عرض مشاركة واحدة
  #1340  
قديم 12-12-2013, 03:42 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

وثيقة في زماننا هذا وعلاقات الكنيسة بالإسلام


بقلم دكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
عقب المحاضرة الشهيرة التي ألقاها البابا بنديكت السادس عشر في راتسبون، والتي سب فيها الإسلام بوضوح وتعمّد، تم رفع وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني (1965) المعروفة باسم "في زماننا هذا" وإشهارها كالراية في مختلف الصحف، حتى في الفاتيكان نفسه، لتهدئة النفوس وإثبات "الاحترام" الذي يكنه الفاتيكان للمسلمين !
وفى واقع الأمر، إن القليل من الناس هم الذين يعرفون نص هذه الوثيقة، خاصة الجزء المتعلق بالإسلام. لذلك رأينا أنه من المفيد وضع هذا النص تحت الضوء، لنراه عن قرب ونوضح للجميع الموقف المزدوج للمسؤلين عن الكنيسة الكاثوليكية الرسولية الرومية ... ويمتد نص الوثيقة في حد ذاته على أربع صفحات، والبند الثالث المتعلق بالمسلمين، يتضمن فقرتين من سبعة عشر سطرا، نصها كما يلي :
الديانة الإسلامية :
3 – " إن الكنيسة تنظر أيضا بعين الاعتبار إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد، الحي القيوم، الرحمن القدير، خالق السماء والأرض، الذي تحدث إلى البشر. إنهم يحاولون الخضوع بكل قواهم لقرارات الله، حتى وإن كانت مخفية، مثلما خضع إبراهيم لله والذي يتخذه الإيمان الإسلامي طواعية مثلا له. وعلى الرغم من أنهم لا يعترفون بيسوع كإله، فهم يبجلونه كنبي؛ ويوقرون أمه العذراء، مريم، وأحيانا يتوسلون إليها بتضرع. كما أنهم ينتظرون يوم الحساب، الذي سيجازى فيه الله البشر بعد بعثهم، وهم يقدرون الأخلاق، ويقدمون عبادة ما لله خاصةً بالصلاة، والزكاة والصوم.
"وإذا ما كانت عبر القرون قد اندلع العديد من الخلافات والعداوات بين المسيحيين والمسلمين، فإن المجمع يهيب بهم جميعا نسيان الماضي وأن يجتهدوا بإخلاص في محاولة للفهم المتبادل، وأن يقوموا معا بحماية ونشر العدل الإجتماعى، والقيم الأخلاقية، والسلام والحرية، من أجل كافة البشر " (صفحة 29).
وما من إنسان يجهل أن مجمع الفاتيكان الثاني يمثل أهم الأحداث قاطبة بالنسبة للكنيسة في القرن العشرين. فعلى العكس من كافة المجامع السابقة، التي كان يتم عقدها لتدارس المشكلات الحقيقية التي تمثل أخطارا على نفس الكيان الكنسي، بما أنها بكلها عبارة عن تهديدات لاهوتية ناجمة من داخل الكنيسة أومن خارجها، فإن المجمع الفاتيكاني الثاني يعد أول مجمع هجومي في تاريخ الكنيسة، إذ أنه قرر علنا تنصير العالم بقرار لا رجعة فيه. ومن بين الخمسة عشر وثيقة التي أصدرها المجمع بين 1964 و1965، فإن وثيقة "في زماننا هذا" التي تعنينا هنا قد تم التوقيع عليها في 28 /10/1965 . والنص النهائي للوثيقة وكل محاضر الجلسات والتعليق عليها موجودة في الكتاب الصادر عن دار نشر دى سير (du Cerf)، سنة 1966، تحت عنوان : مجمع الفاتيكان الثاني وعلاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية، وهو يمثل جزءاً من المجموعة الكنسية برقم 61. والكتاب يتكون من 335 صفحة، ومقسّم إلى ثلاثة أجزاء بخلاف الملحقات. والجزء المتعلق بالإسلام يحتل الصفحات من 200 إلى 236 . وقد قام بصياغته القس روبير كاسبار، أستاذ "علم اللاهوت الإسلامي" بالمعهد البابوي للدراسات العربية في روما، ومستشار السكتارية الخاصة بغير المسيحيين. وأثناء انعقاد المؤتمر كان عضواً في اللجنة الفرعية الخاصة بالإسلام.
وعند قراءة الست وثلاثين صفحة المتعلقة بصياغة النص، لا يمكن للقارىء ألا يشعر بالاشمئزاز والقرف بالنسبة لذلك الموقف المتعنت وغير الأمين لهؤلاء الآباء الأجلاء، الذين تفننوا في استبعاد الإسلام كديانة توحيدية، أتت لتصويب ما تم في الرسالتين السابقتين من تحريف وانحراف. ويبدأ الأب كاسبار بتوضيح الجو العام الذي دارت فيه هذه الجلسات، قائلا: "لا بد لي من الاعتراف أولا بأن الديانات غير المسيحية تحتل مكانة ضئيلة في اهتمامات هؤلاء الأساقفة والمؤسسات المعنية (...)، وأساقفة البلدان التي بدأت الإرساليات يتحدثون كثيراً عن المشكلات التي تصادفهم في التبشير، وقليلاً ما يذكرون الديانات غير المسيحية كديانات، ولا شيء تقريباً يقال عن الإسلام. والمرء يدهش من ملاحظة الصمت المطبق للكنائس الشرقية حول هذا الموضوع الذي يواجهونه يومياً(صفحات 201 و202 ). ومن المؤسف رؤية أن التعنت الوحيد لهؤلاء الآباء الأجلاء هو الاهتمام بتدارس كيفية تنصير العالم، رغم تلك اللافتة المعلنة عاليا والمنادية بحرية العقيدة !
من ناحية أخرى، لا نرى ضرورة لفتح هامش نوضح فيه الموقف المثير للاشمئزاز لهؤلاء الآباء الأجلاء، وخاصة موقف الذين يمثلون الكنائس الشرقية، أي الأقليات المسيحية التي تعيش بين المسلمين، وعدم أمانتهم تجاه البلدان التي يعيشون فيها، فالنص شديد الوضوح...
ويبدأ الأب كاسبار بتلخيص مختلف وجهات النظر التي لاحت منذ أولى الحوارات، والتي يلخصها في نقطتين، لا بد من أخذهما في الاعتبار : " أن الإسلام عبارة عن شرّمطلق لا بد من دحضه، وخطر بالنسبة للكنيسة لا بد من محاربته. والثانية، ترى في الإسلام بصيص من النور لبعض الحقائق والتشابهات مع المسيحية والتي يجب تنميتها "( صفة 202 )، ( الخطوط من وضعنا في النص كله). وأن البطريارك مكسيموس هو الذي أسدى ملاحظة "أنه لا يمكن التحدث عن اليهود دون التحدث عن الديانات الأخرى وخاصة الإسلام" (صفحة 203 ). وهنا تجدر الإشارة إلى أن واحداً من أهم الأسباب التي دعت إلى اجتماع هذا المجمع هو التنازلات غير المسبوقة التي تمت لليهود أو التي تم فرضها على الكنيسة، رغم مخالفتها الشديدة للنصوص، وتدارس كيفية جعل الأتباع يبتلعونها ! واختصاراً، فإن المحاولات الأولى المتعلقة بالإسلام تم اتخاذها في دورة 1964، لإدخال فقرة حول المسلمين في نص البيان.
وكان النص المبدئي يتضمن العبارة التالية : " وليسوا غرباء أيضا عنالتنزيل الذي تم على الآباء، أبناء إسماعيل، الذين يعترفون بإبراهيم كأب لهم،ويؤمنون بإله إبراهيم". وكانت هناك ملحوظة توضح أن" أبناء إسماعيل " هم المسلمون... إلا أن التصويت على النص الذي كان يتضمن عبارة " أبناءإسماعيل" قد قوبل باعتراض شديد. ويوضح الأب كاسبار ذلك قائلا : " ما الذي حدث ؟ من بحث تعليقات التصويت تبيّن أن النص المقترح، رغم اعتداله ( ليسواغرباء عن التنزيل الذي تم على الآباء" يمكنه أن يستبق الحكم في حل مسائل صعبة ومثار جدل شديد، من قبيل الانتساب التاريخي للعرب لإسماعيل، وخاصة ربط الإسلام بالتنزيل الإنجيلى " (صفحة 205). وهو ما يؤكد عدم الأمانة المتعمّد.
وبعد مداولات ممتدة، وإقتراعات وإستبعادات، يوضح الأب كاسبار أن النص الأصلي المكوّن من بضعة أسطر، والخاص بالمسلمين، قد تمت زيادته بشكل ملحوظ : " فهو يستخلص الخطوط الرئيسية لعبادة المسلمين ويدعو إلى نسيان خلافات الماضي، وإلى الحوار والتعاون بين المسيحيين والمسلمين لصالح الإنسانية العام" (صفحة 206). وقد تم التصويت عليه بعدد 1910 موافقون و189 معترضون.
وفى الجزء الثاني من نصه التفسيري، يتحدث الأب كاسبار عن المكانة التي يحتلها الإسلام في تاريخ الخلاص، موضحا كيف يقوم البيان بوضع الإسلام بين الديانات الكبرىالأسيوية التي تولدت بعيدا عن المسيحية (...). والبيان لا يقول شيئا حول الوضع الديني للإسلام بالنسبة للتنزيل اليهودي-المسيحي (...) وقد أوضحنا أن المجمع كان قد استبعد الصياغة الأولى للبيان والتي كانت تشير بشكل طفيف إلى صلة بين " التنزيل الذي تم على الآباء " والإسلام (صفحة 213 ). وبتفاديه اتخاذ أي موقف حول هذه المسألة، فإن النص يضع الإسلام في الصفالأول للديانات التوحيدية غير اليهودية-المسيحية. ويواصل الأب الكريم مضيفا : " من المهم أننرىجيدا ما الذي يود المجمع أن يقوله، وما الذي لا يريد قوله والأسباب التي دعته إلى ذلك " ! (نفس الصفحة السابقة).
وفى الجزء الثاني من النص الذي كتبه الأب كاسبار، يتحدث فيه عن التوحيد الإسلامي ويقوم بنوع من شرح النص الرسمي، وكيفية اختيار الكلمات للنص النهائي للوثيقة. ومن المحبط والمثير للاستفزاز أن نرى كيف تم اختيار كل كلمة بريبة وبحرص شديدين، وكيف تم اختيار أسماء الله – في تلك الوثيقة، بلؤم ومكر، إذ يقول الأب كاسبار : " وهكذا قام المجمع بوصف إله الإسلام باختيار الملامح الأساسية للإيمان الإسلامي والشبيهة لما هووارد في المسيحية. فأسماء أخرى كان يمكن أن تؤكد الخلافات بدلا من التشابهات" (صفحة 219).
وفى مواصلة شرحه هذا، يلفت الأب كاسبار النظر إلى أن الوثيقة : "تضع إبراهيم لا كجد في سلسلة نسب العرب المسلمين، وإنما تضعه كنموذج للإيمان الإسلامي لخضوعه لإرادة الله " (صفحة 221).
وإذا ما قام القارئ باسترجاع نص تلك الوثيقة فيما يتعلق بالمسلمين، ويمكنه الرجوع إلى الصفحة الأولى من هذا المقال، سيلحظ النقاط التالية :
·أن كلمة " إسلام " غير واردة بهذا النص.
·أن الكنيسة تنظر أيضا بعين الاعتبار إلى المسلمين، فلا تشير إليهم على أنهم أتباع الرسالة التوحيدية الثالثة، وإنما تنظر إليهم فحسب بعين الاعتبار !
·أن الإله الذي يعبده المسلمون " قد تحدث إلى البشر"، أي أنه لم يتحدث تحديدا إلى سيدنا محمد !
·الإصرار المتعمّد لاستبعاد النسب التاريخي للمسلمين إلى سيدنا إسماعيل. وهنا لا يمكننا إلا أن نتساءل: هل اختفى نص العهد القديم من الوجود، لذلك لم يتمكن هؤلاء الآباء المساكين المجتمعينلصياغة ذلك البيان، ولا يعرفون تاريخ المسيحية بالنسبة لقرابتها وعلاقتها في سلسلة النسب مع الإسلام والمسلمين ؟! ومع ذلك فالتاريخ المعاش، ثابت بكل وضوح في الوثائق والنصوص !
·أن الإيمان الإسلامي يتخذ سيدنا إبراهيم كنموذج، يتخذه مثلا طواعية ولا ينتسب إليه ! ومن العار أن نرى مواصلة ذلك التعنت بلا خجل !
·السعي الحثيث لاستبعاد الإسلام من النص الإنجيلي رغم كل الإشارات التي لا تزال في الكتاب المقدس بعهديه، حتى بعد كل ما أصابه من تعديلات وتغييرات متعددة، لكي لا نقول تحريفات، وهو ما أثبته بجدارة رجل القانون الأمريكي جوزيف هويلس، في كتابه المعنون : التحريف في المسيحية.
·عملية التزوير في التاريخ ووضع الإسلام بين الديانات الكبرى الأسيويةالتي تولدتبعيداً عن المسيحية! إن المغالطة من الوضوح بحيث إن أي شخص ملم بجزء ولو ضئيل من المعلومات التاريخية سيدرك التحريف.. وإذا كان هؤلاء الآباء البؤساء لا يعرفون الفرق جغرافيا بين آسيا وبلاد العرب وفلسطين، فما الذي يمكننا أن نتوقعه من أمثالهم ؟ !
من الجارح والمخيّب للآمال أن نرى كل ذلك التصلّب لهؤلاء الآباء الأجلاء، وإصرارهم على التزوير وتغيير الحقائق التاريخية، وخاصة الاعتماد على هذا التزوير لإصدار أحكام، ووضع توجيهات للتصرف أو فرض قرارات بعينها ! ومن المفزع أن نراهم يجمعون على قول " إن المسلمين يقدرون الحياةالأخلاقية " ! ولو كان هؤلاء الأجلاء قد سألوا عن المضمون الحقيقي للقرآن فيما يتعلق بالأخلاق، لأتاهم كرد مفعم رسالة الدكتوراه المكوّن’ من 770 صفحة والتي تمت مناقشتها في السوربون سنة 1952، والتي تقدم بها الدكتور محمد عبد الله دراز، تحت عنوان " الأخلاق فيالقرآن ". وذلك ليروا إلى أي مدى الأخلاق لا تمثل فحسب جزءا لا يتجزأ من القرآن، وإنما هي واحدة من أهم دعائمه التي تنظم حياة المسلم في كافة المجالات، حتى في المجال الحربي : حيث لا يحق للمسلم أن يبدأ بالاعتداء ولكن بالرد فقط وبيقدر الاعتداء نفسه . والنصوص موجودة لكل من يود معرفة الحقائق بلا إلتواءات. فمن السخرية أن نطالع مجرد "أن المسلمين يقدرون الأخلاق" !


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــع

 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.19 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]