عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-10-2020, 01:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي المنهج الوصفي لعرض مشكل الحديث عند الإمام الخطابي

المنهج الوصفي لعرض مشكل الحديث عند الإمام الخطابي
أ. د. سعيد بن صالح الرقيب





لم يلتزم الإمام الخطابي منهجًا واحدًا في عرض المسائل التي درسها من مسائل مشكل الحديث، وإنما كان يتصرف في عرض المسائل حسبما يقتضيه حال الحديث الذي يشرحه من سنن أبي داود، وكان من تصرفاته في ذلك:
أ- افتراض صحة حديث ضعيف مرجوح، والجواب عن الإشكال الحادث من افتراض صحته.
مثال ذلك: قال رحمه الله: "وقد يحتمل أن يكون معناه - إن ثبت الحديث - متأولًا على نقصان الأجر"[1]، وفي موضع آخر قال رحمه الله: "وهذه اللفظة يقال: إنها غير محفوظة، ولو صحت تؤولت على معنى....."[2].


ب- يذكر وجه التعارض بين الأحاديث الواردة في المتن الذي يشرحه.
مثال ذلك حين سرد جملة من الأحاديث التي رواها أبو داود في الاستسعاء في كتاب العتق، ثم قال: "هذا غير مخالف للأحاديث المتقدمة"[3].


ت- يذكر دلالة حديث من سنن أبي داود، ثم يأتي بحديث من خارجها يعارضه.
مثال ذلك: قال رحمه الله: "في هذا الحديث دلالة على جواز الخروج بهن - النساء - في الغزو لنوع من الرفق والخدمة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث أن نسوة خرجن معه فأمر بردهن"[4].
ومثل قوله في الحديث الذي في سنن أبي داود في خير الشهداء، أتى في شرحه بحديث الذم للذين يشهدون ولا يستشهدون[5].


ث- يسرد حديثين من سنن أبي داود، ثم يجيب عن الإشكال بعدهما.
فقد سرد الحديث الوارد في الرخصة في تأخير الصلاة إذا حضر الطعام، وحديث النهي عن تأخير الصلاة للطعام وغيره، ثم قال مباشرة في أول الشرح لأحاديث الباب: "وجه الجمع بين الحديثين: أن الأول إنما جاء فيمن كانت نفسه تنازعه شهوة الطعام، وكان شديد التوقان إليه....."[6].

ج- يذكر أكثر من مسألة مشكلة في الحديث الواحد ويجيب عنها.
مثال ذلك في حديث مجيء سعد بن معاذ في قصة بني قريظة؛ فقد أجاب عن مسألتين من مشكل الحديث، ثم قال: "فيه من العلم: أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي، غير محظور، إذا كان صاحبه خيرًا فاضلًا، وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر، وفيه أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل وللولي العادل، وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف أهل هذه الصفات"[7].


ح- النقل عمن سبق.
مثال ذلك قوله: "كان الشافعي يجمع بين الحديثين المختلفين، وكان يقول: إنما اختلف الحديث في هذا من أجل الرواة"[8].


خ- النقل من كتب متقدمة في مختلف الحديث.
مثل قوله: "وقد أنعم الشافعي بيان هذا المعنى في كتاب مختلف الحديث، وجوَّد الكلام فيه"[9].


د- نقل أقوال من تقدم من أهل العلم، وتصحيح لأقوالهم أو تضعيفها.
مثال ذلك قوله: "وقد اختلف الناس في هذا، فقال قائلون: كان هذا في صُلب الإسلام، ثم نسخ...... وهذا أصح الأقاويل"[10].
ومثل قوله: "قد احتج بعض من لا يرى اعتبار جهة المماثلة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المُثلة، وهذه معارضة لا تصح؛ لأن النهيَ عن المُثلة إنما هو في ابتداء العقوبة بها، فأما القِصاص فلا يتعلق بالمُثلة"[11].


ذ- إيراد معاني الأحاديث المتعارضة، ثم بيان ما ترجح عنده.
ففي الإشكال الوارد بين حديث: ((أنا سيدُ ولد آدم))[12]، وحديث: ((ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متى))[13]، ذكر وجهين للجمع بين الحديثين، ثم اختار ما ترجح عنده بقوله: "قلت: وهذا أولى الوجهين وأشبههما بمعنى الحديث"[14].


ر- الإحالات إلى مواضع سابقة من مسائل مشكل الحديث.
مثل قوله في التعارض الحاصل من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح وأبيه))[15] صلى الله عليه وسلم، قال رحمه الله في كتاب الإيمان: "قد ذكرنا هذا الحديث في كتاب الصلاة، وأشبعنا بيانه هناك"[16].


ز- الألفاظ التي عبَّر بها عن مشكل الحديث.
التعارض: قال رحمه الله: "وحديث ابن عباس هذا لم يعارضه شيء"[17].
الخلاف: قال: "قد يتوهم كثيرٌ من الناس أن بين الحديثين خلافًا"[18].


س- تسمية أوجه الجمع معانيَ.
مثل قوله: "لا يشبه أن يكون رده إياهن لأحد معنيين"[19].


ش- تسمية الجمع توفيقًا.
مثل قوله: "ووجه التوفيق بين الحديثين واضح"[20].
وقوله: "والتوفيق بينه وبين الحديث الأول"[21].


ص- تسمية الجمع بناءً.
مثل قوله: "وهذا وجه بناء أحد الحديثين على الآخَر"[22].


ض- الترجيح بلفظة: أشبه.
قال رحمه الله: "والقول الأول أشبه"[23]، ومثل: "وهذا أشبه القولين بالصواب"[24].


ط- الترجيح بلفظة: أَوْلى.
قال رحمه الله: "فكانت رواية أهل الحجاز أولى"، ومثل قوله: "قلت: وهذا أولى الوجهين وأشبههما بمعنى الحديث"[25].


[1] معالم السنن 1/ 302.

[2] معالم السنن 4/ 62.

[3] معالم السنن 4/ 67.

[4] معالم السنن 2/ 217.

[5] معالم السنن 4/ 159.

[6] معالم السنن 4/ 228.

[7] معالم السنن 4/ 147.

[8] معالم السنن 1/ 194.

[9] معالم السنن 2/ 140.

[10] معالم السنن 4/ 252.

[11] معالم السنن 4/ 16 - 17.

[12] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب (2) تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، حديث (5940).

[13] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الأنبياء، باب (35) قول الله تعالى ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات: 139]، حديث (3412)، ومسلم في صحيحه، كتاب: الفضائل، باب (43) في ذكر يونس بن متى، حديث (6195).

[14] معالم السنن 4/ 310.

[15] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب (2): بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، حديث (100).

[16] معالم السنن 4/ 43.

[17] معالم السنن 3/ 256.

[18] معالم السنن 4/ 290.

[19] معالم السنن 2/ 217.

[20] معالم السنن 2/ 68.

[21] معالم السنن 2/ 128.

[22] معالم السنن 4/ 228.

[23] معالم السنن 2/ 94.

[24] معالم السنن 2/ 333.

[25] معالم السنن 4/ 310.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]