عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-03-2020, 01:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي مرض فقدان المناعة (السيدا)

مرض فقدان المناعة (السيدا)





د. محمد ويلالي







كما تعدَّدتْ فرصُ الخير ومواسم الطاعة، تعددتِ المناسبات الأليمة في هذا العالم، بتعدُّد المآسي الناجمة عن استفحال الأخلاق الفاسدة، والأفكارِ الهدَّامة، الداعية إلى التحرر من القيود الدينية، والرقابة الشرعية، فكانت نتائجُ كل ذلك ظهورَ الأمراض الفتاكة، والأوبئة الخطيرة التي أرَّقت العالمَ المعاصر، وأدخلتْه في دوامة من الحيرة لم يستطع الخروج منها؛ بسبب مخالفة التعاليم السماوية، والتشريعات الربانية.

من أخطر هذه الأوبئة: مرض فقدان مناعة الجسم ضد سطوة الأمراض المهلكة، المعروف بمرض "السيدا"، الذي اعتبر هذا الشهر الذي نحن في مستهله - شهر ديسمبر - مناسبة عالمية له؛ فبدايتُه هو اليوم العالمي للمرض، ونهايته هو يوم عرض النتائج والإحصاءات المركومة خلال السنة.

كيف لا يهتم العالم به، وقد أودى بحياة أزيد من 60 مليون شخص منذ ظهوره سنة 1981 إلى الآن، ويفتك بحياة ما يقرب من 3 ملايين ونصف سنويًّا، ويصاب به ما يقرب من 5.5 ملايين في العالم سنويًّا؛ أي: أزيد من 15000 شخص يوميًّا، بمعدل 11 شخصًا كل دقيقة، ليبلغ عدد الحاملين للجرثومة في زماننا أزيد من 50 مليون شخص، ما يناهز 80 في المائة منهم من الشباب، وما يقرب من ثلاثة ملايين دون سن 15 سنة، في الدول النامية - وحدها - ما يزيد على 30 مليون مصاب؛ بل إن إفريقيا دخلتْ بسببه - كما قال المختصون - مرحلةَ الموت، حيث يتزعم جنوبها أكبر عدد من المصابين؛ أي: نحو 16 مليونًا، سيخلفون سنة 2010 أكثر من 25 مليون يتيم، أعمارهم تقل عن 15 سنة، حتى قال أحدهم: "إنه يوجد جيل كامل في هذه الدول نشأ بدون آباء، وبدون معلمين، وبدون مستقبل".

أما مواجهة هذا المرض في هذه الدول، فيحتاج إلى 15 مليار دولار سنويًّا طيلة عشر سنوات، كما يحتاج إلى تدريب أكثر من 10 آلاف من العاملين في قطاع الصحة.

لقد تنبَّهتْ كثير من الدول إلى خطورة هذا العدو الداهم، وخصصت له الأموال الباهظة - دون كبير جدوى - حتى وجدنا الولايات المتحدة - مصدر معظم الأوبئة العالمية - تنفق وحدَها على هذا الداء ما يتجاوز40 مليارًا من الدولارات قابلةً للزِّيادة؛ بل فرضت 59 دولة قيودًا على دخول ترابها على الأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة.

يقول أحد المفجوعين: "فقدت 47 صديقًا بسبب هذا المرض"، وفي إيطاليا انتحر زوج وزوجته؛ احتجاجًا على إصابتهما بهذا المرض، بعد أن أوصيا برعاية ابنهما الوحيد.

إننا أمام حرب عالمية خفية، تسكن البيوت، وتكتسح الأجسام، وتفتك بالشباب، بمن فيهم شباب المسلمين.

لقد تسربتْ معطيات غير رسمية، بأن عدد الإصابات بالداء في المغرب أشرف على 4 آلاف حالة، وتُقَدِّر وجود أزيد من 24 ألفًا يجهلون حملهم للفيروس - وهي أرقام تصاعدية، على الرغم من مرور أزيد من 20 سنة على تطبيق ما يسمى بـ"الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الإصابة بالداء" - 85% منهم من الفئات الشابة، من المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و49 سنة، أغلبهم من النساء، 2.13% منهن من العاملات في الجنس؛ بل أكدت الدراسات أن 87 % من المصابين بالسيدا في المغرب بسبب العلاقات الجنسية الغيرية، و3 % في صفوف الشواذ جنسيًّا، كما أبرز أحد المختصين أن الأمراض المنقولة جنسيًّا تشكل مشكلاً صحيًّا كبيرًا ببلادنا، حيث يتم سنويًّا تسجيل أزيد من350 ألف حالة جديدة سنويًّا منذ سنة 2002.

نعم، إنها الفوضى الجنسية، سبب خراب الأبدان، ودمارِ الأرواح، وقصف العقول والأذهان، وهو ما لا تريد الدولُ المصدِّرة للمرض أن تعترف به، مع أن أول ظهور للمرض كان في صفوف الشواذ جنسيًّا، ثم متعاطي المخدرات، وراحوا ينصحون بعدم الاشتراك الجنسي؛ أي: الاقتصار في الزنا على واحدة أو واحد، وينصحون باستعمال العازل الطبي الذي تنشر صوره بهذه المناسبة في المطويات والملصقات المحذرة من المرض؛ بل صار يوزع مجانًا، ويا للعجب:















إِلَى المَاءِ يَسْعَى مَنْ يَغُصُّ بِرِيقِهِ فَقُلْ أَيْنَ يَسْعَى مَنْ يَغُصُّ بِمَاءِ


فهل هذه هي الحلول الناجعة لمكافحة المرض الذي لم يزدد إلا تفاقمًا واستفحالاً؟!

لقد باتوا يؤمنون بأن الحل كامنٌ في الإسلام، الذي يحث على الفضائل النبيلة، والأخلاق الكريمة.

لقد تصدَّى رئيس دولة عظمى إلى الدَّعوة الجادَّة لتطوير التَّعليم، الذي يجب أن يتضمن توعية النَّشْء والشباب بأخطار الفوضى الجنسية، وفي التَّعريف العلمي والإرشادي بأخطار المخدرات والالتزام بالأخلاقيَّات سلاح يحمي الإنسان من مخاطر الرَّذائل.

أما المسلمون، فعندهم كتاب ربهم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ قال - تعالى -: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124 - 126]، وقال - تعالى -: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، وقال - تعالى -: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].

لقد لقحوا قردًا بجرثومة الإيدز، فانهارت المناعة لديه، لكنَّ المرض لم يتطوَّر في جسده كما هو الحال لدى الإنسان، فمرض السيدا خاص بالإنسان، ولم يتطوَّر في جسد الحيوان؛ لأنه - والله أعلم - لم يقتَرِفْ ذنبًا يعاقَب عليه، فأبعده الله عنه، وعاقب به المكلَّفين الذين تنكَّبوا الهدي الإلهي، والتمسوا الهدي في غيره.

الخطبة الثانية

أما إستراتيجية العلاج الحقيقية، فتكمن في كلمات قرآنية خالدة؛ قال - تعالى -: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151]، وعلى رأسها الزنا.

1- فقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن))؛ "صحيح الأدب المفرد".
2- وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تزال أمتي بخير ما لم يفشُ فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا، فأوشك أن يعمَّهم الله بعذاب))؛ "صحيح الترغيب".
3- ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضتْ في أسلافهم الذين مضَوا))؛ "صحيح سنن ابن ماجه"، ويسمون السيدا - اليوم - بالطاعون الأبيض.
4- ولقد تواترت الأدلة على وجوب ترك ما يقرِّب من الزنا؛ قال - تعالى -: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]، ومن أسباب تركه والبعد عنه:
1- غض البصر:
قال - تعالى -: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عليُّ، لا تُتبعِ النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الثانية))؛ رواه مسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: ((فزنا العين النظر))؛ متفق عليه.


كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا فَتْكَ السِّهَامِ بِلاَ قَوْسٍ وَلاَ وَتَرِ
وَالمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا فِي أَعْيُنِ الغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ
يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مُهْجَتَهُ لاَ مَرْحَبًا بِسُرُورٍ جَاءَ بِالضَّرَرِ



2- ما عمَّت به البلوى من مصافحة النساء الأجنبيات، ومعانقتهن، وربما تقبيلهن، كما هو سارٍ في زماننا في صفوف أبناء المدارس والجامعات:
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لأنْ يطعن في رأس أحدكم بمخْيط من حديد، خيرٌ له من أن يمس امرأةً لا تحل له))؛ "صحيح الترغيب".
وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إني لا أصافح النساء))؛ رواه مالك في الموطأ، وهو في "صحيح الجامع".

3- الاختلاط، وما يترتب عنه من مفاسدَ جسيمةٍ:
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلونَّ بامرأة ليس معها ذو محرم منها؛ فإن ثالثهما الشيطان))؛ متفق عليه.

4- كثرة التبرج والسفور، وخروج النساء كاسيات عاريات، عليهن من الزينة والطيب ما يغري الرجالَ، ويدعو إلى الفاحشة.

5- التهاون في معاقبة الجناة في الزنا والمخدرات وشرب الخمر، وعدم الأخْذ على أيديهم بما يكفُّهم عن الفساد ونشر الرذيلة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]