عرض مشاركة واحدة
  #161  
قديم 27-03-2008, 04:13 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية

وينطوي التعبير بفعل (الإخراج) بدلالته على البروز والظهور على معنى التحول لشيء غير موجود أو خفي ليصبح منظورا تتأمله العين, وأظهر مثال هو النبات فأصله بذور ضئيلة خالطت الماء, كما في قوله تعالى: ﴿إِنّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِنَبَاتُ الأرْضِ﴾ يونس 24, وقوله: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مّثَلَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ﴾ الكهف 45, ولذا يرد فعل (الإخراج) بمعنى فعل (الإنبات) كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَابِهِ نَبَاتَ كُلّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَامِنْهُ خَضِراً نّخْرِجُمِنْهُ حَبّاً مّتَرَاكِباً﴾ الأنعام 99, وقوله: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَبِهِ مِنَ الثّمَرَاتِ رِزْقاً لّكُمْ﴾ البقرة 22, وقوله تعالى: ﴿أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُالْخَبْءَفِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ النمل 25, وقوله تعالى: ﴿سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَىَ. الّذِي خَلَقَ فَسَوّىَ. وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَىَ. وَالّذِيَ أَخْرَجَالْمَرْعَىَ. فَجَعَلَهُ غُثَآءًأَحْوَىَ﴾ الأعلى 1-5, وبهذا يؤدي فعل (الإخراج) وظيفة فعل (الإنبات) في مثل قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَابِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾ النمل 60, وقوله تعالى: ﴿وَنَزّلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً مّبَارَكاً فَأَنبَتْنَابِهِ جَنّاتٍ وَحَبّ الْحَصِيدِ﴾ ق 9, وقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَافِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ لقمان 10, وقوله تعالى: ﴿يُنبِتُلَكُمْ بِهِ الزّرْعَ وَالزّيْتُونَ وَالنّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ﴾ النحل 11, ويشترك الإنسان مع بقية الأحياء في الأصل الميت وهو الطين أو مكوناته؛ الماء أو التراب, ولذا يوحدهما القرآن في الأصل في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِكُلّ شَيْءٍ حَيّ﴾ الأنبياء 30, وقد يمد التعبير النقلة لتبلغ الأصل الأول لمزيد من بيان الاقتدار والعظمة كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِبَشَراً﴾ الفرقان 54, قال الألوسي: "المراد بالماء الماء المعروف وتعريفه للجنس" (71), ولبيان الاقتدار في نشأة الحيوان دون بقية الأحياء التي تتناسل بطرق غير المني يقصر القرآن دلالة لفظ الماء على المني بإيراده بالتنكير الدال على التعدد بياناً للعلم بتميز كل حيوان بمني يخصه؛ في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ﴾ النور 45, قال السيوطي: قوله ﴿وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ﴾ أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف (72), وقد بلغ التماثل في تعبير القرآن بين الإنسان والنبات في الأصل الأول إلى حد وصف نشأة الإنسان بفعلي (الإنبات)و(الإخراج) كما لو كان نباتاً حقيقةً في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ أَنبَتَكُمْمّنَ الأرْضِ نَبَاتاً. ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً" نوح 17و18, ولذا بياناً لوحدة الأصل الميت من الطين أو مكوناته الأصلية وتماثل الإنشاء جعل القرآن إنشاء النبات مثالاً لبعث الإنسان حياً يوم قيامة الأموات كما في قوله تعالى: ﴿وَالّذِي نَزّلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍفَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مّيْتاًكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الزحرف 11, وقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ إِنّ الّذِيَ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَىَإِنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فصلت 39, وقوله: ﴿يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِوَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّوَيُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاوَكَذَلِكَتُخْرَجُونَ﴾ الروم 19, وفي قولهتعالى: ﴿وَهُوَ الّذِي يُرْسِلُ الرّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتّىَ إِذَآ أَقَلّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مّيّتٍفَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ فَأَخْرَجْنَابِهِمِن كُلّ الثّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُالْموْتَىَلَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ﴾ الأعراف 57؛ تلاحظ أن فعل (الإخراج) يتضمن تمثيل الإنسان بالنبات ويعبر عن نشأة كلٍّ منهما ويجعله نظيراً للثمرات, وتلمس تشبيه وليد الإنسان والحيوان الولود مع الثمرات في قوله تعالى: ﴿وَمَا تَخْرُجُمِن ثَمَرَاتٍمّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىَ وَلاَتَضَعُإِلاّ بِعِلْمِهِ﴾ فصلت 47, بينما لا تجد أي من تلك الأوصاف المميزة للإنسان منسوباً للمني.
ويرد فعل (الإخراج) في القرآن في سياق الهجرة للدلالة على الانتقال متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿فَالّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْمِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لاُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ﴾ آل عمران 195, وقوله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراًإِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللّهِ﴾ النساء 100, ويرد للدلالة على الإحياء والبعث متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ﴾ النمل 67, وقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُونَمِنَ الأجْدَاثِ كَأَنّهُمْ جَرَادٌ مّنتَشِرٌ﴾ القمر 7, وقوله تعالى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَوَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ الأعراف 25, وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ﴾ النمل 67, وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ تُخْرِجُالْمَوتَىَ بِإِذْنِيِ﴾ المائدة 110, وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾ مريم 66, وقوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْتَارَةً أُخْرَىَطه 55, ويرد للدلالة على الولادة متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُممّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً﴾ النحل 78, وقوله تعالى: ﴿وَنُقِرّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّ نُخْرِجُكُمْطِفْلاً﴾ الحج 5, وقوله تعالى: ﴿هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ يُخْرِجُكُمْطِفْلاً﴾ غافر 67, وكما ترى يرد فعل (الإخراج) متعلقاً بالإنسان في مواضع كثيرة بينما لم يرد ولا مرة واحدة متعلقاً بالمني, وهكذا تتآزر الشواهد العديدة مؤكدةً على تعلق فعل (الإخراج) في القرآن بالإنسان لا المني.
(خامساً) استفادة القدامى والمعاصرون من معارف عصورهم في التفسير:
في اجتهادات متفاوتة الخطوات لمطابقة الدلالات العلمية العميقة الغور؛ قال الشوكاني: "قيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ, ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب, وقيل إن المعنى يخرج من جميع أجزاء البدن, ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب"(73), وقال السيوطي: "عن الأعمش قال يخلق العظام والعصب من ماء الرجل ويخلق اللحم والدم من ماء المرأة" (74), وقال ابن كثير: "عن معمر بن أبي حبيبة المدني أنه بلغه في قول الله عز وجل ﴿يخرج من بين الصلب والترائب﴾ قال هو عصارة القلب من هناك يكون الولد" (75), وقال القاسمي: "ومعنى الآية أن المني باعتبار أصله وهو الدم يخرج من شيء ممتد بين الصلب أي فقرات الظهر في الرجل والترائب أي عظام صدره, وذلك الشيء الممتد بينهما هو الأبهر (الأورطى) وهو أكبر شريان في الجسم يخرج من القلب خلف الترائب ويمتد إلى آخر الصلب تقريبا, ومنه تخرج عدة شرايين عظيمة, ومنها شريانان طويلان يخرجان منه بعد شرياني الكليتين, وينزلان إلى أسفل البطن حتى يصلا إلى الخصيتين فيغذيانهما, ومن دمهما يتكون المني في الخصيتين ويسميان شرياني الخصيتين أو الشريانين المنويين, فلذا قال تعالى عن المني ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ لأنه يخرج منمكان بينهما وهو الأورطي أو الأبهر, وهذه الآية على هذا التفسير تعتبر من معجزات القرآن العلمية" (76), وقال ابن عاشور: "الخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان.., والصلب العمود العظمي الكائن في وسط الظهر وهو ذو الفقرات.., والترائب جمع تريبة.. تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء.., وقوله ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ الضمير عائد على ماء دافق وهو المتبادر.. أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه, وبهذا قال سفيان والحسن.. (ولكن المراد) أن أصل تكون ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب, وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين.., ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية.. مقرها الأنثيان وهما الخصيتان.. ومن ماء هو للمرأة كالمني للرجل.. وهو بويضات دقيقة.. يشتمل عليها مبيضان للمرأة وهما بمنزلة الأنثيين للرجل فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة, (و) الحبل المنوي.. ينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللذان تفرزان المني.., وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم"(77), وقال سيد قطب: "فلينظر الإنسان من أي شيء خلق وإلى أي شيء صار. . إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها.. ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته؛ وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ منهما الإنسان! والمسافة الهائلة بين المنشأ والمصير. . بين الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب وبين الإنسان المدرك العاقل المعقد التركيب العضوي والعصبي والعقلي والنفسي. . هذه المسافة الهائلة التي يعبرها الماء الدافق" (78).
وذكر الدكتور محمد وصفي في كتاب "القرآن والطب" أنه نقل ما كتبه في مجلة "هدى الإسلام" عام 1354هـ (1936م) فقال: "الماء الدافق هو السائل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات المنوية الحية, وسمي دافقاً لأنه يصب.. بوساطة الانقباضات الخاصة التي تدفع بها القناة الناقلة والحويصلة المنوية هذا السائل.., وهو قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ﴾ القيامة 37, ويقول القاموس المحيط دفقه ويدفقه صبه, وهذا ما يجعل الماء الدافق خاصاً بالذكر وحده دون الأنثى, إذ ليس للمرأة ماء يصب ويتدفق بشدة كماء الرجل, بل إن ماء المرأة إفراز يسيل لمجرد تليين الجهاز التناسلي وترطيبه, مثل سيلان اللعاب والعرق, وبذلك يكون قوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ أي يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ولا دخل هنا لصلب المرأة وترائبها مطلقاً.., والصلب هوالسلسلة الفقرية.. والترائب هي عظام الصدر.., (و) النطفة.. تتكون حقيقةً في القناة المنوية في الأنثيين (الخصيتين) ولا تتكون في الصلب ولا تتكون كذلك من الترائب, فقوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ ليس معناه أنه يخرج منهما ولكن معناه أنه يخرج بينهما, أي يخرج من مكان يقع بينهما, وهذا من عظيم أسرار الإسلام في الطب.., (و) في الذكروالأنثى.. مكان الغدة التناسلية يكون في أول الأمر في الفراغ البطني.. (و) يقع تماماً بين الصلب والترائب.., فالآية الكريمة ترشدنا بذلك إلى أصل تكوين الغدة التناسلية في الإنسان وتدلنا على مكان وجودها الأولي فيه.. (و) يخرج باعتبار نشأته الأولى وأصل وجوده في الجنين"(79).
وقال المراغي(تُوفِّي عام 1371هـ - 1952م): "﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ أي فلينظر بعقله وليتدبر في مبدأ خلقه ليتضحله قدرة واهبه وأنه.. على إعادته أقدر.. ﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ.. حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنا, بيان هذا أن صلب الإنسان هو عموده الفقري (سلسلة ظهره) وترائبه هي عظام صدره.. وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب.. فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب, أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع.., فإذا كانت الخصية والمبيض في نشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني وفي ضبط شئونهما بالأعصاب قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ولم يكشفه العلم إلا حديثا بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول ذلك الكتاب, هذا وكل من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ في الهبوط إلى مكانه المعروف فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها في الصفن ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه في الحوض بجوار بوق الرحم, وقد يحدث في بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية في طريقها ولا تنزل إلى الصفن فتحتاج إلى عملية جراحية.., وإذا هدي الفكر إلى كل هذا في مبدأ خلق الإنسان سهل أن نصدق بما جاء به الشرع وهو البعث في اليوم الآخر.. ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾, أي إن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداءً.. قادر أن يرده حيا بعد أن يموت" (80).
ويقول الدكتور محمد علي البار في كتاب "خلق الإنسان بين الطب والقرآن": "لنبق قليلا مع الآية الكريمة التي تتحدث عن الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب نتملى معانيها المعجزة الباهرة.. والآية الكريمة تحثنا على النظر في الإنسان الذي خلق من هذا الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب, وسبب تدفقه.. هو تقلصات جدار الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني.. تقول الآية الكريمة أن الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب, ونحن قد قلنا أن هذا الماء (المني) إنما يتكون في الخصية وملحقاتها, كما تتكون البويضة في المبيض لدى المرأة, فكيف تتطابق الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية؟: إن الخصية والمبيض إنما يتكونان من الحدبة التناسلية بين صلب الجنين وترائبه, والصلب هو العمود الفقري والترائب هي الأضلاع,وتتكون الخصية والمبيض في هذه المنطقة بالضبط أي بين الصلب والترائب, ثم تنزل الخصية تدريجيا حتى تصل إلى كيس الصفن (خارج تجويف البطن) في أواخر الشهر السابع من الحمل بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة.., ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها أي من بين الصلب والترائب, فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر (الأورطي البطني) من بين الصلب والترائب, كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, كما أن الأعصاب المغذية للخصية أو للمبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب, وكذلك الأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, فهل يبقى بعد كل هذا شك أن الخصية أو المبيض إنما تأخذ تغذيتها ودماءها وأعصابها من بين الصلب والترائب؟, فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب, كما أن منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب, والآية الكريمة إعجاز كامل حيث تقول: ﴿مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾, ولم تقل من الصلب والترائب, فكلمة ﴿بَيْنِ﴾ ليست بلاغية فحسب وإنما تعطي الدقة العلمية المتناهية.., والعلم الحديث يقرر أن الماء الذي لا يقذف ولا يندفع وإنما يسيل.. إنما هو إفرازات المهبل وغدد بارثولين المتصلة به وأن هذه الإفرازات ليس لها دخل في تكوين الجنين وإنما وظيفتها ترطيب المهبل.. ولكن العلم الحديث يكشف شيئا مذهلا؛ أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني, كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف محاطة بالماء فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء.. وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنويلتكون النطفة الأمشاج.. هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية, كلاهما يتدفق, وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض.. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية, وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة" (81).

يتبـــــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.79 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]