عرض مشاركة واحدة
  #662  
قديم 18-05-2008, 09:59 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .....مثل أصحاب القرية الذين كذبوا المرسلين

وقيل في تأكيد الأولى: إنهم لم يعلموا من كلامه أنه آمن ؛ بل تردَّدوا في ذلك، لما سمعوا منه ما سمعوا. قال كعب ووهب: إنما قال ذلك لقومه::﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ الذي كفرتم به. وقيل: إنه لما قال لقومه:﴿ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً ﴾، رفعوه إلى الملك، وقالوا: قد تبعت عدونا، فطَوَّل الكلام معهم ؛ ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل إلى أن قال: ﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾، فوثبوا عليه، فقتلوه.
قال ابن عباس وغيره: خاطب بها قومه، على جهة المبالغة والتنبيه. وقال ابن مسعود: خاطب بها الرسل، على جهة الاستشهاد بهم والاستحفاظ للأمر عندهم. فعلى هذا يكون معنى ﴿ فَاسْمَعُونِ﴾:فاشهدوا. أي: كونوا شهودي بالإيمان. والصواب هو القول الأول.. والله تعالى أعلم !
وقد يقال: لم قال هنا:﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ ، ولم يقل:﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبِّي ؛ كما قال من قبل:﴿ وَماليَ لا أَعْبُدُ الّذي فَطَرَني ؟ ويجاب عن ذلك بأنه لما قال هنا:﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ ، فُهِم منه أنه قال لهم: ربي وربكم واحد، وهو الذي فطرني وفطركم. وفي ذلك تحقيق للحق، وتنبيه على بطلان ما هم عليه من الآلهة أربابًا من دون الله تعالى. وأيضًا لو أنه قال:﴿ إِنّي آمَنْتُ بِرَبِّي ، لكان جواب قومه عليه: ونحن آمنا بربنا. ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام:﴿ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (الشورى: 15).
وفي قوله:﴿ فَاسْمَعُون - كما ذكر الفخر الرازي- فوائد:
أحدها: أنه كلامُ مُتَرَوٍّ متفكِّر. فإن المتكلم، إذا كان يعلم أن لكلامه جماعة سامعين، يتفكَّر.
وثانيها: أنه ينبه القوم، ويقول: إني أخبرتكم بما فعلت، حتى لا تقولوا: لِمَ أخفيت عنا أمرك ؟ ولو أظهرته، لاتبعناك.
وثالثها: أن يكون المراد: السماع الذي بمعنى القَبول. يقول القائل: نصحته، فسمع قولي. أي: قبله.
وقرأ الجمهور:﴿ فَاسْمَعُونِ ، بكسر النون، على نية الياء. وروى أبو بكر عن عاصم:﴿ فَاسْمَعُونَ ، بفتح النون. قال أبو حاتم: هذا خطأ، لا يجوز؛ لأنه أمر: فإما حذف النون، وإما كسرها على نية الياء. وأثبت الياء يعقوب، فقرأ:﴿ فَاسْمَعُونِي .
ثامنًا- ويسدل بعد ذلك الستار على الدنيا وما فيها من حطام، وعلى القوم وما هم فيه من كبر وعناد، وما هم عليه من كفر وشرك، ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء، وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة، ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق، ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين. ونرى هذا الرجل، الذي جهر بكلمة الحق، وقذف بها في وجوه قومه الطغاة، نراه في الجنة ينعم بما ادَّخر الله له فيها من كرامة، تليق بمقام المؤمنين المخلصين الصابرين، ونسمعه، وهو يتمنى أن يعلم قومه بما غفر له ربه، وجعله من عباده المكرمين؛ وذلك قوله تعالى:
﴿ قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلَني مِنَ الْمُكْرَمينَ ﴾
وظاهر قوله تعالى:﴿قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ أنه إِذْنٌ له بدخول الجنة حقيقة، إكرامًا له بعد أن قتله قومه ؛ كسائر الشهداء. قال قتادة: أدخله الله الجنة، وهو فيها حي يرزق. وقيل: معناه: وجبت لك الجنة، فهو خبر بأنه قد استحق دخولها. ولا يكون ذلك إلا بعد البعث. ولم يأت في القرآن أنه قتل ؛ ولهذا قال الحسن: لما أراد قومه قتله، رفعه الله إلى السماء، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السموات، وهلاك الجنة، فإذا أعاد الله الجنة، دخلها. وجمهور المفسرين على القول بأنه قتل. وذكر ابن عطيَّة أن الأحاديث والروايات تواترت بأنهم قتلوه. وقول قتادة الذي تقدم ذكره، ليس نصًّا في نفي القتل.
وقال تعالى:﴿ قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ﴾، ولم يقل:﴿ قِيلَ لَهُ ادْخُلِ الجَنَّةَ؛ لأن الغرض من ذلك هو بيان المقول، لا المقول له، لظهوره وللمبالغة في المسارعة إلى بيانه.وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل قد فارق الدنيا. وفيه - أيضًا- دلالة على ن أن الجنة مخلوقة.
والجملة استئناف لبيان ما وقع له بعد قوله ذلك، وقع جوابًا عن سؤال نشأ من حكاية حاله ومقاله ؛ كأنه قيل: كيف كان لقاء ربه بعد ذلك التصلُّب في دينه، والتسخِّي بروحه لوجهه تعالى ؟ فقيل:﴿ قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ ﴾.وكذلك قوله تعالى:﴿ قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ هو استئناف آخر لبيان حاله، وقع جوابًا عن سؤال نشأ من حكاية حاله ؛ كأنه قيل: فماذا قال عند نيله تلك الكرامة ؟ فقيل:﴿ قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ ﴾:﴿ بِما غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلَني مِنَ الْمُكْرَمينَ ﴾.
وفى معنى تمنِّيه قولان: حدهما أنه تمنى أن يعلم قومه بحاله ؛ ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته، إرغامًا لهم. والثاني: أنه تمنى أن يعلموا بذلك ؛ ليؤمنوا مثل إيمانه، ويصيروا إلى مثل حاله التي صار إليها.
وقوله:﴿ بِما غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلَني مِنَ الْمُكْرَمينَ إشارة إلى أن العمل الصالح يوجب أمرين: أولهما الغفران. وثانيهما: الإكرام ؛ كما قال تعالى:﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (سبأ: 4). وهذا الرجل كان من المؤمنين الصالحين ؛ ولذلك وجبت له المغفرة، ووجب له الإكرام.
و﴿ مَا في قوله:﴿ بِما غَفَرَ لي رَبّي إما موصولة، وإما مصدرية. وكونها موصولة أنسب وأجود ؛ لإبهامها ووقوعها على الجنس العام، وهو- هنا- جنس الذنوب. ولو جعلت مصدرية، لما دلت على هذا المعنى. ولا يجوز تفسيرها- إن كانت موصولة- بـ﴿ الَّذِي؛ لما يُرَاد به من التعيين لِمَا يعقل، والاختصاص به دون غيره ؛ ولأنه لا يقع على الجنس العام، كما تقع عليه ﴿ مَا .وهذا هو أحد أوجه الفروق الدقيقة بين معنى ﴿ مَا هذه، ومعنى ﴿ الَّذِي.. هكذا كان جزاء المؤمنين الصادقين: غفران من جنس الذنوب كلها، وإكرام يجعل صاحبه مستغنيًا عن كل أحد، ويدفع جميع حاجاته بنفسه.
تاسعًا- أما الكفرة الطغاة فقد كانوا أهون على الله تعالى من أن يهلكهم بأن ينزل عليهم جندًا من السماء ؛ كالحجارة، والريح، وغير ذلك ؛ كما فعل بكفار مكة يوم بدر والخندق.وما كان ليرسل ذلك على الأمم قبلهم، إذا أراد إهلاكهم ؛ بل يبعث عليهم عذابًا يدمرهم. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:
﴿ وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنْزِلينَ

يتبــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.91 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]