عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-12-2019, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي إلى مسئولي العمل الإداري والتربوي

إلى مسئولي العمل الإداري والتربوي
ماهر إبراهيم جعوان

في وقت اشتدت فيه المحن، وكثر فيه البلاء، ومطلوب فيه العمل، وسمت في الأمنيات وكثرت به التطلعات والآمال والطموحات، وتعلق برقابنا خلق كثير، وصرنا فيه عنوان المرحلة وأمل المجتمع للوصول إلى الأمن والأمان والعدالة والمساواة، وجب علينا أن يذكر بعضنا بعضاً، كان أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة لحرسته الثوابت والمبادئ والقيم والأسس والأدبيات لا يهدأ له بال حتى تغرس في النفوس وتلتزم بها الجموع، وأُعجب هارون الرشيد بعدد الحجيج في عهده، فقال له أبو حازم: " يا أمير المؤمنين كل واحد من هؤلاء يأتي يوم القيامة مسئولاً عن نفسه، وتأتي أنت مسئولاً عنهم جميعاً".
فكذلك أنتم أمناء ورواد ورواحل هذه الدعوة المباركة، والرائد لا يكذب أهله أمناء على بنائها النفسي والتنظيمي والإداري والتربوي أمناء على تاريخها وجهادها وفكرها وأهدافها ووسائل التربية فيها، أمناء على الصف في تعارفه وتكافله وتفاهمه كأركان لأسرنا التربوية وأعمالنا الإدارية على حد سواء، أمناء على إخوته وحبه وتلاحمه وانضباطه وتواضعه وصبره وعمله وجده واجتهاده وتقيمه وتقويمه، أمناء على عدم تعريضه لخطر التعرض لعوامل انهيار البنى التنظيمية من إشاعات وتطلعات وغيبة ونميمة وجيوب واحتراف للنقد وانعدام للوعي السياسي وعدم تقدير فقه الواقع واهتزاز الثقة بالقيادة ومحاولة اختصار الزمن والتناجي بالأخطاء والخلافات والإفشاء للقرين، أمناء على العمل الدعوي والخيري والمجتمعي......
في عمل جماعي منظم منتج مسئولية الجميع، فإخوانكم في عهدتكم ورعايتكم يأخذون عنكم ويأتمرون بأمركم، فخذوا بأيدهم حتى يتهيئوا لحمل الأمانة، ولينوا بين أيدي إخوانكم ليلينوا لكم واصبروا عليهم وشجعوهم وبثوا الثقة في نفوسهم واستخدموا طاقتهم ومواهبهم وخذوا بأيدي الضعيف حتى يقوى والصغير حتى يكبر والشاب حتى ينضج والكسلان حتى ينشط، وتشجيع كل صاحب رأي وفكر وفكرة واقتراح، بعيداً عن الأوامر الصارمة والغلظة والفظاظة والتعسير والتعقيد، ومخالفة القول العمل والبعد عن الآراء الشخصية، ليساعد بعضنا البعض على إنفاذ العمل وإنجاز المهمة؛ لأننا أيها الأحبة الفضلاء نتعامل مع نفوس بشرية متعددة الميول والاتجاهات والاهتمامات، والداعية الناجح يتسع أفقه وقلبه لاستيعابهم على ما بينهم من تفاوت وتباين فربما لا يتفقون على أمر إلا في القليل النادر فمنهم نصيون وعقليون ومثاليون وواقعيون، منهم الحاد والهادئ-المتعجل والمتئد- والمتشدد والمتساهل..... إلى أخر الاختلافات المتقابلة، فيمكن احتواء واستيعاب كل الأطياف بطلب الرأي والمشورة: (وشاورهم في الأمر) وخذوا بناصيتهم لآدابه ومفهومه وروحه واحترام قراراته وتقبل الرأي والرأي الأخر والأخذ بالرأي النافع وإقرار الصائب والحوار وحسن الإنصات، كما يقول أبو هريرة: " ما رأيت أحداً أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله".
في ظل هذا الانفتاح يجب أن نستوعب أفرادنا، بل مخالفينا، يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: " لقد تخالفنا والمخالف قد يخالف العشير في الرأي تضغن العقول وليس تضغن الصدور، ونعلم يقيناً أن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف؛ لأنك لهم أب وأخ ومعلم وشيخ ومربى ومسئول يقول: ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق)) مسلم.
فالنفوس تميل إلى من يحترمها ويقدرها ويعيش قضاياها ومشاغلها ومشاكلها، النفوس ترنوا إلى من يرفع قدرها ويوقرها ويعطيها حقها، ورسول الله أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، فأولى الناس منا بذلك هم إخواننا، أشعروهم قيمة دورهم، والثناء على أدائهم، والرضا به كبداية واستحثوهم على مضاعفة الجهد بالتحفيز والتشجيع والشكر والعرفان والأخذ بأيديهم والرفق في المعاملة لاسيما إذا أخطئوا أشعروهم أنهم شركاء في المسئولية، وأنهم أصحاب قرار ولا تعنفوهم ولا تلوموهم في العلن، ولا تنقصوهم قدرهم وتجملوا في سماع رأيهم وعدم الإنكار عليهم لاسيما مع المقبلين علينا وأفراد الحزب أمناء على وضوح الرؤية وتهيئه العقول واحترامها والتشجيع المعنوي والتنافس وإبراز الحقائق وإشباع لغريزة التفكير والتأمل والمزج بين تهيئة العقول والقلوب بمعرفة الفضل والجزاء والعاقبة والمآل والأجر الأخروي للتغلب على الصعاب والشدائد بل ربما التغلب على المستحيل والمجهول.
أخي الكريم: أنت صاحب قلب كبير يسع الناس جميعاً بمختلف أوضاعهم، ونفسياً تهم تتعامل معهم برفق ولين ولطف تقدم لهم أفضل ما عندك من فنون التعامل والمعايشة وتتخير لهم أفضل الكلمات وأجمل المنطق، مع بذل الندى وكف الأذى، فبذلك تملك قلوبهم وعقولهم وليس من الحكمة أن تقدم على التنفيذ قبل استفراغ الوسع في التحفيز، وليس من الحكمة أن تطلب قبل أن ترغب ولا أن تأمر قبل أن تهيئ ولا أن يعمل من هم تحت إمرتنا قبل أن تهضم نفوسهم وعقولهم ما هم مقدمون عليه بحسن التهيئة وبقوة الترغيب وبراعة التحفيز لتحقيق الآمال العريضة وصنع الانتصارات، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]