عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-04-2009, 06:03 PM
العربي الساهر العربي الساهر غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
مكان الإقامة: عـــــ الحبيبة وعروسة البحار ــــــدن
الجنس :
المشاركات: 297
افتراضي

غريبـــــــــــة بلا وطــــــــــــــــن


بقلم هبه العملة (ابنة الأسير حماد حسن العملة) رئيس بلدية بيت أولا- الخليل

أريد أن أقص حكايتي ففيها العمر يشتكي والصبر ينحني ولا ادري ما حيلتي فلا الأيام تعطيني ولا الأحلام تأتيني لا ادري أكنت متسرعة عندما قررت اللحاق بزوجي وترك أحضان أهلي اللذين لبثت عندهم من العمر سنين تزوجني ابن عم لي وأنا في المرحلة الثانوية وكنا من سكان الأردن حينها.


كنا أنا وزوجي نفكر كيف سنبني مستقبلنا ومستقبل أطفالنا وكيف سنسعدهم في ذلك الزمن الذي لا يرحم احد.


والدا زوجي كانا يسكنان في ارض فلسطين الحبيبة. وقتها كانا في أمس الحاجة إلى احد من أبنائهم ليرعاهم وقد وصلا مرحلة متقدمة من العمر وكان أبنائهم يسكنون الأردن. لا احد منهم استجاب لنداء والديه ، سوى زوجي الذي كان كل همه إرضاء ربه ومن ثم إرضاء والديه اللذان ربياه أحسن تربية فلحقت بركب زوجي الذي عاد إلى أهله ووطنه ليحمهما ويبذل ما في وسعه من اجلهم .



لم أكن حينها مواطنة بل جئت إلى هذه الأرض وكلي يقين أني سأرجع إلى مسقط راسي.


حاولت حينها أن أساعد زوجي في تحمل هذه المسؤولية قدر استطاعتي لكني كنت اخفي في نفسي الم فراق أهلي وكان زوجي حينها يشعر بألمي وحزني حاول أن ينسني هذا الألم ويخفف عني ويطمئنني أننا سنرجع إلى هذه الأرض لم يكن يعلم حينها انه سيمنع من الخروج منها لأسباب أمنية .



فعندما جئنا إلى هنا كانت قد انطلقت انتفاضة الحجر وكان كل الشباب الغيورين على وطنهم قد هبت لديهم الحمية للدفاع عن هذه الأرض الغالية ولو بالحجارة التي ترهب هذا المحتل الغاشم ،حينها أنجبت ابنتي هبه التي عزمت أن تقص روايتي المؤلمة والتي تخط السطور بين أيديكم لتنقل مأساة شعب حزين مدمر يعاني الأسى . والحرمان التحق زوجي بركب المجاهدين وكان يقوم هو ورفاقه بالدفاع عن هذا الوطن بكل ما يملكون.



فتوليت مساعدتهم بكل ما املك أقوم بخدمتهم ورعايتهم لم يلبثوا فترة وجيزة وإذا بحملة اعتقال شرسة قامت بها جنود الاحتلال لكل فدائي فلسطيني فيه ذرة حمية كان من ضمن هذه الحملة زوجي الحبيب ،لم أتمالك نفسي حينها فكل ما املك من هذه الدنيا سوف يذهب والى أين إلى مرج الزهور إبعاد؟ نعم سوف يبعدوهم إلى ارض لا ماء فيها ولا كلا ، والد زوجي توفي آنذاك بسبب مرض عضال الم به أما والدة زوجي فمن شدة حزنها على ابنها الذي ذهب عنها في لمح البصر ولم تكتمل برؤيته توفيت هي الأخرى . أما أنا فأهلي بعيدين وزوجي مبعد ووالداه أبعدا إلى الحياة الآخرة أما أبنائي فهم القشة التي علقت بها حينها من سيحميهم ويرعاهم .



أين تلك الأحلام النرجسية التي كنا نحلمها تبددت في لحظات ، كان بإمكاني حينها أن اخرج من هذه البلاد واذهب إلى أهلي في الأردن واترك زوجي يعاني مرارة القسوة والحرمان لوحده لكن إيماني بالله وإيماني برجوع زوجي وحبي له وتمسكي بأبنائي بدد هذه الأوهام فعكفت على تربية أولادي لم تطل مدة إبعاد زوجي سوى سنة واحدة ،ستستغربون أن سنة هي مدة قصيرة في نظري لان القادم أعظم ،أذكر حين عاد إلينا زوجي ، ابني الصغير احمد لم يعرفه وهرب منه فاخذ زوجي يلاطفه لكنه بعد شهرين اخذ ينادي "بابا" حينها اعتقلوه مرة أخرى مما زاد ذلك من همي وحزني.



ولكن بعد شهرين عاد لنا يحمل إيمانا ويقينا صلبا كقوة الجبال ،اخذ زوجي يعمل على مساعدتي في تربية أبنائي وتوفير ما يحتاجونه من مستلزمات الحياة.



لكن فكرة الجهاد تلك لم تخرج من مخيلته فقام بإيواء مجاهدين مطاردين من قبل قوات الاحتلال فقام الصهاينة مرة أخرى باعتقاله وتطول مدة الاعتقال هذه ويزيد همي وحزني فماذا عساني فاعلة حينها إلا أن أصبر على هذا الوضع الذي أنا فيه



كنت أتغلب في زيارة زوجي خاصة أني لا احمل الهوية الفلسطينية فكانوا يصدرون لي تصريحا لزيارته بشق الأنفس ،زرت معظم سجون العذاب والاحتلال في تلك الفترة ثم خرج زوجي بعد أن أمضى 5 سنوات في زنازين الغدر .



قرر زوجي حينها أن يبتعد عن تلك النشاطات قليلا واخذ يبني بيتا جديدا للعائلة ولكن حتى وهو بعيد عنهم وعن نشاطاته ضدهم عكفوا على اعتقاله مرة أخرى ، يا رب لا ادري أهذا ابتلاء أم بلاء لنا أين الأمن والأمان في هذه البلاد أين الاستقرار لا أرى سوى الخوف والحزن ، لكني سأصبر متحدية جميع تلك الظروف القاسية .



اروي قصتي هذه وزوجي للان يقبع خلف تلك القضبان الشائكة . وأنا للان أعاني من حرماني من رؤيته ومن رؤية أهلي . حتى النساء مثلي اللواتي كن مخالفات في الإقامة في ارض فلسطين صدر بحقهن قرار ومن ثم إعطائهن هويات وتوطينهن أما أنا فمن اجل زوجي حرمت من هذه الهوية فأصبحت ضائعة بين هوية وطني وهوية أهلي وهوية زوجي .



ألن تنتهي حكايتي ألن تكمل رواتي بأقوال الحكماء لمن اهتدي لمن أشكو بثي وحزني حقيقة لا اهتدي فانا الإنسانة من الألم وأنا الإيمان من العدم أنا الغريبه بلا وطن أنا الحبيبة بلا أمل .
__________________
أطيــ المجد ـاف
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.22 كيلو بايت... تم توفير 0.64 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]