذهب كل أحد إلى الكنيسة، ومع أختيه أيضا! يا سلام على هذا التعصب والتشدد! إن هذا معناه أن الرجل أبله ونائم على أذنيه ولا يدرى كُوعَه من بُوعِه! ألم تفلت على الأقل من الطفل الصغير كلمة أو همسة أو إشارة تنبه العم التائه إلى ما يحدث؟ ألم يرهما أحد من الجيران أو الأقارب فيخبره يما يفعل أولاد صهره؟ إن مثل هذه الأمور لا يمكن كتمانها، وبخاصة إذا كان من يقوم بها أطفالا لا يعرفون الدهاء والالتواء بعد! وحتى لو افترضنا شدة دهائهم والتوائهم، فكيف كان من الممكن أن يكتموا أمرا كهذا يمارسونه على رؤوس الأشهاد، اللهم إلا إن كانوا يعيشون فى بيت مستقل لا يتدخل أى شخص فى حياتهم؟ لكن قول الكاتب: "كانت مكتبة والدي مشحونة بآلاف الكتب، وكان محرَّمًا علىَّ الخروج والاختلاط مع الأطفال الذين هم من سني" يدل على أنه وأختيه كانوا يخضعون لإشراف كبار الأسرة.
أى أن الحياة بالنسبة إليهم لم تكن سَدَاحَ مَدَاحَ، بل كانت هناك مراقبة لهم وإشراف على حياتهم من النوع الشديد، وهو ما يعنى أن التردد على الكنيسة لم يكن ليفوت عيون أولئك المراقبين المفتشين! أليس كذلك؟ ثم لو كان الوالد متعصبا كل هذا التعصب للإسلام والمسلمين كما يقول كاتبنا فكيف رَضِىَ أن يتزوج بامرأة نصرانية متعصبة كما هو واضح من أخذها بنتيهما بالتربية النصرانية رغم وجودها فى بلد مسلم ورغم انتماء زوجها إلى تركيا زعيمة العالم الإسلامى آنذاك؟ ثم لو غضضنا البصر عن هذا كله وقلنا إن البنتين كانتا تترددان على الكنيسة فى حماية أمهما الألمانية، فكيف ظلتا تتحديان المجتمع المسلم الذى كانتا تعيشان فيه، وتتحديان بوجه خاص عشيرة أبيهما، فتذهبان إلى الكنيسة بانتظام وتصطحبان أخاهما الصغير بعد موت تلك الوالدة؟ كذلك كيف يستقيم رمى الأب بالتعصب الشديد فى الوقت الذى رأينا ذلك الوالد لا يهتم بتنشئة ابنتيه تنشئة إسلامية، بل يتركهما لزوجته النصرانية الأجنبية تربّيهما على أصول ديانتها هى؟
وانظر إلى كاتبنا المداور حين يصف أمه النصرانية بتفتح الأفق والفهم والعطف، على حين يرمى أباه المسلم بالتشدد والقسوة: لقد رأيناه يتهم هذا الوالد بالتعصب الشديد، بينما يصف أمه بالتفكير الحر، فهى بنت البروفسور وانتهوف المشهور على حد قوله! وإن كنا لا نعرف ولا حاول سيادته أن يقول لنا: مشهور بماذا؟ ولا مشهور بالنسبة لمن؟ ولا فى أى تخصص كان بروفسيرا؟ فلماذا يا ترى سكت عن تجلية شخصية ذلك الجد؟ وكيف لم يظهر الرجل ولا زوجته فى حياة أحفادهما، وبخاصة بعد موت أمهما (التى هى ابنتهما)؟ أو ما هى العلاقة بين كون أمه ابنة البروفيسور وانتهوف وبين رحابة أفقها وسماحة عقيدتها؟ ثم إن أحدا لا يعرف هذا البروفسير فى العالم العربى ولا الإسلامى رغم كل تلك الشهرة التى يشير لها أدهم! ومن هذا الوادى أيضا نراه يقول إن زوج عمته كان يأخذه بالقسوة فى توجيهه الدينى له، أما أختاه فلم تكونا تفعلان أكثر من اصطحابه للكنيسة!
وعلى أية حال كان لا بد، فى رأى كاتبنا، أن تنتهى الأمور إلى ما انتهت إليه بناء على التعصب الإسلامى من جهة، والتسامح النصرانى من جهة أخرى. لقد حفظ القرآن الكريم (كما يقول، و"الكريم" هذه من عنديّاتى لا منه) وهو دون العاشرة، بما يدل على أن حفظه لم يكن أمرًا مُعْنِتًا، وإلا ما استطاعه فى ذلك الوقت المبكر من عمره: "غير أني خرجت ساخطا على القرآن لأنه كلفني جهدا كبيرا كنت في حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسي، وكان ذلك من أسباب التمهيد لثورةٍ نفسيةٍ على الإسلام وتعاليمه. ولكني كنت أجد من المسيحية غير ذلك، فقد كانت شقيقتاي، وقد نالتا قسطا كبيرا من التعليم في كلية الأمريكان بالأستانة، لا تثقلان عليّ بالتعليم الديني المسيحي. وكانتا قد درجتا على اعتبار أن كل ما تحتويه التوراة والإنجيل ليس صحيحا. وكانتا تسخران من المعجزات ويوم القيامة والحساب، وكان لهذا كله أثر في نفسيتي".




يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.57 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]