عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-08-2019, 05:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي التحذير من التَّرَف

التحذير من التَّرَف





الشيخ عبدالباري بن عوض الثبيتي






ألقى فضيلة الشيخ عبدالبارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من التَّرَف"، والتي تحدَّث فيها عن التَّرَف وخطورته على الفرد والأمة، مُجلِّيًا بآيات كتاب الله تعالى أن الذين وقَفوا في وجه دعوة الرُّسُل ونشرِها هم المُترَفون، وقد بيَّن أسبابَ التَّرَف وعواقِبَه الوخيمة، وحذَّر الآباء من تربية أبنائِهم عليه؛ ليتحمَّلوا مسؤولية قيادة الأمة غدًا.


الخطبة الأولى
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا كما يليقُ بجلالِه وكمالِه، أحمده - سبحانه - وأشكرُه ملءَ أرضِه وسمائِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في صفاتِه وأسمائِه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه لا يُجارَى في صلاتِه وصيامِه ودعائِه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعِه.

أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71].

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا [الإسراء: 16]. آيةٌ تحكِي حالَ الأُمم والمُجتمعات ومآلَها، حين تجعلُ التَّرَفَ ثقافتَها، وطريقتَه همَّها، وبلوغَ أقصَى درجاته مقصِدَها.

بمعنى: أن الأمةَ التي تغرقُ في التَّرَف، وتُبطِرُها الرَّفاهيَّة، وتسعَى وراءَ غرائِب اللَّذَّات تتزعزعُ أخلاقُها، وتذوبُ قِيَمُها، وتنسلِخُ من مبادئِها، وتنسَى اللهَ والدارَ الآخرة، وتدِبُّ فيها عواملُ الانهِيار.

ومن دروس التاريخ: أن الخلودَ إلى التَّرَف والبَذَخ والانغِماس في الملذَّات يجعلُ الأمةَ في حال اضطرابٍ وتذبذُبٍ وضعفٍ، وتتصاعَدُ الوتيرةُ حين تستهزِئُ بالدين وترُدُّ تعاليمَه وأحكامَه.

التَّرَفُ داءٌ عُضالٌ، ومرضٌ مُهلِك، إن استشرَى في أمَّةٍ ذهبَ بعزِّها وعلَّقَها بالحياة الدنيا، وإن التصقَ بشخصٍ كان ذلك إيذانًا بضعفِه وإعلامًا بوهْنِه.

التَّرَفُ هو التوسُّعُ في ملاذِّ الدنيا وشهواتها، والانغِماس في الحياة ومُجاوزة حدِّ الاعتدال في التعامُل مع النِّعَم، وبذلُ الجُهد لبُلوغ الغاية في حاجات اللَّذَّات الحسِّيَّة.

جلَّى القرآنَ موقفَ المُترَفين المُستكبِرين من المُرسَلين، وصُدودَهم عن الدين ومُحاربَتهم للهدي المُبين، همُ الذين وقَفُوا للصدِّ عن دعوة نوحٍ - عليه السلام -، وحُجَّتُهم أن الذين اتَّبَعوه الفُقراءُ الذين لا مالَ لهم ولا جاه، ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ [هود: 27].

المُترَفون هم الذين وقَفوا للدعوة بعد نوحٍ - عليه السلام -، ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ [المؤمنون: 33].

وبعد بعثة النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كان لهم النصيبُ الأوفرُ من التكذيبِ والعِناد، ﴿ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا [المزمل: 11].

هذا هو موقفُ المُترَفين، بيَّنَه القرآنُ أوضحَ بيانٍ، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [سبأ: 34].

ذمَّ الله التَّرَفَ والمُترَفين، فقال - سبحانه -: ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ [المؤمنون: 64]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «فواللهِ ما الفقرَ أخشَى عليكم، ولكني أخشَى عليكم أن تُبسَط الدنيا كما بُسِطَت على من كان قبلَكم، فتنافَسُوها كما تنافَسُوها، وتُهلِكَكم كما أهلكَتْهم».

والجيلُ الأولُ الذي تربَّى وربَّاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبرزَ لنا نماذِجَ وقُدواتٍ آثَرَت الآخرةَ على الأولى، وأبَت حياةَ التَّرَف؛ فهذا مُصعبُ بنُ عُميرٍ - رضي الله عنه - نشأَ في التَّرَف، وتربَّى في الرَّفاهيَةِ والنعمةِ، كان فتَى مكة شبابًا وجمالاً، وكانت أمُّهُ مليئةً بالمال، تكسُوه أحسنَ ما يكونُ من الثِّيَابِ وأرَقَّه، وكان أعطرَ أهل مكة.

ولما قُتِل في أُحُدٍ لم يُوجد له شيءٌ يُكفَّنُ فيه إلا بُردةٌ إذا وُضِعَت على رأسِه خرجَت رِجلاه، وإذا وُضِعَت على رِجلَيْه خرجَ رأسُه. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «غطُّوا بها رأسَه، واجعَلوا على رِجلَيْه الإذخِر».

وقال فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والدموعُ تزدحِمُ في عينَيْه: «لقد رأيتُك بمكَّة وما بها أحدٌ أرقَّ حُلَّةً ولا أحسنَ لِمَّةً منك، ثم أنت شعِثُ الرأس»، وقرأَ عليه قولَ الله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].

إخوة الإسلام:
إن الإغراقَ في التَّرَف يُورِثُ غُرورًا واستِعلاءً وظلمًا وبطشًا، ويجُرُّ إلى تكذيبِ الحق ورفضِ قَبولِه، ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سبأ: 35].

وقد ينسَى المُترَفُ فضلَ الله وأنه المُعطِي المُتفضِّل؛ فهذا صاحبُ الجنَّتين يقولُ لصاحبِه بكِبرٍ: ﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف: 34]، نسِيَ حالَ الدنيا ومآلَها، وسُنَّةَ الله فيها، ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا [الكهف: 35]، بل نسِيَ القيامةَ والساعةَ وجزاءَ الله العاجِل، ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا [الكهف: 36].

قارونُ الذي أعطاه الله من الكُنوز والمال، ورَّثَه ذلك طُغيانًا على قومِه، نسِيَ نعمَ الله عليه وعظمتَه، وقال برُوح الاستِكبار: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي [القصص: 78].

التَّرَفُ المُهلِكُ جعلَ فرعونَ ينظرُ نظرةَ المُتألِّهِ على قومِه: ﴿ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف: 51].

ومن مظاهر التَّرَف: التعلُّقُ بالتوافِه، وضعفُ التفكير في الحال والمآل، وانتِشارُ التقلِيد، وعدمُ الحِرصِ على الطاعة، والتوانِي عن القِيام بما يُقرِّبُ من الآخرة، والمَيْلُ إلى الدَّعَة والرَّاحَة، واقتِحامُ سُبُل الشهوات، وعدمُ المُوازنَة في الحياة، والتأثُّرُ بضغط الواقِع، وظهورُ العجز والكسَل.

ومن التَّرَف: إنفاقُ الأموال الكثيرة في أمورٍ يتجاوَزُ بها المرءُ الحدَّ المعقولَ الذي قد يُفضِي إلى الحرامِ، والإكثارُ من المآكِل والمشارِب والبَذَخ فيها. وبهذا تنقلِبُ النعمةُ نقمةً، قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق: 6، 7].

التَّرَفُ - عباد الله - يُبدِّدُ الأموالَ، ويُميِّعُ العزيمةَ، ويُذيبُ الإرادة، ويُورِثُ العُجبَ والغفلةَ، ويجعلُ المُترَفَ يتفنَّنُ في تصيُّد المُتَع من كل وجهٍ، ويتسابَقُ إلى ارتِكابِ المُحرَّمات والمُوبِقات، فتُصابُ الأمةُ في ميدان التقدُّمِ بالرُّكُودِ، والتنمية بالخُمولِ؛ لأن الهِمَم هبَطَت، والطاقات استُنزِفَت، والنفوسَ أصابَها البطَرُ والطُّغيان كما تُصابُ القلوبُ بالغَشاوة.

المُترَفُون يُنهِكون الاقتِصادَ، ويُضعِفُون الإنتاجَ؛ لأنهم يعيشُون لأنفُسهم، ولا يحفَظون قدرَ أمَّتِهم وحقوقَ مُجتمعِهم، لا يُشارِكون في نهضةٍ، ولا يُقدِّمون عملاً يرقَى وإنجازًا يُنمَّى.

الإسرافُ في التَّرَف يُورِثُ في النفس: الجُبنَ، وقلَّةَ الأمانة، والبُخلَ، والإمساكَ عن البذل في وجوهِ الخير.

والمُترَفُ المُسرِفُ في حياة اللَّهْو تظنُّه خبيئًا، ولو كشفْتَ خبيئةَ نفسِه لرأيتَ وراءَ صدره همًّا عميقًا تتصاعَدُ مع زفرَاتِه الخانِقة سحائِبُ الغمِّ والنَّكَد.

والتَّرَفُ ليس مُرتبِطًا بالغِنَى؛ فكم من غنيٍّ شاكرٍ بعيدٍ عن التَّرَف، ومُترفِّعٍ عنه، أخذَ المالَ من حِلِّه، ووضعَه في محِلِّه، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمَ المالُ الصالحُ للمرءِ الصالحِ».

كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن اللهَ جميلٌ يُحبُّ الجمالَ»، وقال: «إن الله يُحبُّ أن يُرَى أثرُ نعمتِه على عبدِه»، وقال: «كلُوا واشربُوا والبَسُوا وتصدَّقُوا في غير إسرافٍ ولا مخيلةٍ».

ويُقبلُ من الغنيِّ في التوسُّع ما لا يُقبَلُ من الفقير؛ فعن عبد الله بن حُميدٍ قال: مرَّ جدِّي على عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعليه بُردةٌ، فقال: "بكم ابتعتَ بُردةَ هذا؟" قال: بستِّين دِرهمًا. قال: "كم مالُك؟" قال: ألفُ دِرهم. قال: فقامَ إليه بالدِّرَّة فجعَلَ يضرِبُه ويقول: "رأسُ مالِك ألفُ دِرهَمٍ وتبتاعُ ثوبًا بستِّين دِرهمًا".

كان عبدُالرحمن بن عوفٍ يلبَسُ البُرَد أو الحُلَّة تُساوِي خمسمائةٍ أو أربعمائةٍ.

والأمرُ العجيبُ: أن يتقحَّمَ الفقيرُ مسالِكَ التَّرَف، ويلبَسَ ثوبًا غيرَ ثوبِه، ويشترِيَ الفاخِرَ من الأثاث، ويتصرَّفَ في أمورِ حياتِه كالأغنياء. وبهذا يضُرُّ نفسَه، ويُتعِبُ حالَه، ويتحمَّلُ أعباءً ماليَّة، وديونًا ثقيلةً، وإذا قارَنَ العَوَزَ الكِبْرُ فتلك الطامَّةُ الكُبرَى.

وفي هذا يقولُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهم الله يوم القيامة، ولا يُزكِّيهم» - قال أبو مُعاوية: «ولا ينظُرُ إليهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: شيخٌ زانٍ، وملِكٌ كذَّابٌ، وعائِلٌ مُستكبِرٌ»؛ رواه مُسلم.


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمتِه تتمُّ الصالِحات، أحمدُه - سبحانه - وأشكرُه على فضلِه ونعمِه المُترَفَات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ البريَّات، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه عُرِجَ به إلى السماوات، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أهلِ الهِمَم والعَزَمات.

أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

المُبالغةُ في تنعيم والمُداوَمة على قصدِه تُضعِفُ هِمَمهم في طلبِ العلم، وتقتُلُ عزائِمَهم، وتصرِفُهم عن أهدافِهم العُليا، وتسُدُّ أبوابَ المعرفة، وتجعلُهم عبيدًا لشهواتهم وملذَّاتهم، وتُذيبُ معانِيَ الرجولة لدى الأبناء.

ومن وسائل علاجِ التَّرَف - عباد الله -: التقلُّلُ من مُتَع الدنيا، وعدمُ تعويد النفس على الراحَةِ والدَّعَة والبَذَخ، وتقصيرُ الأمل، وقراءةُ سِيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه، وتركُ بعض النعيم الذي يُصبَرُ عليه، مع قُدرته عليه ومُشاركة الفُقراء.

مضَت سُنَّةُ الله في المُترَفين أن يُهلِكَهم ويُذيقَهم العذابُ، الذين كذَّبُوا رُسُلَ الله، وردُّوا دعوةَ الله، قال الله تعالى: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ [الأنبياء: 11- 13].

ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسولِ الهُدى؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذرِّيَّته كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجه وذرِّيَّته كما بارَكتَ على آل إبراهيم، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الآل والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهُم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحمَ الراحِمِين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمُشركين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداءَ الدين، اللهم دمِّر أعداءَك أعداءَ الدين.

اللهم انصُر إخوانَنا في سُوريا، اللهم انصُر المُسلمين في سُوريا، اللهم وحِّد صفَّهم، واجمَع كلمتَهم، وسدِّد رميَهم، وألِّف ذاتَ بينهم، واجمَعهم على الحقِّ يا رب العالمين.

اللهم إنهم حُفاةٌ فاحمِلهم، وعُراةٌ فاكسُهم، ومظلومون فانتصِر لهم، ومظلومون فانتصِر لهم، ومظلومون فانتصِر لهم، اللهم انصُرهم عاجلاً غيرَ آجلٍ يا رب العالمين.

اللهم عليك بطاغية الشام وأعوانِه، اللهم فرِّق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، واجعَل الدائِرَة عليهم، وأرِنا فيهم عجائِبَ قُدرتِك يا رب العالمين، اللهم إنهم طغَوا وبغَوا وأسرَفوا في طُغيانِهم.

اللهم مُنزِل الكتاب، مُجرِي السحاب، هازِم الأحزاب، اهزِمهم وانصُر المُسلمين عليهم يا رب العالمين، يا عزيز يا قوي يا جبار، إنك على كل شيء قدير.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ.

اللهم أصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.

اللهم اجعَلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبِتين، لك أوَّاهِين مُنيبين.

اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبَتَنا، وثبِّت حُجَّتَنا، وسدِّد ألسِنَتنا، واسلُل سخيمَةَ قُلوبِنا.

اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم سُقيا رحمةس، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، اللهم تُغيثُ به العباد، وتجعلُه بلاغًا للحاضِر والبَادِ يا أرحم الراحمين.

اللهم وفِّق إمامنا لما تُحبُّ وترضى، وخُذ بناصيتِه للبرِّ والتقوى، وارزُقه البِطانةَ الصالحةَ التي تدُلُّه على الخير وتُعينُه عليه، ووفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعمل بكتابِك، وتحكيم شرعِك يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحَم موتانا، وفرِّج هُمومَنا، وفُكَّ أسرانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 10]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].

فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.15 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.90%)]