عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-07-2019, 04:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التحفة الوفية بمعاني حروف العربية


التحفة الوفية بمعاني حروف العربية


د. صالح بن حسين العائد


بسم الله الرحمن الرحيم





وصلّى الله على خير خلقه محمّد وآله وصحبه وسلّم.

الحمدُ لله الذي جَعَلَ معرفةَ العربيّةِ طريقاً لِفَهْمِ كتابِهِ، وسُلّماً لاستخراجِ معنى الكلام، وتمييزِ خطئه من صوابه، نحمده على آلائه، ونسأله المزيدَ من نعمائه، ونصلّي على سيّدنا ونبيّنا محمّدٍ، وعلى آله وأصحابه، صلاةً متّصلةً بيوم لقائه.

وبعد: فهذه تحفةٌ وفيةٌ بمعاني حروف العربيّة كتبتُها لبعض خُلَّصِ الأصحابِ، وفّقنا الله وإيّاه للصواب، قاصداً بها وجهَ اللهِ العظيمِ، ونَيْلَ ثوابِهِ العميمِ، وقد جعلتها[65] على بابين:

[الباب] الأول: في تقسيم الحروف بحسب الإعمال والإهمال وهي قسمان:

مُعْمَلٌ: وهو ما أثّرَ في ما دَخَلَ عليه رفعاً، أو نصباً، أو جرّاً، أو جزماً[66].

ومُهْمَلٌ: وهو[67] مالم يؤثّر في ما دَخَلَ عليه شيئاً.

[الحروف المعملة]

فالمُعْمَلُ خمسةُ أنواعٍ:

جارٌّ فقط، أو ناصبٌ فقط، أو جازمٌ فقط، أو ناصبٌ ورافعٌ، أو جارٌّ ورافعٌ، وهو (لعلّ) خاصّةً، على لغة بني عُقَيْلٍ[68].

[الحروف الجارّة]

فالجارُّ: ما أوْصَلَ معنى فعلٍ أو شبهه إلى ما دَخَلَ عليه.

وترتقي إلى سبعة وعشرين حرفاً، وفي بعضها خلافٌ.

[مِنْ]

فمنها (مِنْ): تكون زائدةً، وغير زائدة.

فغير الزائدة:

لابتداء الغاية[69]، كقوله تعالى: {من المسجد الحرام}[70]، ويصلح معها (إلى).

وللتبعيض، ويصلح موضعها (بعض)، كقوله تعالى: {ومن الناس}[71]، ونحو: زيدٌ أفضلُ من عمرٍو[72]، وقيل في مثله: لابتداء الغاية[73].

ولبيان الجنس، ويصلح موضعها (الذي هو)، كقوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}[74]، وأنكره بَعْضُهُمْ[75].

وللمجاوزة، بمعنى (عَنْ)[76]، كقوله تعالى: {أطعمهم من جُوعٍ}[77]، ونَسَبَهُ بعضُهُمْ لسيبويه[78]، وبعضُهُمْ للكوفيّين[79].

وزادَ بعض المتأخرين للغاية، نحو: أخذتُ من الصندوق[80].

وللانتهاء، نحو: قرّبتُ منه، كأنّك [قلتَ]: تقرّبتُ إليه.

وللتعليل، كقوله تعالى: {في آذانهم من الصواعق}[81].

وللفصل، كقوله تعالى: {يعلمُ المفسدَ من المصلح}[82].

ولموافقة (على)[83]، كقوله تعالى: {ونصرناه من القوم}[84].

وللبدل، كقوله تعالى: {ولجعلنا منكم}[85].

ولموافقة (في)[86]، كقوله تعالى: {ماذا خَلَقُوا من الأرضِ}[87].

ولموافقة الباء[88]، كقوله تعالى: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ}[89].

وهذا أليقُ بمذهب الكوفيّين[90]؛ لأنّ أصلَهم جوازُ بدلِ الحرفِ من الحروفِ في الحقيقة، وأصل البصريّين حملُ ما جاء من هذا على تضمين الفعل معنى فعلٍ آخر يتعدّى بذلك الحرف[91].

والزائدة: الموضوعة للعموم لتأكيد استغراقه، وهي الداخلة على الألفاظ الموضوعة للعموم، نحو: [ما جاء من رجلٍ، و][92] ما قام من أحدٍ، وفيه نظرٌ[93].

وقيل: لنصوصيّة العموم في الأوّل، ومجرّد التوكيد في الثاني[94]، وقيل: لتأكيد الاستغراق فيهما[95]، وقيل: لبيان الجنس في الأوّل[96].

وشرطها: عدم الإيجاب، وتنكير ما دخلت عليه، خلافاً للكوفيّين في الأوّل[97]، وللأخفش[98] فيهما، وعدم الإيجاب: أن يكون الكلام نفياً أو نهياً أو استفهاماً.

فَتُزَادُ مع الفاعل، والمفعول، ومع المبتدأ في غير المنهيّ، كقوله تعالى: {مالكم من إلهٍ غيرُهُ}[99]. {ما جاءنا من بشيرٍ}[100]، {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوتٍ}[101]، {هل من خالقٍ غيرُ الله}[102]، {هل ترى من فطور}[103]، ونحوه: هل جاءك من رجلٍ، [و] لا يقم من أحدٍ، ولا يضرب من أحدٍ. وفي زيادتها في الشرط خلافٌ[104].

و(مِنْ) تجيء للقَسَمِ، ولا تدخل إلا على الرّبِّ، نحو: مِـُنْ ربّي لأفعلنّ – بكسر الميم، وضمّها –[105]، وتجي لموافقة (رُبَّ)، قاله السيرافيّ[106]، وأنشد:



1- وإنّا لَمِنْ ما نَضْرِبُ الكبشَ ضربةً على رأسه تُلْقِي اللسانَ مِن الفمِ[107].




[إلى]

ومنها (إلى):

وفي دخول ما بعدها فيما قبلها أقوالٌ[108]، ثالثها: إنْ كان من جنس الأوّل دَخَلَ، وإلا فلا، وهذا الخلاف عند عدم القرينة، والصحيح أنّه لا يدخل، وهو قول أكثر المحقّقين؛ لأنّ الأكثر مع القرينة لا يدخل.

ومعناها: انتهاء الغاية، كقوله تعالى: {إلى المسجد الأقصى}[109].

وزاد الكوفيّون[110] المعيّة، كقوله تعالى: {إلى أموالكم}[111]، وتأوّله البصريّون على التضمين[112] وزاد بعضهم[113] للتبيين، كقوله تعالى: {السجنُ أحبُّ إليّ}[114].

ولموافقة اللام، كقوله تعالى: {والأمرُ إليكِ}[115].

ولموافقة (في)، كقول النابغة[116]: [2أ]



2- فلا تَتْرُكَنِّي بالوعيدِ كأنّني إلى النّاسِ مَطْلِيٌّ به القارُ أجربُ[117]




ولموافقة (مِنْ)[118]، نحو:

3- أيُسْقَى فلا يَرْوَى إليِّ ابنُ أحمرا[119]

و(عِنْدَ)، كقول أبي كبير الهذليّ[120]:



4- أم لا سبيلَ إلى الشبابِ وذِكْرِهِ أشهى إليَّ من الرحيقِ السلسلِ[121]




وكلُّه عند البصريّين متأوّل على التضمين[122]

وتزاد عند الفرّاء[123]، ومنه قراءة: {تَهْوَى إليهم}[124]، بفتح الواو[125].

[في]

ومنها (في):

للظرفيّة حقيقةً، [نحو]: زيدٌ في المسجد، أو مجازاً، كقوله تعالى: {ولكم في القصاص حياةٌ}[126].

وَزِيدَ للمصاحبة[127]، كقوله تعالى: {اُدْخُلُوا في أممٍ}[128].

وللتعليل، كقوله تعالى: {لَمسّكم فيما أخذتم}[129]، و{لُمتُنّني فيه}[130].

وللمقايسة، كقوله تعالى: {فما متاعُ الحياةِ الدنيا في الآخرةِ إلا قليلٌ}[131].

ولموافقة (على)[132]، كقوله تعالى: {في جُذوعِ النَّخْلِ}[133].

ولموافقة الباء، أي باء الاستعانة كقوله تعالى: {يَذْرؤُكُم فيه}[134]، أي: يُكَثِّرُكُمْ به.

ولموافقة (إلى)، كقوله تعالى: {فَرَدُّوا أيديَهم في أفواههم}[135].

ولموافقةِ (مِنْ)، كقوله:

5- ثلاثينَ شهراً في ثلاثةِ أحوالِ[136]

وكلُّهُ عند البصريّين مُتَأوّلٌ[137].

[الباء]

ومنها (الباء): وتكون زائدةً، وغير زائدةٍ.

فغيرُ الزائدة:

للإلصاق، وهو أصلها، ولا يفارقها، ولم يذكر سيبويه[138] غَيْرَهُ.

وللاستعانة، نحو: كتبتُ بالقلم.

وللمصاحبة: خرجَ زيدٌ بثيابه، ويكنّى عنها أيضاً بباء الحال[139].

وللسّببِ، كقوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ}[140].

وللقسمِ، نحو: باللهِ.

وللظرفيّة، نحو: زيدٌ بالبصرة.

وللتعدية، نحو: ذهبتُ بزيد، ومعناها معنى الهمزة[141] خلافاً للمبّرد[142].

وزاد بعضهم[143] للبدل، كقوله:

6- فَلَيْتَ لي بِهِمُ قَوْماً[144].

وللمقابلة، نحو: اشتريتُ الفرسَ بألفٍ.

ولموافقة (عن)[145]، كقوله تعالى: {فاسألْ به خبيراً}[146].

و(على)، كقوله: {مَنْ إن تأمنه بقنطارٍ}[147].

و(مِن) التبعيضيّة، وذكره الفارسيّ[148] والأصمعيّ[149]، وشاهده:



7- شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثمّ ترفّعتْ متى لُجَجٍ خُضْرٍ لهنَّ نئيجُ[150]




والزائدة: لازمة، في فاعل فعل التعجّب، نحو: أحسنْ بزيدٍ.

وغير لازمة: بقياسٍ في خبر (ما)، و(ليس)، وفاعل (كفى)، ومفعوله، نحو:



8- فكفى بنا فضلاً[151]، و(حسبك) مبتدأ، نحو: بحسبك زيدٌ.




وبغير قياسٍ فيما عدا ذلك، كقوله:



9-......................... فإنّك ممّا أحْدَثَتْ بالمجرَّبِ[152]




وظاهرُ كلامِ ابن مالك[153]، أنّها تنقاس أيضاً في النواسخ المنفيّة، نحو:



10-.................... لم أكنْ بأعْجَلِهِمْ[154]....................[155]




وأطلق ابن أبي الربيع[156] في زيادتها في الفاعل، والمفعول، والمبتدأ، والخبر.

[اللام]

ومنها (اللام):

للمُلْكِ حقيقةً، كقوله تعالى: {ولله ملك السموات والأرض}[157]، ومجازاً نحو: كُنْ لي أكنْ لك.

وللتمليك، نحو: وهب لك ديناراً.

وشبهه، كقوله تعالى: {جعل لكم من أنفسكم أزواجاً}[158].

وللاختصاص، كقوله تعالى: {يعملون له ما يشاء}[159].

وللاستحقاق [نحو]: المِعْجَرُ[160] للجارية.

وللقَسَمِ، ويلزمها فيه التَّعَجُّبُ، نحو:

11- للهِ يبقى على الأيّامِ ذو حَيَدٍ[161].

وللتعجّب، نحو:

12- ولله عينا مَنْ رأى مِنْ تَفَرُّقٍ[162].

وللنّسَبِ[163]، نحو: لزيد عمٌ هو [لعمرٍو خالٌ][164].

وللتعليل، كقوله: {لِيَحْكُمَ بينَ الناسِ}[165].

وللتبليغ، نحو: قلتُ له، وفسّرتُ له، وأذِنتُ له.

وللتبيين، وهي واقعةٌ بعد أسماء الأفعال والمصادر، نحو: سقياً[166] لزيدٍ، وكقوله تعالى: {هَيْتَ لك}[167].

وللصيرورة، كقوله تعالى: {ليكون لهم عدوّاً وحزناً}[168].

وللانتهاء، كقوله تعالى: {كلٌّ يجري لأجلٍ مسمّى}[169]. [2ب]

وللاستعلاء، كقوله تعالى: {يخرون للأذقان}[170].

ولموافقة (في) الظرفيّة، كقوله تعالى: {ونضع الموازينَ القسطَ ليوم القيامة}[171].

و(عِنْدَ) نحو: كتبتُهُ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ.

و(بَعْدَ)، كقوله تعالى: {لِدُلوكِ الشّمسِ}[172].

أو (مع)، نحو:



13- فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكاً لطولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ ليلةً معا[173]




و(مِنْ)، نحو قول جرير[174]:



14- لنا الفضلُ في الدنيا وأنفُكَ راغمٌ ونحن لكم يومَ القيامةِ أفضلُ[175]




وتُزادُ مع معمول مقدّم على فعله لعمله، كقوله تعالى: {للرؤيا تعبرون}[176].

وقد تُزادُ مع التأخير، كقوله تعالى: {رَدِفَ لكم}[177].

وتُزادُ مع معمول ما أشبَهَ الفعلَ مُقدَّماً ومؤخَّراً، كقوله تعالى: {مُصدِّقاً لما معكم}[178].

ولا تُزادُ إلا مع معمولِ عاملٍ متعدٍ إلى واحدٍ. وتُزادُ بين المضاف والمضاف إليه، نحو: لا أبا لك، ذَكَرَهُ ابنُ عصفور[179].

ولم يذكرْ سيبويه[180]، ولا الفارسيُّ زيادتَها، وذكَرَها[181] المبرّدُ[182].

[عن]

ومنها (عَنْ): وتكون اسماً ظرفاً إذا دخل عليها حرف جرّ، نحو: جلس من عن يمينه، وإذا تعدّى فعل المخاطب إلى ضميره المتّصل، نحو:

15- دَعْ عنكَ نَهْباً[183].

وما عدا هذين فهي فيه حروفٌ.

ومعناها المجاوزة، نحو: رميتُ عنه.

وزِيدَ في معناها البدل[184]، كقوله تعالى: {يوماً لا تجزي[185] نفسٌ عن نفسٍ شيئاً}[186].

وللاستعلاء: {وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك}[187].

وللبعديّة، كقوله تعالى: {لتركبنّ طبقاً عن طبق}[188].

وللظرفيّة، كقوله:



16- وآسِ سَراةَ القومِ حيثُ[189] لقيتَهم ولا تكُ عن حَمْلِ الرِّباعةِ وانِيا[190].




أي: في حَمْلِ.

[على]

ومنها (على): وتكون اسماً إذا دخل عليها حرفُ جرٍّ، نحو:

17- غَدَتْ مِنْ عليه[191].

وإذا تعدّتْ فعلَ المخاطب إلى ضميره المتّصل، نحو:

18- هَوِّنْ عليكَ[192].

وتكون فعلاً إذا رفعتِ الفاعلَ، نحو قوله تعالى: {إنّ فرعون علا في الأرض}[193].

وفيما عداهما حرفٌ، وقيل[194]: إنّها اسمٌ إذا انجرَّ متعلّقُها مطلقاً، قال بعضهم[195]: وهو مذهبُ سيبويه[196].

معناها الاستعلاءُ حقيقةً، كقوله تعالى: {كلّ مَنْ عليها فانٍ}[197] ومجازاً: {فضّلنا بعضَهم على بعضٍ}[198].

وزاد بعضهم[199] لموافقة (عن)، نحو: بَعُدَ عليَّ.

والباء، كقوله تعالى: {حقيقٌ علي أنْ لا أقولَ}[200].

و(في)، كقوله تعالى: {على مُلْكِ سليمان}[201].

و(مِنْ)[202]، كقوله تعالى: {إلا على أزواجهم}[203].

وللمصاحبة، كقوله تعالى: {وآتى المالَ على حُبِّهِ[204]}[205].

وللتعليل، كقوله تعالى: {على ما هداكم}[206].


وتُزَادُ عند بعضهِمْ[207]، نحو قوله:



19- أبى اللهُ إلا أنَّ سرحةَ مالكٍ على كلِّ أفنانِ العِضاهِ تروقُ[208]




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]