وأتتْ قطائفُ بعْد ذاك لطائِفٌ
ترْضَى اللهاةُ بها ويرْضى الحنجرُ
ومن جميل وصفه في الطبيعة وصفه لشقائق النعمان[4]
:
أشقائقَ النُّعمان بيْن رُبَى
نعمانَ أنتِ مَحاسنُ النِّعَمِ
غدتِ الشقائقُ واصفةً
آلاءَ ذي الجبروتِ والعِظَمِ
شُعَلٌ تزيدُكَ في النَّهارِ سنًى
وتضيء في محلولك الظلمِ
أعْجِبْ بها شُعَلًا على فَحَمٍ
لم تشتعلْ في ذلكَ الفَحمِ
وكأنَّما لمْع السَّوادِ إلى
ما احْمَرَّ منْها في ضُحى الرَّهَمِ
حَدَقُ العواشِقِ وُسِّطَتْ مُقَلًّا
نَهَلَتْ وعلَّت من دُموع دَمِ
والأكثر من هذا الوصف البديع وغيره كثير عنده، براعته في التلاعب بالحروف وتقليبها وتصحيفها أحيانًا مما يدل على تفوُّق ابن الرومي تفوقًا باهرًا للدرجة التي جعلته يتعالى على منطق الوصف نفسه، ويتجاوزه إلى حدود التلاعب بالحروف عبر لعبة القلب والإعجام والإهمال، واصفًا مالم يصفه غيره من الشعراء كالموز مثلًا حينما قال[5]:
إنما الموزُ حينَ تمْكُنُ منهُ
كاسْمِهِ مُبْدَلا من الميم فاءَ
وكذا فقْدُه العزيزُ علينا
كاسْمِه مُبْدلاً من الزَّايِ تاءَ
فهو الفَوْزُ مثلَ ما فقْدُهُ الموتُ
لقد بانَ فضْلُهُ لا خَفَاءَ
ولهذا التأويل سماه فوزًا
من أفاد المعانيَ الأسماءَ
نكهةٌ عذبةٌ وطَعْمٌ لذيذٌ
شاهدا نعْمَةً على نَعْمَاءَ