عرض مشاركة واحدة
  #684  
قديم 25-06-2008, 04:42 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

من أسرار الإعجاز اللغوي والبياني في سورة القيامة




﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴿1﴾ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴿2﴾ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ﴿3﴾ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴿4﴾ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ﴿5﴾ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴿6﴾ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ﴿7﴾ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ﴿8﴾ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴿9﴾ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴿10﴾ كَلَّا لَا وَزَرَ ﴿11﴾ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ﴿12﴾ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴿13﴾ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴿14﴾ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴿15﴾ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴿16﴾ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ ﴿17﴾ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ﴿18﴾ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴿19﴾ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴿20﴾ وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ ﴿21﴾ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴿22﴾ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿23﴾ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿24﴾ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴿25﴾ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ﴿26﴾ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ﴿27﴾ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ﴿28﴾ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ﴿29﴾ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴿30﴾ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ﴿31﴾ وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿32﴾ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ﴿33﴾ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ﴿34﴾ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ﴿35﴾ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴿36﴾ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴿37﴾ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴿38﴾ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴿39﴾ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴿40

أولاً- سورة القيامة مكية بلا خلاف، وآياتها أربعون، وهي تعالج موضوع البعث والجزاء، الذي هو أحد أركان الإيمان، وتركِّز بوجه خاص على القيامة وأهوالها، والساعة وشدائدها، وعلى حالة الإنسان عند الاحتضار، وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب؛ ولذلك سمِّيت:{سورة القيامة }.

تبدأ السورة الكريمة بالتلويح بالقسم بيوم القيامة، وبالنفس اللوَّامة على أن البعث حقٌّ، لا ريب فيه. ثم تذكر طرفًا من ذلك اليوم المهول، الذي يتحيَّر فيه البصر، ويُخْسَف فيه القمر، ويُجمَع الخلائق والبشر للحساب والجزاء.
وتتحدَّث السورة الكريمة عن اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بضبط القرآن الكريم، عند تلاوة جبريل- عليه السلام- فقد كان عليه الصلاة والسلام يجهد نفسه في متابعة جبريل عليه السلام، ويحرِّك لسانه معه؛ ليسرع في حفظ ما يتلوه، فأمره الله تعالى أن يستمع للتلاوة، ولا يحرِّك لسانه به.
وتذكر السورة الكريمة انقسام الناس إلى فريقين: سعداء، وأشقياء. فالسعداء وجوههم مضيئة، تتلألأ بالأنوار، ينظرون إلى الرب جل وعلا.. والأشقياء وجوههم مظلمة قاتمة، يعلوها ذلٌّ وقَتَرَة.

ثم تتحدَّث السورة عن حال المرء عند الاحتضار، حيث تكون الأهوال والشدائد، ويلقى الإنسان من الكرب والضِّيق ما لم يكن في الحسبان. وتختتم بإثبات الحشر والمعاد بالأدلة والبراهين العقلية.

ثانيًا- هذه السورة الكريمة- كغيرها من سور القرآن الكريم- حافلة بأسرار البيان المعجز، الذي أعجز أرباب الفصاحة والبيان. وأول ما يطالعنا من هذه الأسرار البديعة المعجزة:
1-سر دخول ﴿ لَاالنافية على الفعل ﴿ أُقْسِمُفي الآية الأولى والثانية:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾(القيامة: 1- 2)
ويكاد يجمع العلماء- قديمًا وحديثًا- على القول بأن ﴿ لَاهذه زائدة لتوكيد القسم، في حين ذهب بعضهم إلى أنها نافية للقسم، وذهب آخرون إلى أنها نافية لكلام تقدم ذكره، ثم ابتدىء بالقسم، إلى غير ذلك من الأقوال. ومن العلماء المعاصرين، الذين تحدثوا عن الخلاف في ﴿ لَاهذه الدكتور فاضل السامرَّائي، وهو أشهر من أن يعرَّف به، ففي كتابه الغنيِّ عن التعريف { لمسات بيانية في نصوص من التنزيل } تحدث الدكتور فاضل عن لمسات بيانية في سورة { البلد }، وقد سأل السؤال الآتي: ما دلالة ( لا ) في القسم ؟ ثم أجاب بقوله: أولاً- لم يرد في القرآن كلّه ( أقسم بـ ) أبدًا. كل القسم في القرآن ورد باستخدام ( لا )؛ كقوله تعالى( لا أقسم بمواقع النجوم ) ، ( ولا أقسم بالخنّس )، ( فلا وربّك لا يؤمنون ).. وهكذا في القرآن كله..
فما هي ( لا ) ؟ اختلف النحاة في دلالة ( لا ): كلام عام من ( لا أقسم ) عمومًا، يقولون( لا ) زائدة لتوكيد القسم بمعنى( أقسم )، مثال قولنا: والله لا أفعل، معناها: لا أفعل. ولو قلنا: لا والله لا أفعل، معناها: لا أفعل. لا يختلف المعنى، والقسم دلالة واحدة.. وقسم يقولون: هي للنفي. أي: نفي القسم. والغرض منه أن الأمر لا يحتاج للقسم لوضوحه، فلا داعي للقسم.. وقسم قال: إنها تنفي لغرض الاهتمام؛ كأن تقول: لا أوصيك بفلان، بمعنى: لا أحتاج لأن أوصيك.
وفي السورة { لا أقسم بهذا البلد } تدور ( لا ) في كل هذه الأمور، على أنها توكيد للقسم، بمعنى:{ أقسم بهذا البلد }. إذن الغرض للتوكيد؛ لأن الأمر فيه عناية واهتمام .
هذا ما قاله فضيلته بنصِّه، وهو مدوَّن في كتاب، وليس جوابًا ارتجاليًّا مباشرًا على الهواء، وهو كلام يحتاج من القارىء إلى كثير من التدبر والتأمل، حتى يستطيع فهمه؛ لأنه أشبه بالألغاز؛ وإلا فكيف يمكن أن يفهم قولهم( والله لا أفعل، معناها: لا أفعل. ولو قلنا: لا والله لا أفعل، معناها: لا أفعل. لا يختلف المعنى والقسم دلالة واحدة).
أو كيف يمكن أن يفهم قوله( وفي السورة { لا أقسم بهذا البلد } تدور ( لا ) في كل هذه الأمور، على أنها توكيد للقسم، بمعنى:{ أقسم بهذا البلد }. إذن الغرض للتوكيد؛ لأن الأمر فيه عناية واهتمام ).
هذا إلى ما فيه من خلط واضح بين نفي القسم، ونفي الحاجة إلى القسم. وبين قوله تعالى:{ لا أقسم }، وقوله تعالى:{ فلا وربك لا يؤمنون }..
وكأن الدكتور فاضل أحس بما في كلامه من اضطراب وخلط، فرجع عنه في حديثه عن { لمسات بيانية في سورة القيامة } إلى القول:” وباختصار كبير نرجح أن هذا التعبير إنما هو لون من ألوان الأساليب في العربية، تخبر صاحبك عن أمر يجهله أو ينكره، وقد يحتاج إلى قسم لتوكيده، لكنك تقول له: لا داعي أن أحلف لك على هذا. أو لا أريد أن أحلف؛ لأن الأمر على هذه الحال، ونحوه مستعمل في الدارجة عندنا نقول: ما أحلف لك أن الأمر كيت وكيت. أو ما أحلف لك بالله- لأن الحلف بالله عظيم- إن الأمر على غير ما تظن، فأنت تخبره بالأمر، وتقول له: لا داعي للحلف بالمعظمات على هذا الأمر.. أو كما ذهبت إليه الدكتورة بنت الشاطئ، وهو أن القصد من ذلك هو التأكيد... “
ومثل هذا الخلط نجده عند الطاهر ابن عاشور، يدل على ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى:﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(الواقعة: 75):و{ لا أقسم } بمعنى: أقسم، و( لا ) مزيدة للتوكيد. وأصلها: نافية، تدل على أن القائل لا يقدم على القسم بما أقسم به خشية سوء عاقبة الكذب في القسم.وبمعنى أنه غير محتاج إلى القسم؛ لأن الأمر واضح الثبوت. ثم كثر هذا الاستعمال، فصار مرادًا تأكيد الخبر، فساوى القسم، بدليل قوله عقبه:{ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } .
ثم قوله في سورة البلد:و{ لا أقسم } صيغة تحقيققِ قَسَم، وأصلها: أنها امتناع من القسَم امتناع تحرُّج من أن يحلف بالمُقْسممِ به خشية الحنث، فشاع استعمال ذلك في كل قسم يراد تحقيقه، واعتبر حرف( لا ) كالمزيد كما تقدم عند قوله تعالى:{ فلا أقسم بمواقع النجوم }(الواقعة: 75) .
لاحظوا قوله:و{ لا أقسم } بمعنى: أقسم، و( لا ) مزيدة للتوكيد .
ثم تأملوا قوله:وأصلها: نافية، تدل على أن القائل لا يقدم على القسم بما أقسم به خشية سوء عاقبة الكذب في القسم، وقوله:وأصلها: أنها امتناع من القسَم امتناع تحرُّج من أن يحلف بالمُقْسممِ به خشية الحنث،وتذكروا أن المقسم- هنا- هو الله عز وجل !
والله جل شأنه عندما يقول:﴿ لَا أُقْسِمُ بِكَذَا ﴾ فهذا لا يعني إلا شيئًا واحدًا فقط، وهو أنه تعالى ليس بحاجة إلى أن يقسم بشيء من مخلوقاته- مهما عظم ذلك الشيء- على أن المقسَم عليه حقٌّ، لا ريب فيه ! لأن كونه حقًّا لا يحتاج إلى يمين يؤكد حقِّيَّتَه وثبوته؛ كالبعث والنشور في هذه السورة الكريمة. والفرق واضح كل الوضوح بين أن نقول:{أقسمُ بيوم القيامة على أن البعث حق }، وبين أن نقول:{ لا أقسمُ بيوم القيامة على أن البعث حق }. فالأول يجعل من البعث أمرًا مشكوكًا في حقِّيَّته وثبوته عند المخاطب، بخلاف الثاني.


يتبــــــــــــــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.70 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]